مراسلات في الحداثة واللمسة الحداثية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • Dr_Almazeny
    كبار الشخصيات
    • May 2006
    • 151

    مراسلات في الحداثة واللمسة الحداثية



    قال الأنام وقد رأوهُ .. مع الحداثة قد تصدر

    من ذا المجاوزُ قدرهُ .. قلتُ المقدّم بالمؤخر

    هذه من المراسلات الحزينة سببا، لكني أحببت أن أكون عينكم في أمرها،
    ونحن في العصر الذهبي لأهلها، أحدث ويحدث.. وأرجو ألا يعتبوا لقسوتي، وأشهد الله تعالى أني أرجو لي ولهم اللقاء على كلمة وسط سواء، وأن يتحلى البعيد منا بالشجاعة، ويقترب معانقا في إخاء:

    تعلم -رعاك لله- أنه لولا الدعم المادي والإعلامي ما تصدر من تصدر، بعد أن خربت له الدار ليسود
    ويصبح مشروبها الرسمي بالإكراه، أو باستغلال الببغائية، أو النفعية في قلوب سود

    يرتقي الجاهل الغني اعتباطاً .. ويزجّ الأديب بين الجناة

    وطن بات عن بنيه غريباً .. تجتني خيره أكفّ الغزاة

    وقومنا لو كانوا فطما ما رضعوا، والجمال في الحداثة ليس ذاتيا.. فليس العتب على الداعم والمدعوم وحدهما.

    هذا التحليل النفسي -أو القيمي-للحداثة، والمصابين بها، والمتصفين بنعتها، ليس تأويلا! كما يفعلون حين يفتكون بنص، بل هو قراءة للواقع، ولتطور الحالة، وأيدته مصائب ما بعد الحداثة، وما تلاه ويتلوه، إلى أن تطلع الشمس من مغربها.

    والحداثة أصلا طريقة أدب-زعموا- ظاهرا وباطنا، لا ذكر فيها للرب تبارك وتعالى بخير، ولا بعبودية حقيقية، وكأننا خلقنا سدى، والكون ليس فيه سوانا..
    وتقوم على الاستخفاف باللفظ، وهذا يهز كل مدلولاته ومعانيه، بما فيها المعاني السامية، ويزيل قداستها بنسبة ما، ومن ثم يكون هناك استخفاف ثم زلل!

    وَإِذا القُلوبُ اِستَرسَلَت في غَيِّها .. كانَت بَلِيَّتُها عَلى الأجسام!

    ألا ترى الزلل الأممي الجماعي؟ والتواطؤ الدولي.. والمزاج العالمي الذي تقوده راعية الإعلام؟
    ألم تر إلى سلوكهم الفردي" أقصد الثنائي.."
    ألا ترى أن القلم بات كالسيجارة! والأدب كالتدخين! والملتقيات حفلات؟

    ثم الاستخفاف بالأوزان والنغمات
    فالحداثة من محاورها إزالة القداسة عن كل لفظ
    ونهايتها ونتيجتها إزالة القداسة والتقديس عن كل شيء..
    هربت من التنافس في النظام والتناسق والجمال والألق، إلى الهذيان والفوضى الخلاقة!

    خادع الجهال في العل .. م فعدوا العلم عارا
    ونهوا عنه البرايا .. ورضوا الجهل اختيارا

    ثم قلت -عن عثرتك-هي في عيني جميلة، ثم قلت: بل هي أجمل! وطعنت من عجزت أن تصل إليه، ثم جرأك عليه غطيطه، وسيدك المريد!

    يُغري جَوارِيَهُ بِها فَيَجِئنَها .. وَيُغيرُهُنَّ بِها فَيَستَعلينا!

    ثم إزالة التعظيم والتوقير والتقدير
    ومن ثم إزالة الأدب، والطاعة، والمرجعية، والخشية، والسمت، والتوقير، والوقار! والحشمة مع النفس والناس، ومع الرب الجليل تعالى ودينه، ومع لغة الدين وحجمه.. وهذا عندنا وفي حداثة غربهم كذلك..
    "وتأمل فقدان هذه الأمور في أمة تجد ما بقي لها هو تخبط بين بين، أو حيوانية بتقنية، أو انظر أسفل قليلا تجدها راكعة لغيرها تعتلف.."

    وإلى جانب هذا ففي الحداثة ترك كل الثوابت الشكلية الأخرى، وهذا أمر ثان، فيكتبون بطرق متناثرة مبعثرة، ويقللون من قيمة نمو الفنون الكتابية، والذوق المتطور والجماليات المحسنة، وكأنما بعدما وصلنا للنضج والقمة، بل عانينا من التكلف في الرسم والتصنع، ءان أوان التطرف الأخر، وخلع كل شيء، والكتابة بطريقة المجانين، أو المتخلفين الذين لا يعقلون، ولا يعلمون ولا يتحضرون، ولا فنون لغة عندهم، أو الذين لم يبلغوا الحلم، أو الذين لا يبالون في مزاحهم ومزاجهم، كأهل الهذيان والمخدرات والسكر والعبث..
    كأنما صار خلع الثوب وانزال السروال من عند الوسط إبداعا لأنه تغيير- راجع موضة السروال الساقط السالت- وكلها واردات منظومة ثقافية واحدة لا تبعث لنا أسرار الطاقة النظيفة والفضاء، بل عربدتها فقط..

    وكأنما بات المشي للخلف بدلا من المشي للأمام حداثة وتنويرا، فترى الناس أقفيتهم ملوية، ويسيرون ظهورهم لغايتهم..ألا تراهم؟
    و المشي مترنحا كالسكران تطورا سرديا..وهذا يسري على لي القناعات في الجوائز الأدبية بل والسياسة

    والفن المنظور كذلك.. فتطوير الغزل-الصوف الملون المغزول- مثلا لا يكون بلسعه بالسجائر وثقبه،
    وتطوير المؤثرات الصوتية لا يكون بوضع صوت القيء والاستفراغ مع صوت خرير الماء،
    أو بضرب الأصوات في الخلاط، وآه من طمس الألوان بالمكنسة السريالية، ثم التفنن في استجلاب المعاني من البقع..ويقولون أبونا سلفادور دالي وغيره
    وبعد كل هذا فنحن متحجرون؟ لا نفهم المنظومة الجديدة! أو نربطها وهي مفككة؟ فما الذي ألصق الحداثة الأدبية بالحداثة الأخلاقية و.."أنا أسأل من-وما- الذي يوجه الأخلاق؟ ومن منا فصل الكلام عن معناه؟ وما الكلام إن لم يكن معنى يحدث أثرا مباشرا أو غير مباشر؟"
    وبعد كل هذا يقولون كلامنا تقليدي.. وليس جميلا، وإن كان جميلا فهو عادي

    وعَادَاني عَلَى هَذَا أُناسٌ .. وأَظْلَمُ منْ يُعادِيكَ الْحَسُودُ!

    القبح هو الموضة، الجمال موضة قديمة..
    "...الحديث"..كلمة مقرفة لكن ما اقترفوه أشد
    "مع عدم احترامي لخيانتهم في الوصف الحداثي البراق، ولا للغيرة الكبيرة، والعناد الوعلي، والتشوهات النفسية، أو الجموح الطامح للتقدير، ولا لعدم التواضع، وقلة العلم والإنصاف..آه طويلة جدا، ثم يحكمون على أدبنا وفهمنا لديننا"

    وسبب البوح المتجدد هو أني رأيت في بيان بعض من رأيت لمسة حداثية في التعبير، بكل أسف..
    وقد هالني هذا جدا، فالحداثيون يخربون الإيمان كالصهاينة وعباد
    الجنس لو ترك لهم الكلام عن فقهنا "كفقهاء!"، وتقليدهم -ولو في الشكل الظاهر- كارثة حقيقية
    وقلت: لعله غير متعمد، ولعله تسرب لأقلامهم مع رؤية الجيل الوسط الذي يكتب الشعر
    والنثر بشكل بين الحداثي وبين الإنساني الفطري السوي "السوي في حبه ولعبه وهزله وخطئه!"،
    أو يصوغ الجمال بقلم لا يسير على إيقاع الأوزان، وبتعبيرات القرن الماضي فقط، التي وردت مع عاصفة التغريب الصناعية وصرعات الموضة، وكلها نبتة مغذاة بالهرمونات الضارة فتضخمت بسرعة

    يا غضّةَ السن يا صغيرتها ... أمسيتِ إحدى المصائب الكُبرِ!

    وقد ينظرون للتقدم المادي والخلقي تنظيرا مليحا، ثم تركسهم سلوكيات الرواد منهم، ومشاهدهم وسيرهم ودعواتهم، وهنا نرى لسانين، واحد يقطر شهدا، والثاني ينطف خمرا "أو كلمة قريبة منها.."
    وإذا سلمنا بأننا معا نبحث عن الصواب، وأضاءت ومضته في ذهن أحدنا لوهلة، ثم لم يحافظ على القبس، أو لم يحفظه من دهس من حوله بأفكارهم السوداء الدائرية، وحلت في عينه العاجلة فماذا أقول..


    وندائي إليك أيها الحبيب الغالي:
    ما هذه اللمسة الحداثية؟..تريد أن تصعد؟ أم تعبت من الصمود؟
    ..أبعد النضج والاتزان تعود لسني حداثتك ورعونتها!
    ليس الشبه فيه تمام التطابق، ولا هو في جل المعنى، لكنه موجود.. وبين! طعما ورائحة، ولونا باهتا شوش على صفاء الماء

    لماذا تقلدون هؤلاء؟
    أرى أن:
    التعبيرات والطريقة
    العربية الأصيلة -القابلة للتطور وليس الانتكاس والاهتراء - تختلف عن جموح وشطح الحداثة
    وحتى لو شابهته في الشكل فقد خالفته في الأريج
    ولو كان -فليكن-الشكل الحداثي مقبولا , فحين يصبح سمة وسمتا، وشارة لطائفة معينة،
    أو يكون له تبعات وعواقب ونتائج وخيمة، رأيناها ولا نتوسمها، بل وقعت وأوقعت بكثيرين، ورأينا ما ءال إليه أمرهم أنفسهم، وأمر الثقافة والحقائق على أيديهم،
    فهنا يجدر بنا البعد عن هذا الشكل التعبيري والقالب البياني، وعن تراكيبه وتهويماته، صيانة لنا من التشبه، وصيانة للعامة والناس جميعا من تفشي هذا النمط، أو من زوال الحاجز النفسي معه
    فمشابهة الظاهر تقرب، وقد تورث مشابهة الباطن"ولعلها علة النهي عن التشبه عموما بغير المهتدين ومخالفتهم في الأمور التي ليست بذاتها جرما"، لذا تسد أبواب الخراب، ولا يكتب عليها ممنوع الدخول.. فالنفس لا تؤمن عليها الفتن
    ولا يجرئنها أحد على تمنى لقاء العدو، ومصادقة إبليس مع التحرز!

    وَأَعلَمُ أَنَّ الغَدرَ في الناسِ شائِعٌ .. وَأَنَّ خَليلَ الغانِياتِ مُضَيَّعُ!

    والفئة التي نحبها، ليست من أهل الحداثة لكن:

    تعبيرات وطريقة صف الكلمات ونثرها
    ثم لمحات المعاني لديهم
    والجمل والتراكيب اللغوية "بالمضاف والمضاف إليه الشاذين، أو الصفة والموصوف المغاير"
    التي هي جمل تهز النفس لغرابتها، ويتعبون في توليفها لتكون جديدة وصادمة، بغض النظر عن لياقتها
    إيمانيا أو أخلاقيا أو عقليا أو لغويا، وأثرها اللاحق على قيمة المعنى الذي عبث به ليبرز الإبهار الجديد!
    والبراعة عندهم هي البحث عن هذا دون مراعاة لأي شيء ..أي شيء..
    وأعني ما أقوله ورأيته بعيني..حتى لو بالوا على الصفحات.. ولو كتبوا بالمقلوب، وعن المقلوب..!، وصفقوا لقوم لوط.. -عليه السلام- وهذا هو الهوى، أعيذكم منه إذا جرى..

    تَجري العُقولُ بِأَهلِها فَإِذا جَرى .. كَبَتِ العُقولُ وَزَلَّتِ الأَحلامُ!

    ومن قلدهم بحسن نية يقع في أمور أقلها المشابهة، وقد يتأثر هو، أو يتأثر من يقرأ له، وتزول عنده أمور هامة من قيمة اللغة والتعبير، هي في ذاتها ليست عقدية إيمانية أصلية، لكن تبعاتها تنعكس على شروخ في أبنية الذائقة والقبول لديه، والاحترام الواجب لقيمنا كلها، بداية من الأدب والثقافة -أو الفهم لها وهو ممن يقرؤون السرد الممزق المسكوب- نهاية بالألفاظ الشرعية، وربما ميوعة المعنى"تأمل وركز"، وتصلب القلب -عافانا الله تعالى- فحيرتهم لفظا تنعكس على تطوح أرواحهم وأحلامهم وأفكارهم وسلوكياتهم

    كأَنهما خيطان بالقلب علقا .. فإن صعدا يصعد وإن هبطا ارتمى

    ..
    "طلب العلم فريضة"

    د. إسلام المازني

  • #2
    أحسنت، وأجدت وإن أردت أمثلة عملية للإستشهاد بها فتفضل بزيارة المواضيع التالية

    كلمات عن أدب الحداثة وما بعد الحداثة، الخاطرة وقصيدة النثر وشعر التفعيلة وغيرها
    http://wata1.com/vb/showthread.php?t=4673
    http://www.atinternational.org/forums/showthread.php?t=8126
    http://www.nu5ba.net/vb/showthread.php?t=16341
    ما رأيكم دام فضلكم؟

    تعليق

    • Dr_Almazeny
      كبار الشخصيات
      • May 2006
      • 151

      #3


      أكرمك الله أيها الغالي وحفظك
      وتقبل تقديري
      وقد قرأت كثيرا من الرابط الذي أرفقت، وهو ملف ثري حقا، وليتك تنتقي منه الفقرات المبينة للصواب، وطرفا من الأمثلة، وتبوبه وتنسقه بمدخل وعناوين جانبية، ليكون مقالة لا حوارا، ليسهل على صنف كبير من القراء التركيز والمتابعة، لأنه صار بحثا دسما مترامي الأطراف- وإن كان حوارا حيا في أصله-وتنسيقه هام لوصول المعلومة باستكمال القراءة، مراعاة لحال المخاطب، ثم الإحالة لمتابعة الملف، لمن شاء

      وفقك الله وأجرى الخير على يديك، ونفع عقولنا وقلوبنا بما نقول ونسطر



      وهنا بقية وجزء مما سطر للجزء الثاني:


      (2)مراسلات في الحداثة وما بعد الحداثة الجزء الثاني


      حين رأينا حداثة القوم هي كلماتهم للكون وحركاتهم فيه، لأنها التي تبنى عليهم انفعالاتهم- وليست فراغا عدميا في عالم الشعور..- ومن ثم سلوكياتهم!، فضلا عن مآلاتهم عندما تنتهي الرحلة "ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين"

      قلنا إن الكلام عليه حساب، فقال قائلهم: من يحاسب؟
      قلنا لو قلته خاليا ما سألناك..أما وقد تعرضت لنا، ولكل شيء في حياتنا باللسان، الذي هو أشد أثرا ماديا ومعنويا من الرصاص، فهل نعاملك كالمجنون الذي يهذي؟ وقد تكلمت في الأعراض والملل والأخلاق والعلاقات واللغة والثقافة..

      فلو كان الكلام بلا حساب، فكيف يكون الحساب؟
      وإذا أخذنا موقفا قلتم قضاة تحاكمون.. وهل يلزم المرء أن يكون صنما لكي ترضوا عنه!
      ومن ثم يترككم تعبثون بدينه وثقافته وحضارته، وتذيبون أمته ومستقبلها..
      فرق كبير بين الحكم القضائي والإيجابية، ثم إن الفواحش الفكرية لا تحتاج إلى قاض، ولغتنا لا تحتاج بيننا إلى ترجمان..
      وإذا أنتم أخذتم مربضا قلتم أصحاب مبدأ.."فما لكم كيف تحكمون.."

      والحداثة هي خطاب المرء للكون مفتتا.. مهما أسموه
      وإذا استدبر الكائن كل القيم، ونتف ريش العصفور الجميل، أو ذبحه وقال: هكذا أجمل
      فكيف يكون الحال.. وكيف يكون الحساب مع الشذوذ الذوقي واللغوي والعقدي

      ولئن ثار الغرب على أسباب تخلفه، وقلب كل شيء، ونفض كل شيء
      فلماذا لا نقلده في الفكرة والمبدأ، بدلا من تقليده في الصورة بغباء؟

      تَرَكتُمونا لِأَقوامٍ تُخالِفُنا .. في الدينِ وَالفَضلِ وَالأَخلاقِ وَالأَدَبِ!

      فننفض أسباب تدهورنا، ومنها فهمنا المتآكل للدين ورسالته وحجمه في قلوبنا وحياتنا
      فديننا ولغتنا كانا أسباب نهضتنا، وقدنا العالم لما قادنا الهدى، وهوينا لما لم ندر عنهما شيئا..إلا بعض أمور..
      ودينهم وأساطيرهم عن الغيب كانا أسباب عصور ظلامهم، وتقدموا لما نقضوا تسلط كهنتهم، ومحاكمتهم للعلماء والفلكيين، وتحالفهم الدنس مع السلطة.. ولكن امتدت الثورة الغاضبة لتنزع حتى البقايا الجميلة، لأنها كرهت كل قديم وهنا كانت المراهقة الفكرية، وقادها فلاسفة الرعونة العلمانية، لتحدث انقلابا على الأخلاق لصالح المادة والمنفعة، وخلعا للثياب وفوضى جنسية، وحرية "حرية رد فعل" باتت همجية، وتعقب تلفا للعالم وللأجيال القادمة..

      لا تَذكُروا الأَخلاقَ بَعدَ حِيادِكُم.. فَمُصابُكُم وَمُصابُنا سِيّانِ

      حارَبتُمُ أَخلاقَكُم لِتُحارِبوا .. أَخلاقَنا فَتَأَلَّمَ الشَعبانِ


      وكل هذا مرتبط بحداثة الأدب واللغة، ونزع الجذور بدلا من تنقيتها من الأعشاب والحشائش الضارة والشوك..وبدلا من رعاية البذور وتكبيرها واحتضانها، وتطوير ما سبق الوصول إليه.. هدمنا كل شيء، وليتنا بنينا بعده شيئا.. بل تأملنا كومة الأنقاض بإعجاب مفتعل تقليدا للغرب، وتفننا في تشكيل أكوام يومية من الركام الشعري والنثري، ولا تبقي على هذا الأيام .. والواقع يشهد
      أنه لا خلود لأدب كهذا مختل طائش الكلمات
      ويبقى الجمال جميلا والزبد زائلا

      في الأرض يمكث من ينفعْ ويُثبِتُه .. رب السموات مثلَ الشامخ الراسي

      وهاهم بعض منظريهم يعودون، بعدما رأوا ما جرى..

      كَم لَها مِن لُقَمٍ مَسمومَةٍ .. يَستَبينُ القَلبُ مِنها لَمسَها

      وهذه الحداثة رغم ظهور خفتها مقارنة بثراء الأدب ..أي أدب.. وصل إليه البشر بالإلهام وإعمال العقول للإتقان، إلا أن سهولة امتطائها تغلب كثيرين، ولا يعلمون أنهم سيعرفون بعد حين أنهم امتطوا حمارا لا فرسا، وأن التاريخ لن يثبت لهم نقشا، لأنهم لم يتعبوا، والإعلام يصنع الفقاعات ولا يصنع التاريخ


      والواقع حقا يشهد أن هناك نصوصا مشعة ونصوصا خاملة، فهناك قصائد تضيء بذاتها
      ولا تحتاج مؤثرات صوت، ومجسمات وتضخيما أثناء الإلقاء، وإبهارا لتؤثر وتنال الإعجاب
      كما نرى في نصوص العري عن التطريز الإنساني الراقي، بالوزن الذي نبغ فيه العرب، وبينه الخليل، حيث يظهر العاجزون عن قرض الشعر الحقيقي في المحافل بكم من الموسيقى والصدى، وأمورا كثيرة لترفع من شأن الأحرف..
      ودوما هناك جواهر زائفة، وجواهر حرة أصلية..
      والقصائد الحقيقية يترنم بها البشر جميعا، والبيت منها يطير في السماء، ويردده المثقفون والعوام
      ولو بعد مائة عام..
      "طلب العلم فريضة"

      د. إسلام المازني

      تعليق


      • #4
        عزيزي د. اسلام المازني
        ما رأيك أن تعمل كتاب مشترك باسمي واسمك وتطبعه من خلال ما نشرته أنت ونشرته أنا في الموضوع، أنت اسلوبك جميل قم بتنسيق المادة الأولية وأعملها كحوار ثقافي بين فكرين فكر العولمة (صهيب أو أبو صالح) وفكر مُثَّقَّف الدولة القُطريّة الحديثة كممثل للحداثة (عبدالرزاق دخين أو محمد رندي أو حكيم عباس أو نبيل عودة أو محمد شعبان الموجي أو محمد الجابري أو د. علي المتقي)

        ويمكنك كذلك الاستعانة بما جمعته تحت العنوان والرابط التالي
        بأيِّ لُغة يُفكِّر محمد أركون وعلاء اللامي؟
        http://www.atinternational.org/forum...ead.php?t=8210
        http://wata1.com/vb/showthread.php?t=4895
        http://www.nu5ba.net/vb/showthread.php?t=16498
        ما رأيكم دام فضلكم؟
        التعديل الأخير تم بواسطة ضيف; الساعة 11-22-2010, 06:09 AM.

        تعليق

        • Dr_Almazeny
          كبار الشخصيات
          • May 2006
          • 151

          #5
          بارك الله عليك وأكرمك أيها الغالي، أشكر ثقتك ورغبتك، وإذا تيسرت الصحة برحمة الله ندرس هذا التأليف المشترك فهو يستغرق أكثر من العادي، ونسأل الله التيسير.

          وليتني أملك دار نشر، وسكرتارية وما شابه، أو حتى منحة تفرغ، حيث يعطي الوزير منحة تفرغ لأصدقائه ما بعد الحداثيين، والخشبيين والملوثين -وتصنيفي هنا نقدي شكلي وتعبيري في ءان- ويطعمهم من مالي ويكسوهم، لكي يجلسوا للإبداع، ثم يخرجون علي في التلفاز ليقولوا كلاما يستحيا من ذكره في المجالس.. بل في الخلوات.
          وقد رأيت عدة أجيال من الكتيبات المخفضة لهم، فلم أشعر بفارق سوى في صورة الغلاف، وهي وهم سريالي كذلك، وحتى النقد الذي تقرؤه لأحدها هو هو نفس الكلام..
          وهم هنا أحق بقول بشار:
          علل النساء إِذا اعتللن كثيرة .. وسماحهن من العجيب العاجِب
          "طلب العلم فريضة"

          د. إسلام المازني

          تعليق


          • #6
            هل تعلم من خلف هذه الكتب المخفضة الثمن أي المدعومة هو زوجة رئيس الجمهورية؟
            السؤال من هو المسؤول عن اختيار المادة التي يتم الموافقة على دعمها وطباعتها؟
            أليس هو مُثَّقَّف الدولة القوميّة بغض النظر إن كان بمسحة اسلاميّة أو علمانيّة أو ديمقراطيّة؟

            أنا من وجهة نظري يا د. اسلام المازني المادة كاملة وحتى مطبوعة وبالألوان لديك وكل ما تحتاجه هو قص ولصق وربط وتوليف بين الفقرات فلا تتحجج وليس هناك داع للعودة لأخذ الموافقة على التحويرات، كل ما هنالك لا تنسانا من الدعاء بالنسبة للآخرة وفي الدنيا أن لا تنسانا من حصتنا من الأرباح العائدة إن توفرت أي أرباح
            ما رأيكم دام فضلكم؟

            تعليق


            • #7
              بالمناسبة يا د. إسلام المازني هذا الكتاب أو مجموعة الكتب عن الحوارات ما بين مُثَّقّف العولمة ومُثَّقَّف الدولة القوميّة (مدّعي الحداثة) (الدولة القُطريّة الحديثة بركيزتيها العلمانيّة والديمقراطيّة) بغض النظر إن كان بمسحة اسلاميّة أو علمانيّة أو ديمقراطيّة، التي لو طبعتها ستفتح عليك باب رزق له أول وليس له آخر إن شاء الله،
              وذلك من خلال المقابلات التلفزيونية على الفضائيات العربية والأجنبية والصحفية وكل مقابلة لها بدل سفر وغيره بآلاف الدولارات لو أحسنت إدارة التعاقد مع أيّا منها، أبسط يا عم ولا تنسى أن الحصص مناصفة
              ما رأيكم دام فضلكم؟
              التعديل الأخير تم بواسطة ضيف; الساعة 12-01-2010, 04:24 AM.

              تعليق

              • Dr_Almazeny
                كبار الشخصيات
                • May 2006
                • 151

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة s___s مشاهدة المشاركة
                ، التي لو طبعتها ستفتح عليك باب رزق له أول وليس له آخر إن شاء الله، [/color]
                وذلك من خلال المقابلات التلفزيونية على الفضائيات العربية والأجنبية والصحفية وكل مقابلة لها بدل سفر وغيره بآلاف الدولارات لو أحسنت إدارة التعاقد مع أيّا منها، أبسط يا عم ولا تنسى أن الحصص مناصفة
                ما رأيكم دام فضلكم؟


                كل مقابلة ءالاف الدولارات..

                شكرا لك أبا صالح.. فقد كنت في ضائقة مالية، والأن سأشتري الماكينة التي تعد الفلوس! لأني دوما أعجب بشكلها وهي تعد، وأتمنى أن أقتنيها في بيتي، والأن جاءت الفرصة، والأعجب منها الماكينة التي تربط الفلوس بعد عدها وتجميعها

                سأضطر لتغيير المنزل ليليق بهذا الوضع الجديد


                "لم يُضيّع علي بابا الفرصة، بل أخذ يحشو جيوبه بما تصل إليه يداه من الذّهب والجواهر، ثم خرج ونادى بأعلى صوته: "أغلق يا سمسم!"

                "فأجابها علي بابا، وهو يُهدّئ من غضبها: "أنا لم أسرق هذه الكنوز وإنّما عثرتُ عليها في كهف جماعة اللّصوص "

                ألا يشبه هذا منطق الفضائيات شبه الرسمية..؟

                "هدأت زوجة على بابا وانفرجت أساريرها وأرادت أن تعرف ما قيمة الثّروة التّي أصبحوا يملكونها الآن، ولكنّها لم تستطع أن تعدّ النّقود لكثرتها؛ ولهذا طلبت إلى زوجها أن يذهب إلى بيت أخيه "قاسم" ويستعير منه المِكيال لتزن به المجوهرات"
                وهنا أعجب من تصرفها... بلطجة وتزوير انتخابات وسرقة أقوات وتريد
                ضبط المسيرة وتقنينها

                عسى أن أكون أضحكتك كما أضحكتني..

                ويا أبا صالح بعد التبسم قد أثرت شجوني... فليست الحال التي تصفها-كما لا يخفى عليك- من نصيب الشرفاء في هذا العصر الصعب، والذين ءامل أن ننسب لهم جميعا على تعثرنا وعجرنا وبجرنا, وفي الحقيقة أن أزمتي أزمة كل الباحثين، فلم أقبض من الناشر الشهير قرشا، مع أنه يوزع كتبي لمكتبات عالمية، ورأيت معدلها لدى الوكلاء في المعارض، ورأيتها بفضل الله في المواقع الرسمية لأشهر جامعات العالم, وبالعكس قبضت من الناشرين المصريين الفقيرين-نسبيا- المحترمين، رغم أنهما ليسا عالميين لكنهما أمناء، وهذه شهادة ليعلم الناس أن أزمة الثقافة متشعبة الجذور، وأحجام الناشرين الكبار "الشطار"..

                " قال أَبو إِسحق: قول الناس فلان شاطِرٌ معناه أَنه أَخَذَ في نَحْوٍ غير الاستواء، ولذلك
                قيل له شاطر لأنه تباعد عن الاستواء"

                "والشَّطير أَيضا: الغريب؛ قال:

                لا تدعني فِيهمُ شَطِيرا... إِني إذا أَهلك أو أطيرا" ...

                وأحتاج بركة في الوقت، وعلى الله المؤونة, والله المستعان..

                ودمت متوقدا في خير حال وخلي البال...


                "طلب العلم فريضة"

                د. إسلام المازني

                تعليق


                • #9
                  يا د. اسلام المازني في موضوع النشر أنا أظن المشكلة بين الطرفين الكاتب والناشر فالشرع يقول العقد شريعة المتعاقدين،

                  يُقال أن مرآة الحب عمياء، لماذا؟ والتي على ضوئها من وجهة نظري على الأقل نرى أن نسب الطلاق من الزواج الذي كان نتيجة قصة حب أعلى بكثير جدا من نسب الزواج التقليدي الذي يكون من خلال اختيار الأهل والأصحاب لتكوين اسرة، والدليل على ذلك نسب الطلاق في المجتمعات الغربية فهناك الغالبية العظمى من الزواج نتيجة قصة حب كاملة الأركان إن لم يكن عندنا، لماذا؟ نحن نفترض في البداية أن الجانب الآخر ملاك، ولكن بعد الزواج يبدأ يكتشف كل يوم مواصفات على الأقل لا يمكن أن تصدر من ملاك فينزل في عينه إلى مرتبة البشر، فيحس نتيجة لهذا النزول في المرتبة من الملاك إلى مرتبة البشر أنّه تم غشّه فيبدأ في البحث عن ملاكه الذي تصوّر أنه وقع في حبّه خارج البيت.

                  كذلك الحال مع موضوع الناشر والكاتب لا الكاتب هو ملاك ولا الناشر هو ملاك، كل منهما بشر، وربّ العباد أمرنا بكتابة عقود وبشروط واضحة تضمن حقوق كل جانب، فأن لم يلتزم أيّا منهما بذلك ويضع كل منهما تصوراته على باب العشم، هنا تحصل الإشكاليات، فما يظنه من باب العشم لدى جانب ربما يعتبره الجانب الآخر تعدّي على حقوقه وهكذا لأختلاف البيئة والقواميس والمعاجم في فهم المعاني

                  وأعطيك أفضل مثال هل كان يمكن أن يتم تأسيس مجلس الحكم لبريمر بعد احتلال العراق للبداية في العملية السياسية بعد احتلاله في العراق لولا قبول د. محسن عبدالحميد (ممثل الحزب الإسلامي (الإخوان المسلمين)) الإنضمام إليه بهذه الشروط التي أقل ما يُقال عنها غبيّة؟!!!
                  هل كان ممكن أن تكون هناك انتخابات في مصر عام 2010 لولا قبول الإخوان المسلمين المشاركة فيها بهذه الشروط التي أقل مايُقال عنها غبيّة؟!!!
                  ومن ساعد في تدريب قوات بدر والصدر وغيرها (التي عاثت فسادا) في العراق بعد الاحتلال عام 2003 وأين كان يقيم كل من المالكي وغيره من القيادات التي تقود العمليّة السياسية في العراق أليس حزب الله في سوريا وإيران؟!!!
                  وما هي نتائج مشاركة كل من الإخوان المسلمين في العملية السياسية في كل من العراق ومصر؟
                  ومن كان العمود الفقري للنظام السياسي من أيام الملك عبدالله الأول إلى عبدالله الثاني في الأردن؟
                  ومن الذي ضيّع فلسطين وحولها من قضية احتلال إلى قضية أفراد بدون أوراق رسمية صادرة من دولة تعترف بها الأمم المتحدة، بحجة تمرير حائط الصواريخ عام 1970، ومن ساعد في تقسّم اليمن إلى يمنان والعراق إلى العراق والكويت عام 1960، أليس جمال عبدالناصر؟
                  ومن وقف مع العجم ضد العرب بالرغم من أنه يقود حزب قومي عربي أليس حافظ الأسد؟
                  الآن هل جمال عبدالناصر أو حافظ الأسد أو الإخوان المسلمين وحتى صدام حسين ملاك أم شيطان؟
                  ولذلك أنا أكرّر بأن الجميع يعاني من ضبابيّة لغوية وجهل لغوي والتي تعني في المقابل ضبابيّة فكريّة وتشتّت يؤدي إلى جهل فضيع في تحديد الأولويات وعلى ضوئها تحديد المواقف

                  يا د. اسلام المازني تجاوز النظرة السلبيّة (والتي اساسها مفهوم النظرة إلى فلان من خلال كونه إمّا ملاك أو شيطان)، كلّنا بشر ولا وجود للملائكة أو للشياطين فالبشر في ساعة ما يمكن أن يفعل أفعال لا تصل إليها الملائكة في رفعتها ونفس ذلك الشخص يمكن أن يفعل أفعال لا تصل إليها الشياطين في دنائتها ولا حول ولا قوة إلاّ بالله؟!!

                  أرجع وأقول أن العقد شريعة المتعاقدين أضبط صياغة عقودك، وتابع الالتزام بتنفيذها، على الأقل ستقل مشاكل العشم إلى حدودها الدُنيا، وتبقى بقية المشاكل مسألة طبيعية وأصلا الحياة بدون مشاكل ليس لها طعم، فلولا الظلام لما قدّرنا جمال النور، أليس كذلك

                  موضوع مُثَّقَّف العولمة ومُثَّقَّف الدولة القوميّة موضوع حيوي ومهم وضروري ومطلوب تجاريا وتسويقيا في الوقت الحاضر وخصوصا مع ظهور أمثال منتظر الزيدي ومن يغذّي موقع ليكيليكس بالوثائق فأنا أرى كل منهما في جانب واحد فالأول استيقظ ضميره فالتفت حوله لم يجد غير حذائه فحمله ورماه على بوش والآخر التفت حوله فلم يجد غير الوثائق التي تمر من خلاله فقام بتوصيلها إلى ويكيليكس.

                  الآن أظن ستحتاج إلى مفاتيح لمعرفة تفاصيل طريقتي في الحوار بشكل عام يا د. اسلام المازني فلذلك أظن المواضيع والروابط التالية ستفيد في هذا المجال
                  كلمات في مفهوم الحوار بالنسبة لمثقف الدولة القُطريّة الحديثة (العلمانية والديمقراطية)

                  حوار مع مثقف الدولة القُطريّة الحديثة بركيزتيها العلمانية والديمقراطية وغطاء إسلامي

                  ما رأيكم دام فضلكم؟
                  التعديل الأخير تم بواسطة ضيف; الساعة 12-06-2010, 03:29 AM.

                  تعليق

                  • Dr_Almazeny
                    كبار الشخصيات
                    • May 2006
                    • 151

                    #10
                    صبحك الكريم بكل خير أيها الغالي
                    يسرني الحوار معك دوما أبا صالح، وطيب رغبتك لنا
                    وقد أثرت موضوعا هاما، يحفزني لكتابة تجربتي فيه، ليس من باب ذاتي لكن لأني أعرفها، لنفيد من يقرأ، أو لعله ينصح ويضع لبنة للتغيير وأولها "الوعي والنية ثم الإرادة"

                    وبالله عليك لا تعتبرها سلبية فالنظارة الغامقة كسرت، لكن نحن بالليل، وننتظر الفجر إن شاء الله

                    ولتكون الصفحة ملفا لتجربة النشر للقارئ
                    وهي وثيقة الصلة بالحداثة وأبناء عمومتها، فالأستاذ جمال البنا مثلا تطبع كتبه بسهولة وسرعة
                    وتنشر وتوزع نتيجة احتضان تام ودعم كامل..

                    بالنسبة للديمقراطية فأتفق معك، بل ما لا يعرفه كثيرون هو اشتراكهم في حكومة كرازاي أيضا، والمتابع يعرف أن هذا واقع، هذه خطيئة كبرى، والأشنع هو استمرارها كل هذه السنين، وعدم التوبة على رؤوس الأشهاد كما ارتكب الخطا علنا..

                    وبالنسبة للنشر فالأمر ليس متصلا فقط بالإفراط في حسن الظن أو الإغراق في سوء الظن، فالعقود تكتب مع جميعهم "الممتلئين وأنصاف الممتلئين"، وكل العقود النمطية المنتشرة في سوق النشر أعدها محامون بعضهم موال للطرف الكاتب، بالاشتراك مع محاسبين، وتراكم خبرات المؤلفين السابقين وقضاياهم وشكاواهم الكثيرة المريرة، بل وصل الأمر لعموم المشكلة لأن أعد اتحاد الكتاب العرب عقدا للتأليف ونشره في كل مكان، وهو نموذج عقد لضمان الحقوق، لكنه لم يضمن ولم يحل شيئا، وهم يعلمون أن المشكلة ليست فقط في البنود المكتوبة " راجع قضية بهاء طاهر والناشر الشهير وقضية الأديب إسلام شمس وعشرات التقارير الإعلامية عن الأزمة وأبعادها الثلاثة"
                    فالمشكلة في طريقة تفعيلها، من أول الرقابة -الإدارية وليس النوع الأخر- الغائبة عن المطابع والمخازن، إلى تنفيذ الأحكام الذي يطول سنوات ويعرقل، وهذا يشمل كل العالم العربي، وهناك شكاوى قليلة سمعتها عن الغرب، ومنشورة عبر الشابكة، فلو شكوت أنت من أن جداول البيع والتوزيع والطبع والبيانات غير واقعية -بفرض أنهم أروها لك موثقة- فيرد الأمر للخبراء، الذين يكتبون التقرير عن الحالة، وللتحريات وجرد المخازن والدفاتر والفواتير، فلو فسد هؤلاء ببطء عمل يتيح التملص أو بقلة إمكانية وعدد وعدم فراغ أو عمولات أو غير ذلك فسد الحال.. وهي نفس طريقة التهرب من الضرائب، والتفتيش هنا أقل وأندر وأصعب .. فمباحث التهرب أنشط، لكنها لا تهتم بهؤلاء، بل تضع تقديرا ثم يشكون فتخفض النسبة والتقييم.. وهذا عن تجارب حية
                    ولا توجد أرقام مسلسلة على الكتب لتعرف متى وأين حقا طبع "مثل الأجهزة.."
                    فلو قال لك هذا بيان ولم أبع سوى مائة نسخة، ولم أطبع سوى ألف منذ خمس سنوات، فلا تملك ردا.. إلا أن يفضحه غيره.. وهكذا المشكلات كلها .. تظهر أدلتها من صراعات بينية
                    وما يضطرك للتعاون مع الناشر الرمادي " مع ترك ناشري القائمة السوداء بعد التقصي" هو
                    أن الناشر الأبيض " إنما الناس كإبل مائة"
                    وجوابه ليس مشجعا دوما، وأقص الإجابات مع عشرة كتب طبعت، لناشر ماليزي وءاخر سوري خليجي وثالث لبناني ورابع وخامس مصريان، وقبلها طافت الكتب قبل الطبع على جمع من الناشرين الجيدين في ذات البلاد
                    " موافق لكن اطبعوا على حسابكم
                    والثاني قال لست مقتنعا بالكتاب " على أن هذا الكتاب صار يوصى به في الجامعة كمرجع في مجاله"
                    والثالث: جميل، لكن تخصصي دراسات معينة فقط
                    ورابع قال موافق لكن لا أنشر خارج البلد، إلا مع الدفع النقدي المقدم من الأخرين، وإلا فكلموا محمدا بائع الورق لنا ليقبل التقسيط
                    وخامس: أعتذر لأسباب خاصة بالدار
                    و:أعتذر لأن خطة النشر للعام القادم مكتملة- دار الشروق"


                    فأنت هنا تضطر لقبول الغبن، وتضحي بالمكسب، لأنك ناشر خير ولست جامع مادة بالأساس، وإلا ستبقى كتبك معك سنوات حتى تدخر لطباعتها أو تجد فرجة مع القلة القليلة

                    "يقول الناقد حسام عقل إن أزمات الناشرين مع المؤلفين كثرت وظهر معها التشكيك المتبادل والتحلل من بنود العقود المكتوبة بل وعدم التزام قسم من الناشرين بفحوى العقد في مجمل بنوده"
                    "يضيف أن الجهود التي بذلها «اتحاد الناشرين العرب» في السنوات الأخيرة على صعيد إقرار قانون حماية المؤلف، قد تكون هي أولى القطرات التي تؤدي إلى وضع حدود راسخة للعلاقة بين دور النشر والمؤلفين."

                    ويا أخي الحبيب أنا من هنا أدعو للعمل والكتابة، ولكن كان تعقيبي الأول فقط
                    على أن الثروة لا تأتي لهؤلاء عادة، وبدايته كانت مزحة، والأن طرحنا قضية ثرية، فنشكرك على بدئها، وأرجو أن يشرق فجر لأهل الفكر في هذه الأمة
                    "إن العالم في عذاب ، وعندكم كنز الرحمة ، وإن العالم في احتراب ، وعندكم منبع السلم ، وإن العالم في غمة الشك ، وعندكم مشرق اليقين .
                    فهل يجمل بكم أن تعطلوه فلا تنتفعوا به ولا تنفعوا؟
                    أحيوا قرآنكم تحيوا به ، حققوه يتحقق وجودكم به ، أفيضوا من أسراره على سرائركم ، ومن آدابه على نفوسكم ، ومن حكمه على عقولكم ، تكونوا أطباء ، ويكن بكم دواء .
                    محمد البشير الإبراهيمي ـ آثار محمد البشير الإبراهيمي "
                    "طلب العلم فريضة"

                    د. إسلام المازني

                    تعليق

                    • ahmed_allaithy
                      رئيس الجمعية
                      • May 2006
                      • 3961

                      #11
                      حياك الله يا دكتور إسلام. نحن متابعون لحديثك.

                      وبصراحة ضحكت كثيرًا من اقتراح أخينا الأستاذ أبو صالح لتأليف كتاب مشترك بينكما، تقوم أنت فيه بالنظر فيما كتبه ألأستاذ أبو صالح وتجمعه على ما عندك وتصدر كتابًا.
                      فأقول يا أخانا أبو صالح، لماذا لا تجمع أنت مادتك وتنظمها وتنقحها وتصنع منها موضوعًا متكاملاً، بدل أن تتشعب في موضوعات كثيرة لا يبدو وجود رابط واضح بينها، ثم يكون هذا فصلاً في كتاب مثلاً؟
                      لكن بصراحة أن تقول لأحد اجمع أنت ونظم وأخرج، فليس هكذا تؤلف الكتب.
                      د. أحـمـد اللَّيثـي
                      رئيس الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                      تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوًّا فى الأَرضِ ولا فَسادا والعاقبةُ للمتقين.

                      فَعِشْ لِلْخَيْرِ، إِنَّ الْخَيْرَ أَبْقَى ... وَذِكْرُ اللهِ أَدْعَى بِانْشِغَالِـي

                      تعليق


                      • #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة ahmed_allaithy مشاهدة المشاركة
                        حياك الله يا دكتور إسلام. نحن متابعون لحديثك.

                        وبصراحة ضحكت كثيرًا من اقتراح أخينا الأستاذ أبو صالح لتأليف كتاب مشترك بينكما، تقوم أنت فيه بالنظر فيما كتبه ألأستاذ أبو صالح وتجمعه على ما عندك وتصدر كتابًا.
                        فأقول يا أخانا أبو صالح، لماذا لا تجمع أنت مادتك وتنظمها وتنقحها وتصنع منها موضوعًا متكاملاً، بدل أن تتشعب في موضوعات كثيرة لا يبدو وجود رابط واضح بينها، ثم يكون هذا فصلاً في كتاب مثلاً؟
                        لكن بصراحة أن تقول لأحد اجمع أنت ونظم وأخرج، فليس هكذا تؤلف الكتب.
                        عزيزي د. أحمد الليثي أنا لم أخلط، أنت من خلط، كتابة الكتب شيء والكتابة في المواقع شيء آخر من وجهة نظري
                        أنا لاحظت أن الغالبية تكتب وكأنه لكي يُقال عنه كاتب، أنا بالنسبة لي أكتب لكي أنا أفهم أولا قبل أي شخص آخر وبالنسبة للرابط فهو عنوان الموضوع في العادة، فأنا أحرص على أن تحوي أي مداخلة لي في أي موضوع أن يكون لها ارتباط بالعنوان، ومن لم يشعر بالربط يمكنه أن يسأل يا د. أحمد الليثي
                        ما رأيكم دام فضلكم؟

                        تعليق

                        • Dr_Almazeny
                          كبار الشخصيات
                          • May 2006
                          • 151

                          #13
                          الحمد لله
                          "الحمد لله، الذي يفتتح بحمده كل رسالة ومقالة، والصلاة على محمد المصطفى، صاحب النبوة والرسالة، وعلى ءاله وأصحابه الهادين من الضلالة."

                          أهلا بك وسهلا ومرحبا أخانا الحبيب الدكتور أحمد الليثي
                          يزيدنا حضورك حبورا
                          سررت بتحيتك ومتابعتك، وعاتبت نفسي لتأخري، فأبت علي إلا الحضور ساعتها

                          رزقكم الله البركة والنور والهدى، والتقى والعفاف والغنى، ونحن معكم

                          كُنْ فِي الحياةِ غزيرَ العلمِ والعمـلِ *** وَدَعْ هَـواكَ ولا تغتَـرَّ بالأَمَــلِ

                          وزيِّـنِ النفسَ فِي أسمى فضـائلِها *** وصُـنْ فؤادَكَ عَنْ إظلامةِ الزَلَـلِ

                          ومرحبا دوما بساكن البيت الأستاذ الحبيب أبو صالح، لا حرمنا الله طلكم وحبكم ونصحكم

                          وءاخر ما لاحظته بشأن الحداثة
                          هو ميل عدد من مفكري الحكومة لنقد الفكرة العشوائية الحداثية، في الجريدة الرسمية، ولا أدري هل هذا ذرا للرماد في العقول، أم مراجعة، فقد مررنا بفترة قال فيها من قال: نأخذ من الغرب كل شيء حتى الأمراض لنكون مثله "في الثورة الصناعية و غيرها.." ورأيت بعد نصف قرن أننا أخذنا الأمراض فقط وتركنا كل شيء..
                          رأيت كتابهم مؤخرا يقولون أن الحداثة في الفنون تمحو الهوية وتزيلها، وفي الموسيقى كأنما وزعت على مائة مجنون ءالات موسيقية، وتركتهم يعزفون وسجلت ذلك وقلت هذه سيمفونية "حداثية"..
                          ورأيت مفكرين يقولون -أخيرا- أن الحداثة مرتبطة بالزائل العابر وحضارة اللذة الوقتية، وأزيد والفردية..
                          بل رأيت المفكرين من أهل الكتاب - نصارى مصر- يعيبون الحداثة، ومضمون كلامهم أعبر عنه كما فهمته: هي اسم جميل لحالة تعفن..
                          وهذا ما أعجب منه حقيقة، وأسر به على أية حال، وأيا كان المبرر..
                          "طلب العلم فريضة"

                          د. إسلام المازني

                          تعليق

                          • Dr_Almazeny
                            كبار الشخصيات
                            • May 2006
                            • 151

                            #14

                            مراسلات في الحداثة "الجزء الثاني"

                            (وإنه بسم الله الرحمن الرحيم)
                            في الأدب وفي كل شيء سنبدأ باسم الله الرحمن الرحيم، هكذا الحق، وهكذا علمنا الحق، ولن تكون تبركا فقط، بل دلالة وعلامة وعالما
                            الحمد لله شكرا
                            والصلاة والسلام على المبعوث رحمة ونورا

                            لا ينفع الأسفُ النفوسَ أو الأسى .. الكفّ أولى والتصبر أحسن
                            مما يؤسف وأنا أكتب الجزء الثاني، أن أتذكر شخصية عربية كبيرة ممتلئة رصينة، لم تقف وقفتها الأخيرة المرجوة، قبل أن تذهب إلى حيث لا يعود أحد ليعيد ما كان، إلى الدار الآخرة..
                            وقد خطا خطوات جليلة، ولم يصرح للعامة بما وصل إليه بشكل حاسم مبين

                            وإِذ كانَ في ما ينتَوي مترددا ... نَضا سَيفَهُ من غِمده وهوَ لا يَدري

                            ويؤسفني كذلك أننا كنا نعيب على بعض قومنا تفكيرهم بعواطفهم، واليوم نضطر -بعد أن حجزنا الحياء دهرا- من توبيخ بعضهم على التفكير بغرائزهم..

                            فتألفت من بين شهوتها وشبـ.. ـهتها قياسات من البطلان!

                            وأنا أرفع صوتي محبة وأملا، كأخ وأب وصديق حميم، يريد انتشال صاحب عمره من محنته الفكرية، أو بشكل أدق "من خياره الحياتي وممارسته الربحية"، فيهزه هزا، ويصرخ في وجهه، وهو يعلم أن هذا لن يغضبه، فالثقة والتاريخ بيننا يمنعان الشك في مقصد أي منا...

                            وأنا أفرق جيدا بين النبلاء الممتحنين، وبين بعض من يحبون التجديد، وإن كانوا لا يفهمون تبعات الحداثة، ويبقى من يقرأ ساخطا حانقا-حتى قبل أن يقرأ هو عاتب- ليخط جوابا ودحضا، ويبقى الأمل في أن يوقف هو العجلة قليلا.. قبل أن تقف به طويلا...

                            فيوم بَينِكَ يَومٌ ... يَكون فيه وَفاتي


                            ونقف هنا وقفة لابد منها قبل أن نتلقى الرد النمطي:
                            الإسلام ليس "فكرة" أو "فكرا"، وليس "أيديولوجيا" أو فلسفة، إلا في نظر من لا يفهمون كيف يقدم هو نفسه، ولا كيف عاشه أهله الأول، ولا أظن عدم الفهم هنا قصورا عقليا محضا، بل قلة رغبة أو عدم اكتراث، لا تنظروا للعالم كما ينظر إليكم، ولا كما يصفكم، ولا كما يريد أن تكون الصورة، ارجعوا للوراء قليلا
                            أو تقدموا للأمام وانظروا... ولا تخافوا؟ كيف ترون الصورة قبل عدة قرون؟ وكيف هي بعد عدة قرون؟
                            كيف هي عموما؟
                            أريدكم فقط أن تخرجوا من إطار اللحظة وضغطها عليكم زمانا ومكانا وإنسانا و...
                            منذ متى ونحن نقلد كل مؤلف؟
                            هل هناك حقائق مادية تشهد لرسالة سماوية؟

                            إذا ترددنا هنا فلتكن هذه أول منازل الطريق بيننا، وأول محطة في الرحلة

                            أسافِر عن علم اليقين لِعَيْنه.. إلى حقّه حيث الحقيقةُ رِحْلتي

                            فالثوابت في "الأدلة المادية" و"العلم والإيمان"، أسبق كركيزة بلا شك، قبل مناقشة فلاسفة الحداثة، لأننا سنبني على منهج استدلال مشترك، وإلا لذهبنا نقدر بغير الوحدة القياسية العيارية، فيصبح هناك كيلو متر مصري وءاخر هندي وثالث يوناني.. فكيف نتعجب من اختلافنا في النتيجة!

                            وصدق مقدمات في قياس .. لنا منه نتيجة ريِّ ظامي

                            فأسفر عن مَحيّا الحق حتى .. نشاهده وَنشهد بالتزام


                            وليس الحديث عن التوحيد ببعيد عن الحداثة، أو عن المرجعية، فحين يتصرف بعض الحداثيين بطريقة لا دين لها، ويصبح هذا أشهر ممارساتهم "العبث بالرموز الدينية"
                            فنذكر عقلاءنا بأن الإلحاد قد يكون بإنكار سلطان الله، وليس إنكار ذاته تعالى، وبقلة
                            التوقير" ما لكم لا ترجون لله وقارا"
                            "وما قدروا الله حق قدره"، أو بسحب المعنى من النصوص ومن الكتاب العزيز!" مع ادعاء بقاء التقديس وصيانة الدين!"، والنتيجة لكل هذه الفعال

                            جحدوا الإله ولست أدر... ي كيف رب الناس يجحد

                            هب أنهم ما أدركوا ... خلق الملائك والمجرد

                            أو ليس في خلق الكوا... كب ءاية للّه تعهد

                            أترى تقوم بناية ... من غير بان أو مشيد

                            عميت عيون لا ترى .. ءايات بارئها الممجد

                            ومن وهب الحياة والروح للمادة، فصارت لها ذات فاعلة وشعور وعاطفة؟ وأقام بإتقان خبير علاقات كل الجزئيات داخل الذرة، ومن أوجدها أصلا؟ ومن نسق بين وظائف العضيات في جزيئات الخلايا، لتدير نسبا دقيقة ومجهرية" تقاس بالنانو" لا تختل كالهرمونات والصوديوم، ومن أرسل الرسل وأنزل الكتب؟

                            يرسِل اللَه بِهِ الرسلَ عَلى .. فَترات مِن ظُهورٍ وَخَفاء

                            كلما أَدّى رَسولٌ وَمَضى .. جاءَ مَن يوفي الرِسالاتِ الأَداء

                            هل من كرم الإنسان وعلمه البيان يرضى لكم اتباع الملحدين نابذي عبادة الواحد الديان، في الشكل
                            وهدم لغة القرءان؟ وتخريب العقائد وتجريد النصوص من المضمون.. والعبث بدلالات الكلمات، بل وبالمقدسات والمحرمات؟


                            ... هكذا هو، وهكذا نراه، الإسلام حقيقة، والتفكير من خلال الحقيقة ليس عيبا، والتجرد من الحقيقة المطلقة- وهي موجودة إلا عند مكابر- ليس مزية ولا منقبة ولا سموا، ولا هو صواب، فأنت تتجاهل: أنت رجل أم امرأة، أنت إنسان أم دابة.. وتبدأ تشك في كل شيء!
                            وعند هذا المستوى لا يقف أهل نظرية الشك ولا التجرد، بل يسيرون على أربع " من سار منهم" أو يرجع العقلاء ..
                            "الأحياء: العقلاء، والأموات: الجهال، قاله ابن قتيبة، ونعوذ بالله من موت الضمير كذلك"

                            أما من غضب على الحداثة، وغار عليها من كثيرين يفككون تركيبها لتظهر، فلماذا لا يغار كل على محبوبه؟

                            لكن.. لو بانت لك خيانتها " لا زالت الخيانة سيئة حتى بين الخونة بعضهم بعضا في الأفلام الغربية، ولم تأكلها الحداثة النسبية، والأخلاق المتطورة"؟

                            ولو بان لك أنها ليست هي التي وصفت لك نفسها؟ فماذا بقي لك منها لتعشقها؟ الجمال الوقتي؟ اللذة الطائرة؟ إذا فقد اقتربنا.
                            صن نفسك عن التلصص على عورات الجيران وتمتع بالجمال "بفرض أنه كلام ماتع وهو ليس كذلك"!
                            إذا ليس كل جمال يحمد السبح فيه! حتى عند بني صهيون
                            حل وسط؟
                            بين صواب وخطأ؟
                            ألا زلت تؤمن بالله؟ فكيف تجيب عن هذا الحل الوسط يوم العرض؟

                            وقفة:
                            إن هذه النظرة التي تسبح في التحليل النفسي " وليس طبقا لنظرية التحليل التي هي مرض أصلا "
                            نابعة من ميلنا لذلك دوما في كل نقاشنا، فنستنطق الجذور النفسية، وليس فقط الجذور العقلية والأدلة، ثم إن القرءان الكريم لفت النظر لذلك دوما، فبين أسباب ومنطلقات الرفض النفسية، وجذورها من شهوات وكبر وعتو وغير ذلك، وهذا الخطاب لأساتذة كبار أرجو أن يصيب بقعة الضوء في قلوبهم، وقد انتقل من المراسلات الخاصة إلى العامة حرصا على عدم اختزاله وإسقاطه على أي نفس، وعلى نشر الخير.. والنصح إن قسا أحيانا فهو دواء، وإن حلا فهو غذاء، وفي الحالين لا يرفضه حكيم حليم..

                            والأن:
                            هل تعتبر الحداثة الأدبية الكتابية مرحلة نثرية أو شعرية، كما يتمنون أن تكون "أو حتى أن تسمى، أو أن نقر لهم بذلك"؟
                            الجواب استفهامي كالسؤال:
                            وهل الإصابة بالخرف -"ألزهايمر" وليس الزهايمر كما يكتب -مرحلة في عمر كل إنسان؟ أم إنها إصابة ومحنة مرضية عابرة، تحدث أحيانا لبعض الناس، أي أنها ليست مرحلة تطورية حتمية في تاريخ الفنون البشرية، تماما كوقوع بعض الناس في الحفر الفكرية
                            ولن أخوض في كونها منظومة كاملة عن الكون والوجود، تشبه العقيدة الدهرية، أو ما هو أسوأ..
                            ومعلوم أن تصورك عن شيء:
                            عبادة البقرة.. مثلا!
                            أو الإلحاد والمشاعية.. مثلا!
                            أو عبادة الجنس أو المال أو الشهرة أو حب التعالم .." مثلا مثلا"
                            مع استحضار مفهوم العبادة، وأنه ليس السجود بالبدن فقط..
                            سينتج عنه تغير في فنونك المسموعة والمكتوبة، وفي لهوك وهواياتك بلا شك، فلن تسمعني الموشحات! فأنت نهم متلهف على اللذة، فمعاني الموشحات لا تناسب رغبتك، وإيقاعها لا يجاري رعونتك وسرعتك.. وطيشك، أنت تريد السرعة والخطف -ثقافة التيك أواي- والْعبَ، ولا تريد أن تقف، أو تتذكر أن ما تأخذه ليس لك، وأنك ستسأل، ولا حتى التذكير بأن لك روحا، وأن للروح خلاقا عليما.

                            وَبرهن عَن وَجود الله حَقاً... بِلا بدءٍ وَلا حدِّ الختامِ

                            ويهديها صراطاً مستقيماً .. يبلغها إلى دارِ السلام

                            عَرفنا أنَّ وحيَ اللَهِ يُوحي .. لِمَن شاءَ الإلهُ بلا اكتتامِ

                            وهل تناسي عالم الروح ينفي وجوده؟ وهل توضع رؤية للحياة متجاهلة أحد مكوناتها؟

                            سر الوجود وقدرة الكونِ التي .. شملت وأذنَ غَيثها بِثراء

                            هل تناسي عالم الذوق والأخلاق يلغيه؟ أم يحدث فجوة بقدر قيمته؟
                            هل كون بعض العادات نسبية ينسحب ويطرد ليؤصل قاعدة أن الأخلاق نسبية!
                            هل اختلاف بعض الناس حول بعض نصوص الدين مسوغ لمحوه من حياتنا، وقصره على خلواتنا؟
                            فلماذا لا نلغي صفة كل شيء، لأن بعض الأجزاء ملتبس أمرها.. أستغفر الله، أيكون النور كالظلماء؟ والأموات كالأحياء، والنار كالماء؟ كل هذا من أجل لقيمات...



                            كل شيء أيها الحبيب متصل ببعضه، والسياسة متصلة بالكتابة، ملتصقة بالعلم وبالمجتمع، وبمعرفة الصديق المشفق من المتملق، وبكون الكون كما هو.. " لا كما نتصور ولا كما نريد " فحين تحدث مغالطة فكرية، فتردداتها ستحدث تبعات في عالم الإنسان كله، وحين يتم طمس الدين في منظومة فكرية مثلا، لصالح جزء من علم يتقلب ولم يستقر، ويقلب نظرياته رأسا على عقب كلما اكتشف نجما أكبر مما تسمح به القوانين للحد الأقصى للحجم عنده، أو بكتريا تعيش على الزرنيخ، أو حمضها النووي مختلف عن نموذج واطسون، أو غير ذلك كثير.. أقول حين يطمس الدين القويم- أو أي دين- في ركن من العقل والرؤية، سيؤثر هذا على نتاج هذا العقل في الكتابة والمسرح بل وفي الحياكة... ولن يؤثر على حقيقة الكون ونتائج العبث، وسترى النتيجة في عالم الإنسان والنبات كذلك.. فستتغير سلوكيات الناس كرد فعل على هذه الخواطر التي صيرتموها ناموسا للكون، وسنرى ما نرى الأن...

                            وأوضح: الثوابت البدهية لا تتغير... ومن الممكن تلفيق القوانين وتصديقها لقرون، وراجع تصورات البشر عن أمور كثيرة..
                            وهذا خلاف المسلمات البدهية "بحق وليس ما حشر حشرا فيها"، والأخلاق "تحرز كسابقه مع ربطها بتعليم الله تعالى لنا"، فلا تتلون، ولا تتقلب... والفطرة كذلك لا تكذب.. وإلا فعد لتقبض على الماء.. وتحيا في علم الكلام والأوهام والجدليات.. وقد تعب هؤلاء كثيرا، وعادوا قبل الرحيل منهكين مقرين بالصواب..

                            والمثال لبيان الربط والترابط:
                            خرجت الموسيقى الصاخبة، حين كسرت الضوابط الاجتماعية وليس الفنية.

                            وكان هذا نتيجة ثقل الضوابط عليهم، فقد أتعبهم القائمون عليها، وزادوا من فتنتهم، وأعانوا الشيطان عليهم، فكرهوهم في الكنيسة والدين كله، فصار مشقة مفتعلة، وكبتا وحرمانا، ولم تفتح أبواب النور العقدية -النظرية والعملية- والنظم المتكاملة لترضي الأنفس وتعوض القلوب، " فالدين ليس قائمة ممنوعات فقط، بل لديه عطاء كبير ليعين على المهمة"، وأكمل إبليس المهمة..:

                            بدأت الأغنية الكلاسيكية! تهتز المطربة وهي بثوبها! وتلمح
                            يوحونَ بالخُطَبِ الطوَال وتَارَة ... وحْي المُلاَحِظ خيفة الرّقباء!

                            ثم خرجت الأغنية الشبابية
                            ثم الأغنية الراقصة
                            ثم الأغنية الجنسية
                            ثم أغنية الشذوذ وفعل قوم لوط
                            ثم
                            وألحوا في تسميتها فنا
                            وفي إدخال عالم الخمارات والبارات والعاهرات والزنا
                            كمشهد ثابت فيها
                            وأجبر الحداثيون على القبول بكونهم زملاء فن لهؤلاء! فنحن فنانون وأنتم فنانون..
                            فالحداثة هنا هي خلع الثياب الشعرية، كما خلعت ثياب الراقصين والمغنين.. "وهذا ليس إبداعا، وليس جديدا! وليس تجديدا..
                            ولم يكن غائبا عن بال التقليديين كما تسمونهم، بل تركوه قرفا.."

                            وتوقفت الدنيا عند مشهد واحد لشكل واحد من العلاقات الإنسانية، وبطريقة واحدة، في كل أغنية
                            وهذا ليس منهجا جديدا
                            وليس مدرسة عموما، بل هو طريق المتسربين من الدراسة، والفاشلين الهاربين من المعاهد العلمية ومن العمل، والساقطين من المجتمع للتسول أو للسرقة، وللدعارة وتجارة المخدرات، وللتشرد الاختياري بتمزيق الملابس مثل مريض الفصام، عافانا الله وإياكم وهم كذلك، وهذا مبتلى وذاك متمارض..
                            ويظهر التركيز فقط على ترك الاحتشام في المعنى، وترك الأناقة في القول
                            ونبذ التناسق في الإيقاع
                            والهجوم على كل جميل متزن رائق واضح
                            لصالح السهولة والجهل " فيمكنك أن تحيك ثوبا بغرز منحنية معوجة، وبخطوط متعرجة، وبعض الغرز كبير والبقية صغيرة، كطفلة تتعلم الخياطة اليدوية، بل ولصالح النزق الفكري والشكلي، وإمكانية كون الجميع أهل شعر وكتابة ومحترفين
                            ما دامت لديهم مشاعر..عفوا ..غرائز
                            .. وتقول بعد كل هذا، هذا منهج جديد، هذا جميل.. ويصفق لك المدخنون
                            وحين يكون أحدهم ملما بشيء من الثقافة يغرق في الجدليات، كأنما هو أعمق مفكر، والإغراق هنا هو نفس إغراق الفلاسفة المشتتين، الذين جمعوا غرائب المفردات، وبعض التناقضات جنبا إلى جانب بعض الأسئلة وبعض الأحاجي البسيطة، لتثبت أنه لا شيء صحيح- والتي رد عليها العقلاء- والحكم الأولية لتوهم السامع أن القائل مفكر.. " هذه معالم خلطة الفكر، كما ورد في المقال الأول خلطة التعبير"

                            ويمكنك أن تسمع أفضل من كلامهم -على نهجهم- لدى من لم يتعلموا سوى حياة الكائنات الأولية غير العاقلة، مثل راقصات الموالد وهن يدافعن عن مهنتهن وتوابعها، أو يشرحن فلسفة الحياة.. فهناك مختصر القصة، مع فارق الموائد.
                            والتركيز هنا على مثل الراقصات لأن الزنادقة قديما قويت لغتهم، ورصعت حججهم!


                            والهرب غربا كان من اللمسة الكنسية في الترانيم، للضجر من كل ما هو منهم، وما هو وقور، هربا إلى
                            "البوب "، وهنا كان مللا من الروح الدينية، التي يشرق بها من لم يفهمها، ومن فتنه سلوك اللاعبين بالدين، ومن لم ينشرح صدره، إلى عالم سهل، اهتماماته يومية، وحاجاته لحظية، ويمكنك التربع على عرشه بسهولة، لأنه عرش على الأرض، وليس فوق جبل، فأنت ابن اللحظة، ولا تبصر غدا، ولا تستبصر نورا ولا مصيرا، ولا يرونك إلا جلدا ولحما وغددا، ومن ثم تلقى في القمامة حين يتغضن إهابك لصالح لاعبين جدد، وهو ما حدث لبعض الكبار، حيث قلقوا لأنهم لم يعودوا يأتون بجديد "ويتصلون بالجريدة: هل عقب القراء على فعلتي، عفوا قصيدتي"، ولأن الجيل الجديد فعل نفس فعلهم-السهل- فنافسهم، وهكذا.. ومع العمى عن النظر للأدلة الكونية حولهم، وهي تقضي بالحق، كان العمى عن إيجاد منهج سليم كبير، لذا ألقى الجديد بالقديم في سلة القمامة بسهولة، لأنه لا يشكل قيمة فنية خالدة، ولا حتى مادية، وقال: أنا أحدثت ما هو أحدث من هذا.. وهكذا .. بمنتهى السهولة تلد الحداثة من يقضي عليها وبنفس منطقها!
                            رأيت ءالة لهو يلعبون بها .. بميسر ذاك مغلوب وذا غلبا!
                            أليس التغيير هدفا في ذاته؟ وإن ذهب بنا إلى الجحيم؟
                            ومشهد تلاشي شعراء الحداثة -بريقا- من الجيل الأقدم شعريا يشبه أخاه في عالم "الفيديو كليب"
                            فأنت لست قيمة، بل لقمة.. وليس لذاتك بل للحمك، ولجدة شكلك، والمنافسون كثر.. ولحمك يجف وشكلك يمل..

                            "طلب العلم فريضة"

                            د. إسلام المازني

                            تعليق

                            يعمل...
                            X