انتصار المقاومة الحتمي بالمحكمة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    انتصار المقاومة الحتمي بالمحكمة

    أي انقلاب؟ آخر تحديث:الأربعاء ,11/08/2010




    سعد محيو
    لم يكن السيد حسن نصرالله في حاجة إلى حشد كل هذه القرائن التاريخية والجوية كي يثبت تورط “إسرائيل” في اغتيال رفيق الحريري .

    كانت دعوته إلى رسم خريطة معرفية لاعترافات أكثر من 100 جاسوس قيد الاعتقال لدى السلطات الرسمية اللبنانية، كافية لبناء قضية قضائية تعادل في أهميتها وإثباتاتها عشر محاكم دولية من طراز المحكمة الخاصة بلبنان .

    فهؤلاء العملاء كشفوا في اعترافاتهم، ليس المتابعات الاستخبارية “الإسرائيلية” الدقيقة فقط، بل ما هم أهم بكثير: الاستهدافات السياسية للموساد، وهي في الدرجة الأولى تفجير الفتن المذهبية والطائفية في لبنان منذ العام ،1993 وصولاً إلى العام ،2010 مروراً بالطبع بسنة 2005 حين تم اغتيال الحريري .

    وهذا واضح من حفنة الاعترافات التي كشف عنها نصر الله، (وهي بالطبع غيض من فيض، والباقي أعظم)، التي كشفت النقاب عن أن الموساد كان يرصد تحركات سمير جعجع على رغم أنه من أشد خصوم حزب الله، ربما بهدف اغتياله لإثارة فتنة مذهبية مسيحية - مسيحية أو فتنة طائفية إسلامية- مسيحية . كما كشفت النقاب عن رصد منزل رئيس الجمهورية ميشال سليمان وقائد الجيش جان قهوجي وعشرات السياسيين اللبنانيين .

    الآن، إذا ما جمعنا اعترافات المئة عميل في لوحة واحدة، ثم قام المحللون بتحديد الروابط بين خيوطها، فعَلامَ سنحصل؟ على الأرجح على الخيوط التي تؤدي إلى الخطط “الإسرائيلية” لاغتيال الحريري .

    لكن، لماذا قد تجد “إسرائيل” مصلحة في اغتيال شخصية وثيقة الصلة بالفرنسيين والأمريكيين والعرب “المعتدلين”؟

    هنا تدخل الدوافع السياسية للاغتيال على الخط، لتوضح أن عملية الاغتيال كانت “ضربة” “إسرائيلية”، إذ هي جاءت بعد عام واحد من توقيع الصفقة السرّية بين باريس وواشنطن العام 2004 لإخراج القوات السورية من لبنان، والتي أنتجت في خاتمة المطاف القرار الدولي الرقم ،1559 وأي سبيل أفضل لتحقيق هذا المسعى من القيام بعملية اغتيال زلزالية تُسفر عن تسريع تنفيذ هذا القرار برمشة عين؟

    على أي حال، هذا ماحدث بالفعل . فالمليون متظاهر لبناني الذين نزلوا إلى الشوارع غداة الاغتيال ليصرخوا “أي ياللا، سوريا طلعي برّه”، كان بالتحديد هو ما يسعى إليه مخططو الاغتيال . وحين تم خروج السوريين بالفعل، استدارت التحقيقات 90 درجة لتحوّل الاتهامات بتنفيذ العملية من صدع سوريا إلى رأس حزب الله .

    المئة عميل قادرون تماماً على منح هذا السيناريو الحقيقي لحماً وعظماً معلوماتياً . والسياسيون اللبنانيون والعرب “العادلون” قادرون على منحه البعد الزمني الراهني، من خلال إماطة اللثام عن الأهداف الحالية “الإسرائيلية” لاستخدام مداولات المحكمة الدولية: تفجير فتنة مذهبية كبرى في وجه المقاومة اللبنانية، تُغني “تل أبيب” تماماً عن شن حرب قد تُكلّفها سقوط 40 ألف صاروخ على مدنها ومصانعها ومنتجعاتها ومستوطناتها .

    الفرصة أكثر من سانحة الآن لتجنّب هذه الفتنة المدمّرة . كل ما على المسؤولين اللبنانيين عمله هو الانطلاق من إفادات العملاء المعتقلين للمطالبة إما بتحقيق دولي جديد يأخذ النشاطات “الإسرائيلية” الخطرة في عين الاعتبار، أو تغيير كل النهج الراهن للمحكمة الدولية بحملها على التحقيق مع كبار المسؤولين “الإسرائيليين” .

    نصرالله قام بما عليه . بقي أن تقوم الحكومة اللبنانية بما عليها، إذا ما أرادت الحقيقة الحقّة، وإنقاذ البلاد من الفتن “الإسرائيلية” الدموية .


    على خط العدالة آخر تحديث:الأربعاء ,11/08/2010




    أمجد عرار
    لسنا أهل قانون أو علم جنائي كي نحكم على مضمون المؤتمر الصحفي الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وفي مثل هذه الحالات نحتاج إلى أن نسمع رأي مختصين كي نفهم ما يجب فهمه إذا أردنا العدالة والحقيقة . لكن ستواجهنا مشكلة التمييز إذا كان هؤلاء المختصون موضوعيين أو يحملون آراء مسبقة .

    في المؤتمر كان ثمّة سؤال مهم وجّهته صحافية لنصرالله، حول الفئة التي يوجه إليها هذا الكلام ما دام أنصار حزب الله مقتنعين به ومصدّقين، وخصومه يشكّكون ولا يريدون أن يقتنعوا . الأمين العام لحزب الله لم يتحدّث عن أدلّة قطعية، بل وصف ما عرضه بقرائن ومؤشرات ووقائع تفتح الآفاق للسير في طريق الحقيقة لمن يريدها، لكنّ البعض رأى “الأدلّة” ساقطة قبل المؤتمر الصحفي بأسبوع، علماً أن الاتهامات لسوريا بدأت قبل أن ينطفئ اللهب في سيارة الحريري . هؤلاء لن “يقنعهم” نصرالله حتى لو جاء ممسكاً بالقاتل بيده، هكذا على قاعدة المثل القائل “عنزة . . ولو طارت” . ولا يجب أن يفوتنا أن تشكيك هؤلاء يتناول اتهاماً موجّهاً ل “إسرائيل” التي تدافع عن “نفسها” من خلال مواصلة أسلوبها الذي بدأته منذ ما قبل الاغتيال الأول أو قبل حدوثه . مهما يكن رأي هؤلاء، تبقى في الأمر حقيقة واضحة مفادها أن كل من يبرّئ “إسرائيل” أو يستبعد فرضيتها، هدفه إضاعة دم الحريري مع المتاجرة به لغاية في نفس يعقوب، وإذا لم يأخذ التحقيق الدولي بفرضية تورّط “إسرائيل” فإنه مسيّس بامتياز ولا يسعى للعدالة .

    يعرف كل فريق أنه لن يزيد عدد مؤيديه أو خصومه مهما فعل، لكن الجدل لا يقتصر على الجبهتين القانونية والسياسية، وإلا أصبحت قيمة كل خطاب أو تصريح أو بيان لا تساوي الحبر الذي تكتب به أو الوقت المبذول، فالناس ليسوا فريقين فحسب، هناك أناس يبحثون عن الحقيقة ويسيرون خلف ضمائرهم ولا يحملون مواقف جاهزة أو صالحة لكل مكان وزمان، هؤلاء يدركون أنهم سيكونون الضحيّة لكارثة الاصطفاف الأعمى والأفكار المعلّبة والقوالب الجاهزة، أو فئة المثقّفين المأجورين الأكثر دهاء وقدرة على التضليل لتبرير أجورهم .

    نحن لسنا ملزمين بالتمييز بين ملائكة وشياطين، لكنّنا مطالبون من ضمائرنا بأن ننشد الحقيقة في كل شيء . وفي قضية اغتيال الحريري التي تتجاوز لبنان، لم يكن نجاح القاتل أنه قتل شخصاً، بل إنه خلق فتنة مزمنة لأن عقول الكثيرين منا محتلة قبل أرضنا .

    لا يجوز لكل مشكلة أن تقسم العرب عربين، وأن تتحوّل إلى قضية بين فريقين مقسومين بالسكين الطائفي أو العرقي أو القبلي . اللصوص يفلتون عندما يدخل أصحاب المنزل المنهوب في جدل تحميل المسؤوليات فلا المسروقات تُسترجع ولا اللص يُكشَف . هذا حالنا كعرب ونحن نواجه كل مآسينا بالطريقة التي يريدها لنا صانعو هذه المآسي . يدخلون من الشباك لقتلنا ويعودون من الباب منجدين وقضاة، يقسّمون بلادنا ثم يأتون إلينا ليروّجوا حق بائعي الفلافل بدولة مستقلّة .

    a_arar2005@yahoo.com

  • #2
    ببغائيّة أو غباء مُثَّقَّف الدولة القُطريّة الحديثة وركيزتيها العلمانية والديمقراطية أو سذاجته هي التي تجعله يظن أن هناك امكانية في استخدام وسائل تقسيمه وهزيمته وتدميره لتكون هي وسيلة في الحصول على أي حقوق أو توصله إلى بلوغ أي من اهدافه أو طموحاته في مستقبل مشرق سعيد وبه يكون له أي نوع من أنواع الصدارة على مستوى العالم؟!!!!
    وهنا هي الطامة الكُبرى لعقلية موظف الدولة من وجهة نظري على الأقل،
    فهو لا يُفكّر إلاّ وفق المحدّدات التي يسمح بها المسؤول فقط لا غير وهذه اساس فكر أو النهج الاستسلامي من وجهة نظري على الأقل

    ما رأيكم دام فضلكم؟
    التعديل الأخير تم بواسطة ضيف; الساعة 08-11-2010, 09:26 AM.

    تعليق

    • محمد زعل السلوم
      عضو منتسب
      • Oct 2009
      • 746

      #3
      تحضيراً لتلقّي جواب الملك عبدالله عن العرض السوري

      تحضيراً لتلقّي جواب الملك عبدالله عن العرض السوري
      نصر الله يقترح باتهام اسرائيل مخرجاً أقل سوءاً

      في أول لقاء مصارحة بينهما، حرص الرئيس السوري بشار الاسد على ان يجعل بناء العلاقة الجديدة مع رئيس الوزراء سعد الحريري على أساس الثقة " اذ لا يمكن ان نؤسس لعلاقات جيدة بين بلدينا اذا كان لديك ادنى شك في أن سوريا مسؤولة عن اغتيال الرئيس رفيق الحريري"، على ما نقل عن الرئيس السوري في ذلك اللقاء.
      وتعددت بعد ذلك اللقاءات بين الرجلين وتوطدت العلاقات الثنائية وان بوتيرة ابطأ مما كانت تتوقعه دمشق بالتزامن مع تراجع الخطاب التصعيدي في الاوساط الاكثرية ولا سيما "المستقبلية" في اتجاه "النظام السوري" وابتعاد اصابع الاتهام السياسي باغتيال الحريري عنه لتقترب أكثر من "حزب الله" وتحديدا من "عناصر غير منضبطة فيه"، وفق ما تردد في الاسابيع القليلة الماضية حول ما يحتمل ان يتضمنه القرار الظني الذي سيصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في وقت ليس ببعيد.
      ولكن تقارب الاسد الحريري والانطباع الذي تركه التقارب السوري – التركي وعودة سوريا الى الحضن العربي لدى اوساط في الغالبية عن ان ثمن البراءة يكمن في ابتعادها عن "حزب الله" وتحميل عناصر غير منضبطة فيه مسؤولية الاغتيال، لم يلغ من حسابات القيادة السورية بحسب مصادر قريبة من دمشق ثابتتين:
      - الاولى ان لا علاقات خاصة مستجدة ايا تكن اهميتها في لبنان على حساب الحلفاء الثابتين.
      - والثانية رفض سوريا لأي قرار اتهامي لـ"حزب الله" واعتبارها المحكمة مسيسة على قاعدة ان اي مس بحزب الله لن يعفي المحكمة من استهداف سوريا في مرحلة لاحقة، مسقطة بذلك الرهان على اي فصل، ولو نسبياً بين المسارين السوري والايراني.
      وعلى هذا، جاءت المحادثات بين الرئيس السوري والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في دمشق التي تمت بناء على اتصال تلقاه الاسد من عبد الله عندما كان في زيارة لبيلا روسيا وتناولت في ما تناولت تنسيق زيارة الحريري لدمشق ومن ثم زيارة الاسد برفقة العاهل السعودي لبيروت وحتى اجتماع عبد الله برئيس الوزراء اللبناني في منزله العائلي في وسط بيروت. ونقل عبد الله اليه موقف القيادة السورية من مسألة تسييس المحكمة وظنها بـ"حزب الله".
      وفي انتظار الرد اللبناني على طلب تأجيل القرار الاتهامي، جاء المؤتمر الصحافي للأمين العام لـ"حزب الله" واتهامه اسرائيل لعملية الاغتيال وتقديم قرائن ومعطيات ليحسم حال التردد والترقب في الوقت الضائع عن صدور القرار الاتهامي، وليفتح ثغرة في الجدار المسدود في افق التفاهم الداخلي حول كيفية التعامل مع تداعيات اي قرار يطول الحزب وينفس اجواء الاحتقان والمواجهة التي ستبلغها البلاد على خلفية القرار.
      وفي قراءة لمصدر سياسي مستقل لما كشف عنه نصر الله في مؤتمره الصحافي وما سيرتبه على المشهد السياسي في المرحلة المقبلة يمكن تسجيل الخلاصات التالية:
      - ان الامين العام لـ"حزب الله" حسم موقف الحزب الرافض للمحكمة الدولية وتسييسها، وتقديمه القرائن لا يعدو كونه اختباراً لصدقية هذه المحكمة التي يدرك الحزب في خلفيته انها حسمت مضمون قرارها الاتهامي وهي بالتالي لن تأخذ بالادلة والقرائن التي قدمها او بالفرضية الجديدة التي وفرها لها موثقة.
      - رفض الامين العام تقديم أدلته الى المحكمة الدولية وحصر ذلك بالحكومة اللبنانية وبلجنة تؤلف لهذه الغاية لم يحرج الحكومة فحسب في دفعها الى تبني تلك الادلة وتلك الفرضية، بل احدث شرخاً في فرض تحقيق داخلي منفصل عن مسار التحقيق الدولي اعاد من خلاله ملف الاغتيال الى الداخل عبر قبوله الضمني بما يصل اليه التحقيق الداخلي القائم على فرضية تورط اسرائيل في الاغتيال واسقاط الفرضيات الاخرى.
      قدّم نصر الله المخرج الذي يحفظ ماء الوجه لمختلف الافرقاء المحليين بحيث يخرج الجميع منتصرا في معرفة الحقيقة واحقاق العدالة موفرا البدائل للاحتمالات الاسوأ التي ستواجه البلاد في حال اتهام الحزب. وقد جاء مخرج نصر الله بعد محادثات عبد الله الاسد وعلى اثر المخاوف التي ابداها الزعيمان العربيان من اخطار المواجهة على الساحة المحلية والعربية على السواء، اذ ان اي انفجار للوضع اللبناني لن تنجو المنطقة العربية من شظاياه، خصوصا اذا حصل على خلفية مذهبية سنية – شيعية.
      هدف الكلام بالفصحى لنصر الله الى التوجه الى الرأي العام الداخلي والعربي وتحضيره لأي تطورات يمكن ان تشهدها الساحة المحلية في ظل صمت مطبق يمارسه الفريق الاكثري حيال جمهوره. وقد نجح نصر الله في اطلالاته المتكررة في استقطاب هذا الجمهور للاستماع، وان يكن فشل في المعطيات والسيناريو الاعلامي الذي اعتمده في زرع الشك لديه.
      ويرى المصدر السياسي عينه ان تلقف رسائل نصرالله في هذا المجال سيتبلور في المواقف المرتقبة لزعيم الغالبية والمعني الاول بملف المحكمة، وهي مواقف يفترض في رأي المصدر ان تكون بمثابة الرد على ما نقله الملك عبد الله قبل ايام قليلة. وبدا ذلك واضحاً خلال من بيان كتلة المستقبل النيابية بعد اجتماعها امس الذي رحب بكل جهد يسهل الكشف عن مرتكبي الاغتيال، ودعا الى استنفاد كل الفرضيات حول المرتكبين، ليؤكد تلقف تلك الرسائل والتعامل على اساسها في المرحلة المقبلة مع كل ما يستدعيه ذلك من اجراءات ذات علاقة بعمل المحكمة الدولية.
      ويستدرك المصدر بالاشارة الى أن أي صدام حقيقي حول المحكمة داخل الحكومة على خلفية الفرضية الجديدة التي طرحها، يؤدي الى اطاحة الحكومة. وهذا ما يستدعي التعامل بحكمة وروية مع ما طرحه الامين العام، وخصوصاً ان الارتدادات لن تقتصر على الساحة اللبنانية بل ستطول العالم العربي، وهذا ما بات مقتنعاً به العاهل السعودي، اضافة الى ان التنفيذ لا يتوقف على الداخل وانما له علاقة بالمحاور الاقليمية والدولية الكبرى، بما يعني ان العمل سيكون مزدوجا في الاتجاهين المحلي والدولي لتجنيب لبنان مواجهة مفتوحة على كل الاحتمالات.
      سابين عويس
      sabine.oueiss@annahar.com.lb

      تعليق

      • محمد زعل السلوم
        عضو منتسب
        • Oct 2009
        • 746

        #4
        أشادوا بإمكانيات المقاومة التقنية وقدرتها على اختراق تكنولوجيا إسرائيل

        خبراء عسكريون لـ «الشرق الأوسط»: الرابط بين الصور الجوية واغتيال الحريري «ضعيف جدا»

        أشادوا بإمكانيات المقاومة التقنية وقدرتها على اختراق تكنولوجيا إسرائيل

        بيروت: ليال أبو رحال
        من المؤكد أنه لم يكن الهدف من المؤتمر الصحافي الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الكشف عن معلومات عسكرية تتعلق بالمقاومة أو بقدراتها اللوجيستية والاستخباراتية في مواجهة العدو الإسرائيلي، لكن كثيرين توقفوا عند مقاطع الأفلام والصور المستقاة من طائرات التجسس الإسرائيلية، لا سيما ما يتعلق منها بعملية أنصارية، جنوب لبنان عام 1997، ورصد الطرق والشوارع في أكثر من منطقة لبنانية. ولم تقتصر الدهشة على الداخل اللبناني فحسب، إنما أحدثت المقتطفات المصورة صدمة لدى الإسرائيليين أنفسهم.
        في بيروت أشاد خبراء عسكريون بالقدرة التقنية للمقاومة، من دون أن يرقوا إلى مستوى اعتبار القرائن التي قدمها السيد نصر الله بمثابة أدلة. وتوقف البعض عند افتقادها «للدقة من الناحية التقنية»، معتبرين أنها «تتوجه إلى رأي عام ليس ملما بالقدرات التقنية».

        وأشار الخبير العسكري، العميد المتقاعد نزار عبد القادر، في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط»، إلى أن السيد نصر الله «أراد عبر إظهار هذه المعلومات إعطاء قرائن تصلح لتحويل التحقيق في قضية اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري من حزب الله إلى إسرائيل، عبر سيناريو له منطقه وقرائنه، وبهدف تصحيح المسار والشطط اللذين أصابا لجنة التحقيق الدولية بعد أن ذهب تحقيقها في اتجاه خاطئ».

        وأوضح أن «مجموع القرائن المقدمة من عملية رصد طائرات التجسس قد لا ترتبط بصورة مباشرة بعملية اغتيال الحريري، وما قاله عن العملاء الذين عرضت صورهم واعترافاتهم، والربط فيما بينهم، لم يؤد إلى قرينة ترتبط بدورها بالاغتيال». وأشار إلى أن «اعتراف العميل أحمد نصر الله الأمر الوحيد الذي قد يكون له علاقة من بعيد باغتيال الحريري»، لافتا إلى أن «الموضوع يعود إلى 9 سنوات سابقة وتولى النظام الأمني السوري برئاسة اللواء غازي كنعان التحقيق فيه، وبالتالي فإن نتائج هذا التحقيق على ذمة النظام السوري وكنعان».

        وتوقف العميد عبد القادر عند الأسئلة التي طرحها بعض الصحافيين لناحية إشاراتهم إلى أن الأشرطة قد تكون خضعت لعملية مونتاج، لافتا إلى أن «الأشرطة في حد ذاتها لم تصور معالم معينة يمكن الجزم بأنها استخدمت للتحضير لاغتيال الحريري، وبالتالي فإن الربط بينها وبين الجريمة ضعيف جدا». وأكد في الوقت عينه أن السيد نصر الله بدوره فسّر كلامه بقوله «إن ما قدمه قرائن وليس أدلة دامغة على ضلوع إسرائيل».

        أما الخبير العسكري، العميد المتقاعد هشام جابر، فبدأ حديثه من حيث انتهى عبد القادر، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الناس ربما كانت تنتظر معلومات أكثر مما أفصح عنه السيد نصر الله، وهو قال بأن لديه أسرارا أخرى يكشف عنها في حينه»، داعيا إلى أن «ننتظر ونرى».

        ورغم إشادته بالقدرات التقنية لحزب الله، فإنه أوضح أن «اعترافات العملاء وكشف شهداء الزور والصور الجوية لا يمكن اعتبارها دلائل حسية بل قرائن»، مفسرا بأن «القرينة في القانون الجنائي ليست دليلا، ولكن مجموع القرائن الموجودة يمكن أن تشكل منطلقا يؤخذ به في التحقيق».

        وتوقف عند كشف السيد نصر الله سر طائرة الـ«mk»، التي صورت عملية أنصارية، جنوب لبنان، وقال: «لا شك في أن الكشف عن قدرات المقاومة التقنية منذ عام 1997، لناحية تلقي غرفة عمليات حزب الله ما تتلقاه غرفة العمليات الإسرائيلية من طائرة التجسس أحدث إرباكات في إسرائيل، لأن التحقيقات لم تقفل على أساس كمين من قبل حزب الله».

        ولفت إلى أن «حزب الله معتاد على ترك إسرائيل في حيرة من أمرها»، وذكر بتأكيد نصر الله «أننا تطورنا كثيرا على الصعيد التقني منذ عام 1997»، جازما بأن «حزب الله بات لديه على الصعيد البشري قدرات متخصصة بما فيه الكفاية، وتزود من الناحية التقنية بأجهزة ومعدات تقنية متطورة تمكنه من المراقبة».

        وعما إذا كان يمكن الاعتماد على الصور التي تظهر رصد إسرائيل للطرق التي كان يسلكها الرئيس الحريري، أجاب جابر: «مما لا شك فيه أن الطائرات الإسرائيلية تستطلع كل يوم المناطق اللبنانية ولكنني لا أستطيع الإجابة على تاريخ التقاط هذه الصور، قبل الاغتيال وبعده». وشدد على أن «يمكن استنتاج أهمية الموضوع من خلال رد الفعل الإسرائيلي، لا سيما رد الخارجية الإسرائيلية العنيف والبعيد عن الأسلوب الدبلوماسي، وهو ما يعكس مدى الصدمة التي أصابتها».

        تعليق

        • محمد زعل السلوم
          عضو منتسب
          • Oct 2009
          • 746

          #5
          حزب الله والمحكمة.. انفجار الحرب الباردة

          حزب الله والمحكمة.. انفجار الحرب الباردة

          تخوف من عدم تثبيت تسوية القمة الثلاثية بما يحيد الحزب عن اغتيال الحريري مع الحفاظ على التحقيق الدولي


          أنصار حزب الله يحملون صورة كبيرة للسيد حسن نصر الله أثناء مسيرة لإحياء الذكرى الرابعة لحرب اسرائيل مع الحزب في الضاحية الجنوبية (أ.ب)

          بيروت: يوسف دياب
          على الرغم من الأجواء التفاؤلية التي أشاعتها الزيارة المشتركة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد إلى بيروت، والقمة الثلاثية التي عقدت في بعبدا بمشاركة الرئيس اللبناني ميشال سليمان، فإن الأزمة اللبنانية المتأتية عن الصراع على المحكمة الدولية لا تزال في أوجها، خصوصا أن ملامح التسوية التي قيل أن قمة بعبدا أرستها لم تظهر ملامحها بعد، الأمر الذي أبقى سقف السجال السياسي مرتفعا جدا. وإذا كان خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي ألقاه يوم الثلاثاء الماضي هادئ النبرة بعض الشيء، فإن هذا الهدوء بدا مشروطا بما ستحمله التسوية العربية بشأن المحكمة واحتمال اتهام الحزب بملف اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.
          غير أن المفاجأة التي فجرها نصر الله عبر إعلانه امتلاك حزب الله معلومات قال إنها مؤكدة ومستقاة من عملية أمنية نوعية للمقاومة تثبت أن إسرائيل هي التي اغتالت الحريري، متعهدا بكشف هذه المعلومات بالوثائق والأدلة في مؤتمر صحافي سيعقده يوم الثلاثاء المقبل، فتحت الباب أمام سيل من الأسئلة والاستفسارات لدى فريق «14 آذار» وتيار المستقبل عن سبب امتناع الحزب والسيد نصر الله عن كشف هذه المعلومات وحجبها عن لجنة التحقيق الدولية والمحكمة الدولية طيلة 5 سنوات، علما أنه كان ولا يزال يتهم إسرائيل بهذه الاغتيالات.

          كما أثار استغراب هذا الفريق عن إصراره (نصر الله) على كشف الوثائق التي يدعي حيازتها أمام الشعب اللبناني وحجبها عن المحكمة الدولية الجهة الوحيدة الصالحة بمحاكمة الجناة وإنزال العقاب بحقهم. وأمام هذه المستجدات فإن المراقبين متخوفون من عدم تثبيت التسوية التي أرستها قمة بعبدا بما يحيد الحزب عن الاتهام بقضية الحريري مع الحفاظ على استمرارية عمل المحكمة، باعتبار أن الخيارات البديلة عن هذه التسوية العربية محدودة جدا جدا، وهي إما إسقاط المحكمة مع ما يترتب عليها من تداعيات دولية، وإما إسقاط لبنان في أتون الفتنة الداخلية وهو ما استرعى انتباه الدول العربية المعنية باستقرار لبنان ودفعها إلى التحرك العاجل وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وسورية وقطر، لأن شرارة الفتنة إذا ما اندلعت قد تتجاوز لبنان إلى محيطه وربما إلى أبعد من ذلك.

          ولكن في المحصلة وبعد مراقبة دقيقة للأجواء اللبنانية الملتهبة التي سبقت قمة بعبدا الثلاثية وما حملته من تهديدات واتهامات بالتخوين والسيناريوهات المتعددة، لا يختلف اثنان في لبنان على أن «الحرب الباردة» التي كان يخوضها حزب الله على مدى السنوات الخمس الماضية في وجه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في السر والعلن انتهت، وانتقل الآن إلى مرحلة الحرب المكشوفة الهادفة إلى إسقاط هذه المحكمة، مستخدما لذلك نبرة غير معهودة في أدبياته وفي الخطاب السياسي الذي يتولاه أمينه العام السيد حسن نصر الله شخصيا، عبر خطابات أسبوعية يستخدم فيها التصعيد التدريجي ليس فقط ضد المحكمة الدولية التي وصفها بـ«المشروع الإسرائيلي»، واتهامه كل من يحاول حمايتها بالعمالة. بل أيضا ضد فريق «14 آذار» وجمهوره الذي حذره من التمادي في الرهان على المحكمة والتعامل مع قراراتها، في وقت يتكفل نواب الحزب وسياسيوه وحلفاؤه مهمة التصعيد الإعلامي والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور لكل من سيتعاون مع المحكمة وقراراتها.

          ولم تستثن هذه التهديدات الأجهزة الأمنية والقضائية والتوعد بـ«دعس رقبتها» إذا ما تجرأت على التعاطي مع القرار الظني المرتقب صدوره، والتلويح بـ70 نسخة من السابع من مايو (أيار)، في حال ذهب القرار الظني نحو اتهام عناصر من الحزب بالضلوع في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، حتى أن السيد نصر الله لم ينف مثل هذا التهديد في مؤتمره الصحافي السابق داعيا إلى انتظار القرار الظني ليحدد في ضوئه الخطوات التي سيتخذها. وهذا مؤشر واضح على مرحلة الحرب الساخنة المتوقع أن يكون ضحيتها اللبنانيون عبر فتنة داخلية تتعدد سيناريوهاتها، وليس المحكمة وقراراتها.

          هذه الأجواء القاتمة تجعل اللبنانيين ينامون ويصحون على قدر كبير من القلق على مصير أبنائهم وبلدهم، وفي حالة ترقب وقلق لما سيحمله «الخريف الساخن» الذي ستهب رياحه على لبنان من لاهاي مع صدور القرار الظني، خصوصا أن الفترة الفاصلة ستكون حبلى بالتعبئة والتصعيد غير المحسوب النتائج، باعتبار أن حزب الله الذي ليس أمامه الكثير من الخيارات لا يحمل في خطابه إلا طرحا وحيدا وفريدا وهو «إسقاط المحكمة الدولية بوصفها مشروعا إسرائيليا وأداة فتنة داخلية».

          وقد قدم السيد نصر الله لذلك خيارين لا ثالث لهما، الأول «مطالبة ولي الدم» رئيس الحكومة سعد الحريري بوقف التعاون اللبناني مع المحكمة، عبر وقف تمويلها ورفض كل القرارات التي ستصدر عنها، ما دام التحقيق الدولي لم يأخذ بفرضية ارتكاب إسرائيل جريمة اغتيال والده، وهذا ما ينسف بنية المحكمة برمتها ويقضي على أي أمل بمعرفة حقيقة من اغتال الحريري وعددا كبيرا من القيادات السياسية، والثاني «تشكيل لجنة تحقيق لبنانية قضائية أمنية برلمانية تحقق مع شهود الزور لمعرفة من فبركهم وضلل التحقيق»، وهذا ما يعيد التحقيق إلى نقطة الصفر ويؤدي إلى سحب الملف من عهدة المحكمة الدولية. والخطير فيما أعلنه نصر الله الذي يحتاج إلى الكثير من التوضيح، أن «كل المعلومات التي يوردها الإسرائيليون عن القرار الظني هي صحيحة ومستمدة من التحقيق الدولي، وهي تتقاطع مع معلومات حزب الله الدقيقة أيضا»، علما أن «أولياء الدم» أي ذوي الضحايا لا يملكون أي معلومة عن التحقيق، وهو ما أبلغه سعد الحريري إلى كتلته النيابية، حيث نفى أمامها أن يكون أسر إلى نصر الله بأن القرار الظني سيتهم عناصر غير منضبطين في حزب الله بارتكاب جريمة قتل والده، مخالفا بذلك ما أعلنه الأخير في هذا الخصوص.

          في مقابل خيارات حزب الله المحدودة فإن قادة «14 آذار» وتحديدا سعد الحريري، لا يملكون إلا خيارا واحدا ووحيدا وهو التمسك بالمحكمة الدولية التي باتت قضية مبدئية لا رجوع عنها. غير أن ما قاله الحريري في كلمته التي ألقاها في افتتاح المؤتمر التأسيسي لتيار المستقبل من «أن مسيرة حياة رفيق الحريري التي لم تلطخ يوما بنقطة دم واحدة في مرحلة الصراع على لبنان، لن تكون روحه الطاهرة سببا لإعادة الفتنة بين اللبنانيين»، ترك الكثير من التأويل والتفسير ولاقى ترحيب خصومه السياسيين، لكن من دون أن يجلي الغيوم التي تلبدت في سماء لبنان، وما زالت تنبئ بمطر حار ما لم تغير رياح السياسة وجهة هذه الغيوم المتزايدة بفعل قرار المحكمة وتداعياته.

          لا شك أن معركة حزب الله الحالية مع المحكمة هي وليدة معطيات مستجدة أو ناجمة عن تغيير وجهة الاتهام كما يروج البعض، إنما هي الجولة الأعنف والأشرس بوجهها أقله حتى الآن، من ضمن حرب مفتوحة لم تبدأ مع ولادة هذه المحكمة بموجب القرار 1757 الصادر في 30 مايو من عام 2007 عن مجلس الأمن الدولي، إنما بدأت منذ إنشاء لجنة لتقصي الحقائق التي بدأت بعد أيام قليلة على جريمة الاغتيال، ومن بعدها مع تشكيل لجنة تحقيق دولية لكن هذه الحرب بدأت ناعمة، وكان يستدل عليها بتصريحات لقياديي الحزب وفي مقدمتهم السيد حسن نصر الله، الذين كانوا يعبرون عن هواجسهم حيال تدويل هذه الجريمة، تحت مسميات ومبررات كثيرة، منها الخوف من تسييس التحقيق الدولي والدخول من خلاله على الواقع الداخلي اللبناني لاستهدافه كحركة مقاومة بعدما عجزت إسرائيل عن تقويضه أو إضعافه بواسطة الحرب العسكرية.

          وبغض النظر عن خلفيات توجس حزب الله من مسألة المحكمة، فإن السياق التسلسلي لمسار التحقيق في جريمة اغتيال الحريري لم تشكل في أي من محطاتها مبعث ارتياح له، على الرغم من موافقته المطلقة (على مضض) على بنود مقررات الحوار الوطني من دون أدنى تحفظ والتي كان أولها إنشاء المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الحريري ومعرفة الحقيقة في جريمة العصر التي أعادت لبنان سنوات كثيرة إلى الوراء، بعد فترة الاستقرار التي عاشها منذ إقرار اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية التي دامت 15 عاما.

          صحيح أن حزب الله لم يكن معنيا بهذه القضية لا من قريب ولا من بعيد، ولكن بعد ساعات قليلة على تفجير السان جورج الذي أودى بحياة الحريري و22 آخرين ثمة من طلب منه مساعدة أجهزة الدولة اللبنانية في فهم حقيقة هذه الجريمة، انطلاقا من الخبرة الواسعة الموجودة لدى جهازه الأمني. وبحسب المعلومات التي ترددت فإن الحزب استجاب لهذا الطلب وأجرى بعض خبرائه كشفا ميدانيا لموقع الجريمة، لكن سرعان ما انسحب من هذه المهمة من دون تبرير ذلك، وقد عزى المراقبون انكفاءه لوصول لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها الأمم المتحدة برئاسة قائد الشرطة الآيرلندية بيتر فيتزجيرالد، التي وضعت يدها على التحقيق، وقدمت في نتيجة تحقيقها تقريرا حملت فيه الواقع الأمني والسياسي الذي كان يحكم لبنان يومذاك مسؤولية توفير البيئة التي أتاحت للمجرمين النفاذ منها لارتكاب الجريمة.

          لقد لعبت التبدلات في موازين القوى السياسية دورها في جعل حزب الله والقوى الموالية لسورية شبه معدومة التأثير في رفض تدويل جريمة الحريري، وذلك بفعل خروج الجيش السوري من لبنان أولا، ومن ثم فوز حلف «14 آذار» (الذي تشكل إثر اغتيال الحريري تحت عنوان «ثورة الأرز») في الانتخابات النيابية بأكثرية موصوفة، وتشكيل حكومة كانت فيها القوة الوازنة لفريق الأكثرية. وفي موازاة هذا التبدل كان مجلس الأمن الدولي اتخذ قراره بتشكيل لجنة تحقيق دولية برئاسة القاضي الألماني ديتليف ميليس الذي وبناء على تحقيقات أجراها على مدى 3 أشهر أصدر توصية في 28 أغسطس (آب) 2005 إلى القضاء اللبناني يطلب فيها توقيف الجنرالات الأربعة جميل السيد وعلي الحاج ومصطفى حمدان وريمون عازار، الذين كانوا قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية في فترة اغتيال الحريري، وكانوا لصيقي الصلة بجهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان ومن الرئيس اللبناني السابق إميل لحود.

          لم تكن فكرة لجنة التحقيق الدولية ولا حتى مسار عملها أو قراراتها التي كانت تنحو باتجاه اتهام سورية بقضية الحريري موضع قبول لدى حزب الله، لكن لم يكن بمقدوره تغيير الواقع الذي أصبح قائما، غير أن مشكلة الحزب مع فكرة إنشاء المحكمة الدولية ظهرت إلى العلن غداة اغتيال النائب والصحافي جبران تويني، عندما أصرت حكومة فؤاد السنيورة على اتخاذ قرار بالطلب من مجلس الأمن الدولي الإسراع في إنشاء المحكمة الدولية لوضع حد لمسلسل الاغتيالات، الأمر الذي أثار اعتراض وزراء حزب الله وحركة أمل واعتكافهم عن الحكومة ومقاطعتهم جلساتها لنحو شهرين. ولم تنته المقاطعة إلا بتسوية تقرر أن تكون القضايا الخلافية موضع نقاش على طاولة الحوار الوطني التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وعقدت في مقر البرلمان في ساحة النجمة توافق فيها المتحاورون على بند المحكمة الدولية، لكن وبعد حرب يوليو (تموز) 2006 وعلى أثر استئناف الحوار تفجرت الأزمة بين حزب الله والحكومة عندما وضعت الأخيرة على جدول أعمالها مشروع قانون المحكمة الدولية لإقراره وإرساله إلى الأمم المتحدة، الأمر الذي شكل حافزا للوزراء الشيعة للاستقالة من الحكومة، بحجة أن الأكثرية داخل الحكومة تستأثر بالقرارات، وأن الحزب كان يرغب في إبداء ملاحظاته على مشروع المحكمة قبل إقراره في مجلس الوزراء وإرساله إلى مجلس الأمن.

          وفي مسعى لعدم انزلاق الأمور نحو الأخطر قرر رئيس الحكومة فؤاد السنيورة تأجيل هذا البند إلى أن يضع حزب الله ملاحظاته، فلم تلق هذه المبادرة أي استجابة، إذ أصر الوزراء الشيعة على استقالتهم التي لم تقبل، ورغم مرور أشهر طويلة لم يبد حزب الله ملاحظاته. وانتقل من هذا المطلب إلى الإصرار على تشكيل حكومة وحدة وطنية يكون فيها للمعارضة الثلث المعطل الذي أطلق علية تسمية «الثلث الضامن»، وهذا ما وسع الشرخ السياسي أفقيا بين فريقي 8 و14 آذار. وترسخ هذا الشرخ أكثر من خلال الحوادث الأمنية المتنقلة ومحاصرة حكومة السنيورة بالاعتصام والخيم التي نصبت في محيط السراي لإسقاط الحكومة، ومن ثم الهجومات المضادة التي شنها النائب وليد جنبلاط على النظام السوري وعلى حزب الله والغمز بتورط الأخير في اغتيال الحريري والاغتيالات الأخرى.

          وأمام هذه التطورات تدرج الحزب وقادته في إشهار الرفض لا بل العداء للمحكمة الدولية، وجاءت النبرة الأعلى يومها بخطاب للأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله ألقاه في خريف عام 2007 وشن فيه هجوما عنيفا على القضاء اللبناني على خلفية توقيف الضباط الأربعة، ووصفه المحكمة الدولية بأنها «مجرد أداة دولية أنشئت لإصدار أحكام جاهزة ومعدة مسبقا». وكانت قوى «14 آذار» تربط بين تلك الأحداث السياسية والأمنية ومنها أحداث السابع من مايو 2008، وبين المحكمة الدولية المرفوضة بالمطلق من الحزب، إلى أن جاء تقرير صحيفة «دير شبيغل» الألمانية التي نقلت عن مقربين في لجنة التحقيق الدولية «احتمال تورط عناصر من حزب الله في اغتيال الحريري»، وهو ما استدعى ردا سريعا من السيد حسن نصر الله الذي وصف التقرير بـ«الخطير». وقد أعقب ذلك استدعاء لجنة التحقيق الدولية لعناصر من الحزب جرى الاستماع إلى إفاداتهم، وذلك استجابة لما أعلنه نصر الله عن موافقته على التعاون من المحكمة ولكن إلى حدود معينة كي لا يتهم أنه يعرقل عمل التحقيق والمحكمة.

          ويبدو أنه في مكان ما قرر حزب الله ليس وقف التعامل مع المحكمة الدولية بل التصدي لها ومحاربتها كمشروع إسرائيلي. واتخذ من مسألة توقيف العميل الإسرائيلي في شركة «ألفا» للهاتف الجوال، شربل قزي، منطلقا للهجوم على المحكمة والنتائج التي توصل إليها التحقيق الدولي، وجاء خطاب السيد نصر الله التصعيدي الأول قبل أسبوعين ليشكل كلمة الفصل في إشهار حرب علنية لا هوادة فيها على محكمة الحريري والتحضير لمواجهتها كمشروع إسرائيلي، رافضا بشكل استباقي كل ما سيصدر عنها.

          هذه المواقف التصعيدية تجاه المحكمة وما يصدر من تصريحات عن سياسيين مقربين من حزب الله تتوعد باللجوء إلى 70 سيناريو تكون أقسى من 7 مايو 2008 في حال صدر أي قرار ظني عن المحكمة الدولية، لن توفر هذه المرة حتى الأجهزة الأمنية التي قد تتعاون مع المحكمة وقراراتها، تطرح الكثير من علامات الاستفهام عن أسباب الحكم المسبق على عمل المحكمة ونتائج التحقيق. كما تطرح أسئلة عما إذا كان هؤلاء السياسيون على علم بما سيصدر في القرار الظني، وبالتالي على اللبنانيين أن يتهيأوا لموجة عنف جديدة، ربما يكونون وقودا لها في قضية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.

          تعليق

          • محمد زعل السلوم
            عضو منتسب
            • Oct 2009
            • 746

            #6
            زهير الصديق ما زال "المدمِّر الملك" لشرعية المحكمة

            زهير الصديق ما زال "المدمِّر الملك" لشرعية المحكمة

            I

            لا يزال محمد زهير الصديق المدمِّر (بكسر الميم الثانية) الاول للمحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة بلبنان. بل لا يزال، مع كل التقدير لـ"معطيات" آخرين، المدمِّر الأكبر لصدقيتها منذ ظهرت قصته على شكل فضيحة تتواصل الى اليوم، بل تتسع يوماً بعد يوم.
            ففي "ظل"، بل تحت شمس الصمت المدهش (وهو مدهش فعلاً) لاصحاب العلاقة المفترض انهم مستفيدون سياسياً من شهادة محمد زهير الصديق، صمتهم حيال مكان وجوده منذ أكثر من ثلاث سنوات، بل امتناعهم عن أي تعليق - حتى اللحظة - على دعوات تسليمه للمحكمة الدولية، يزداد حجم هذه الفضيحة.
            نحن هنا أمام حالة تتعلق بدولة كبرى أولاً. أي فرنسا التي، ولو تخلصت من محمد زهير الصديق بتسفيره السري الى دول أخرى، كانت المتورطة الرئيسية في هذا الملف الغامض جداً، حيث الغموض عنوان لفقدان المصداقية.
            لا أفهم - وأقول ذلك بكل بساطة - كيف سمح الحريصون (السياسيون) الدوليون والاقليميون على "المحكمة" تحقيقاً ثم تأسيساً بظهور فضيحة من هذا النوع تبدو ملتصقة بكل "بنية" المحكمة الى حد القضاء (الاخلاقي - أي المصداقي) عليها.
            بُحّتْ مئات الاصوات في لبنان، أكانوا من ذوي النوايا السيئة أم الحسنة، ثرثارين على التلفزيونات، أم رصينين، وهي تسأل أين محمد زهير الصديق؟
            لا جواب. يزداد الصمت المدمِّر لشرعية المحكمة، بل تقول المعلومات ان سياسات محلية ودولية تبنى على أساس الاستمرار في الصمت حيال هذا الملف.
            هذه هي الثغرة، بل الهوة الأعمق والأخطر على مصير المحكمة من زاوية الرأي العام تلتها "كبسة الزر" بتحويل الاتهام في "دير شبيغل" نحو "حزب الله" بعد "تدريب" الرأي العام اللبناني لسنوات على اتهام سوريا؟.
            لقد حول ملف محمد زهير الصديق المحكمة برمتها الى متهَمة (بفتح الهاء). والى اليوم، حتى "معطيات" أمين عام "حزب الله"، واطلاق سراح الضباط الاربعة لا تعادل، التأثير الاخلاقي والسياسي الذي تعرضت له مصداقية المحكمة، لا بل تبدو "المعطيات" هنا، و"اطلاق السراح" هناك "نتائج" لفضيحة محمد زهير الصديق، سواء كان الربط التقني بين احدى هذه النتائج قائماً كما في حالة اطلاق الضباط أو غير قائم كما في "المعطيات" الاسرائيلية الاخيرة التي تطلق أمواجاً تقنية - سياسية جديدة متباينة بين بيروت ولاهاي؟


            II

            هذا موضوع أشمل، وإن كان "أبرد" افتتحه بالتأمل التالي:
            ... قد يسمّي مؤرخو العقد المقبل أو الذي بعده السنوات التي عشناها في العقدين المنصرمين، سنوات "النمط الايراني" في إدارة الصراع العربي - الاسرائيلي.
            هذا نمط جديد نستكشفه، عرباً ولبنانيين، أياً تكن مواقعنا من السياسة الايرانية، أوروبيين وأميركيين، يقدم نجاحاته واخفاقاته الجديدة علينا ولو كان بعض من مادته البشرية الاصيلة، كما من كفاءاته الدقيقة، عربياً ولبنانياً، موجوداً في التحالف السوري - الايراني، وفي "حزب الله" و"حماس".
            نمط مختلف... كالنمط المصري الذي ساد في الخمسينات والستينات بعد اندلاع الصراع عام 1948 والى جانبه العراقي والسوري والاردني، ثم النمط الفلسطيني الذي عرفناه بعد 1967 وتقلب في حقبات مختلفة حتى "الانتفاضة الثانية"، وكل من هذه الانماط قدم ابداعاته واخفاقاته الخاصة.
            الآن نعيش زمن نمط "ايراني" صاعد بمعناه ايضاً المتعدد: مزيج سياسي، ثقافي، مذهبي، بشري، تقني. دون أن ننسى أن نمطاً لا زال غير متبلور، ظهر في الاشهر الاخيرة هو "النمط التركي... لكن الذي - بالكاد - وُلد الآن... ولا نعرف عن ماذا سيسفر في هذا الصراع مع اسرائيل، وإن كانت مدرسته ستنجح في محاولتها الاتيان بأنماط "سلمية" غير مسبوقة؟ كما لا نعرف ما إذا كان سيأخذ فرصته الكاملة في أن ينمو... ويترعرع... ثم يزدهر... في "حل سلمي" لهذا الصراع الذي أفسد حياة جيلين من بضعة شعوب حتى اليوم؟؟؟ وقد يكون على الأرجح في طريقه إلى إفساد حياة جيل ثالث.

            جهاد الزين
            jihad.elzein@annahar.com.lb

            تعليق

            • محمد زعل السلوم
              عضو منتسب
              • Oct 2009
              • 746

              #7
              نصرالله يضع الحكومة أمام خيار التغيير

              نصرالله يضع الحكومة أمام خيار التغيير
              أو تسليمها بدور إسرائيل في الاغتيالات

              ترصد قوى سياسية مراقبة بدقة تأثير التطورات الامنية والسياسية الاخيرة على الوضع الحكومي، عشية الاطلالة الجديدة للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله حول المحكمة الدولية، وما يمكن ان يترتب عليها من توجيه الاتهام نحو اسرائيل وفق قرائن يقول نصرالله انه يملكها.
              ويسود اعتقاد أن قاعدة صالحة بدأ الاعداد لها استباقا للقرار الظني، وتحويل الانظار الى اسرائيل بدلا من سوريا و"حزب الله" واحتمال ذكرهما في القرار الظني. وبدت واضحة معالم التوجه الايراني الجديد في مواجهة المحكمة، والذي عبر عنه مستشار الشؤون الدولية للمرشد الاعلى للجمهورية الايرانية علي اكبر ولايتي، خلال زيارته بيروت برمي المحكمة الدولية في الخندق الاسرائيلي.
              وأوّل الارتدادات يتمثل في مواجهة الحكومة الحالية جملة التحديات التي سيطرحها نصرالله امامها، وخصوصا انه سبق له ان وجه أسئلة عن قطاع الاتصالات، لا تزال الحكومة موحدة عاجزة عن ايجاد اجوبة واحدة عنها.
              وتتمثل هذه القاعدة في جملة عناصر، اولا ربط اغتيال الرئيس رفيق الحريري بموضوع الاتصالات، والكشف عن مجموعة من المتهمين بالتجسس لاسرائيل اما في الاتصالات واما عبرها. وترصد القوى السياسية التسابق في كشف هؤلاء من جهازين أمنيين متنافسين وتقديم قطاع الاتصالات لاعباً محورياً في الكشف عن المتهمين بالتجسس، وكل طرف لغاية مناقضة للاخرى.
              العنصر الثاني هو عزل الجيش داخليا أو توجيه حركته رفضا استباقيا لاي مهمة تطلب منه سواء لمواجهة أي تحرك داخلي إذا صدر القرار الظني، أو حتى لتنفيذ أي أمر تطلبه المحكمة الدولية، رغم أن لبنان ملتزم تنفيذ القرارات الدولية الصادر عن المحكمة بموجب الاتفاقات معها، إضافة الى تقديم الجيش الى صلب الخطوط الامامية في مواجهة اسرائيل، وهو المتضرر الاكبر من جراء كشف متهمين بالتجسس في صفوفه، في سابقة من نوعها في تاريخ الجيش. وبدا واضحا أن بعض القوى المراقبة لم تهضم بعد ما حدث في عديسة قبل ساعات من الاطلالة الاخيرة لنصرالله، ولم تستطع ان تنال جوابا واضحا عن هوية الذين اعطوا الاوامر لمن اطلق النار من الجانب اللبناني وتسبب بسقوط ثلاثة شهداء لبنانيين، وسط تساؤلات عن المدى الذي يمكن معه ربط حادثة عديسة وتوريط الجيش بالقمة الثلاثية التي عقدت في بعبدا، بغية توجيه رسالة تؤكد أن ثمة قرارا ممسوكا واحدا لا يملك مفاتيحه أي من القادة الثلاثة الذي ظهروا في صورة بعبدا.
              والعنصر الثالث هو الالتفاف على اي دور سوري يراد منه عبر السعودية، تحقيق الرغبة الدولية في فك ارتباط سوريا بايران، وتاليا تفتيت الوضع اللبناني الداخلي عبر أكثر من محور من خلال قطاع الاتصالات والكشف المتمادي للمتهمين بالتجسس، وتوريط الجيش وزعزعة الساحة السياسية الداخلية من دون اللجوء الى خيارات عسكرية شبيهة بـ7 أيار. وخصوصا أن المتحولات الجديدة بعد انقلاب النائب وليد جنبلاط والتضعضع الذي لحق بـ"تيار المستقبل" أزال وجود أي خصم ميداني يمكن ان يقف في وجه "حزب الله" داخليا.
              لكن هذا التفتيت يحتاج الى غطاء سياسي ايضا، ورغبة في تظليله قانونيا عبر الحكومة. من هنا ترصد القوى المراقبة موقف الحكومة والافرقاء الممثلين فيها لجهة استجابتهم لمواقف نصرالله الجديدة. فهل يمكن رئيس الحكومة أن يتبنى، بدعم من السعودية، الفرضية الاسرائيلية لسحب فتيل الفتنة السنية – الشيعية؟ وهل يمكن الحكومة بدعم من رئيسها الطلب من الامم المتحدة الايعاز الى المحكمة الدولية بالاخذ في الاعتبار العامل الاسرائيلي واعادة رسم القرار الظني على أساس التحوّل الجديد في المعلومات التي يقدمها نصرالله.
              حتى الآن لا يمكن بحسب المعطيات الحكومية ان تغطي حكومة الدوحة في شكلها الحالي الانقلاب على كل المسار السائد منذ عام 2005، او ان تسير بالعامل الاسرائيلي في التحقيق الدولي. الا اذا وصل الانقلاب السياسي بضغط من السعودية الى حده الاقصى، الامر الذي يدفع جميع وزراء الاكثرية، مسيحيين ومسلمين، الى السير بما تقرره الرياض، التي حددت مسار الحريري ورسمت له حد التعامل مع دمشق.
              وهنا أيضا يكمن دور جنبلاط في تقديم الموجبات لتغيير الحكومة، وفي اعادة رسم التوازنات، استباقا لاي ممانعة يبديها طرف حكومي، في مرحلة ما قبل القرار الظني، سواء لجهة التسليم بدور اسرائيل في الاغتيال او في رفض مسبق للقرار الظني. وقد بدأ بعض الوزراء يتحدثون عن امكان تغيير زملاء لهم (بعضهم لعدم فاعليته وبعضهم لموقفه الرافض) متحدثين عن اسماء محددة لاعادة ترتيب الوضع الحكومي، من داخل حصة رئيس الجمهورية وحتى من حصة الاكثرية نفسها، واختيار وزراء جدد تتداول اسماؤهم وحقائبهم، وهم معروفون بعلاقتهم الوثيقة مع سوريا و بـ"حزب الله".
              لكن المفارقة تكمن في أن يعمد زعيم الاكثرية بنفسه الى التغيير الحكومي ربطا بالحوار السعودي – السوري والمستجدات التي برزت اخيرا، والعلاقة المستجدة المفاجئة بين الحريري والرئيس السوري بشار الاسد، بما تعيد تقديم مشهد حكومي خاضع لاولويات الرياض وسوريا وايران ويعيد انتاج حكومة تلائم كل المتغيرات الاقليمية، وتحت ضغط التفتيت السياسي الداخلي، الامر الذي يؤدي في نهاية المطاف الى ان تنسف الحكومة المُستبدلة، برئاسة الحريري نفسه،ما فعلته حكومة السنيورة يوم اغتيل النائب جبران تويني.
              هيام القصيفي
              hiyam.kossayfi@annahar.com.lb

              تعليق

              • محمد زعل السلوم
                عضو منتسب
                • Oct 2009
                • 746

                #8
                أفظع من عدوان: إنها فضيحة

                أفظع من عدوان: إنها فضيحة

                "ولا تزر وازرة وزر اخرى"
                (سورة الانعام)


                مئة وخمسون مشتبهاً فيه ومتهما ومدانا، بالتعامل مع اسرائيل، حتى الآن. الصحافة، وحتى البيانات الرسمية، وصفت الجميع بالعملاء، من دون انتظار المسارات القانونية المألوفة. لكن الحالة الوحيدة التي وجدت من يطالب بوضعها ضمن الاجرائية القانونية، والتمهل في النعت حتى الاثبات، هي حالة العميد فايز كرم. ففي الوقت الذي تقبل الجنرال ميشال عون الوقع الصعب، استمر رفاق العميد كرم يأملون في أن تكون الحقيقة هي ما يعتقدون وليس ما يقال. فقد كثر عليهم ان يفيقوا ذات يوم ليجدوا ان حزبياً بارزاً قد خدعهم طوال هذا الوقت. أما الجنرال فقد رأى في المسألة قدرية ذات سابقة. فكما حدث للمسيح يسوع بن مريم بنت داود، مع يهوذا الاسخريوطي، هكذا وقع له ان يبيعه بثلاثين من الفضة، أحد أقرب الحواريين.
                لم يستهجن العونيون وحدهم حالة فايز كرم وانما كثيرون آخرون ايضاً. فما الذي يدفع رجلاً ابن عائلتين، الجيش وكرم، الى السقوط في هاوية من هذا النوع. على ان هذه الاسئلة لم تُثر لدى توقيف ضباط عاملين ومتقاعدين آخرين، في الجيش، والأمن العام، لأنه لم تكن لأي منهم السمعة الحزبية التي لفايز كرم. غير ان الاعتقال أو حتى التهمة ثم الادانة، لا يضير التيار الوطني الا من حيث الشعور بالخيبة. عدا ذلك فالذي يقع في الخطيئة، يقع فيها وحده، ويتحمل وزرها وحده.
                في هذا الباب يجب ان نتوقف عند موقفين اتخذهما رجل دولة يدعى نبيه بري. الاول، عندما تحرر الجنوب وفرَّ اللحديون الى اسرائيل، يومها قال رئيس مجلس النواب، إن اكثرية اللحديين من الشيعة لا من المسيحيين. والآن، فيما تردد ببغاوات الجهل الوطني ان "العملاء نتاج بيئة حاضنة"، يقف نبيه بري ليقول بكل شجاعة ان "العملاء من جميع الطوائف". انها كارثة وطنية اكثر مما هي عدوان اسرائيلي.
                الخيانة لا تنبت ولا تنمو في الطوائف. "العميل ليس قريبا لأحد" قال السيد حسن نصر الله مساء الاثنين، وهو يتحدث عن اعترافات احمد نصر الله. والظاهرة الاكثر ألماً هذه المرة، ان العمالة موزعة على الطوائف والمذاهب. لأن الحاضن للعمالة صار المناخ العام، الذي امّحت فيه جميع القيم، وصار القاسم المشترك الفساد، واصبح النظام السياسي والاجتماعي قائماً على توافق كاذب وتواطؤ غير قابل للشك: التواطؤ على بيع الارض والوطن والاقتراع على ثوب الدولة.
                الخيانات لا طائفة لها، لأنها سَقط الكافرين، أو ضعف الجبناء. فيليب بيتان وشارل ديغول كانا من طائفة واحدة. وعندما وقع بيتان 1940، قراراً بسحب الجنسية من 450 فرنسياً، كان بينهم شارل ديغول، الذي استعاد فرنسا واعاد الفرنسيين الى كرامتهم البشرية.
                لم يفاجئ فايز كرم التيار الوطني وحده. حتى الذين لا يعرفونه، هالهم ان يضعف رجل مثله وان يهون. فلا شيء يبرر الخطيئة، حتى الخطأ. والزلل لا يبرر التمادي. وثمة قضايا في الحياة لا تخضع لقانون النسبة او قاعدة الخطأ والغفران. فخطيئة الارض ليست خطيئة الجسد، هذه لا يغفرها اعتراف، ولا تتسع لها رحمة. والشرف الوطني أغلى بكثير من الشرف العائلي.
                على رغم كل ذلك، ما زال علينا ان نصغي الى فايز كرم، أو الى قضاته. فالظاهرة الأسوأ من عدد المتهمين، هي الطريقة التي يتخذ بها اللبنانيون القانون والمحاكمة والاحكام، بأيديهم. ولا حدود عندهم لشيء ولا حرمة لقاعدة. وبعض الصحافة فوَّض الى نفسه صلاحيات الادعاء والقاضي وضابط القاووش. وبعض الاقلام يكتب بالسياط والحراب.
                لقد افقدنا هذا المناخ الفظ، الحس بوقع التعابير، وصار لزاما علينا ان نستخدم، او ان نقبل، لغة وقاموسا ومصطلحات شبيهة باللغة التي تقاتل بها التروتسكيون مع الستالينيين.
                الاسبوع الماضي ظهر الرئيس السابق اميل لحود على "الجزيرة" ليكرر قوله المأثور "بدنا نخلص من هالشي". وتحدث، تكرارا عن "الجيش الوطني" كما ردد تكرارا لغة ذلك الجيش الذي بدأ عام 1990، اي يوم تولى هو تحويل الجيش العميل الى جيش وطني. كرر الرئيس لحود هذا القول اكثر من مرة. ولم تعد الاوصاف والنعوت بمهمة كثيرا عند الناس، سيئة ام حسنة، فاليأس يجرد الانسان من التعلق بالمعاني. وهواجس البقاء لا تترك مكانا لأصول وقواعد المخاطبة. ولكن عندما كرر الرئيس لحود اكثر من مرة كلمة الجيش الوطني وتاريخ 1990 ما عاد ممكنا الا ان نتذكر ان هذا جيش بناه فؤاد شهاب على افضل ما تكون الجيوش. وما عاد ممكنا ان ننسى انه الجيش العربي الوحيد الذي ربح معركة عسكرية في وجه اسرائيل خلال هزائم 1948. اما كان هذا الجيش وطنيا ايام جميل لحود او يوم خاض بدبابات هرمة معركة الحدود مع اسرائيل ايام سليمان فرنجيه؟ او يوم انضم الى مدرسته الحربية طالب اسمه اميل لحود؟
                لا ينبغي التوقف كثيرا عند ضوابط اللغة عندما تكون الحال في مثل هذا السوء. ولكن هذا بالتحديد - وهذا فقط - ما اختلفنا عليه مع السادة في "التيار": اهمية استخدام اللغة في الشأن الوطني. في ان الناس ليست "واوية" ولا "سقايات"، الا اذا صدر حكم في ذلك!
                العودة الى لغة القانون والتفريق بين الشبهة والتهمة (فما بالك بالادانة) مسألة مريحة، حتى في ظرف قاس ومحرج مثل ظرف العميد فايز كرم. فالسيد كرم، لا يعز التيار ولا يذله. واهل القرى يقولون "الانسان لا يُعيّر حتى بأمه". وصحيح ان الخيانة غير الانشقاق، لكن احزاب لبنان معتادة حركة التبدل والتغيير. وكل تبدل له كتاب، وكل تغيير له دستور. وكل يمين له شمال وكل شمال له اربع جهات الارض.
                وفي نهاية المطاف، فأمر محزن ومعيب ان يكون امرؤ واحد متهما بالخيانة الوطنية، فكيف 150 حتى الآن. وما دامت المسألة في مثل هذه الفظاعة وما دام مثل هذا العدد عند اسرائيل، يصبح من السهل ان تضم اليهم قتلة الرئيس رفيق الحريري وسواه من بعض اعلام لبنان. منذ بداية الحرب رفعت شعارا لست مستعدا للتنازل عنه: في لبنان، الحق دائما على القتيل. الم تبلغ الجرأة برفيق الحريري انه قرر توزيع اعانات من الزيت على الفقراء في رمضان؟
                كل عام وانتم بخير. في اي حال، وهو دائما يحل كريما وفضلا فأما بنعمة ربك فحدث.
                سمير عطاالله

                تعليق

                • محمد زعل السلوم
                  عضو منتسب
                  • Oct 2009
                  • 746

                  #9
                  مسؤولية الحكومة في ملف العملاء

                  مسؤولية الحكومة في ملف العملاء

                  سرت في البلد شائعات منذ أيام عن وزراء ونواب وقياديين قيد التوقيف، أو معرضون للتوقيف بتهمة العمالة لإسرائيل...
                  لا يعلم أحد مصدر هذه الشائعات، أو لنقل اننا لا نعلم مصدرها، وما اذا كانت مقدمة فعلية للقبض على البعض، أو محاولة ترهيب البعض الآخر للإمساك بالوضع العام واعادته الى مرحلة "القبضة الأمنية" لزمن مضى عاد يطل برأسه، بالأدوات نفسها، ولكن بأساليب مغايرة.
                  لا دفاع عن أي عميل تثبت ادانته، ولا مبرر لأي اتصال بالعدو بعد الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في العام 2000، اذا اعتبرنا ان بعض الاتصال كان محكوماً بالأمر الواقع في زمن الاحتلال.
                  لكن ما يجري في مسلسل القبض على "العملاء" غير منطقي، بل مهين لأجهزة الدولة، وللحكومة من ورائها، اذ يقول وزراء ان الموضوع لم يطرح جدياً على طاولة مجلس الوزراء، ولم يحدد التوجه العام للتعامل مع هذه القضية البالغة الحساسية في مرحلة دقيقة من تاريخ لبنان.
                  وحسناً فعل قياديون في "التيار الوطني الحر" عندما طالبوا بإحالة العميد المتقاعد فايز كرم على القضاء وعدم ابقائه رهن التوقيف لدى الأجهزة الأمنية التي تقوم بواجبها على الوجه الأكمل، لكن دورها يجب ان ينتهي بعد التحقيق لتصبح الملفات في عهدة القضاء المختص.
                  ان دعوة "التيار" تساهم في تصويب الأمور، وتساعد في التوصل الى حقيقة صارت شائكة بعدما غابت الدولة عن أي بيان رسمي يوضح للرأي العام تلك الحقيقة المنتظرة، والتي تسرب تفاصيل منها الى الإعلام، نقلاً عن مصادر في التحقيق، أو مصادر أمنية، تقول مصادر أخرى مقابلة، انها معلومات تفتقد الى الصدقية، فلماذا لا تلجأ أي جهة رسمية الى اعلان "صادق" منعاً للتضليل والبلبلة؟ ولماذا لم تسأل الجهات الرسمية عن مصادر المعلومات في التحقيق ذي الطابع السري مبدئياً؟ فإذا كان فرع المعلومات مثلاً، لم يسرب المعطيات في ملف فايز كرم، على قول وزير الداخلية زياد بارود، وهو الجهة المولجة التحقيق، فهل يعني ذلك ان هناك جهات أخرى مطلعة على الأسرار، أم ان الفرع مخترق في ذاته من جهة ما تتولى التسريب، أو فبركة المعلومات؟
                  ثم ان الاعلان عن الأسماء، أسماء الموقوفين والمهددين بالتوقيف، صار سياسة معتمدة، بل متعمدة، بعدما شهدنا في مرحلة سابقة تكتماً شديداً، وتوقيفاً شبه سري، لا يعلن عنه وعن أصحابه الا بعد أشهر، محافظة على التحقيق وسريته، ومحاولة للإيقاع بشركاء للموقوف المتهم وعدم اتاحة الفرصة أمامهم للفرار.
                  لكن الأمر اختلف تماماً في هذه المرحلة من دون الكشف عن الأسباب، علماً ان القيمين على التوقيف والتحقيق هم أنفسهم منذ مدة!
                  فإذا كان الأمر مرتبطاً بالتسابق ما بين الأجهزة، فإنه تنافس سلبي في غير محله، واذا كان هدفه التخويف والترويع، فإن انتقاد النظام الأمني السابق يصبح في غير محله أيضاً. أما اذا كان يتمّ بإيعاز محدد الهدف، فتلك هي المصيبة!
                  المطلوب بالتأكيد دعم عمل الأجهزة الأمنية في القبض على العملاء، وخصوصاً اذا كان بعضهم قد تسلل الى نسيجها الداخلي، والمهم هو توافر الغطاء القضائي الذي يمنع التجاوز، مقابل انعدام الغطاء السياسي، والأهم هو التعامل الحكومي مع الملف، من دون خوف أو تردد، بل وفق القانون، ليأخذ العدل مجراه.
                  غسان حجار
                  ghassan.hajjar@annahar.com.lb

                  تعليق


                  • #10
                    http://www.youtube.com/watch?v=Tvt7YSFCS5c

                    ببغائيّة أو غباء مُثَّقَّف الدولة القُطريّة الحديثة وركيزتيها العلمانية والديمقراطية أو سذاجته هي التي تجعله يظن أن هناك امكانية في استخدام وسائل تقسيمه وهزيمته وتدميره لتكون هي وسيلة في الحصول على أي حقوق أو توصله إلى بلوغ أي من اهدافه أو طموحاته في مستقبل مشرق سعيد وبه يكون له أي نوع من أنواع الصدارة على مستوى العالم؟!!!!
                    وهنا هي الطامة الكُبرى لعقلية موظف الدولة من وجهة نظري على الأقل،
                    فهو لا يُفكّر إلاّ وفق المحدّدات التي يسمح بها المسؤول فقط لا غير وهذه اساس فكر أو النهج الاستسلامي من وجهة نظري على الأقل

                    لاحظوا الفرق بين نظرة أهل النهج الاستسلامي أعلاه وبين نظرة أهل نهج المقاومة فيما يلي


                    ما رأيكم دام فضلكم؟

                    تعليق

                    • محمد زعل السلوم
                      عضو منتسب
                      • Oct 2009
                      • 746

                      #11
                      لا مصلحة لأحد في بقاء المحكمة

                      لا مصلحة لأحد في بقاء المحكمة آخر تحديث:السبت ,14/08/2010




                      عصام نعمان


                      بصرف النظر عن مرامي الولايات المتحدة وحلفائها من وراء إنشاء “المحكمة الخاصة بلبنان” ذات الطابع الدولي، فإن المحكمة مرشحة للتلاشي والأفول . السبب لأن المعطيات والقرائن والشواهد التي كشفها أخيراً السيد حسن نصرالله تؤشر إلى ضلوع “إسرائيل” في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ولأن “إسرائيل” سارحة خارج القانون الدولي وبالتالي بمأمن من أي تحقيق ومحاكمة على الصعيدين المحلي والدولي .



                      لا سبيل إلى تجاهل ما كشفه نصرالله . لا القضاء اللبناني في وسعه الامتناع عن التحقيق في المعطيات والقرائن والشواهد التي كشفها، ولا المدعي العام لدى المحكمة الخاصة دانيال بلمار يستطيع ذلك أيضا .



                      القضاء اللبناني هو أصلاً صاحب الولاية والاختصاص بموجب أحكام الدستور وقانون التنظيم القضائي وقانون أصول المحاكمات الجزائية . ولا يرد علينا بأن الحكومة اللبنانية تنازلت عن ولايتها واختصاصها في قضية اغتيال الحريري إلى المحكمة الخاصة بموجب الاتفاق المعقود بينها وبين الأمم المتحدة والمكرّس في قرار مجلس الأمن الدولي 1757 تاريخ 30/5/2007 وأحكام الوثيقة المرفقة بالقرار المذكور والنظام الأساسي للمحكمة الخاصة الملحق بها، ذلك أن المادة الرابعة من النظام الأساسي للمحكمة نصّت على “أن للمحكمة الخاصة والمحاكم الوطنية في لبنان اختصاصاً مشتركاً، وتكون للمحكمة الخاصة ضمن اختصاصها أسبقية على المحاكم الوطنية في لبنان” .



                      معنى ذلك أن للمرجع القضائي المختص في لبنان (النيابة العامة لدى محكمة التمييز) الولاية والاختصاص للمبادرة إلى التحقيق في المعطيات والقرائن والشواهد التي كشفها السيد نصر الله، وللنائب العام بعد ذلك أن يحيل نتائج التحقيق على مكتب المدعي العام لدى المحكمة الخاصة . كما للمدعي العام بلمار، بموجب أحكام المادة الرابعة نفسها، أن يباشر التحقيق أيضاً وأن يتعاون مع القضاء اللبناني لجلاء الحقيقة .



                      في حال تمسك سعد الحريري بتفسير خاص لنص المادة الرابعة من النظام الأساسي يحصر الولاية والاختصاص بالمحكمة الخاصة وفق “اجتهاد” سلفه فؤاد السنيورة، فإن في وسع أكثرية الوزراء في الحكومة الحالية، مدعومةً بأكثرية وازنة في مجلس النواب وفي أوساط الشعب اللبناني، الدعوة الى وقف الاعتماد على القضاء الدولي المستعار وبالتالي إحياء مسؤولية القضاء اللبناني في التحقيق وإحقاق الحق، ولاسيما بعدما نجح السيد نصرالله في بناء شبهة قوية ب”إسرائيل”، وكذلك دعوة المدعي العام بلمار إلى الانطلاق من المعطيات والقرائن والشواهد والمؤشرات التي بيّنها السيد نصرالله للتوسع في التحقيق بغية جلاء دور “إسرائيل” في عملية الاغتيال .



                      أكثر من ذلك، يمكن اعتماد اقتراح “الحركة الوطنية للتغيير الديمقراطي” الداعي إلى تأليف لجنة تحقيق خاصة من خيرة القضاة نزاهةً وكفاءةً لمباشرة التحقيق مجدداً في الجريمة النكراء على ضوء ما كشفه السيد نصرالله في هذا المجال، بالإضافة إلى التحقيق مع شهود الزور . وفي حال تلكؤ الحكومة عن تنفيذ هذا المطلب الوطني والإنساني المشروع، فإن النواب الوطنيين يمكنهم، مجتمعين أو منفردين، تقديم اقتراح قانون بتأليف لجنة التحقيق المطلوبة وإقراره في المجلس النيابي بالسرعة الممكنة .



                      هل في الإمكان إقرار أيٍّ من هذه التوجهات والاقتراحات؟



                      كلا بصراحة، لأن لا مصلحة لأحد، بعد كل ما كشفه السيد نصرالله من معطيات وقرائن تؤشر بقوة إلى ضلوع “إسرائيل”، أن تبقى المحكمة قائمة .



                      لنأخذ موقف كلٍ من الأطراف المعنيين بالموضوع على حدة .



                      سعد الحريري وحلفاؤه في قوى 14 آذار أرادوا من وراء انشاء المحكمة إلصاق تهمة الاغتيال بسوريا وإدانتها لفرض انسحابها سياسياً وأمنياً من لبنان، والترسمل تالياً على ردة الفعل الشعبية الناجمة عن ذلك كله من أجل ضمان السيطرة على مجلسي النواب والوزراء . ولا شك في أن إجراء التحقيق مجدداً وإمكان توصله إلى إدانة “إسرائيل”، بعدما جرى قبل ذلك تبرئة سوريا والضباط اللبنانيين الأربعة، قد يؤديان إلى ضرب صدقية الحريري وحلفائه وبالتالي شعبيته في الصميم وإزاحتهم من السلطة ربما إلى الأبد . من هنا تنبع مصلحتهم الحقيقية بعدم تجديد التحقيق، لبنانيا أو دولياً، لئلا ينتهي إلى إدانة “إسرائيل” وإعلاء شأن حزب الله على جميع المستويات .



                      حزب الله وحلفاؤه لا مصلحة لهم في صدور قرار ظني ملغوم ضده إذ ستستخدمه “إسرائيل” والولايات المتحدة وبعض دول الغرب الأطلسي في محاولةٍ للتشهير به وإظهاره بمظهر التنظيم الإرهابي بغية تبرير شن الحرب عليه وعلى لبنان . من هنا تنبع مصلحته في تظهير أخطاء رؤساء لجان التحقيق الدولية المتعاقبين وأركان المحكمة الخاصة الذين انجرفوا في مخطط أمريكي صهيوني للنيل من سوريا، بادئ الأمر، ثم من المقاومة التي يقودها حزب الله . فلا مانع لدى حزب الله وحلفائه، والحال هذه، من أن تؤدي حملة اتهام المحكمة بالتسييس والانحياز إلى شلها وأفولها .



                      الولايات المتحدة و”إسرائيل” ودول أوروبا الممالئة لهما تخشى أن يتأتى عن تجديد التحقيق في الجريمة افتضاح تدخلها في التحقيق بالشهود الزور للنيل من سوريا وحزب الله . كما تخشى أن يتوسل حزب الله وحلفاؤه الفضيحة المدوية الناجمة عن ذلك كله من أجل التشهير بها وتعبئة الجمهور ضدها . من هنا تنبع مصلحتها في عرقلة التحقيق وتعطيل عمل المحكمة على طريق أفولها .



                      إلى ذلك، تخشى أمريكا وأوروبا والقوى المحلية الموالية لهما أن ينجح حزب الله والقوى الوطنية المؤيدة له في إسقاط حكومة سعد الحريري إذا لم تتجاوب مع مطلب إعادة التحقيق مع شهود الزور أو عدم الموافقة على مباشرة القضاء اللبناني التحقيق في المعطيات والقرائن والشواهد التي أبرزها السيد نصرالله الأمر الذي سيؤدي إلى تأليف حكومة وطنية جديدة تكون للمعارضة (حزب الله وحلفائه) فيها أكثرية وازنة .



                      السحر انقلب على الساحر، فما عاد في الإمكان استخدام المحكمة الخاصة أداةً سياسية وإعلامية في خدمة “إسرائيل” وأمريكا وحلفائهما في العالم .



                      جميع الأطراف بات لهم مصلحة، إذاً، في إنهاء هذه المسرحية المضحكة المبكية . فهل من مأساة أو مهزلة جديدتين يجري إعدادهما للحلول محلها؟

                      تعليق

                      • محمد زعل السلوم
                        عضو منتسب
                        • Oct 2009
                        • 746

                        #12
                        أولاً وأخيراً صراع قناعات !

                        أولاً وأخيراً صراع قناعات !

                        لم تقتصر مفاعيل حرب الاغتيالات في لبنان على الكوارث والتصدعات والحصاد الدامي فحسب، بل اقامت معادلة "القناعة الاتهامية" التي يختصر عبرها كل فريق ليس خسائره فحسب، بل مجمل رؤيته الى الأزمة الدخلية وارتباطاتها بالقوى الخارجية.
                        تبرز هذه المفارقة مجددا عند مشارف استكمال "حزب الله" لقناعة اتهامية تكاد تختصر كل رؤيته والفريق الذي يتحالف معه، ليس بازاء اسرائيل وحدها التي يتهمها باغتيال الرئيس رفيق الحريري بل ايضا بازاء الفريق الخصم في الوطن. وسيعاني الحزب الذي يثبت قدرة ساحقة على ان يكون القاطرة العملاقة لحلفائه ما عانى منه خصمه من قبل.
                        ظل فريق 14 آذار خمس سنوات يبحث عن سؤال هائم: لماذا لا يصدقوننا وكل القرائن التي نملك تدل على صحة الاتهام السياسي بدليل ان الضحايا ضحايانا ومن صفوفنا فقط؟ لماذا اذاً "يكرهوننا" الى هذا الحد؟
                        كان لدى 14 آذار كمّ هائل ايضا من "قرائن ظنية" ومحاضر وصور ولو غير جوية ولو من غير الاستطلاع الاسرائيلي. ولكن القناعة الاتهامية ظلت قناعة 14 آذار ولم تتطور يوما الى قناعة اوسع فيما يتجندل الشهداء تباعا في اشرس حصاد دموي.
                        الآن دور الحزب في رد السؤال ونيل المردود اياه. ولن تتجاوز قناعته حدود جمهوره وحلفائه، علما ان قدرة السيد حسن نصرالله الفائقة والمشهودة في صوغ المضبطة الاتهامية لا تحتاج الى اثبات، بدليل انه تمكن في اقل من شهر ونصف شهر من تبديد القناعة الاتهامية الاولى لفريق 8 آذار التي كانت تتهم جهات اصولية بالاغتيال واقامة الاتهام الكامل لاسرائيل على انقاضها دونما اي جهد في "اقناع" الحلفاء.
                        معنى ذلك ان فريقي لبنان المتصارعين على كل شيء ينقلان الى المحكمة الخاصة بلبنان، ليس ملف الرئيس الحريري والشهداء الـ14 الآخرين الذين اغتيلوا بعده فقط، بل مجموع ملفات الازمة الكيانية اللبنانية، ولا حاجة الى مزيد من سيناريوات. ولكن المحكمة محكمة، شاء ذلك من شاء وأبى من أبى، حتى إشعار آخر، ويستحيل ان تتجاوز اختصاصها الى حل ازمة القناعات الاتهامية المتصادمة والمتصارعة لان من استولدها، اي مجلس الامن الدولي، بدا لوهلات وحقبات عدة عاجزا بنفسه عن ان يتعامل مع الكيمياء اللبنانية المعقدة.
                        في لبنان ارخص الامور واشدها تسطيحا ان يسبغ منطق عشائري على العدالة. واكثر الامور تعقيدا هي تناول الملفات الجدية بلغة جادة رصينة. ولعل اصعب ما سيواجهه اللبنانيون في الآتي من الاسابيع والاشهر هو تصاعد صراع القناعات بخلفية الظن ان معركة كهذه ستقتحم أسوار لاهاي، ولا احد يدري او يجزم بمفاعيل هذا الصراع على المحكمة نفسها.
                        فحذار خداع النفس بهدنة رمضان.

                        نبيل بومنصف
                        nabil.boumounsef@annahar.com.lb

                        تعليق

                        • محمد زعل السلوم
                          عضو منتسب
                          • Oct 2009
                          • 746

                          #13
                          أغرب فيلم هوليوودي آخر تحديث:الجمعة ,10/09/2010




                          حياة الحويك عطية


                          لماذا فرنسا؟ لماذا في قاعدة للجيش في جنوب البلاد؟



                          وما علاقة ذلك بزيارة غابي اشكينازي إلى قاعدة عسكرية في جنوب فرنسا، كما قالت الصحف الفرنسية؟



                          لماذا توقيت الثامن والعشرين من سبتمبر/ أيلول؟ علماً بأن الثالث والعشرين منه سيكون موعداً فاصلاً في المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين و”إسرائيل”؟



                          في الثامن والعشرين من سبتمبر/ أيلول وفي قاعدة للجيش الفرنسي، سيعاد تمثيل جريمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري، كما قالت الأنباء الفرنسية، التي أضافت أن ذلك سيتم بحراسة مشددة وبحضور قاض محقق من المحكمة الدولية .



                          ترتيبات بدأت حسب الإعلان منذ يونيو/ حزيران الفائت، أي منذ ثلاثة أشهر، وقد تم شحن مواد من الأرض التي حصل عليها الانفجار الشهير، كما تم بناء نسخ من مجموعة الأبنية المحيطة بالمكان، ليعاد تشكيله كأنه وسط بيروت نفسه . كما يقال إنه تم الاعتماد على فيلم صورته كاميرا أحد البنوك المحيطة بالمكان لحظة العملية . وستتم الاستعانة بسيارة من النوع الميستوبيشي نفسه التي تحدث عنها التحقيق .



                          ديكور فيلم هوليوودي بكل ما تعنيه الكلمة، ولكن الغريب أنها المرة الأولى التي يشارك فيها جيش دولة عظمى بتنفيذ فيلم هوليوودي .



                          وإذا كانت الصحافة نفسها، وفي اليوم نفسه قد نشرت أن غابي اشكينازي، رئيس الأركان “الإسرائيلي” السابق، قد التقى رئيس هيئة الأركان ادوار غيو، بعد أن التقى سلفه آن لوي غورغولين، وقام بزيارة إلى قاعدة في جنوب فرنسا، فإن السؤال الحتمي هو: هل هي القاعدة نفسها التي سيتم فيها تمثيل الفيلم؟ وهل ذهب اشكينازي إلى هناك للاطمئنان على سير الأعمال، وعلى عناصر الموساد الذين يعملون في السيناريو والإخراج والديكور، والتنفيذ داخل القاعدة الفرنسية؟ - كما تساءل قارئ من قراء “لو فيغارو” عبر رسالة إلكترونية علق فيها على الخبر- والإشراف على الإخراج الذي سيحكم التهمة على حزب الله، ويبعدها عن “إسرائيل”، آخذاً في الاعتبار ضرب العناصر التي كشف عنها السيد حسن نصرالله؟



                          ولماذا يتم تكليف اشكينازي هذه المهمة علماً بأنه لم يعد رئيساً للأركان في “إسرائيل”؟ أوليس اشكينازي هو الذي فتح ملف القرار الظني بحق حزب الله في لبنان؟ وما علاقة ذلك بتمثيل الجريمة في القاعدة الفرنسية؟



                          أما تصريحات السفارة “الإسرائيلية” التي قالت إن الهدف من هذه الزيارة هو إعادة الدفء إلى العلاقات العسكرية الفرنسية “الإسرائيلية”، بعد انقطاع دام أربعين سنة، شهدت غياب أي تنسيق استراتيجي، محددة أن بداية العودة إلى هذا التنسيق قد حصلت للمرة الأولى مع الجنرال جورجيلين بعد حرب ،2006 فتحيل إلى سؤال آخر خطير: لماذا بعد حرب 2006؟ وما علاقة ذلك بالوحدة الفرنسية المنتشرة في الجنوب اللبناني والتابعة لسلاح البر؟ وما علاقة ذلك بحملة الإقالات التي فرضها ساركوزي في صفوف قيادات الجيش الفرنسي، خاصة قيادة سلاح البر، بعد حادث كاركاسون المفتعل الذي أودى بسلطة الجنرال برونو كوش، المعروف بعدائه التام لسياسات ساركوزي، وتمسكه بالخط الديغولي القائم على عدم الانحياز ل “إسرائيل” . كان الجنرال يتمتع بمصداقية وشعبية لا مثيل لها في صفوف الجيش، ولدى الشعب الفرنسي، ولذلك كانت إقالته بشكل عادي مسألة صعبة، فتم افتعال حادث أجبره على الاستقالة . غير أن طموح “إسرائيل” لا يقف عند هذا الحد، بل إن عسكرياً فرنسياً قال ل “فيغارو” إن “الإسرائيلييين” يريدون العودة إلى أيام العلاقات السعيدة في فترة الجمهورية الرابعة، يوم كان للجيش “الإسرائيلي” مكتب في وزارة الدفاع الفرنسية .



                          فهل ستنطلق بداية تحقق هذا الطموح، من لبنان؟



                          وهل ستقوم فرنسا (الأم الحنون) بالدور الذي لا تريد الولايات المتحدة القيام به في الوقت الحاضر، في عملية توزيع أدوار تستقبل فيها واشنطن المسؤول السياسي، نتنياهو، تحت شعار السلام، وتستقبل فيها باريس المسؤول العسكري، اشكينازي، للتحضير للحرب؟



                          أوليس هذا الفيلم الهوليوودي الذي يجعل من قاعدة عسكرية استوديو رخيصاً، هو أحد أهم جراءات هذه التحضيرات؟ وإلا فلماذا لم تمثل الجريمة في لبنان في موقعها الطبيعي؟



                          من دون أن ننسى السؤال المضحك المبكي، وهو أن عملية تمثيل الجرائم تحصل عادة بعد اكتشاف المجرم واعترافه، فهل قرر اشكينازي وزملاؤه الفرنسيون تعيين مجرم لاكتمال الفيلم، ولاستبعاد توجه التحقيق نحو المجرم الحقيقي؟

                          تعليق

                          • محمد زعل السلوم
                            عضو منتسب
                            • Oct 2009
                            • 746

                            #14
                            الكيان الصهيوني هو القاتل آخر تحديث:الجمعة ,27/08/2010




                            عبد العزيز المقالح


                            كان واضحاً منذ الدقائق الأولى لاغتياله أن يداً آثمة من خارج لبنان والعرب والمسلمين كانت وراء تلك الجريمة البشعة التي أودت بحياة الشهيد رفيق الحريري، وكان الدافع إلى ارتكابها أوضح من أن يلفه الغموض الذي خلقه الإعلام . ولم يكن الرئيس الحريري وحده المقصود بتلك الجريمة وإنما لبنان، نعم لبنان الذي كان قد استعاد الجانب الكبير من استقراره بعد حرب أهلية دامية، وبعد أن بدأت تتملك أبناءه رغبة صادقة في استئناف حياتهم العادية وإيقاظ مشاعر الأخوة الوطنية وما رافقها من أفراح مشتركة بطرد الاحتلال الصهيوني من أكبر مساحة محتلة في أرض الجنوب، فكان لا بد من جريمة مزلزلة تبدد صفو ذلك الوئام وتدق أسافين جديدة بين الأخوة وتعيد هذا البلد العربي إلى دوامة الأزمات والخلافات والاتهامات، والاتهامات المتبادلة .



                            لقد كانت اليد التي أمسكت بزناد التفجير واضحة منذ الدقائق الأولى، وكانت الأسباب أكثر وضوحاً، وكان على الأشقاء في لبنان أن يرفعوا أصابع الاتهام على الفور نحو الفاعل الحقيقي، وأن لا تذهب ببعضهم الأوهام بعيداً وتصرف أنظارهم عن الحقيقة الواضحة، إذ لا شأن ولا غاية لأي طرف غير الطرف الصهيوني يدفعه إلى اقتراف تلك الجريمة وإدخال لبنان وما حوله من أقطار عربية في متاهة الظنون واجترار المرارات، ومما يؤسف له أن الإعلام اللبناني والإعلام العربي والعالمي قد أسهم إلى حد ما في تضليل الرأي العام العالمي بتحليلاته واستنتاجاته السياسية الخاطئة في بث الشكوك وفي صرف النظر عن متابعة الجاني المستفيد، والذي كانت مهمته الاساس منذ ظهوره فجأة في المنطقة أن يثير الفتن هنا وهناك، وأن يسعى إلى تحويل الواحة اللبنانية إلى ميدان تجارب لمؤامراته العلنية والخفية إلى أن وصلت ذروتها في دخول قواته وعناصره إلى بيروت أكثر من مرة .



                            وأتذكر الآن لحظة إذاعة النبأ الفاجع باغتيال الشهيد رفيق الحريري فقد كنت مع مجموعة من أساتذة الجامعة نتناول طعام الغداء وكان معنا باحث ألماني يعد رسالة الدكتوراه، وما كان هذا الباحث الألماني الشاب يكتشف حقيقة النبأ حتى صرخ قائلاً “إسرائيل” هي القاتلة ومن مصلحتها استمرار الصراع الطائفي والمذهبي في هذا البلد الذي يشكل وجوده التعددي والديمقراطي سكيناً حاداً في حلق هذه الدولة التي أخافها عودة الائتلاف إلى مكونات لبنان الطائفية والدينية وتمسك هذا البلد بعروبته ومواقفه التي أعطت له على الدوام دوراً بارزاً في حاضر ومستقبل الأحداث في المنطقة التي تعصف بها رياح الحروب السياسية والاقتصادية .



                            لا جديد إذاً، في موضوع اغتيال الرئيس الحريري، والأدلة التي كانت قائمة وواضحة من أول يوم عن ضلوع الكيان الصهيوني في الجريمة هي الأدلة نفسها التي يتجدد الحديث عنها اليوم، ولم يطرأ ما ينتقص من الاقتناع الأول والتصورات السابقة عن شخص المجرم وهدف الجريمة .

                            تعليق

                            يعمل...
                            X