روجر كريس: مهنة الترجمة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحمن السليمان
    عضو مؤسس، أستاذ جامعي
    • May 2006
    • 5732

    روجر كريس: مهنة الترجمة

    <p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 0cm 0pt; direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: center" align="center"><span lang="AR-SA" style="font-size: 18pt">مهنة الترجمة<br />بقلم: روجر كريس<br />ترجمة محمد سليمان محمد موسى</span><span dir="ltr" style="font-size: 18pt"><p></p></span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 0cm 0pt; direction: rtl; unicode-bidi: embed; text-align: right"><span lang="AR-SA" style="font-size: 18pt"><br />إذن ماذا نعني بمهنة الترجمة؟ مَنْ هو المترجم وما هو المترجم؟ و كيف يصبح الشخص مترجماً؟ و ماذا يحدث في مهنة الترجمة ؟ فمن خلال هذا المقال والمقالات الثلاثة عشر الأخرى سنلقي نظرة عن كثب على هذه الأسئلة و المسائل الأخرى المرتبطة بها. فهذا المقال الأول هو لمحة عما سيأتي في السلسلة المتبقية، بالرغم من أنه ليس تلخيصاً أو موجزاً بأي حالٍ من الأحوال للمقالات الثلاثة عشر المتبقية. فإذا كنتَ مترجماً متمرساً، فربما تكون في حاجةٍ للاطلاع على هذا المقال ومن ثم الدخول في المناقشات الأكثر ثراءً بشأن التقنيات الحالية والقادمة، وبشأن المسائل المالية والقانونية الصعبة، والمشكلات الأخلاقية المثيرة للضيق. وإذا كنتَ جديداً على المهنة، أو كنت تفكر في الترجمة كمهنة محتملة فأرجو أن تعطي وقتاً لقراءة هذا المقال لكي تتعرف على بعض الأساسيات عن المترجمين وعن عملهم.<br />تعريف المترجم</span><span dir="ltr"></span><span dir="ltr"></span><span lang="AR-SA" dir="ltr" style="font-size: 18pt"><span dir="ltr"></span><span dir="ltr"></span> </span><span lang="AR-SA" style="font-size: 18pt">المترجم هو الشخص الذي يترجم المواد المكتوبة مثل مقالات الصحف والمجلات، والكتب والكتيبات والوثائق من لغة إلى أخرى. و يجب ألا يلتبس هذا التعريف بما يقوم به المترجم الفوري والذي ينقل المواد الشفهية كالأحاديث والخُطب والعروض، والشهادة أمام القضاء وما شابهها من لغةٍ إلى أخرى. وعلى الرغم من أن هناك بعض الصلة الغامضة بين القدرات التي تقتضيها الترجمة التحريرية والترجمة الفورية، <br />لا يستطيع المترجمون التحريريون بالضرورة أن يقوموا بترجمةً فورية ولا يستطيع المترجمون الفوريون أن يقوموا بالترجمة التحريرية. علاوة على ذلك، فإن أفضل المترجمين التحريريين ليسوا بالضرورة مترجمين فوريين جيدين؛ وبالمثل فإن المترجمين الفوريين العظماء ليسوا بارعين في الترجمة التحريرية. وإذا كان ثمَّةَ كثير من برامج التدريب المهني التي تقتضي أن ينمي المترجمون الفوريون بعض المهارات في الترجمة التحريرية، ففي الغالب لا يُطْلَب من المترجمين التحريريين التعرف على مهارات الترجمة الفورية.<br />ولتوضيح ما يتعلق باللغات التي يستخدمها المترجمون، سأشير إلى لغة المترجم القومية بالحرف (أ) وإلى اللغة غير القومية بالحرف (ب) أو (ج). فاللغة (ب) هي اللغة التي يتحدثها ويكتبها ويقرأها المترجم بصورة فعلية على غرار ما يقوم به صاحب اللغة القومية. أما اللغة (ج) فهي اللغة التي يستطيع المترجم أن يقرأها ويفهمها كصاحب اللغة القومية ولكن لا يتحدثها أو يكتبها بالضرورة بصورة جيدة جداً. ومن البديهي أن لدينا جميعاً اللغة (أ)، ومن البديهي أيضاً أن لدى جميع المترجمين اللغة (ب)، و لدى الكثير من المترجمين أكثر من لغة (ب) وبعض منهم لديهم لغات (ج) أيضاً. أما ما تتميز به قلة قليلة من الناس فهو توفرها على لغتين (أ). وحتى إذا كنت من هذه الفئة، فاحذر من ادعاء ذلك، لأن كثيراً من الناس سيشككون في ذلك.<br />كما سأستخدم المصطلحات التالية : النص الأصلي أو اللغة الأصلية وتشير إلى اللغة التي صدرت بها المادة أولاً، وهي في العادة اللغة (ب) بالنسبة للمترجم. أما النص المستهدف أو اللغة المستهدفة فتشير إلى اللغة التي ستُتَرْجَم إليها المادة، وهي عادةً اللغة (أ) بالنسبة للمترجم. وعلى العموم، يترجم المترجمون من لغتيهم (ب) أو(ج) إلى لغتهم القومية (أ)، بالرغم من أن مهارات المرء واحتياجات السوق قد تغير هذه القاعدة.<br /><br />الثنائية اللغوية<br />إن المترجم الجيد هو بالتأكيد الذي يكون ثنائي اللغة. ومع ذلك فالعكس ليس بالضرورة صحيحاً. فالشخص الذي يولد ويُنَشَّأ ثنائي اللغة سيحتاج إلى أمرين لكي يكون مترجماً : أولاً المهارات والخبرة الضروريتان للترجمة، وثانياً معرفة المجال الذي سيترجم فيه. وتشمل المهارات والخبرة التي تتطلبها الترجمة : المقدرة على الكتابة باللغة المستهدفة بصورة جيدة، والمقدرة على قراءة وفهم المواد باللغة الأصلية فهماً تاماً، والمقدرة على استعمال أحدث أجهزة وبرامج معالجة النصوص والاتصالات.<br />وهذا يثير تساؤلاً مهماً : هل الشخص الذي وُلِدَ ونَشأ ثنائي اللغة يكون مترجماً أفضل من شخصٍ تعلم اللغة (ب) في وقتٍ متأخر من حياته ؟ لا توجد إجابة محددة عن هذا السؤال ولكن المسائل التالية هي على درجةٍ من الأهمية. أولاً : إن الشخص الذي يولد وينشَّأ على النطق بلغتين غالباً ما يعاني من كونه لا يعرف أية لغة معرفةً جيدةً ليقوم بترجمتها، هذا مع وجود أشخاص آخرين يعانون زيادة على ذلك ما يُسمى بالعجز اللغوي وهي حالة لا يجيد فيها الشخص أية لغة إجادةً تامة ولا يملك ناصيتها إلى حد الطلاقة. ثانياً الأشخاص الذين يولدون ويُنَشَّأون على الثنائية اللغوية لا يعرفون في الغالب ثقافة اللغة المستهدفة بشكلٍ جيد ليقدموا ترجمةً ذات جودةٍ عالية أو لا يستطيعون أن يحددوا جوانب اللغة الأصلية وثقافتها التي تتطلب عناية خاصة، لأنهم إلى حدٍّ ما حبيسون للغتهم بصورةٍ كبيرة جداً. وأخيراً، فهم غالباً ما يفتقرون إلى المهارات اللغوية التحليلية التي تمكنهم من الاشتغال على نصٍ صعب. <br />ومن جهةٍ أخرى، من الممكن ألا تكون للشخص ذي الثنائية اللغوية المكتسبة نفس المعرفة العميقة بالتعبيرات العامية واللغة المحلية التي يتوفر عليها الشخص المولود ثنائي اللغة. كما أن الشخص ذا الثنائية اللغوية المكتسبة لن يكون قادراً على الترجمة بسهولة في كلا الاتجاهين (من اللغة (ب) إلى اللغة (أ) ومن اللغة (أ) إلى اللغة (ب). و أخيرا،ً فإن المولودين الناطقين بلغتين يكون لديهم في الغالب إدراك أكبر للفوارق الدقيقة الخاصة بلغتيهم من الشخص الذي يتعلم اللغة (ب) في وقتٍ متأخر من حياته والذي لن يأمل أن تكون لديه مثل هذه الخاصية.<br />تعليم المترجم<br />ينتمي المترجمون إلى كل الخلفيات، فبعض منهم يحملون درجات ماجستير في الترجمة من معهد منتيري للدراسات الدولية أو من جامعة ولاية كينت، وقسم آخر منهم يحمل شهادات من جامعة جورج تاون، أو من مؤسساتٍ أخرى في الولايات المتحدة، وآخرون لديهم شهادات من كليات في أوروبا (كتلك التي في لندن أوباريس أو جنيف) أو كليات في آسيا (كأكاديمية سيمول في طوكيو أو وينزاو بتايوان)، ولدى الكثير من المترجمين شهادات في مجالٍ عام كالأدب أو التاريخ. وإذا كان التوفر على شهادة متخصصة في الترجمة مسألة مفيدة، فإنه ليس أمراً ضروريا. فالأهم هو المقدرة، إذن من أين تأتي هذه المقدرة؟<br />ربما تكون التنشئة، ولكن أشك في أن التنشئة تساعد مساعدةً كبيرة. فمعظم المترجمين هم أناسٌ لهم اطلاع واسع في لغتهم القومية ويستطيعون أن يكتبوا بصورة جيدة. فالبعضٌ منهم كُتَّاب (مؤلفون) يتخذون من الترجمة وسيلةً للكتابة من أجل العيش. وآخرون لديهم افتتان باللغة ويجعلون من الترجمة وسيلة تقربهم من المادة التي يفضلونها، لكن البعض الآخر هم خبراء في مجالات معينة ويستخدمون مهاراتهم اللغوية ليعملوا في هذا المجال.<br />وتلقى أغلب المترجمين المحترفين في الولايات المتحدة تعليماً جامعياً على الأقل، ولدى البعض منهم شهادات عليا إما في الترجمة وإما في مجال تخصصه (وقلة منهم لديها الاثنان معاً). إن معظم المترجمين تلقوا تدريباً لغوياً على المستوى الجامعي في لغتيهم (ب) و(ج)، في حين بدأ البعض منهم دراسة اللغات في مرحلةٍ مبكرة، وآخرون بدأوها في مرحلةٍ متأخرة، ولكن قلة قليلة من المترجمين هي التي لم تتلقَ أي تدريب لغوي على الإطلاق. وقد يعني التدريب اللغوي الاستفادة من دورات متخصصة من مختلف المدارس.<br />و فضلا عن ذلك، عاش المترجمون بصورة عامة في الدول التي يتم التَحَدُّثُ فيها بلغاتهم. وأعرف مترجمين أمضوا سبع أو حتى عشر سنوات في الدول التي يُتَحدَّثُ فيها بلغتهم (ب). وبعض المترجمين أمضوا وقتاً أطول في بلد لغتهم (ب) من بلد لغتهم (أ) والاستثناء الواضح في هذا المجال هو اللغة الأسبانية في الولايات المتحدة واللغة الإنجليزية في الخارج. فبما أن اللغة الأسبانية تستعمل على غرار اللغة الإنجليزية بشكلٍ واسع في كثيرٍ من أنحاء الولايات المتحدة، فإن بعض المترجمين يتعلمون اللغة الأسبانية ويشتغلون في مجالها دون أن يكونوا غادروا الولايات المتحدة. كما أن بعض المترجمين في الدول الأخرى غالباً ما يترجمون من اللغة الإنجليزية إلى لغتهم القومية والحال أنهم لا يتوفرون إلا على التدريب اللغوي الذي تلقونه في المدارس.<br />و يتعين قبل كل شيء أن يكون للمترجمين اهتمام بالغ وشغف كبير باللغات التي يعملون بها. والاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هو الأشخاص الذين يترجمون مواد على جانب كبير من التخصص. وأعرف شخصاً لديه دكتوراه في الرياضيات وترجم كتاباً في الطوبولوجيا من الفرنسية إلى الإنجليزية، فمهاراته في اللغة الفرنسية مشكوك فيها ولكن طالما أن قلة من الناس في العالم تفهم هذه المادة فإنه كان شخصاً مناسباً. ومع ذلك فإن على المترجمين أن يحرصوا في كل الأحوال تقريباً على تحسين وصقل مهاراتهم اللغوية طوال فترة حياتهم المهنية.<br />و غالباً ما يهمل المترجمون ومَنْ يشغِّلونهم معرفة المجال الذي يعمل فيه المترجم. فالمترجمون بحسب التعريف هم محترفون لغويون، ولكن ينبغي عليهم أيضاً أن ينموا معرفتهم بالمجالات التي يعملون فيها. فقلة من المترجمين تدَّعي القدرة على ترجمة كل ما هو مكتوب بلغاتهم شأنها في ذلك شأن القلة من الناس التي تدعي أنها خبيرة في كل شيء. و يتعين على معظم المترجمين أن يتخصصوا وذلك بأن يعملوا في مجالٍ واحد أو مجالات قليلة مترابطة فيما بينها، كالمجالات القانونية أو المالية أو الطبية أو الحاسوب أو الهندسة الكهربائية وما إلى ذلك. فكل مجال يتميز بمفرداته الخاصة وبتراكيبه اللغوية وأسلوبه الخاص، الأمر الذي يحتم على المترجم أن يجتهد كثيراً لكي ينمي المعرفة الضرورية التي تساعده على التعامل مع هذه المواد. وتشمل المعرفة المطلوبة أيضاً عاملين آخرين مهمين. أولا، يتعين على المترجم أن تكون لديه معرفة مسبقة بالعمل في ذلك المجال، ولا يعني ذلك أنه يجب أن تكون للمترجم الطبي شهادة في الطب أو أنه يتعين على مترجم كتيبات برامج الحاسوب أن يكون مبرمجاً، ولكن التوفر على بعض المعلومات أو الخبرة أو التعليم (أو الثلاثة معاً) هو مسألة ضرورية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال دورةٍ، أو خبرة عملية أو تَعَلُّم ذاتي. و ليس ثمة اهتمام كاف بالكيفية التي ينمي بها المترجمون معرفتهم طالما أنهم في الواقع يتمتعون بهذه المعرفة. وعلى الرغم من أن للمترجمين شهادات في مجال تخصصهم، فالغالبية لا تتوفر عليها.<br />ثانياً: يتعين أن تكون للمترجم الموارد الضرورية التي تساعده في التعامل مع المادة، ونعني بذلك القواميس والمسارد وأية وسائل أخرى. ويمكن أن تشمل هذه الموارد مواقع الإنترنت المخصصة للترجمة أو المصطلحات، ومجموعات المناقشات المتعلقة بالترجمة، والأصدقاء أو الزملاء الذين يزاولون نفس المهنة والمجلات والصحف. ويجب على المترجمين أن يعملوا دون كلالٍ للمحافظة على معرفتهم إن لم يكن تحسينها في المجالات التي يعملون فيها وذلك بقراءة المواد المرتبطة بها. ويجب أن يستثمروا الوقت والمال في الاحتفاظ بمكتبةٍ خاصة بالمراجع المطلوبة.<br />وبعبارة أخرى، فإن المترجمين المحترفين هم في حالةِ تعلمٍ دائم. فأنت لا يمكنك أن تغمض عينيك <br />وتفتحهما وتقول : " أنا مترجم"، كما لا يمكنك أن تكتسب اللغة بكل بساطة في بضعة أشهر من خلال عيشك في مكانٍ ما ثم تبدأ بالترجمة. قد يكون هينريتش شلمان تعلم قراءة كلٍ من لغاته في ستة أسابيع، ولكنه <br />لا يستطيع أن يكتبها أو يتكلمها (ولا هو يحتاج إلى ذلك). وعلاوة على ذلك، كانت اللغات في ذلك الوقت مفردات جد محدودة مما هي عليه الآن. وبالطبع فإن القراءة والترجمة هما أمران مختلفان.<br />و بالتالي، ما الدرجة التي تكون فيها جاهزاً لبدء الترجمة ؟ الأمر في غاية البساطة، وهو عندما تشعر بأنك متمكن من قدراتك في التعبير والفهم بلغتيك (أ) و (ب) بما فيه الكافية لأداء العمل بصورةٍ جيدة ووفقاً للأجل الذي حدده الزبون. إن المدة التي يستلزمها تطوير هذه القدرات تتوقف على الشخص واللغة .. فالمتحدثون الأصليون للغة الإنجليزية يتعلمون اللغات الناشئة عن اللاتينية والجرمانية في وقت أقصر لأن قواعد هذه اللغات وتراكيبها ومفرداتها مألوفة نسبياً، أما لغات أخرى كالصينية أو اليابانية فإنها تتطلب وقتاً أطول لتعلمها وذلك لسبب بسيط وهو أنه يتعين عليك أن تتعلم قراءة وفهم آلاف الحروف والرموز، بالإضافة إلى التعامل مع قواعد وتراكيب وبنيات لا تمت بتاتاً بأية صلة لما تجده في الإنجليزية.<br />أخيرا،ً ينبغي عليك أن تكون قادراً على أن تبرهن على المهارات التي تدعي امتلاكها. فخبرة العيش والعمل والدراسة في بلد لغتك (ب) هو نوع من أنواع ذلك البرهان .. و التوفر على شهادة في لغتك أو في الترجمة هو برهان كذلك، و اجتياز اختبار مثل تلك الاختبارات التي تجريها رابطة المترجمين الأمريكيين (آتا </span><span dir="ltr" style="font-size: 18pt">ATA</span><span dir="rtl"></span><span dir="rtl"></span><span lang="AR-SA" style="font-size: 18pt"><span dir="rtl"></span><span dir="rtl"></span>) ووزارة الخارجية الأمريكية أو الأمم المتحدة هي برهان آخر أيضاً. ولكنني سأترك اعتماد الشهادات لمقالٍ منفصل.<br />تعريف الترجمة (ما الترجمة ؟)<br />في نهاية القرن الماضي قال مترجم روسي إن " الترجمة كالمرأة إن كانت جميلة فإنها غير مخلصة وإن كانت مخلصة فإنها غير جميلة ". آمل أن تتجاهل هذا التشبيه الجنسي الصارخ في هذه العبارة وأن تنظر بدلاً من ذلك إلى إحدى الحقائق الجوهرية في الترجمة إذ ينبغي على المترجمين أن يحققوا توازناً بين الأمانة للنص الأصلي والمقروئية في اللغة المستهدفة. وسبق لنا جميعاً أن رأينا مواد تدل بوضوحٍ كبير على أنها مُتَرْجَمَة لأنها تبدو غريبة في لغاتنا القومية ولأنها تحمل في بعض الأحيان سمات مميزة من اللغة الأصلية مما يساعد بسهولة على معرفة أنها متحدرة منها. إن أفضل ترجمة هي تلك التي لا يعرف أيُّ أحدٍ بأنها ترجمة. وبعبارة أخرى، ينبغي أن تبدو الوثيقة المُتَرْجَمة عند القراءة كأنها كتبت في الأصل باللغة المستهدفة. ويعني هذا ضمناً بأن زمن المترجم وجهده ينبغي أن يكونا واضحين بينما يكون المترجم محجوبا. وبعبارة أخرى، إنك تتقن عملك على أحسن وجه في الوقت الذي لا يدرك أي أحد بأنك قمت بأي شيء.<br />إن بلوغ مثل هذا المستوى من الترجمة أمرٌ أقل ما يقال عنه إنه يبعث على التحدي: تخيل أنك تمشي على حبلٍ مشدود وأنت مغمض العينين أثناء عاصفةٍ هوائية وأناسٌ يرمونك بأشياء ثقيلة وهم يهزون الحبل .. فهذا يمثل العمل المتوازن المطلوب منك. والآن أضف إليه الأجل المحدد الذي تُلْزِم به الوكالاتُ المترجمين والذي غالباً ما يكون غير معقول، وهو ما يشبه الوضع الذي يكون فيه شخص ماٌ وراءك على الحبل يَكِزُك بمِذراةٍ من الخلف .. تبدو صورة مثبطة للعزم أليس كذلك ؟ قد تكون كذلك، ولكن لو أنك تستمتع بالتحدي وتعرف كيفية التعامل مع لغاتك، فالأمر ليس بهذه الدرجة من السوء و أنت تقوم بعملك (أعتقد أنه يمكن أن يقال الشيء نفسه بالنسبة للمشي على الحبل المشدود).<br />ومن البراعة أن تترك زبائنك يقررون ما يريدون، فطالما أنهم سيعملون وفقاً لنتائج عملك، دعهم يختارون. ووضِّح لهم بأناةٍ وصبر الخيارات المتاحة أمامهم، والمدة التي سيستغرقها كل واحد منها وكلفته، ومن ثم سيقررون ما إذا كانوا يريدون ترجمة حرفية حتى وإن كانت غير مقروءة أو كانوا يريدون ترجمة على شاكلة النص الفائز بجائزة بوليتزر.<br />و إذا كان زبونك لا يستطيع أن يقرر، أو لا يعرف (أن يقرر) أو لن يخبرك بذلك، فاتبع نصيحة بوذا واسلك الطريق الوسط. وهذا الأمر أسهل مع بعض اللغات وبعض المجالات المعرفية من غيرها. وعلى الرغم من أن معظم الناس يظنون بأن المواد الفنية تكون أكثر سهولة لاعتبارات أسلوبية، فأرجو أن تفكر ملياً في ذلك. فالأسلوب الأكاديمي يختلف من أمةٍ لأخرى. ففي اللغة الإنجليزية نقدم بوجه عام فرضيتنا ثم نأتي بالبرهان، ونطور الحجة ثم نتوصل إلى النتيجة النهائية. أما في اللغة اليابانية، فعادةً ما نقدم فرضية مبهمة، ثم نقدم البرهان بتمهلٍ مصحوباً بكثيرٍ من المناقشة ثم نصل إلى نوعٍ من العرض غير النهائي بشأن الفرضية في شكل استنتاج. و ثمة اختلافات أخرى بين الأزواج اللغوية الأخرى، وعليك في جميع الأحوال أن تتعامل مع هذه الاختلافات.<br />و المأزق الآخر المحتمل فيما يتعلق بالترجمة الفنية هو أن الزبون غالبا ما لا يتركك ترى أو تلمس الشيء المطلوب ترجمته. فلو كنت تترجم كتيباً عن نظام حاسوب، فمن المفيد جداً أن ترى أو تشتغل قليلاً على النظام، وينسحب الأمر نفسه على ألعاب الفيديو (الحاسوب)، والأجهزة السمعية المنزلية وعلى مجهر المسح الإلكتروني الذي أُدْرِكُ أنه من الصعوبة بمكان أن ترغب في وجوده في بيتك، ولكني ترجمت كتيبات ومواصفات فنية خاصة بمثل هذه التقنية. وفي بعض الأحيان يتعذر رؤية المنتج المطلوب ترجمته، فقد يكون النظام أو البرنامج في طور الإنشاء، ولذلك تكون في هذه الحالة كمن يطير وهو أعمى محاولاً الهبوط في مكان لم يره من قبل. فربما يتعين عليك وضع مصطلحات فنية للنظام، ولكن تفاجأ بأن الزبون يريد شيئاً آخر. وعليه، يتعين عليك أن تعود وتغير كل ما قمت به.<br />أما أصعب مشكلة فهي عندما تواجه شيئاً في لغةٍ ما لا يوجد في اللغة الأخرى. فالاتفاقات المالية والإجراءات القانونية والنُظم الحكومية والتجارية وغيرها تختلف من دولةٍ إلى أخرى ومن ثقافةٍ إلى أخرى. وعلى الرغم من وجود مسارد قياسية خاصة بمعظم هذه الأشياء المألوفة، أو بعبارةٍ أخرى، تلك التي قد تسمع عنها في عناوين الأخبار، فغالباً ما يتعامل المترجمون مع مواد أو معلومات جديدة أو متخصصة، فلذلك قد تتردد باختراع شيء خاص بك أو تتركه كما هو في لغته (أ) وتضع في الهامش شرحاً لما يعنيه ذلك المصطلح.<br />و ثمة مثلث ذهبي في كل ضربٍ من ضروب العمل. إنه مثلث متساوي الأضلاع (يعني أن الأضلاع الثلاثة هي متساوية في قياساتها) حيث يمثل الضلع الأول الجودة، والثاني الزمن والثالث السعر. فإذا اعتبرت أن المشروع المثالي هو الذي يمثل توازناً بين الأضلاع الثلاثة، ومن ثم فإنه يتركز في وسط المثلث، يمكنك أن ترى ما يحدث عندما تريد أن تخفض التكاليف (تخيل أن عملك يتحرك باتجاه ضلع السعر)، فالجودة ستنخفض والزمن يبقى كما هو. وإذا أردت عملاً بأرخص التكاليف وفي أسرع وقت، فإن الجودة ستقل بدون شك. وعلى العكس من ذلك، إذا أردت عملاً ذا جودة ممتازة، فإن السعر والزمن كلاهما سيزيدان. ضع هذا نصب عينيك عندما تفكر في السرعة التي يتعين عليك أن تنجز بها ترجمتك وكلفتها إذ يتعين عليك أن تتحلى بالمرونة في كلا المجالين لتقدم لزبائنك ما يريدونه.<br />ما الشيء الذي تتم ترجمته ؟<br />إن أغلب المواد التي يودُّ الناسُ ترجمَتَها لا تصنف تحت مسمى الثقافة العالية، فقد ترجمت مواد تتراوح ما بين موضوعات في المجلات الطبية عن الخُثار الوريدي إلى السندات والأوراق المالية. وأطول ترجمة أنجزتها في حياتي كانت عبارة عن كتابٍ من 65.000 كلمة، أما أقصر ترجمة فكانت عبارة عن كلمتين.<br />و تعتبر الترجمة بوجه عام بالنسبة لمن لا يزاولها عمليةً بطيئة ومكلفة تتجنبها معظم المؤسسات التجارية والمنظمات. فقد أخبرني أحد الزبائن بأن الترجمة هي " ألم بغيض"، فهم يفضلون عدم مكابدة عملية الاتصال بوكالةٍ ما وإرسال المادة إليها وانتظار العرض المقدم والمساومة والمماحكة حول السعر، وشكل وتاريخ التسليم، ومن ثم الانتظار لرؤية ما إذا كانوا سيحصلون على شيء يستطيعون الاستفادة منه. <br />والقليل مما تقوم به المؤسسات التجارية يستحق الترجمة، لذا، فالعمل الذي تود هذه المؤسسات ترجمته <br />لا بد أن يكون مهماً لشخصٍ ما في مكانٍ ما. و بالتالي، ينبغي أن يكون مهماً بالنسبة لك لتنجزه بصورةٍ صحيحة، خصوصاً إذا كنت تريد أن تتلقى المزيد من العمل من ذلك الزبون.<br />فمن الممكن أن يكون ما قد يبدو مُمِلاً في نظرك أمرا ذا قيمةٍ كبيرة لشخصٍ آخر. فقد ترجمت تقارير عن شيكات سياحية مفقودة، ومراسلات بين المكاتب، ونسخاً دعائية عن منتجات للعناية بالسيارات، والحال أنه لا مادة من هذه المواد تصنف تحت مسمى الثقافة العالية ولكن ثمة مَنْ كان يريدها ولذلك بذلتُ قصارى جهدي. و لتتذكر بأن السبيل الوحيد لكي تظل مترجما هو أن تؤدي عملاً جيداً، إذ سيتم الحكم عليك من خلال عملك بشكلٍ رئيسي إن لم يكن على أساسه لا غير. <br />إن المواد التي يراد ترجمتها ترد بجميع الأحجام والأشكال. وغالباً ما يتعين عليك التعامل مع مواد مكتوبة بخط اليد. فقد حدث أن خَرْبَشَ شخصٌ ما رسالةً إلى شخص آخر وهي في الواقع رسالة من 25 كلمة معروضة الآن بلغتها (أ) ضمن دعوى دولية حول تعدٍ على براءة الاختراع. فمن المحتمل ألا تتعرض لمثل هذه المواقف ولكن قد تحدث لك. فعندما كنتُ أعمل مترجماً لمدينة كواساك اليابانية، ترك المشرف رسالةً قصيرة على مكتبي فقمت بترجمتها. وفي وقت لاحق اكتشفت بأن رئيس الوزراء تاكيشيتا حمل هذه الرسالة إلى الرئيس ريغان خلال اجتماع مؤتمر القمة عام 1988. فأنت لا تدري ما سيحدث.<br />و عندما تقوم بالترجمة لا تتجاهل أية مشكلة مهما كانت صغيرة ولا أية عبارة مهما كانت بسيطة. فالناس الذين يقرأون ترجمتك لا يعرفون اللغة الأصل. ولو كانوا يعرفونها لما كلفوك بالترجمة. فمن السهل أن تدرك لِمَ يتعين عليك أن تقوم بترجمة دقيقة للمقال الذي يصف إجراء جراحياً، لكن من الممكن ألا تدرك مدى أهمية تعليقات تلميذة يابانية بمعهد مختلط على مسحٍ لشركة خطوط جوية، إذ من الممكن أن تؤثر هذه التعليقات على السياسة المستقبلية لتلك الشركة. فعليك أن تتعامل مع ترجمتك بجدية إذا أردت أن يعاملك زبائنك بشكلٍ جدي.<br />دور المترجم<br />المترجمون هم حرفيون لغويون. فهم لغويون تطبيقيون، وكُتَّاب مؤهلون، ودبلوماسيون، وهواة مثقفون، إذ يتعين على المترجمين مثلهم في ذلك مثل علماء اللغة أن يكونوا قادرين على تمييز الفوارق الدقيقة في لغاتهم، و البحث في المصطلحات واللهجات العامية والتعامل مع التطورات الجديدة في لغاتهم؛ و يتعين على المترجمين على غرار الكتاب أن يكونوا متعودين على العمل لساعات طويلة لوحدهم في مادة تروق لقليلٍ من الناس وبلغةٍ يعرفها قليل من الناس حولهم؛ كما يتعين على المترجمين شأنهم في ذلك شأن الدبلوماسيين أن يكونوا فطنين بشأن الفوارق الثقافية والاجتماعية التي توجد في لغاتهم ويكونوا قادرين على مواجهة هذه المسائل عندما يقومون بالترجمة؛ و ينبغي على المترجمين كذلك أن يعرفوا على غرار الهواة المثقفين الأساسيات وبعض التفاصيل عن الموضوعات التي يتناولونها.<br />إن ما ذكر سابقاً هو بمثابة وضع صورة مثالية للمترجم، وهي صورة يطمح إليها المترجمون المحترفون ويحققونها بدرجات متفاوتة. ولا يحتاج كل المترجمين لأن يتمتعوا بكل هذه الخاصيات، ولكن ينبغي أن تكون لديهم هذه المَلَكَات بدرجة كافية تمكنهم من ترجمة موادهم بطريقة يقبلها زبائنهم.<br />ومن المحتمل أن يواجه المترجم خلال عملية الترجمة جميع هذه المسائل. فعندما أترجم وثائق فنية أو طبية، أُضطر إلى التعامل مع تعقيدات الكتابة الفنية باللغة اليابانية والإنجليزية والبحث عن مصطلحات جديدة أو غامضة (وفي بعض الأحيان أخترع مصطلحاتي الخاصة بي)، فأبذل مجهودات كبيرة بغرض صقل لغتي الإنجليزية و تحسينها حتى يرى الزبون المادة طبيعية دون علامات تشي بأنها ترجمة من اليابانية، كما أعالج مسألة الفوارق بين الثقافة الأمريكية والثقافة اليابانية ولاسيما عندما أترجم كتيبات عن الحاسوب. ففي أمريكا نقدم التعليمات والإيضاحات بصورةٍ تختلف اختلافاً كبيراً عما تقدم به في اليابان.<br />وعلى غرار كل حرفة، يتعين على المترجمين أن يظلوا في قمة تميزهم بالنسبة لمجالات تخصصهم. فأنا أُكرِّسُ الكثير من وقتي لتصفح المجلات كمجلة الكمبيوتر " </span><span dir="ltr" style="font-size: 18pt">PC Magazine</span><span dir="rtl"></span><span dir="rtl"></span><span lang="AR-SA" style="font-size: 18pt"><span dir="rtl"></span><span dir="rtl"></span>" و" ماكورلد </span><span dir="ltr" style="font-size: 18pt">MacWorld</span><span dir="rtl"></span><span dir="rtl"></span><span lang="AR-SA" style="font-size: 18pt"><span dir="rtl"></span><span dir="rtl"></span>" و" ساينتفك أمريكان </span><span dir="ltr" style="font-size: 18pt">Scientific American</span><span dir="rtl"></span><span dir="rtl"></span><span lang="AR-SA" style="font-size: 18pt"><span dir="rtl"></span><span dir="rtl"></span> " و "مجلة الرابطة الطبية الأمريكية " و"المجلة الطبية لنيو إنجلاند"، و أقرأ كتباً كثيرة عن التطورات التي تحدث في الطب وعلوم الحاسوب. فالقاعدة الأساسية هي أن تسأل عندما لا تكون متأكداً من كلمةٍ أو عبارةٍ ما. فعندما تكون لديك شكوك أو أسئلة حول الترجمة، اتصل بالزبون، اطرح سؤالك ثم تلقَّ الإجابة. و إذا كنتَ لا تزال غيرَ متأكدٍ، سجل ملاحظة عن ذلك في الترجمة النهائية. ومما يثير الدهشة أن الزبائن يتقبلون هذه الملاحظات وغالباً ما يتوقعونها، بل إنني سمعت أن الزبائن يخالجهم في بعض الأحيان إحساس بالريبة عندما لا يرون هذه الملاحظات. و على الرغم من كل ذلك، ما مدى معرفة المترجم بالإجراءات الجراحية الجديدة المستخدمة في فتح انصمام رئوي ؟<br />العمل الوظيفي ضد العمل الحر<br />يعمل المترجمون إما لحسابهم الخاص بوصفهم مترجمين أحرارا و إما موظفين، على سبيل المثال، في وكالة ترجمة أو في مؤسسة خاصة بتوطين برامج الحاسوب. فالمجموعة الأولى يُطلق عليها مسمى "مترجمون أحرار"، بينما يطلق على المجموعة الثانية مسمى " مُتَرْجِمُون موظفون". فإذا التحقتَ لِتَوِّكَ بهذه المهنة أو إذا كنت تفكر في اتخاذ الترجمة مهنة لك، فعليك أن تتفحص ملياً في هذين الخيارين لتقرر أيهما أنسب إليك. فإذا اخترت أن تكون مترجما حرا، فأنت صاحب العمل، وستكون مسؤولاً عن التسويق والفواتير والحسابات الدائنة والحسابات المدينة والضرائب ومشتريات المعدات وصيانتها وما إلى ذلك. و قد يكون متوسط دخل المترجمين الأحرار في العام أكثر من المترجمين الموظفين إلا أن دخلهم يكون متقلباً بصورة كبيرة جداً، إذ ينبغي عليهم أن يتحملوا جميع المصروفات بما في ذلك جميع أنواع الضرائب، وأموال التقاعد، والتأمين الطبي وأنواع التأمين الأخرى وتكاليف الإدارة والتشغيل.<br />أما إذا اخترت أن تكون مترجماً موظفاً، فستعمل لحساب شخصٍ آخر حيث تذهب إلى مكتبك في الصباح <br />وتجلس في غرفتك الصغيرة خلال اليوم وتترجم كل ما تحتاجه الشركة، وتحضر الاجتماعات لتناقش المشروعات الكبيرة المتعلقة بالترجمة أو المصطلحات أو المعدات، وتحضر دورات التدريب لتتعلم استخدام نظام الشبكة المحلية الجديد أو برنامج الترجمة بمساعدة الحاسوب (</span><span dir="ltr" style="font-size: 18pt">MAT</span><span dir="rtl"></span><span dir="rtl"></span><span lang="AR-SA" style="font-size: 18pt"><span dir="rtl"></span><span dir="rtl"></span>) ثم تعود إلى بيتك في المساء. و كما هو الحال في جميع الوظائف ستستفيد من إجازةٍ براتب، وتأمين، ومن أداء نصف ضمانك الاجتماعي وضرائب القانون الفيدرالي للمساهمة في التأمين (فيكا)، وشكلٍ من أشكال التقاعد.<br />و على الرغم من أن المقالات المتبقية ستتناول ما ذكر أعلاه من اختلافات بين المترجم الحر والمترجم الموظف كما أنها ستُقَدَّم اقتراحات عن الأشخاص المناسبين لكل خيار منهما، فأود أن أقول إنَّ الشخصية وأسلوب العمل لا صلة لهما في الغالب بذلك. فالمسألة الأولى والأهم تكمن في المال، فهل تتوفر على القدرة المادية لتكون مترجماً حراً ؟ فلكي تبدأ عملك مترجما حراً، ستحتاج إلى عدة آلاف من الدولارات لتشتري جهاز الحاسوب والبرامج التي تحتاج إليها ولتقوم ببعض النشاط التسويقي ولتنتظر طوال الأشهر القليلة الأولى والتي من المرجح أن يكون لديك قليلٌ من العمل خلالها، وستنتظر بفارغ الصبر أن تؤدى لك الفاتورة الأولى. ولذلك إذا كنت عازباً ولديك القليل من الالتزامات المالية وبعض المال الذي ادخرته، ولا تجد بأساً البتة في خوض المغامرة، فإن الإجابة بشأن مسألة المال ستكون بالإيجاب إذ يمكنك أن تتخذ من الترجمةِ الحرة مهنةً لك. أما إذا كنت متزوجاً ولديك طفلان وملزماً بالمصاريف الاعتيادية الخاصة بأقساط رهن عقاري وتكاليف العلاج الطبي وغيره، فيجب عليك أن تفكر ملياً قبل البدء في العمل مترجماً حراً.<br />وثمة حجة قوية أيضاً بشأن ممارسة المهنة من خلال العمل لحساب شخصٍ آخر إذ يمكنك أن تعتبر ذلك تدريباً عملياً مؤدى عنه حيث ستعرف الكثير عن الترجمة من خلال ممارستها لا من خلال القيام بأي عملٍ آخر، ولن تكتسب فحسب كل تلك المهارات الثانوية كمعالجة النصوص والتفاوض وتعبئة النماذج الضريبية، بل ستكتسب أيضا الكثير من المعرفة العملية المتعلقة بهذه المهنة كالأسعار والأزواج اللغوية أو مجالات المعرفة المطلوبة أكثر من غيرها و التقنيات التي يتوقع أن تؤثر على مجال الترجمة في المستقبل القريب. و يمكنك كذلك أن تنمي علاقات يمكن أن تتحول إلى تعاملات بغرض عمل حر. إذن، لتفكر في أن تبدأ العمل مترجماً موظفاً خصوصاً إذا كنت غير مرتاح للنواحي المالية المتعلقة بالعمل لحسابك أو غير متأكد بخصوص ما سيعتريك من إحساس عند العمل بمفردك في المنزل.<br />مفارقة<br />إن الخصائص الفعلية التي يبدو أنها تجعل من المرء مترجماً جيداً مثل الاهتمام بالتفاصيل والولع باللغات والبحث والعناية بالكتابة وحذقها، هي نفسها التي تجعل منه مفاوضاً ضعيفاً أو مسؤول تسويقٍ ضعيفاً. إذن كيف يستطيع المرء التغلب على هذه المفارقة ؟ أولاً ، أجبر نفسك على ولوج السوق حتى وإن كنت <br />لا ترغب في ذلك، و ألزم نفسك بإرسال 100 رسالة إلى الوكالات في هذا الأسبوع، و بالاتصال بخمسة من زبائنك الكبار و محادثتهم قليلاً، وبدفع الضرائب السنوية قبل الأول من أكتوبر بعد أن طلبت َمهلة إضافية في الخامس عشر من أبريل، فأنت الآن في صلب العمل التجاري (السوق) فلا تنس ذلك.<br />ويتعين عليك أن تُذَكِّر زبائنك بأنك محترفُ عملٍ تجاري. فالمترجمون ينبغي أن يُعَامَلُوا بوصفهم محترفين، <br />ومن ثم عليهم أن يتصرفوا على هذا الأساس. وأمهل نفسك الوقت الكافي لتعرف ما يحيط بمهنتك، <br />و لغاتك، و التخصصات المعرفية، و التكنولوجيا التي تستخدمها في أداء عملك. ففي كل مهنة ثمة أناس كثيرون يريدون القيام بالعمل المراد القيام به، ولكن ثمة قلة تستطيع القيام بهذا العمل على الوجه الأكمل. <br />ويجب عليك بوصفك مترجماً أن توضح لكل فرد بأنك من الفئة الأخيرة وليس من الفئة الأولى.<br />وعلاوة على ذلك، فأنت بصفتك مترجماً، تقف بين شخصين أو منظمتين، واحدة أوجدت المادة والأخرى تريد قراءتها. فأنت تمثل الحل بالنسبة إليهما فيما يتعلق بهذه المسألة الصعبة وإلا استعصى حلها. وتذكر أننا نعيش في عصر المعلومات وهناك معلومات كثيرة متوفرة وبلغات شتى، والمترجمون هم الذين يقدمون هذه السلعة النفيسة إلى الناس الذين يريدونها.</span><span dir="ltr" style="font-size: 18pt"><p></p></span></p><p></p>
يعمل...
X