السلطان عبد الحميد الثاني ومدحت باشا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • kemalhocaoglu
    مشرف
    • Jun 2006
    • 132

    السلطان عبد الحميد الثاني ومدحت باشا

    السلطان عبد الحميد الثاني ومدحت باشاfficeffice" /><O></O>
    بعد وفاة السلطان عبد العزيز الغامضة التي لم تعرف أسبابها الحقيقة حتى هذه اللحظة، وبعد حكم السلطان مراد الخامس الذي لم يدم أكثر من شهرين، صار السلطان عبد الحميد الثاني سلطان الدولة العثمانية وخليفة مسلمي العالَم اعتباراً من عام 1876م.<O></O>
    ولم تكن المشاكل التي واجهت عبد الحميد عبارة عن الصعوبات الاقتصادية التي ورثها عمن سبقه، بل كانت هناك الضغوط الخارجية التي تمخضت عن الحرب العثمانية-الروسية في الفترة من 1877-1878 والتي عرفت بحرب ثلاثة وتسعين.<O></O>
    خاض السلطان عبد الحميد الحرب ضد روسيا مرغماً، حيث لم يكن يريدها، لكن الصدر الأعظم مدحت باشا، بإيحاء من إنجلترا، دفعه لدخول الحرب الروسية دفعاً. فليس من العقل أبداً أن تبادر دولة مثل الدولة العثمانية لدخول الحرب وهي تعاني كثيراً من الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية. لذلك فإن السلطان عبد الحميد الثاني أوضح في مذكراته[1] عدم رغبته في الحرب بقوله:<O></O>
    «كنت دائما ضد الحرب، وإني أنصح إخوتي وأبنائي الذين سيأتون من بعدي ألا يشتركوا بعد الآن في أي حرب قصيرة كانت أو طويلة. كنت أقول إن الحروب التي انتهت بالنصر ترهق الأمة، كما ترهقها الحروب التي تنتهي بالهزيمة. إن الرفعة والمكانة تكون محمودة في البلاد العامرة والتي ضمنت مستقبلها. ولا شيء أسوأ وأكثر مهزلة من ركض العراة الجائعين في البلدان المعدمة خلف السمعة والشرف».<O></O>
    كان السلطان الجديد يدرك أن الدولة العثمانية ليست قادرة على خوض الحروب في تلك الظروف، فعزل مدحت باشا -الذي دفعه للحرب وتسبب في وصول الروس حتى يَشيلْ كُويْ-من رئاسة الوزراء ونفاه إلى مكان بعيد حرصاً على سلامة الدولة. أما الدولة الوحيدة التي خرجت بنصيب الأسد من هذه الحرب فهي إنجلترا، حيث اقتطعت قبرص من الدولة العثمانية لأنها أرغمت الروس على التوقف عند يشيل كوي، وكان مدحت باشا المسبب الأول لكل ذلك.<O></O>
    لم يكتفِ السلطان بعزل مدحت باشا من منصب الصدارة، بل أنهى العمل بالدستور الذي نسب إليه، حيث اقتبسه مدحت باشا من الدستور البلجبكي[2]، وصادق عليه السلطان في 22/شعبان/1292هـ الموافق 9/9/1876م. وتوضح المصادر[3] أن مدحت باشا أعدَّ هذا الدستور مستعيناً بالإنكليز أكثر مما استعانبرجال الدولة العثمانية. لذلك أخرج السلطان عبد الحميد الثاني كثيراً من المواد من النص الذي اقتُبِس أساساً من المشرعين الغربيين. وحذْفُ السلطان عبد الحميد الثاني لهذه المواد من النص الدستوري دليلٌ على ميول السلطان عبد الحميد وعلى جوانبه التي تتناقض مع جوانب مدحت باشا منذ البداية، وهي مهمة في تحديد السياسة الخارجية التي قرر السلطان تطبيقها تجاه الدول الأجنبية.<O></O>
    وكان نص إحدى المواد الذي حذفها السلطان من مشروع الدستور يقول:<O></O>
    «على تركيا التي أخذت لها مكاناً في الوحدة الأوربية، أن تشبَّه بدول أوربا وأن تطبق أصولها وتراعي نظمها الدستورية. وإننا نعلن عن قبولنا لشكل الحكومة في هذه الدول مع الأخذ بعين الاعتبار الأحكام الشرعية والعرفية».[4]<O></O>
    عندما يقرأ الإنسان هذه السطور السابقة، يدرك بشكل أوضح مدى إصرار البعض على الإنضمام إلى مجموعة الدول الأوربية في وقتنا الحاضر، وماقدمه هؤلاء من تنازلات. لقد رأى مدحت باشا قبل مئة سنة ونيف أنه من الضروري: «التشبه بالدول الأوربية والانقياد لأنظمة الحكم عندها» بل والتنازل من أجل ذلك عن القوانين العرفية والشرعية.<O></O>
    لقد أراد مدحت باشا أن يحقق حلمه الذي راوده أيام كان والياً على الشام، وهو أن يكون ملكا للعرب[5] منذ أن أصبح رئيساً للوزراء. ولكن السلطان عبد الحميد الثاني كان العقبة الكأداء. وعما يفكر مدحت باشا فعله لإزالة هذه العقبة يقول السفير الفرنسي في اسطنبول في برقيته التي أرسلها في 6/2/1877 إلى باريس:<O></O>
    «أستطيع أن أقول معتمداً على ماحصلت عليه من معلومات خطيرة جداً أن السلطان عزل مدحت باشا ونفاه إلى خارج البلاد بعد أن علم بواسطة بوليسه السري أنه يدس الدسائس ويحتال لاستلام الحكم وتجريد الخليفة من جميع سلطاته فينشغل بالمسائل الدينية ولايتدخل في الشؤون السياسية، وأن يصبح هو الدكتاتور والحاكم والوحيد لهذه الدولة».[6]<O></O>
    واعتمد السلطان عبد الحميد في إعلانه حالة الطوارىء ونفيه مدحت باشا إلى الطائف (في السعودية) على المادة رقم 113 من النص الدستوري الذي ألغاه والتي تقول:<O></O>
    «المادة المائة والثالثة عشر: عندما تظهر إشارات وإمارات تدل على تمرد في جهة ما من البلاد فإنه يحق للحكومة السنية أن تعلن الأحكام العرفية مؤقتاً وبشكل خاص في هذه الجهة. والأحكام العرفية هي عبارة عن تعطيل مؤقت للقوانين والأنظمة وتحديد شكل الإدارة لتنفيذ الأحكام العرفية في هذه الجهة بشكل، خاص. أما الذين تثبت عليهم إخلال بأمن الدولة من خلال التحقيقات الموثوقة التي تجريها الإدارة العرفية فإن إخراجهم وإبعادهم من الممالك المحروسة السلطانية يكون حصراً من صلاحيات جلالة السلطان».[7]<O></O>


    <HR align=left SIZE=1 width="33%">[1]راجع النسخة التركية ص 128-129 والنسخة العربية ط مؤسسة الرسالة ببيروت.<O></O>

    [2]أنظر جواد بولس Les Peuple et lesSivilisation du Proche Orient ,1968,182.<O></O>

    [3]Edwin Pears,Life of Abdul-Hamid,ffice:smarttags" /><?xml:namespace prefix = st1 ns = "urn:schemas-microsoft-com<ST1lace w:st="on">London</ST1lace></st1:City>,1917.P36<O></O>

    [4]Gilles Doy,Le Sultan Rouge,Paris,1936,P.51-54<O></O>

    [5]أنظر GABRIEL CHARMES, L Suvenir de nature, panislamme Paris.1882<O></O>

    [6]أرشيف الخارجية الفرنسية <O></O>

    [7]حولية الدولة العلية العثمانية، اسطنبول،ص 24-25،1298<O></O>
يعمل...
X