التأليل الشامل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • RaedHabash
    عضو رسمي
    • May 2006
    • 280

    التأليل الشامل

    amattouch



    شاركت: 15 فبراير 2006
    نشرات: 285

    ارسل: الاحد فبراير 26, 2006 10:44 am موضوع الرسالة: التأليل الشامل

    --------------------------------------------------------------------------------

    التأليل الشامل

    انقسم المفكرون المهتمون بالتأليل إلى فريقين ومدرستين.
    ففريق يرى أن العلاقة بين الآلة- الحاسوب والإنسان علاقة تطابقية أي أنه يمكن أن يبرمج الحاسوب كعقل ومخ بشريين وأنه قادر على التصرف والتفكير كالعقل والمخ البشريين. وسيرا على نتائج مقاله الهام : ’’هل بمقدور الآلة التفكير؟ ‘‘ –1950 - يقول عالم الرياضيات الكبير ألن تورين أن كل شكل من أشكال التفكير البشري الممكن التعبير عنه بلغة ما يمكن أن يقلد بآلة مطلقة كونية إذا برمجت هذه الأخيرة بشكل ملائم. وكان منطلقه باختزال هو أن المخ البشري ما هو إلا ترتيب دقيق متطور يتحكم في الجسم والتصرف البشريين وأن آلة تورين الكونية- وهي آلة منطقية ذات حالات متقطعة-, ليست إلا مطابقا منطقيا للمخ ولذلك يمكن برمجتها لتقليد البشر. أو بعبارة أخرى أن المخ البشري ما هو إلا برنامج.
    هذه الرؤية هي وليدة الثلاثينات حين شاع النقاش وسط علماء النفس وغيرهم حول العلاقة بين المخ ووظائف الجسد وكان الرأي السائد في أوساط علماء الأحياء هو أن الكائن البشري جسم وتفاعل كيميائي فيزيائي, ولاستقرار هذا النظام يجب توفر شروط منها توفير حاجاته العضوية الضرورية, و يأخذ المخ في هذا النظام دور المركز الموجه ومنطلق أوامر عديدة هرمية معقدة. وقد ظهرت في تلك الفترة دراسات مهمة حول النظام العصبي والتي كانت ترى في المخ محضر ومرتب أوامر وإدارة.
    هذا التصور العلمي للمخ هو الذي كان وراء فكرة التأليل الشامل, السيبرنيطيقا, وما الآلة الإليكترونية المبرمجة سلفا إلا وجها آخر لهذا التصور.
    وأول من فطن لدور وطبيعة الآلة المبرمجة كان علماء الرياضيات لما تقدمه من منافع في حساباتهم العملية أما أغلب بقية عباد الله فلم يكن بمستطاعها فهم هذه الطبيعة ويستثنى من ذلك المهندسون الذين فطنوا مبكرا لقدرات هذه الآلة المبرمجة ففي 1944 تخيلوا مشروع آلة مبرمجة لتسيير و محاكاة الطيران وطوروا برامج توجيه الصواريخ, وشكل المشروع بداية لأكبر مركز للأبحاث في المجال بمعهد مساشوسيت للتقانة الذي تنافس في السباق مع معهد كارنيج للتقانة.
    وكان ثاني أكبر المهتمين بهذه الآلة المبرمجة رجال الأعمال وخدمة المكاتب اللذين استفادوا سابقا من خدمات بطاقات شِركة إ.ب.م. في قراءة البيانات. وقدمت الشركة لهم أول آلاتها أ.ب.م. 701. انطلاقا من تصور فون نيومان للآلة.
    وثالث الميادين التي دخلتها الآلة المبرمجة كان التأليل الكوني السيبيرنيطيقا في الأربعينات. والتأليل الشامل هو بالأساس مجموعة وحلقة من المفكرين والباحثين في ميادين الرياضيات و التقنيات تحيط بنوربير وينر.
    وينر عالم رياضيات ومنطق رياضي تلميذ راسل, بدأ أبحاثه في ميادين المكانيكا الكوانتية واستفاد من معطيات تجريبية [ تقانة آليات الإدارة في المجموعات المعقدة وآليات الإدارة في التصرفات الحيوانية] ليخرج بنتيجة مفادها وجود تطابق في المنطلقات بين علم وظائف الأعضاء الحيواني والتقانة الجديدة.

    إحالة
    قد يتساءل البعض ما جدوى الرجوع إلى حفريات لا علاقة لها بالترجمة الآلية. وما شأن اللغة والترجمة بالرياضيات والمنطق وغيرها من هذه الخزعبلات الغريبة. طبعا من يقول بهذا هو من أنصاف الدكاترة ممن يملأ الصفحات كلاما عن شومسكي واللسانيات التوليدية جاهلا أن شهرة شومسكي جاءت بعد اشتراكه في أبحاث مركز مساشوسيت للتقانة المذكورة عاليه وبعد أن توجه في أبحاثه عن اللغة نحو المنطق والرياضيات. ولا يمكن الحديث بعلمية عن تأليل اللغة كعمل إنساني دون الإحاطة بهذه المعطيات ودون إلمام ولو بسيط ببعض المعارف العلمية. هذه الإحالة تنفع من لا يستمد علمه من العنعنة المملة.


    إحالة
    السبرنطيقا مصدرها إغريقي ومن معانيها فن الحكم وفن التحكم والإدارة وتعددت مقابلاتها في العربية ما بين المحافظة على الكلمة الأصلية وتعريبها فوجد من يستعمل القبطانية من قبطان البحر والفكرة وإن كانت جملية لأن القبطان ينسق العديد من الحركات والأوامر غير أن في هذه التعبرة نوعا من إضفاء مركزية على القبطان وهي تبتعد بعض الشيء عن الفكرة المحورية للمفهوم, وعلى نسق هذه التعبرة يمكن أن نبتكر ملاحية من ملاحة الطيران وغيرها. وأنا أفضل التحكم وقد استعملت في النص جنبا إلى جنب الكون المؤلل والتأليل الشامل وغيرها لتبقى فكرة الآلة عالقة في ذهن القارئ.
    إحالة
    قد يتساءل البعض ما جدوى الرجوع إلى حفريات لا علاقة لها بالترجمة الآلية. وما شأن اللغة والترجمة بالرياضيات والمنطق وغيرها من هذه الخزعبلات الغريبة. طبعا من يقول بهذا هو من أنصاف الدكاترة ممن يملأ الصفحات كلاما عن شومسكي واللسانيات التوليدية جاهلا أن شهرة شومسكي جاءت بعد اشتراكه في أبحاث مركز مساشوسيت للتقانة المذكورة عاليه وبعد أن توجه في أبحاثه عن اللغة نحو المنطق والرياضيات. ولا يمكن الحديث بعلمية عن تأليل اللغة كعمل إنساني دون الإحاطة بهذه المعطيات ودون إلمام ولو بسيط ببعض المعارف العلمية. هذه الإحالة تنفع من لا يستمد علمه من العنعنة المملة.
    إدارة المنظومات والآلات

    بدأ اهتمام وينر بقضايا التأليل لما كان أثناء الخدمة داخل سلاح المضادات الجوية : كيفية إصابة هدف متحرك سريع وقادر على الإفلات من الضربة. و كانت الصواريخ الأولى عبارة عن قذائف توجه بدفعتها الأولى مع حساب مسبق للخط المفترض للهدف بحسابات هندسية ورياضية. حساب لا مجال فيه للتوجيه الذاتي. ولكن ذلك كان كافيا لوينر ليفتح مجالا جديدا منطلقا من فكرة تصحيح الاتجاه بعد قياس الفعل الرجعي. ويعطي وينر من مقالات ماكسويل حول منظم الآلة البخارية لوات مثلا لهذا العمل الرجعي. تساؤل وينر هو : كيف يمكن لمطلق الصاروخ من إصابة طائرة تتحرك يقودها إنسان يتفاعل ويتعامل مع الرامي؟ ووجود إنسان يعني إدماج جانب يتعلق بوظائف الأعضاء البشرية.
    إذا عند وينر وباختزال شديد هناك ربط بين الآلية ووظائف الأعضاء وللتذكير فقد كانت الفترة تزخر بالجديد في مجال علم وظائف الأعضاء والأعصاب وكان من نتائجها الأساسية الاعتقاد بكون التواصل أو إيصال الأوامر لا يتم بالضرورة مباشرة بأوامر صادرة من مركز عام, وإنما عبر سلسلة هرمية منسقة من المنظومات المصغرة هي بذاتها تتجزأ إلى أصغر منها و يتم التنسيق عبر المنظومات الجزئية نفسها على امتداد الهرمية طريقة للتواصل تشبه الفعل الرجعي عند أهل التقنية.
    ومن فهم المعطيات الفيزيولوجية والعصبية إلى تطبيق نظريات تقانة التحكم لا توجد إلا خطوة خطاها أصحاب التحكم الشامل. فأولوا اهتماما كبيرا لتواصل العصبي بل شاركوا أهل دراسات الأعصاب أبحاثهم لبلورة تحديد لمفهوم مجرد وهو : الشبكات العصبية.
    نحن دائما في خضم حفريات الآلة المبرمجة علما أن الشبكات العصبية لها مكانة خاصة في بعض النظريات اللسانية.
    ولم أحاول في المقدمة الطللية عاليه أن أثقل العرض بمجموعة من المعطيات والحقائق العلمية الموسعة حول الموضوع كل ما أردت هو أن تفهم ببساطة منطلقات وينر في تصوره للآلة المبرمجة وهو تصور لا يتفق معه الكثيرون كما سنرى لا حقا.

    إحالة
    أفتح قوسا جديدا ضد الخبط الأعمى.
    قرأت في موضع آخر عن الدور الكبير لناحوم شومسكي في الترجمة الآلية وأنها مدينة له ولنحوه التوليدي وهذا الكلام شائع لدى الكثيرين وتجده معروضا في الكثير من الكتب العربية بما فيها الجامعية.
    وهذا نوع من المعلومات فيها الكثير من المغالطات والنقص.
    والظاهر أن كاتب هذا الكلام يعتمد على مراجع عربية ثانوية وقديمة ترجع إلى زمن كان فيها اسم شومسكي رمزا للعلم ووساما يوضع في كل مقال. ولا تجد هذا الكلام إلا في النشريات العربية التي لا تساير الزمن.
    في ما أعلى كتبنا عن دور معهد مساشوسيت للتقانة في التأليل تحت تأثير أناس لا علاقة لهم باللغة وقلنا أن شومسكي شارك في أبحاث المعهد حينما بدأ الأخير يهتم بتأليل اللغة كفعل إنساني ولم تكن مشاركته بالأهمية المركزية التي يتخيلها بعض العرب. فهناك لسانيون آخرون لعبوا دورا أهم من دوره في هذا المجال, بل يقال أن اللسانيين ومنهم شومسكي عالة على التأليل ولا يفقهون شيئا في المضمار ولو تتبعنا خطوات تأليل اللغات للاحظنا أن أبرز محطات التأليل كانت نتيجة عمل غير اللسانيين.
    و النقطة الثانية هي النحو التوليدي. الحاسوب ليس بليدا ليغوص بحثا عن بنية عميقة مفترضة كما يفعل بعض الاخوة.
    الخطوة المهمة التي قام بها شومسكي والتي أشهرته لا تجد لها ذكرا عند عربنا هي محاولته رفقة رياضي فرنسي صورنة اللغة والبرهنة على أن اللغة الطبيعية تماشي نمطا معينا من اللغات المنطقية قابلة للبرمجة. للعلم فإن شومسكي كان تلميذا لهاريس وهو من أصحاب الدراسات الميدانية والتجريبية. وطبعا هذا الجانب لا يذكره أنصاف دكاترتنا لأنهم ببساطة في حرب مع الرياضيات والمنطق جاهلين بالكامل أن رغبة أي عالم وأي منظر في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية هو أن يقترب طرحه من نمط رياضي فذلك دليل على علمية طرحه!!!. وقد يتقول البعض : ’’ما شاء الله الرياضيات في ميدان اللغة‘‘؛ هذا الصنف من الناس يعيش في عالم بعيد وأزمنة سحيقة ولا يهمهم من المورد إلا ما تماشى مع ذهنيتهم الفوكلورية. تلك الذهنية التي جعلت بعضهم يطبل للتوليدية أكثر من أصحابها كفاهم أن يكتب أحد طلاب شومسكي أن اللغة العربية أقرب اللغات إلى التوليدية وبنيتها العميقة فوجدتهم في نشوة الفرح بهذا النصر القومي يسبلون على هذه النظرية من النعوت ما يخجل منه تاريخ النحو العربي. ولأن أصحابنا بمثل هذه الانتصارات يفرحون أقول لهم لما لا تعربون اسم صاحبكم شومسكي فيغدو نعيما الشمسكي ولا شك أنكم لن تعدموا له أصلا عربيا !!! كما فعل بعضكم مع الشيخ زبير.
    الانفتاح على العلوم والتقانات الجديدة ومنها الترجمة الآلية ضرورة للعرب وضرورة لمسايرة الزمن ولكن المورد والدخيل يجب أن يكون نافعا ومجديا وليس تكرار ببغاء , ورغم تفتح العرب على علوم الغرب من زمن طويل إلا أنهم لم يستوعبوا بعد منهجيتة العلمية ويوظفوها لما هو أنفع من تكرار كلام كأنه قرآن كريم.
    واختم هذه الإحالة بتحية لشجاعة مواقف شومسكي السياسية وهي تحية لا علاقة لها بالترجمة الآلية.

    الشبكات العصبية
    أبانت ملاحظات رامون ي كاخال حول الجهاز العصبي أن الأخير ليس مكونا من قنوات تواصل في اتجاه المخ أو النخاع الشوكي وإنما الأعصاب هي عبارة عن خلايا عديدة تتواصل فيما بينها وذات توزيع غير حلقي الارتباط. وظهر أن الخلايا العصبية تسيير ذاتيا. فكيف يتمكن هذا الخليط المتناثر المستقل من الخلايا من تنظيم نفسه والتنسيق فيما بينه بطريقة معقدة؟ ما هي شروط إمكانية التنظيم الذاتي؟
    ومن وجهة نزر التحكميين فإن رد فعل النظام البسيط على محفز يكون دائما على نفس الوتيرة أما النظام المعقد فيكون جوابه انتقائيا وظرفيا. وكلما زاد تعقد النظام إلا وزادت انتقائيته وتمييزه للمحفزات. ويكون النظام في مرحلة التعلم حين يستفيد من جوابه الأول الغير انتقائي ويميز بين المحفزات لاحقا.
    وأغلب الدراسات التي تطرقت لموضوع شبكات الأعصاب المنتظمة ذاتيا كانت حول التعلم ومساره. وكان لروس أشبي دور موجه في هذه المسيرة, وتم استعمال الحواسيب أحيانا لمماثلة وتقليد تصرف الأعصاب.
    وشهدت المرحلة عودة قوية للجبر البولي وشبهت شبكات الأعصاب بأنظمة ذات مفاتيح وهي أنظمة يستعمل فيها هذا الجبر. يشهد على هذا التوجه كتابات : كلود شانون وماك كيلوش وبيتز. ولم تعطي هذه المنهجية كل النتائج المنتظرة مما دفع بمرفين منسكي لنقد نقائص هذه المنهجية وتوجيه أبحاثه في اتجاه تفتح على ما سمي بالذكاء الصناعي أو الاصطناعي.
    والكلام حول مسار آليات القرار دفع بالتحكميين إلى الاهتمام بالجانب النفسي في اتخاذ القرار عند الحيوان ولأسباب عديدة يطول ذكرها هنا لم يدخل علم النفس الميدان بكامل زاده وسلاحه إلا مع سيمون الذي تفطن لقدرات التقانة الجديدة.
    لا نتصور اليوم شهرة التحكمية في تلك الفترة وذيوعها بين العديد من المهتمين بالعلوم الإنسانية من اقتصاد واجتماع وسياسة. مع التساؤل التقليدي : كيفية اتخاذ القرار وآليات صنع القرار؟ فقد توضح للعديدين أن صنع القرار ليس نتيجة مركز قيادة عامة وإنما هو نتيجة تفاعل وفعل رجعي متعدد الاتجاهات والمصادر وأن صنع القرار يتخذ بطريقة كليانية داخل أية منظومة. وهذه التصور لمنبع القرار كان وراء انتشار فكرة ومفهوم النظام كوحدة متكاملة. ونحن اليوم نستعمل النظام الاجتماعي ونتحدث عن اللغة كنظام غير عابئين لمصدر هذه الفكرة وخلفياتها النظرية. وأصبحت دراسة الأنظمة دراسة مستقلة بذاتها وميدانا واضح الحدود.
    وبما أننا بصدد الحديث عن الترجمة الآلية, وعلى اعتبار اللغة الإنسانية ناتج نظام بشري أي ناتج تفاعل أعصاب وعضلات فهل يمكن أن نجد لها مطابقا في نظام آلي مكون من مفاتيح وحلقات كهرمنغاطيسية ؟
    الإجابة على السؤال تتعلق بقدرتنا على تنميط التماثل والتجريد.


    الذكاء الاصطناعي
    الستينات مرحلة الحواسيب
    من نتائج التحكمية توجه البحث العلمي نحو إنتاج ما سمي بالإنسان الآلي. ومع جون ماك كارثي ومنسكي وألن نوفيل وسيمون بدأت مرحلة برمجة آلات ,- حواسيب أسهل للبرمجة من آلات تورين- , لتلعب الشطرنج وتحل مسائل هندسية و... حاول البعض تعليمها اللغة الإنجليزية. ويرجع اسم الذكاء الصناعي إلى ماك كارثي ؛ وهي حلقة من الباحثين يجمعهم هم واحد ويختلفون فيما بينهم حول العديد من الأطرحات وتعتبر نوعا ما من إرهاصات التحكمية ومن مرجعياتهم سيجفريدج وأبحاثه في ميدان التعرف على الأشكال وشانون وبرامجه في الشطرنج... وتورين وأنطمته الذكية وراسل ووايتهد ومنطقهما, حساب المقولات.
    نستعمل اليوم في الغالب مصطلح الحاسوب للتعبير عن هذه الآلة التي دخلت كل بيت وكل عقل ولازلت كلمات الحاسب الآلي والنظامة والرتابة والعقل الإلكتروني عالقة في ذهننا وهي كلمات تعبر عن فحوى المضمون والهدف وهو محاولة تكليف الآلة بالقيام بمهمات تتطلب ذكاء بشريا.
    ولدقة التعريف يميز أصحاب الذكاء الصناعي بين ميدانهم وبعض استعمالات الحاسوب المتطورة فهم لا ينظرون إلى القضية كحاسب آلي فحسب كما سنرى فيما بعد. وللذكر فإن منسكي وهو رياضي بدأ أبحاثه حول شبكات الأعصاب ونمط المخ, وقد اختلف عن التحكميين في مسألة ضيق مجال استعمال الآلة والعشوائية وملائمة البرمجة لظروف محددة.
    قلنا أعلاه أن قضية التعلم ومساره قضية جوهرية عند التحكميين وهي جوهرية عند أصحاب الذكاء الإصطناعي. وبالتالي فالهم الأول عند أهل الذكاء الأصطناعي هو تركيب آلات قادرة على التعلم. وقبل التوصل إلى آلة تعلم اللغة فقد بدأ صاموئيل بالتفكير في آلة تلعب, آلة تستفيد من تجاربها السابقة في عملية اتخاذ القرارات في كل ظرف – طبعا لازلنا في زمن بعيد عن الحاسوب ديب بلو ونزاله لكاسبروف. علاقة المبرمجين مع الشطرنج علاقة قديمة وكأنهم يبحثون عن التسلية والحقيقة ببساطة هي أن لعبة الشطرنج لعبة احتمالية مغلقة أي أن مجموع حركات البيادق وقواعدها محسوبة رغم العدد الكبير من الاختيارات ويمكن برمجة حركات البيادق ومن الأحسن برمجتها على اعتبار أن الخصم قادر على إفشال الخطة وأنه دوما يستعمل أقصى إمكانياتهم إن وبرمجة لعبة الشطرنج تعني في آخر المطاف برمجة تعلم وهو المقصود زد لذلك أنه شبيه بالتعلم البشري . هذا بتلخيص شديد منطلقات هذه المدرسة.
    وقد يسأل ما علاقة الشطرنج وهذه العجائب مع اللغة والترجمة؟
    أولا اللغة واللغات تعلم
    اللغة مجموعة حركات ورموز محصورة
    اللغة مجموعة تراكيب محصورة في أنماطها
    أي أن اختيارنا احتمال مسيج.
    وللتذكير تعتبر حركات وحروف وكلمات اللغة مجموعات محصورة وإن تجاوز بعضها المليون وأنماط التراكيب والجمل محصورة وبالطبع يتعلق الأمر باستعمال للغة معياري أي عام موحد القواعد.


    التنميط الإدراكي والحاسوبي للغة والألسن

    منذ فترة طويلة وسيرا على درب الباحثين من أمثال (شوميان وستيدمان وجيتش وجريز وبياجي...) فإن كثيرا من الباحثين يعتبرون أن منطق التأليف لكوري ( سنقدم عرضا لهذه النظرية فيما بعد) هو صورنة مناسبة إلى حد ما لمجالات اللسانيات وعموما للعلوم الاجتماعية والعلوم الإدراكية والحاسوبيات والفلسفة.
    وبالفعل فإن المنطق التقليدي (منطق المحمولات) يستعمل من بين ما يستخدم متغيرات مرتبطة إلى جانب متغيرات حرة ومكممات اعتبرت كعوامل من الدرجة الثانية تعمل في المحمولات وزيادة على ذلك فإن هذا المنطق لا يلجأ إلى عمليات تحديد. وبالتالي يترتب عن ذلك نوع من عدم الملائمة بين هذا النوع من الصورنة وبين تحليل العمليات اللسانية المتولدة في اللغات (الموضوع والتعريف والتكميم في اللغات والحدثة والزمنية...).
    وقد التجأت المعلوماتية في دراسة دلالية اللغات إلى برمجيات "منطق التأليف" و"حسابات لامبدا (اللامية)". ونتج عن ذلك طريقة جديدة للبرمجة وهي : "البرمجة التطبيقية والوظيفية". وأكيدا فإن هذا الموقف ليس بالطاغي في ميدان معالجة اللغات وليس من التقليعات الجديدة المنتشرة في الميدان، والجدير بالذكر أن هذا الصورنة ظاهريا معقدة مما يمنع الكثير من الباحثين على اللجوء إليها . ومع ذلك فلها العديد من الايجابيات والإفرادات التي يجب تعميقها ونشرها والتعريف بها. وهذا ما تهدف إليه مجموعات البحث التي تتبنى هذه الوجهة.
    وقد عرضت في أماكن عدة إيجابيات منطق التأليف في التحليلات اللسانية ونعيد هنا بعض الخطوط العريضة :

    *كشاكلة اللغات الطبيعية لا توجد متغيرات مرتبطة في منطق التأليف، ويترتب عن ذلك سهولة العمليات عكس الحسابات اللامية التي تتطلب احتراسا في التعامل مع المتغيرات المرتبطة للخروج من مأزق تشابك المتغيرات المرتبطة حين مرحلة التعويض.
    * منطق التأليف يمكن من بناء العوامل المعقدة انطلاقا من العوامل والمحمولات البدائية وينتج عن ذلك إمكانية البرهنة على كيفية كون محمول معجمي أو عامل نحوي يمكن أن يكون حصيلة مسار تكاملي والبرهنة على الإمكانية الصورية في ربط عوامل معقدة.
    * منطق التأليف له مرونة ليست ملك باقي الصوريات بما في ذلك الحسابات اللامية للتعامل من زاوية جديدة مع بعض الإشكالات التقليدية كالتكميم والتعريف أو الموضعية.
    *منطق التأليف يظهر كمنطق محيط في تخوم العديد من الصوريات ويبرز كمحل تلاق بين العديد من الحقول المعرفية : اللغويات والفلسفة والمعلوماتية.

    في دراسة العلاقات بين اللغة والمنطق ومن خلال النتائج المحصل عليها فإن منطق التأليف لعب دورا بارزا:
    *في إطار "النحويات التصنيفية الموسعة" استعمل منطق التأليف للبرهنة على أن المحمولات المعجمية والعوامل النحوية يمكن أن تقارَب كحاصل بسيط لمسار تكاملي. ومن ذلك نستنتج تطبيقا مهما في إطار "النحويات التصنيفية الموسعة"(النحو التصنيفي التطبيق والتأليفي) وقد اقترحت نظرية جديدة للتكميم (تكميم النجمة) باستعمال صورية منطق التأليف وطورت مفاهيم ملائمة لمكممات اللغات الطبيعية ورد الاعتبار لمفاهيم عملية وميدانية ولمقاربات قديمة في التحليل المنطقي للغات الطبيعية (كمقاربة منطق مدرسة دير بور رويال) والمكمم النجمة يحلل منطقيا كعامل تحديدٍِ مكوَّن من مقاطع اسمية وهو ما يحتفظ بالتوازي بين المقاربة التركيبية والدلالية. وبرهن على أهمية وجدوى تثبيت التمثيليات الصورية في منطق التأليف في لغات البرمجة كــ/CAML وHASKELL .

    *في مجال منطق تحديد الموضوعات طورت أبحاث بخصوص العلاقة بين المفهوم والموضوع مع إمكانية تحديد الموضوع بالمفهوم. انطلاقا من مفاهيم التضييق والتوسيع المرتبطة عادة بمفهوٍم، وطرحت نظرية متميزة "للفكرة النوعية" وطورت صورية منطقية تمكن من وصف الأفكار "كالممثل النوعي للمفهوم". وفي نفس السياق تمت صورنة فكرة الإحالة السياقية والتي لا تتجلى كإدراكية إلا في اللغويات. وكان الحصول على ترجمة بسيطة للمفاهيم الأساسية ممكنا في منطق التأليف.


    أهم النتائج المحصل عليها في السنوات الماضية في هذا الميدان:
    - منطق تعريف وتحديد الموضوع والتحليل المنطقي للنوعية
    - مقاربة لجوانب فلسفية في منطق التأليف
    - تحليل نقدي لفكرة المتغير
    - معالجة التصنيف والتكميم.
    وهدف هذه الدراسات اليوم هو:
    - تطوير النحويات التصنيفية الموسعة ،تحليل واستكشاف اللغات الغير هندوأوروبية (اليابانية والصينية) مع محاولة التحليل في الإطار ذاته لقضايا العطف والتكميم ونوعية البناءات اللا فاعلية.
    - وتشييد نظرية جامعة وصورية للوجهات الخطابية بالرجوع إلى المفاهيم الصورية لمنطق التأليف والنحو التطبيقي والتصنيفي.
    - متابعة تطبيق منطق التأليف في التحليل اللساني (: الاهتمام بالعمليات التلفظية والتكميم النجمة) وفي التحليل الفلسفي (: تحليل مفاهيم معقدة).
    - تطوير صورية "منطق تحديد الموضوع" مع تطبيقات حول مراجعة المعارف والتحليل اللساني والفلسفي للعلاقة الذاتية لكوري وهوارد.

    رواسم دلالية إدراكية للتمثيليات المعجمية
    الرواسم الدلالية الإدراكية هي تمثيل رمزي للمدلولات المعجمية وبالأخص المدلولات الفعلية والتعبيرية. وهذه الرواسم جاءت بعد التحليل النقدي الذي تناول التمثيل الإدراكي في العلاميات الإدراكية( جاكيدورف تالمي لانجاكير بوستيجوفسكي...) ورغبة في تنظيم عملي يساير من جهة للمعالجة الآلية بمساعدة التمثيل الرمزي (في الحسابات اللامية) ومن جهة أخرى تدقيقا إدراكيا ولسانيا يأخذ بعين الاعتبار تحليلا دقيقا للعلامية الأفعال وبالأخص المدلولات المتعددة. ولذلك استوجب إدخال عوامل تصنيفية تتعامل مع" فظاءات مجردة" ( زمنية وفضائية ونمطية وفكرية ونشاطية...) ومتمحورة مع عمليات وعلاقات رصد ( بصورنة المفاهيم الجديدة لكيليولي ومطابقة لبعض علاقات لانجكير).
    الصورية التصنيفية أصبحت اليوم من اهتمامات مدرسة العلامية الإدراكية (جاكيندورف ، تالمي وبينيت كيليولي وبوتيي وفيكتوري وفيسيتي وديكلي..). وظهر بتحليل قضايا محددة في العلامية كتعليل التعابير وما قبفعلي والأفعال الحركة أن التصنيفية التقليدية ليست ملائمة كليا لمثل هذا وعليه توجب ابتكار شبه تصنيف أكتر طواعية وعوامله قابلة للانصهار في بوتقة منطق التأليف(رياضيا ومطابقة) وهو ما يقلل من جانب الوصف النوعي المحض مثلا عن شكل المراسم بلا مقابل رمزي ممكنة التضمين في البرنامج الحاسوبي.
    إن التحليل التجريبي بطريقة الرواسم قد تم لبعض ملفوظات لغة الإشارة الفرنسية. ومكن هذه الدراسة الأولية من جهة بتأكيد مدى العملي والوصفي للرواسم والمأصليات المكونة ومن جهة ثانية إعادة الرؤية في كونية بعض العمليات الإشارية.
    وقد حاولنا طرح فكرة مأصل دلالي إدراكي وهو مكون للرواسم الممثلة للمعنى. وسارت الأبحاث بعيدا في مجال الوصف حيث تم وصف الأفعال المتعددة المعنى للتأكد من جدوى الفرضيات بخصوص عمل الإدراكي للتقسيم التي تولده اللغات. وبالأخص وحهت العناية للشبكات المتعددة المعاني في بعض اللغات وظهر أن لكل معنم فعلي يوجد متغير للمعنى مشابه للدال المسيطر لجيوم بعلاقات بين مدلولاته بعضها أكثر خصوصية من الأخرى وهذا يحفظنا من اللجوء إلى المفهوم الفضفاض وصعب التعامل معه مع إبراز محتواه وهو المجاز كما يفعل لايكوف.
    وحللت دلاليا عدد من السوابق الحرفية والقبفعلية المرتبطة في بعض اللغات وأبرزت العمليات التصنيفية المضمنة في علاقة مع نظرية "المواضع المجردة" وآليات تشكل مع السوابق مع الأفعال باستعمال منطق التليف .





    ومن النتائج المحصلة أخيرا
    رواسم دلالية وتحليل اللغة الإشارية الفرنسية انطلاقا من رواسم دلالية إدراكية. وطرح فرضيات خاصة بالترميز الدلالي في هذه اللغة
    تحليل الرواسم المرتبطة بالسببية مع تطبيقات في لغة التحليل الطبي.
    تحليل رواسم أفعال التحويل في لغات أسيوية
    تعدد معاني الأفعال الفرنسية
    تحليل تمثيل دلالي للسوابق والقبفعلي في لغات غربية
    تمثيل حاسوبي للرواسم الإدراكية في حسابات اللامية المصنفة.

    ومن النتائج المحصلة أخيرا
    رواسم دلالية وتحليل اللغة الإشارية الفرنسية انطلاقا من رواسم دلالية إدراكية. وطرح فرضيات خاصة بالترميز الدلالي في هذه اللغة
    تحليل الرواسم المرتبطة بالسببية مع تطبيقات في لغة التحليل الطبي.
    تحليل رواسم أفعال التحويل في لغات أسيوية
    تعدد معاني الأفعال الفرنسية
    تحليل تمثيل دلالي للسوابق والقبفعلي في لغات غربية
    تمثيل حاسوبي للرواسم الإدراكية في حسابات اللامية المصنفة.


    6

    ومن الأهداف المستقبلية لهذه الدراسات
    توسيع دراسة نحو الرواسم الدلالية الإدراكية ارتباطا بصورنة منطق التأليف والحسابات اللامية المميزة النوع عوامل التكوين وتنظيم سبكة المعاني المتعددة.
    مقارنة منهجية مع تحليلات بوتوجوفسكي
    اتمام تحليل الأفعال في الفرنسية
    تحليل معاني السوابق والقبفعلي في اللغات الهندو أروبية.

    يستعمل بعضهم مصطلح التأليفي ويتحدثون عن النحو التأليفي والمنطق التأليفي. وأنا أفضل كلمة التأليف وأحتفظ بالتأليفي لاستعمالات أخرى.
    والجدير بالذكر هو أن من يستعمل لفظ "التأليفي" هو أصلا يستعمل هذه الكلمة مقابل ثلاث مفاهيم مستقلة الحقول وإن كانت مترابطة فيما بينها. وهذه مشكلة دائمة في المصطلح العربي.
    وحيث أنني أرفض مطلقا بدعة استعمال المصطلح الغربي في كل سطر كما يفعل الكثيرون من العرب فأنني أحاول دائما أن يكون ما أقدمه من مقابل مستوفيا لشروط المصطلحية. والغريب أن أصحابنا الذين يستعملون النحو التأليفي لم يفكروا أن المصطلح ذي جذور رياضية (أيوه يا سادة) ومن المشهور في هذه المادة وكان يكفيهم الرجوع إلى معجم في الرياضيات للتدقيق وتمييز الفرق بين الحقول والمفاهيم.
    الحدثة والزمن والفضاء في اللغات
    تنميط الحدثة والزمن في النصوص
    إن تنميط الحدثة والزمن في اللغات هو من كبريات المهمات اللسانية والحاسوبية. والنمط الذي انتهجه بعض العاملين في الميدان ينطلق من مسلمات منها:
    أن الإحالة الزمنية يتم التعامل معها كحيز طوبولوجي مكون من هُنيئات قصيرة وليس كهنيئات موضعية محدودة ونقاط زمنية.
    وتصنيف العملية يتم على قاعدة تعارض ـ لها معنى إدراكي يجب التدليل عليها من خلال تجارب في النفسيات اللسانية ـ تعارض بين "الحالة" و"الحدث" و "الصيرورة" و"متوالية أحداث" التي تعَّرف بدقة محددة وبمساعدة المفاهيم الطبولوجية( حيز مفتوح وحيز مغلق وخير شبه مفتوح...)
    وهذه المفاهيم البسيطة هي المكونة لمفاهيم الحدثة المشتقة كـ"الماضي"، التام و"الحاضر"، الغير التام والمنتهي والمتصاعد والتحصيلي والحالة المحصلة ...
    ويكون الملفوظ متصورا كصيرورة غير منتهية تتفاعل داخل حيز مفتوح إلى اليسار تصور عدم انتهاء فترة زمن الملفوظ الحالية وليس كنقطة زمنية.
    الزمنية اللسانية كما تعاملت معها وصنفتها النحويات في اللغات تتطلب إحالات عدة مترابطة فيما بينها (إحالة خارجية، وملفوظ عير محين، وملفوظ مروي، والممكن...).
    الإحالة الملفوظية هي لا تعارض "مستقبلا" مقابل "ماض" ولكنها ولكنها تعارض بعدا ـ أكثر كيفية ـ لمحقق مع ما لم يحقق أو مع محقق لاحقا وهي تتعارض مع القيمات غير المحينة (المكمن،والمحال، وسردية الحكي..).
    هذا التصور يتطلب منا وصف القيمات الدلالية رفقة التمثيليات الصورية على شكل مخططات زمنية طوبولوجية للأزمنة النحوية في النص مع اعتبار التسلسل السردي.


    وعرض بعضهم طوبولوجية دلالية للمحمولات الفعلية بالارتكاز على نظرية الرواسم الدلالية الإدراكية المعبر عنها بالتعابير اللامية الموسومة والمدمجة في الشبكات متعددة المعاني.
    إن وصف المدلولات الفعلية بالرواسم يبرز العلاقات المعلَّمة القائمة بين المعطيات المجردة (الزمنية والمكانية والكيفية والفكرية...) والعمليات الطبوغرافية التي تجرى على هذه المعطيات.
    واختاروا لذلك تصنيفا لأبرز رواسم كيفية الفعل، وحللوا بتفصيل دلالة عينة من الأفعال في مجالات مكانية عامة من أفعال حركة ( كطلع وتقدم ووصل وعبر وطاف...) وأفعال تحويل وسببية مع تطبيقها على لغات أخرى غير غربية.
    إن اعتبار مختلف الإحالات الزمنية المتشابكة في النص (ولو كان النص بسيطا) يمكن من تحليل الحدثة والزمنية في النصوص انطلاقا من معلِّمات والتي ما هي إلا آثار لسانية لتغيرات الإحالات (والتي تحصر فيما تحصره الإطار الزمني) وكذلك العلاقات التي تربط بين علاقات الإسناد الحدثية وأيضا علاقاتها مع عملية التلفظ .
    هذا النوع من التحليل يساعد في بناء نمط حاسوبي للنصوص وخاصة عبر استكشاف سياقي وهو ضروري في محاربة لبس المعلمات الزمنية/ الحدثية.

    دراسة رياضية للزمن وعلاقات الزمن /"الوقت"
    إن اختلاف ممثلات الزمن، التي لوحظت عاليه، في مختلف المنظومات اللسانية وأيضا في مختلف اللغات، تتطلب منا فحص العديد من أنواع البنيات وخصائصها الرياضية المحددة : البنيات الموَّحدة (دائرية أو خطية أو شجرية/فرعية......) أو التي نتعامل معها بحسب الجزيئات الزمنية (كما هو الحال في التقويم الزمني) بتوال متقطع أو مكثف أو متواصل بل وحتى مجزئ وقد تكون مرتبطة بإحالات موضعية متشابكة فيما بينها من جهة وبعلاقات تزامنية أو قطعية من جهة أخرى.

    وانطلاقا من تحليل معطيات الحدثة والزمن في النص، نمتلك مجموعة من العلاقات الموضعية في مسار العملية والمعبر عنها بمعلِّمات لسانية واضحة. ولحساب انتظام هذه المجموعة من المسارات يجب الارتكاز على صورنة تمكننا من تنظيم المسارات؛ أي أنها تمكننا من تحديد مواقع الحيز الزمنية.
    وقد طرح شوير في نظريته حسابا لمثل ذلك : حيث أن البنية/ الحرف تمثل لحظة بالمعنى الذي يصبغه منطق راسل. وكل علاقة (كالأسبقية والتزامن) هي مرمزة في البنية/اللسان، ومجموع انتظام المسارات الموافقة للتحليل الحدثي الزمني للنص هو بالذات "اللحمة" ونقطة الالتقاء لكل تلك البنيات/الألسن. والمراد المقصود هو عرض وصف للخصوصية الزمنية الجزئية لنص ما والتي تتجلى من التحليل الزمني للنص. وهذا يتطلب دراسة رياضية للمواقع الأولية والمعبر عنها بالبنيات /الكلمة ومنظمة بتفرع شبكي (شبكات دولانوا).
    ومن جهة ثانية فإن معلومات التقويم الزمني تمكن من تحديد تاريخية النص. ووجهت عناية الأبحاث في اللغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية لدراسة مشكل رصد وتصنيف العبارات الزمنية. ومع ذلك فإن استغلال العبارات الزمنية في منظومة تقويم زمني لازالت مشكلة ولم تحل تماما وذلك راجع بالأخص لمشاكل عائد التقويم الزمني وتعدد المعاني والإحالات (كما هو في لفظ اليوم مثلا ). وعبارات التقويم الزمني يمكن أن نعرفها بمدة زمنية كما أو كيفا وبمقياس ووحدات تاريخ زمني خاصة بالنص. وهذه الوحدات قد تكون ذات طبيعة مختلفة وقد تختلف عن التقويم المعروف (ميلادا أو هجرة).
    ولتمثيل التقويم الخاص بنص، يجب ابتكار، لا محدود، لجزيئات زمنية ليست بالضرورة قياسية. ونستعمل لهذا الهدف صورنة شوير لأنظمة التقويم الزمنية (نظرية أصناف الترتيب).
    التنميط الإدراكي والحاسوبي للغة والألسن
    11

    المكان واللغات والإدراكية
    فيما يتعلق بتحليل تمثيل المكان فقد تم تطوير مفاهيم "المواضع الطبولوجية المجردة"[ وتستعمل لذلك العوامل الطبولوجية لكوراتوفسكي] للتحليل والتمثيل الصوري ليس فحسب فيما يتعلق بالرصد والمسح بل حتى للملحقات القبفعلية في أفعال الحركة. وتم هذا التطوير بتعاون مجموعات بحوث متعددة التخصصات وطبق على لغات متعددة. وبالاعتماد على منطق التأليف تمت عملية التحليل التركيبي للعلاقات بين الحروف/الأداة والقبفعليات ودراسة دلالاتهما مرتبطتين وتم استخراج ثوابتها.
    وتجرى محاولات في الوقت الراهن للتحديد، على المستوى النظري، لآليات الرصد المؤلل للمعلمات اللسانية في مجال الخطاب المكاني والزمني بهدف تنظيم زمني ومكاني للنصوص وللوثائق النصية المستخرجة من الشبكة وذلك بهدف الإجابة على أسئلة من شاكلة: " من التقى بمن؟ متى؟ وأين؟" وهو ما يعني تشكيل نمط عام تتفاعل فيه اللسانيات والحاسوبيات لدمج النتائج في أرضية استعمال سياقية.
    وتسير البحوث نحو معالجة حاسوبية للزمن والحدثة وتمثيل منطقي للزمن والحدثة ونحو تعميم لعلاقات ألن للمجالات الطبولوجية الآنية ونحو رصد وتحليل عبارات التقويم الزمني في النصوص.....
    التنميط الإدراكي والحاسوبي للغة والألسن
    13
    مصفوفات تحيين النواة الاسمية في النصوص
    إن النحو التطبيقي الإدراكي يفرض على الدارس ضرورةً تفكيكا وتشكيلا معجميين. وليس للأهمية النظرية فحسب، فقد تكون هذه العملية وسيلة عادية لتحديد هوية المؤشرات اللسانية المتناثرة في نص طويل وأن تحليلا معجميا تركيبيا قادر على ربطها مما يمنح معلومات صالحة في الاستكشاف السياقي.
    إن عملية التفكيك والتشكيل المعجميين تتم في إطار "تحليل المصفوفات المعرفة". وهي ترتكز على المبادئ التالية :
    تحيين متتالية من الكلمات أي تحقيقها في خطاب على شكل ملفوظ مقبول نحويا، والتحيين يعني تتمة المعلومة التي تعبر عنها هذه السلسلة. وعملية التحيين هذه يمكن أن تكون بسيطة وسريعة ومحصورة على تطبيق عنصر وعامل أحادي أو بالعكس عملية معقدة طويلة وتخص عدة عناصر أوإسنادا موزعا يربط باسم ركائز تحيين. وفي كل الحالات يعتبر الملفوظ غير محيين إلا إذا كان محددا بالمعنى الذي قصدته مدرسة دير بور رويال ويتضمن علامات نحوية ومعجمية تمكن من تحديد تمثيله. ويلاحظ من خلال تنوع اللغات بأن هذه العملية قد تختزل إلى شكل تركيبي أو على شكل محلل وهو ما سمي بشكل المصفوفات. وفعلا فالأشكال الأكثر تحليلا تحمل معلومات أوسع مما تحمله الأشكال التركيبية وهي معلومات تخص طبيعة ووظيفة كل مكونات علاقة الإسناد وعلاقة كل نحو لغة بمعجمها وكذا الطبيعة المحددة لما هو قابل للإسقاط أم لا من نحو لغة على أخرى.
    المصفوفات التحليلية ولأنها مطنبة وغير مقيِّدة نحويا فإنها تتقاطع وتتشابه في كل اللغات أكثر من الشكل التركيبي المختزل الذي يخضع لضرورة النحو الخاص بلغة معينة. المصفوفات التحليلية لها دوما كبؤرة اسما يكون معرفا ببنية تشمل أدوات تحيين: عوامل وركائز ومرتبات وتوابع. والتحيين بوسيلة العوامل هي آلية تأليفية كونية نظامية على عكس المرتبات والتوابع التي هي أكثر ارتباطا بالبنية الدلالية والمعجمية الداخلية للمعجم منها ببنية النحو.
    ومن خلال دراسة هذه الواجهة بين المعجم والنحو(وهي ركائز التحيين بالذات) استخرجت تصنيف مكون من سبعة أجناس تحيين للاسم وهي مشتركة بين كل اللغات وموزعة بنسب متفاوتة حسب الأجناس.
    والركائز لا تكوِّن صنفا معجميا مستقلا ولكنها تشكل وظيفة يصبغها السياق النحو والمعجمي على عناصر قد تنتمي للعديد من الأصناف الأخرى حيث تملك خصائص ووظائف أخرى. وبعبارة أخرى فهي عامل ومعلم أو مؤشر على التحول الوظيفي الذي يغير مدى الإسناد لوحدة معجمية.
    ومفهوم الركيزة وحيث أنها متنوعة ونظر لقلة انتظامية الخصائص الصورية والدلالية التي استعملت لتحديد هويتها يجب في أفق تصنيفي ذا معنى أن تعتبر كمختزلات للإطناب فقط في المصفوفة التحليلية المحددة للنواة المحينة. وتبرز الركائز كمَّ ونوعَ النحو الضروري للتخصيص ولتفعيل ولحصر حقل صلاحية صحة المسميات. ثم إن كل نوع من الركائز يقدم مسارا خاصا لاختزال الإطناب حاضر في المصفوفات التحليلية المحدِّدة وتشكل بذلك مؤشرا على نوع النحو المستخدم في اللغة. ولكن جميع مكونات مصفوفة والمدونة في معجم (ومجموعها بالطبع مطنب) لا تبرز إلا استثنائيا في مجموعها في الملفوظ الذي يشمل النواة الاسمية المحللة. وقد ظهر أن الحالة الأكثر اطرادا في اللغات هي حالة الملفوظ (أو متتالية ملفوظات) ذي مصفوفة بها نقص. وعلى العكس فقلما يكون نص بكامله حاملا لمعنى تام البناء لا يحمل مؤشرات لسانية ( معاينة دون الرجوع إلى عناصر خارجة على مادة النص) فقد تمكن من إعادة تشكيل المصفوفة الأحادية المعنى للنواة المفحوصة. والاختزالات المبرمجة في نحو اللغة المعينة تمكن حين ذاك من تلخيص شديد (أو العكس) بحسب الحاجيات لنص طويل أو قصير سبق تناول حفرياته المعجمية النحوية والدلالية.
    ولذلك طورت مصفوفات جامعة بين عدة لغات تبرز تعدد المسارات في كل لغة للتلخيص النحوي وتم حل العديد من مشاكل الترجمة ووضع شروط المعجمية النحوية المحاربة لتناقض النص.
    التنميط الإدراكي والحاسوبي للغة والألسن
    14
    تنميط عمليات التلفظ والكيفية
    إن فكرة التلفظ وعملية التلفظ على الأقل بتعريف المدرسة الفرنسية (بن فينيست وكليولي...) تستوجب صورنة وتشكيلا. ولذلك قام بعضهم بدراسة "لعمليات التكفل" وحاولوا توزيعها على أجناس بهدف تصنيفها (تلفظ مباشر وغير مباشر وتلفظ توسطي ...) بحثا عن المؤشرات اللسانية الظاهرة والتي تدل على هذا الملفوظ وبحثا عن فكرة السببية وتداخلها في النص وصولا إلى معالجات حاسوبية. والهدف البعيد هو دراسة صورية لرواسم التلفظ التي تنجر عنها مع توسيع صورنة النحويات الصنفية لأصناف تلفظ قاعدية.
    إن تحليل الكيفية في الأفعال (مثل أفعال القدر والوجوب والإرادة...) يجب أن تتمحور حول الإحالات الزمنية انطلاقا من التعارض : "محقَّق"/"محال" والتي تكتنفها معارضات أخرى : "مؤكد" و"شبه مؤكد" و"ممكن" و"مستحيل" ومعاملات "كالممكن" و"المحتمل" و"الضروري" و"قد تحقق" و"لم يتحقق بعد" وهي تعرَّف بالأوليات الطبولوجية وبعلاقات الرصد. مع تقديم تعريف واضح فصيح للأوليات؛ وهذه الطريقة تختلف كثيرا عن الطريقة التي سار عليها بريور الأكثر قربا من المنطق والفلسفة وعن طريقة هاتينكا في : " عوالم الممكن". فهذا التوجه عاليه ينطلق من إشكالات لسانية بحتة حيث يتوجب تفسير تعدد معاني الأفعال كأفعال الإرادة والوجوب والقدرة وبالتالي توضيح وإبراز العلاقة بين شبكات القيمات الدلالية .

    التنميط الإدراكي والحاسوبي للغة والألسن
    15
    المخطط الهندسي الإدراكي والحاسوبي
    إن النمط العام "للنحو التطبيقي الإدراكي" له إيجابية كبيرة فهو يسمح بتحديد موقع مختلف مستويات التحليل وتمحورها في مخطط هندسي إدراكي وحاسوبي في نفس الوقت. فعلى العكس من النمط الإدراكي للغة كما قدمه لانجاكير والذي يفضل تمثيل الصور المخيلة والرسوم ومخططات تركيبية أقرب إلى تشجيرات تينير والتي لا تساير المعالجة الحاسوبية المرتكزة على الذكاء الصناعي والمعالجة الآلية، فإن توجه الدراسات في "النحو التطبيقي الإدراكي" يسير نحو ربط واضح في مخطط هندسي موحد للصور الدلالية الإدراكية للغة، ومنها ما هو أيقوني، بالشكل التركيبي الصرفي. وإذا كان جاكيندورف قد طرح مخططا هندسيا إدراكيا حيث يتناول فيه النشاط الإدراكي ويعالجه في وحدة معالجة جامعة وعلى مستوى أحادي فإن المعروض هنا يختلف عنه كثيرا. والجدير بالذكر أن الكثيرين من الباحثين في الدلالية الإدراكية بما فيهم جاكيدورف نفسه يكتشفون "الفرضية الموضعية" حين يطرحون فكرة الأوليات "كالسبيل" و"المنبع" و"الهدف" و"الواسطة"... وهي مفاهيم مبنية على تصور بصري للمكان وقوى التجاذب بين الكيانات. وتقدم نظرية النحو التطبيقي الإدراكي هي أيضا أوليات دلالية إدراكية لا تدخل في جنس الموضعية وطرقا صورية وحاسوبيةً للتأليف مترابطة بحسابات جلية مع أشكال معاينة ومحللة بالنحويات الصنفية الموسعة وبذلك يتم الحصول على تحليل دقيق للأفعال والتعابير والقبفعليات في العديد من اللغات أخدا بعين الاعتبار تعدد المعاني مع إبراز اللا متغير على صورة رواسم مجردة وشبكات دلالية من مختلف القيمات والتي يغربلها السياق.
    وظهر من خلال دراسة تعدد المعاني المعجمي وأيضا النحوي (في تحليل الحدثة والزمن) أن التذبذب الدلالي لوحدة نحوية يستمر طالما لم تعتبر العناصر اللسانية الموجودة في السياق اللساني لهذه الوحدة. ولذلك فإن نمط "النحويات التطبيقية" يتوجب أن يطور بإدماج قواعد استكشاف السياق حاسوبية.
    وهكذا فإن النمط الأول للنحو التطبيقي الإدراكي المجدول بطريقة "الترجمة المعممة" مع تغيير لمستويات التمثيل (طبقة صرفية تركيبية وطبقة منطقية وطبقة دلالية إدراكية) وبتراكيب مستقلة ذاتية، هذا النمط الأول يجب أن يتضمن مستقبلا معلومات سياقية وهي الوحيدة القادرة على ضبط التذبذب وبالتالي خلق وحدة جديدة على مستوى آخر.
    وهذا التوجه ضروري لأن نمط الحَوْسَبة "بالترجمة المعممة" يستعمل صَوْرَنَة ونتائج منطقية (منطق التأليف الموسوم والتحصيل على الأشكال الطبيعية باستغلال قانون شورش روسر ونظرية البرهان ونظرية جينتزن وأعمال كوري هوارد...). وحيث إن المقاربة باستغلال السياق تستمد طرقها من الذكاء الصناعي فهي بالأكيد تخلق مُسْتكشِفات. وليس هذا التوجه بسهل ولكنه ممكن التحقيق.

    التنميط الإدراكي والحاسوبي للغة والألسن
    16

    إن دراسة وتحليل العديد من اللغات من زاوية إدراكية دفع إلى التساؤل عن مكانة التمثيل الإدراكي المبني انطلاقا من اللسان. ويمكن سرد الكثير من المواقف التأصيلية بهذا الخصوص.
    الموقف الأول يقول بكونية التمثيل الإدراكي وهو موقف فودوروكوين، ومنذ بعض السنوات تم الرجوع إلى موقف سابير ورف بالارتكاز على الأبحاث اللسانية والنفسيات اللسانية (لوسي وبويرمان وهافيلاند وليفينسن وأبحاث معهد ماكس بلانك للنفسيات اللسانية ) فيما يتعلق بالتمثيل الكلامي للأوضاع المكانية في العديد من اللغات غير الهند أوروبية، وأدت هذه الأبحاث إلى مواقف" نسبوية". وقد تكون هذه المواقف التأصيلية حول العلاقة بين أصناف اللغات وأصناف الإدراكية مبسطة. ولذلك طرح بعضهم حلا ثالثا أقرب إلى المعطيات المعايَنة وغني وهو موقف "الضد ضد نسبوي" وعلة هذه التسمية هو أن عبارة "النسبوية" ترتبط بفرضية ورف سابير و"ضد النسبوية" أو الكونية هي فرضية الكثير من العاملين في الإدراكية اللغوية (فودور وجاكيندورف وتالمي...). ومن منطلقات هذا الطرح الضد ضد نسبوي:
    ليس به تمثيل دلالي إدراكي كوني.
    يوجد أوليات مكونة للرواسم الدلالية الإدراكية.
    تنظيم الأوليات على شكل رواسم يخضع للغة المعينة.
    كل لغة تشكل تمثيلها الإدراكي الخاص بها.
    الأوليات الدلالية الإدراكية هي من ثوابت اللسان.

    وعملية الترجمة بين اللغات تتم عبر تفكيك تمثيل اللغة المنبعية بهدف التحويل عن طريق بناء تمثيل آخر في لغة الهدف. والتمثيل في لغتي المنبع والهدف ليس بمتشابه ولكنه يصب في نفس الخانة لأنه شكل على أرضية مشتركة من الأوليات الدلالية الإدراكية بتنسيق في رواسم مختلفة. وهذا يفتح بابا واسعا يمكن الاستعانة به في الترجمة المؤللة ذات مستوى عال وتحسين أداء ومجال بعض البرامج الحاسوبية كالموارد التركيبية والمعجمية لأنه يعير أهمية كبرى للصعوبات اللسانية والعِلامِيَّة في اللغات وينطلق من مقدمات نظرية متطورة تولي للفروق في الأجناس النحوية والمعجمية بين اللغات قيمتها. علما أن المعطيات اللغوية الخامة لا تمكن من هذه النتيجة بطريقة مباشرة.
    وميزة أخرى "للضد ضد نسبوية" هي أنها تتجاوز تقوقع التخصص وتشرك الجميع ممن يهتم باللغويات ولا تفصل مبدئيا بين لسانيات ميدانية ولسانيات نظرية ولسانيات حاسوبية وتطبيقات الغربلة السياقية للمعلومات المستخرجة من المتن.
    مهندس/ رائد حبش
    mobile: 0021374323046 Algeria
يعمل...
X