سيجارة المواطنة

[AlaaZeineldine]

<font size="5">الحمدلله .. <br />كنت أتابع بإعجاب حواراً عن المواطنة في بلدي، وتعجبت حين تحول المسار، فدار حول التدخين الحوار. لكن سرعان ما زال اللبس بالفهم وذهب العجَب بالوعي. أدركت وإن تأخر الإدراك، فقد عدت إلى الوطن لتوي من بعد اغتراب، أدركت أن السيجارة في موطني هي الدليل على المواطنة والبرهان. <br /><br />وإن تحيرت فانظر معي .. ألا يبذل المواطن ماله وقوت يومه من أجل السيجارة .. هي المحظية عنده والأَوْلىَ، فسَل عنها الأهل يقلن ضُرة. يؤثرها على الوالد والولد، يحرمهما إن عاز ولا يغادرها. هو يفدي السيجارة ولو بالقلب والنَفْس والنَفَس، يقبل على موته البطئ ولا يهجر لها لَهَبا. لابد إذن لهذه السيجارة من مضمون نالت به الحظوة، ومكنون جعلها للوفاء مستحقة. لفافة التبغ في بلدي من رموز الوطن. تلك المبرومة عندنا هي عَلَم الولاء لمن اختنق بغبارها، وهي نار الفداء التي تأكل قربانها.<br /><br />وإن تعجبت فتأمل معي .. فهذا المواطن يصادق من يصادق السيجارة ويجالسه ويسامره ليعزِفَ معه على مزامير الصدر محشرِجاً .. ثم يعزُفُ نفس الكِنانيُ عن صاحبه إن هو أعرض عن فَم حبيبته المُفلتَرِ متعفِفا. فأي عجب ممن استأنس بصحبة ذي الدَخنِ، واستوجس ريبة من عفيف غير مدخنٍ؟ أي أُنسٍ وجد في خلوف فاه إذا انفرج، أطل منه أصفرٌ مصفوف، وقد ران عليه من ألوان القطران صنوف، من وحشتها تغار الكهوف، وودت آسِنُ البِرَك لو أطبقَه؟ <br /><br />لا عجب .. هي ألفة عِرقَين تجرعا النيكوتين، فاتخذ المُتَجَرَّعُ من مجار المتجرِعَين متنزها، يؤاخي بين مستنشقٍ ومستحبسٍ، فكل مدمن في عرف الإدمان مواطناً .. لو كان التبغ بمجرى القان مستوطنا.<br /><br />ومن حرص المواطن في بلدي على الخير لأخيه المواطن ومن وافر المروئة، أبى إلا أن يتساوى في المواطنة مع المحرومين من لذات التبغ المرغوبة .. فهذا سائق الأجرة، ليشرك رديفه في دخان سيجارته ملأ الهواء من فيض فضله، فاستنشقه المسعود مجبوراً، فافترش الدخان صدراً كان من قبل معافاً مستوراً، وكأن الشاعر قال: </font><div align="center"><font size="5"><br />"وتعطلت لغة الكلام وخاطبت .. رئتي بنفخة الهوا رئتاك". </font></div><br /><font size="5">وهذا جارٌ ما نسي جاره بظهر الغيبب، فترك ورائه ملء فضاء المصعد طبقات من ضباب، يطبق بعضها على بعض، تدور عليها الدهور ولا تنقشع، فيا لحسن جيرته ويا لقلبه المتسع. <br /><br />وهذا ذاهبٌ يسعى لحاجته إلى دائرة من الدوائر الرسمية، فما خرج إلا وقد تشبعت شعبه الهوائية برماد من سجائر شَعْبية، عطفاً من بكوات المكاتب القاعدين أو كرماً من إخوانه القائمين، فانصرف بنفحات وطنية، تثنيه عن سائر حوائجه مدةً .. لو بيده لكانت أبدية.<br /><br />رفقاً بنا أيها المدخنون .. آثروا أنفسكم ولا عليكم. أجيرونا من مساواتكم فهي إلى الجور أقرب، فلا تعدلوا .. خذوا قسطنا إلى قسطكم وبكلا القسطين اهنئوا، فلا نريد شيئاً من فرط فضلكم ولا من رِيح عطفكم.<br /><br />وختاماً فقد وجدت عزائي مؤخراً وسلواني في دكان العم عبد العزيز الخردواتي، متعه الله بعافيته، وحفظ أعداد العقلاء بدوام صحته .. وجدت لافتة على الزجاج بداخل دكانه تقول: </font><div align="center"><font size="5"><br />" ممنوع التدخين داخل المحل<br />   اقتل نفسك بعيداً عنا. "</font></div><br /><font size="5">والعم عبد العزيز لم يزل كما أذكره منذ الصبا، إلا من بعض تأثير السنين، هو مواطن فيما أعتقد، وبدون تدخين</font>

[ahmed_allaithy]

_MD_RE: سيجارة المواطنة

<strong><font size="5">أخي الفاضل الأستاذ علاء زين الدين<br /><br />قال أهل العلم إن التدخين مانع لإجابة الدعاء؛ لإنه إدخال لمحرم في الجسم كالطعام الحرام أو الشراب الحرام.<br /><br />وقالوا إن الغيبة مانعة لإجابة الدعاء؛ لأنها أكل للحم حرام هو لحم أخيك.<br /><br />وهذه الأقوال وأمثالها مأخوذة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها حديث من سأل النبي أن يكون مستجاب الدعوة، ومن تقيأ لحماً بعد أن اغتاب رجلاً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن قد أكل لحماً. وغير ذلك مما هو مشهور في هذا الباب.<br /><br />نفع الله بنا وبك.</font></strong>

[AlaaZeineldine]

_MD_RE: سيجارة المواطنة

<p><font size="5">السلام عليك أخي العزيز الأستاذ أحمد الليثي،</font></p><p><font size="5">شكراً لك على التعقيب والفائدة. أصبت أخي الفاضل فالتدخين والغيبة كلاهما أذى نسأل الله أن يباعد بيننا وبينهما. ولعلي حاولت بهذه الموضوع الساخر التشديد على ما للتدخين من ظلم وضرر بالآخرين إلى جانب ظلم المدخن لنفسه. لكني أحار في ما جعلك تربط بين التدخين والغيبة من بين المساوئ الأخرى.<br /><br />تحية طيبة أخي الفاضل.</font></p><p><font size="5"></font></p>