|
|
خواطر سليمانية Sulaymany Thoughts خواطر أدبية نقدية هادفة |
![]() |
![]() |
|
أدوات الموضوع | طرق مشاهدة الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هذه الخواطر، يا أحباب، هي خواطر مستوحاة من وحي التجربة الشخصية، أبثها هنا لاستخلاص العبرة من بعضها ... أو لإيصال معلومة ما، أو رسالة ما ... أو لمجرد الإمتاع والمؤانسة ... إذاً ليست هذه الخواطر إسهامات أدبية بقدر ما هي ترجمة صادقة لمواقف إنسانية معينة كنت طرفاً فيها وأحببت مشاكرتكم فيها، اجتهدت في التعبير عنها ببساطة تفي تلك المواقف حقها ...
|
#2
|
||||
|
||||
![]()
قلنا له: ثور. قال: احلبه"!
ترجمت منذ أسابيع بضع وثائق تجارية لزبون وهو شركة كرواسان بلجيكية صغيرة. البضاعة مخصصة للشحن إلى دولة عربية. وغالبا ما ترفق البضاعة المصدرة إلى دول عربية بوثائق معينة هي: 1. شهادة المنشأ 2. الفاتورة 3. شهادات بخصوص التصنيع وظروفه إذا كان الأمر يتعلق بمواد غذائية مثل الكرواسان التركي الأصل والفرنسي الشهرة والعالمي الأكل كما يبدو من واقعة الحال! والإجراء المتبع في ترجمة مثل هذه الوثائق هو الترجمة والتصديق من المحكمة ومن غرفة التجارة والصناعة البلجيكية ومن غرفة التجارة العربية البلجيكية اللوكسمبورجية وأخيرا من سفارة الدولة التي ستصدر البضاعة إليها. وتتميز الدولة التي ستصدر إليها البضاعة عن غيرها من الدول العربية بطلبها طباعة الترجمة على ظهر الأصل، وألا يستعمل حرف لاتيني واحد في الترجمة العربية، وهذا أمر بسيط بحد ذاته. لا أريد أن أتكلم في جدوى استيراد الكرواسان المكون من عجين وماء وسكر وملح وشحم خنزير، أو في طريقة تحضيره السهلة جدا، أو في إمكانية استبدال شحم الخنزير بالزبدة أو بالإلية البلدية ... أريد أن أتكلم في الترجمة فقط! تشترط سفارة تلك الدولة على المصدرين طباعة الترجمة على ظهر الوثائق الأصلية قبل التصديق عليها. وهذا ليس مشكلة بحد ذاته، إلا أن الفواتير الأصلية التي ترجمتها تحتوي على نص مطبوع على ظهرها، هو بمثابة الشروط العامة للدفع، الشيء الذي يحول دون إمكانية طباعة الترجمة على ظهرها، لأن ذلك غير ممكن من الناحية العملية. اتصلت بالسفارة وتحدثت مع المسؤول وعرضت عليه المشكلة الفنية، فقال لي "لا بد من طبع الترجمة على ظهر الوثيقة"! قلت له إن ذلك غير ممكن فنيا فأجابني: "هذا ليس شغلي"! فطلبت مسؤولا آخر أتحدث معه عله يتفهم الأمر، فرفض. اتصلت بالسفارة من جديد، فعرف صوتي وأسمعني كلاما مزعجا! عاودت الكرة من جديد وتحدثت مع شخص آخر وقلت له: "يا أخي الفاضل، لو كنت مكاني، كيف تحل هذه المشكلة الفنية"؟! فأجابني ببرودة: "أولا أنا لست مكانك ... وثانيا هذه ليست مشكلتي ... وثالثا: لا بد من طبع الترجمة على ظهر الوثيقة". و"حلبنا الثور ... وحلبنا أباه معاه"! |
#3
|
||||
|
||||
![]()
من المشهور أن المسيحية عموماً تعتبر المرأة سبب الخطيئة الأزلية والمسبب المباشر لطرد آدم من الجنة. ومن المعروف أيضاً أن العقيدة المسيحية تعتبر الخطيئة الأزلية خطيئة متوارثة ولا يتخلص الانسان منها ومن عواقبها إلا بالإيمان بالمخلص وهو المسيح الذي افتدى العالم بدمه وخلصه من الخطيئة الأزلية. وجعل هذا الاعتقاد آباء الكنيسة (القديس أغسطين، أنسلموس، ترتليانوس وغيرهم) يعتبرون المرأة السبب المباشر في سفك دماء المسيح. فالمرأة هي المسؤولة عن طرد الانسان من الجنة من جهة، وعن صلب المسيح في العقيدة المسيحية من جهة أخرى. ولقد جعل هذا الاعتقاد آباء الكنيسة الأوائل يعتقدون أن المرأة كائن حيواني بدون نفس ناطقة تضمحل وتتلاشى بعد الموت ولا تبعث يوم القيامة. وعلى الرغم من التطور الكبير الذي عرفه وضع المرأة في الغرب بعد الثورة الفرنيسة فإن شيئاً من هذا الاعتقاد لا يزال موجوداً في أوساط الكنيسة الكاثوليكية في الغرب. وهذا هو السبب الذي يجعل الكنيسة الكاثوليكية تبعدها من أي وظيفة دينية باستثناء الرهبنة التقليدية. [/b]
ـــــــــــــــــــــــــــــ أخذت الخلاصة أعلاه من المصادر التالية: 1. القديس أغسطين، كتاب Enchiridion، أمستردام، 1930؛ 2. القديس أغسطين، كتاب De Genesi ad litteram imperfectus liber ، لايدن 1930؛ 3. القديس ترتليانوس، كتابDe Cultu Feminarum ، أمستردام – أنتورب، 1955. يقول فيه (صفحة 23) مخاطباً المرأة: "ألا تعلمين أنك حواء؟! أنت باب الشيطان! أنت مدنسة الشجرة السماوية! أنت أول آبقة من شرع الله! أغويت الرجل الذي لم يكن بمقدور حتى الشيطان إغواؤه ... بسهولة مطلقة أسقطت صورة الله [الانسان]! لقد تسببت فعلتك، التي تستحقين الموت لأجلها، في موت ابن الله على الصليب". 4. كتاب "مطرقة الشريرات"Malleus Maleficarum ، وهو كتاب مجهول المؤلف صدر سنة 1486 وأصبح دستور محاكم التفتيش. يقول (الجزء الأول، الفقرة 6): "إن مصدر كل الشرور هو الشهوة النسائية التي لا تُشبع! فتبارك الله العظيم الذي طهر الرجل من بلية كهذه! إن طهور الرجل [اقرأ: المسيح] من هذه البلية كان بفضل استعداده لتحمل الآلام لأجلنا وافتدائنا بدمائه، لذلك وُهب هذا الامتياز". تحية طالبة السلم والسلامة مع النسوان، لأنهن نجحن فيما أخفق الشيطان فيه كما يقول ترتليانوس! |
#4
|
||||
|
||||
![]()
من ذكريات عيد المولد
في الثاني عشر من ربيع الأول (قبل ثلاثة أيام) احتفل المسلمون بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وعيد المولد النبوي النبوي ليس عيدا من الدين لأن الأعياد في الإسلام هما الفطر والأضحى فقط، إلا أن أكثر فقهاء الإسلام أجازوا الاحتفال به، فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو من أشد علماء الإسلام على البدع، أجاز الاحتفال به. يحتفل المسلمون بالمولد النبوي كل حسب تقاليده المحلية الجميلة، إلا أن للاحتفال بهذه المناسبة الشريفة في مدينة حماة في سورية تقاليد جميلة ما رأيت مثلها في بلاد المسلمين الأخرى التي زرتها وعاينت فيها الاحتفال بهذه المناسبة الشريفة. إذ كان أهل المدينة يصنعون أقواس نصر في مدخل كل حارة، وكانوا يزينون الأقواس بالآس وبالصفصاف وبأكاليل من الورد الجوري والياسمين، لتصبح رائعة المنظر. وكان أهل الحارة ينصبون قرب قوس النصر خيمة شعر كبيرة يجلس فيها "وجوه الحارة" الذين يحضرون فيها القهوة العربية المرة على المنقل النحاسي المليء بالجمر الأحمر الذي وضعت دلات القهوة النحاسية عليه. وكانوا يلبسون الشراويل السوداء والدشاديش المطرزة والحطاطة البيضاء التي كانوا يعتمون بها عمامة، ويجلسون في الخيمة لاستقبال المهنئين. وكانت الشوارع تملأ باليافطات البيضاء الكبيرة التي كانت تكتب عليها بخط جميل الأبيات الأولى من القصائد الشهيرة التي قيلت في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، مثل نهج البردة وقصدية شوقي "ولد الهدى" وغيرهما. وما أن كانت الشمس تطلع حتى كان الناس يبدؤون بالاحتفال، فيقوم وجوه "حارة الكيلانية" مثلا بزيارة "حارة السخانة" على ظهور الخيل مرتدين ملابسهم العربية التقليدية ومتقلدين سيوفهم العربية الجميلة، ويصلون عند قوس النصر والخيمة التي نصبها أهل "حارة السخانة" للاستقبال، فيهنئون أهل "حارة السخانة" بعيد المولد النبوي الشريف، ويشربون القهوة العربية، ثم يقومون بزيارة حارات المدينة الأخرى مهنئين بالمولد، ثم يعودون إلى خيمتهم ليفسحوا المجال لأهالي الحارات الأخرى لرد الزيارة لهم. وكان الأطفال يجرون خلف آبائهم وهم على ظهور الخيل، حاملين غصون الآس والصفصاف وملوحين بها، وكانت النساء مشغولات بتحضير لحوم الخراف التي نحرت في تلك المناسبة الشريفة، فيصنعن منها أطعمة لذيذة تحمل إلى المساجد والخيم التي نصبت لاستقبال المهنئين، فيصيب منها المصلون وعابرو السبيل طرفا. وكانت نوادي المدينة تعج بالشباب الذين كانوا يجتمعون فيها للاستماع إلى السيرة أو لإنشاد الشعر الحماسي، ويختمون بحلقات الذكر التي كانت تتخللها أناشيد رائعة في مدح النبي الأعظم، صلى الله عليه وسلم، وكانت أيام ليس أجمل منها ... وأما المسلمون المقيمون في الغرب، فيحتفلون بالمولد بإحياءالصلاة في المساجد وتلاوة الذكر الحكيم وجمع المال لإخوانهم المحتاجين في الأرض. وبعد ذلك يتناول المحتفلون وجبة مثل تلك التي تحضر في العيدين، يستحضرون أثناءها ذكريات الاحتفال الجميلة في بلادهم التي هاجروا منها في سبيل لقمة العيش، متحسرين عما فاتهم من الخيرات فيها ... |
#5
|
||||
|
||||
![]()
وشهدت حرباء من أهله!
إحدى الوسائل المؤدية إلى الغنى السريع وسيلة الكتابة المثيرة التي يُهاجم فيها دين بأكمله أو ثقافة بأكملها. ويكون الانتشار أوسع إذا كان الكاتب من جلدة المهاجَمين لأنه في هذه الحالة يكون "شاهداً منهم وفيهم". هذا هو انطباعي عندما أقرأ الكتب التي يكتبها بعض الكتاب العرب المقيمين في الغرب ويتحدثون فيها عن الإسلام والتراث والحداثة وقضية المرأة والفكر الحر وما إلى ذلك من القضايا التي هم أجهل الناس بها أو ببعضها. وكان آخر ما قرأت كتاباً لكاتب هولندي مغربي الأصل اسمه "قدما عبدالله" اتهم النقاد الهولنديون كاتبه بأنه يعاني من عقدة "كره الذات" لشدة ما حقَّر العرب عموماً والمغاربة خصوصاً وسائر المسلمين والشرقيين فيه. وعلل ناقد هولندي وجود هذه العقدة لدى الكاتب لكونه لوطياً في بيئة لا مكان فيها للوطيين (بعد!). وأنا لا أقصد كتاباً مثل أمين معلوف وأمثاله من الموهوبين الذين يكتبون بلغات غربية وتترجم أعمالهم إلى كل اللغات الحية لروعتها وعظيم موهبة أصحابها، إنما أقصد كتاباً ما كان ليُكتب لكتاباتهم أيُّ نجاح يذكر لولا هجومهم السافر على الإسلام ولولا تبني بعض المؤسسات الغربية لتلك الكتابات. وعلى رأس هؤلاء الكاتبة نوال السعداوي وسمية حمدواي ـ كاتبة الكتاب السيء الصيت "ما بعد الحياء" ـ وغيرهما! ولا أستبعد كون فاطمة المرنيسي من هؤلاء! وهنالك أسماء أخرى لأناس معروفين بالفضيلة في بلاد العرب يحاضرون أحياناً في هذه البلاد أو يتكلمون إلى صحف ومجلات محلية تسمع منهم العجب وتقرأ لهم العجب أيضاً. منحت الملكة بياتريس، ملكة هولندة، جائزة "إرازموس" الأوربية ـ وهي من أشهر الجوائز الأوربية وقيمتها 150.000 يورو ـ هذا العام لثلاثة مفكرين عرب هم الدكتور صادق جلال العظم والكاتبة فاطمة المرنيسي والثالث نسيت اسمه الساعة. تلقيت دعوتين لحضور الحفل المهيب، الذي صادف تنظيمه اليوم الثالث من رمضان المعظم في تشرين الثاني/نوفمبر من العام المنصرم، كانت إحداها من منظمة ثقافية في هذه البلاد أنتمي إليها، وكانت ثانيتها من أحد المُكَرَّمِين الثلاثة الذي تربطني به علاقة صداقة طيبة. لم أستطع حضور الحفل بسبب مرض شديد ألم بابني الصغير وقتها، ولكني استلمت لاحقاً بواسطة البريد كل النصوص والوثائق التي وزعت في الحفل المهيب. وعلى الرغم من أن لي حكمي المسبق في العلمانيين العرب، وخصوصا في المتلونين منهم الذين يأتون إلى الغرب لإسماع الناس فيه ما يودون سماعه، فيُستغلون لأبشع الأهداف ولا يحترمهم في نهاية المطاف أحد، فإني أكن احتراماً كبيراً للدكتور صادق جلال العظم على الرغم من علمانيته الشديدة! لعله الكاتب أو المفكر العلماني الوحيد الذي تقرأ له وتستمع له لا يداهن ولا يمالق أحداً في أطروحاته، ويقول قوله الواحد أمام المؤمن والملحد والشرقي والغربي والشمالي والجنوبي دون مساومة، ـ على خلاف ذلك المتمظهر بالتدين الذي قُدمت الخمرة إليه أثناء استراحة الغداء فاعتذر عن تناولها بقوله "إنه لا يشرب أثناء العمل" بدلاً من أن يقول إن ذلك ممنوع في عقيدته! |
#6
|
||||
|
||||
![]()
العلمانيون العرب، والسلام عليكم!
من المعروف أن اللغة العربية واللغة العبرية واللغة الآرامية لغات نزل فيها الوحي الإلاهي. ويمكن في هذا المجال إدراج اليونانية بين تلك اللغات رغم عدم نزول الوحي فيها فيما نعلم، إلا أن تدوين بعض الأناجيل فيها طبعها بطابع ديني واضح. تتميز اللغات التي نزل الوحي فيها عن غيرها من اللغات بأشياء كثيرة منها كثرة التعابير ذات الطابع الديني. فكثير من التعابير التي ينطق بها المتحدثون بهذه اللغات هي تعابير دينية معظمها من باب الدعاء مثل "بارك الله فيك" و"لعنة الله على الشيطان"؛ أو من باب الشكر لله مثل "الحمد لله"؛ أو من باب التنزيه مثل "سبحان الله"؛ أو من باب التوكل على الله مثل "إن شاء الله" أو من باب السلام مثل "السلام عليكم"! ومثل ذلك كثير في العربية والعبرية والسريانية واليونانية. تستعمل هذه التعابير كثيراً في تلك اللغات لأنها جزء لا يتجزأ من معجمها، ويستعملها في العبرية والسريانية واليونانية المؤمن المعتقد والعَلماني الملحد على السواء لأنها ـ كما ذكرت ـ جزء من معجم اللغة فيها! صحيح أن في تلك اللغات تعابير أخرى ليست ذات طابع ديني مثل "شكراً" و"عفواً" و"تشرفنا" و"مساء الخير" و"أتمنى لك شفاءً عاجلاً" و"تهانينا" و"مطرح ما يسري يمري/يهري" وshit أو "طُزّْ" بدلاً من لعنة الشيطان لأنها ـ أي لعنة الشيطان ـ لا تجوز في بعض بلاد العرب ...، إلا أن التعابير الدينية أكثر تأصلاً في اللغة وبالتالي أكثر دوراناً على ألسنة الناس، مؤمنين معتقدين كانوا أم ملاحدة دهريين. يحيي المسيحيون الناطقون بالآرامية ولهجاتها ـ مؤمنين معتقدين كانوا أم ملاحدة دهريين ـ بعضهم بعضاً "بالسلام عيكم" (السريانية: ܫܠܘܡܐ ܥܠܘܒܢ: شْلومو عَلُّوكِن - بلفظ الكاف خاءً). ويحيي اليهود الناطقون بالعبرية ـ مؤمنين معتقدين كانوا أم ملاحدة دهريين ـ بعضهم بعضاً "بالسلام عليكم" أيضاً (שלום עליכם: شَلوم عَليكِم ـ بلفظ الكاف خاءً أيضاً). ولا يشذ عن ذلك عند المسحيين الناطقين بالآرامية، وعند اليهود الناطقين بالعبرية، ملحدٌ دهري واحد في استعمال هذه "السلام عليكم"! إنما يكون الشذوذ عند بعض العرب الذين يتجنبون في حديثهم وبطريقة استعراضية استعمال تعابير يرد فيها لفظ الجلالة "مثل الحمد لله"، حتى ولو كانت "الحمد لله" جواباً على سؤالك "كيف الحال"! ويتجنب العَلمانيون العرب قول "السلام عليكم" لأنها تحية "عدوانية الأصل والفصل" بزعمهم، ويستعيضون عنها بتحيات وضعية أو، في أحسن الأحوال، بكلمة "سلام" فقط! والسلام عليكم ![]() |
#7
|
||||
|
||||
![]()
في الـجبر والـ X وفلان الفلاني
عندما ترجم المترجم اللاتيني "كتاب الجبر والمقابلة" للخوارزمي، واجهته مشكلة المصطلحات غير الموجودة في اللاتينية، فتغلب على هذه المشكلة بالوضع تارةً وباستعارة الكلمات العربية وإدخالها في اللاتينية تارةً أخرى. من المصطلحات العربية التي استعارها وأدخلها في ترجمته اللاتينية وشرحها في الحواشي كلمة "الجبر" ذاتها التي جعل منها Algebra. ومن الطريف جداً أنه سمى النظام العددي المشروح في "كتاب الجبر والمقابلة" باسم مؤلفه، فجعل منه Algorithm، وهي كلمة مشتقة من اسم المؤلف "الخوارزمي" كما نرى. أما الـ X المستعمل في الرياضات كناية عن العدد المجهول، فهو ليس ترجمة لحرف "ش" (من: شيء) الذي استعمله الخوارزمي للدلالة على العدد المجهول، بل هو نقل له من العربية إلى اللاتينية واحتفاظ به كما هو. وبما أن المترجم كان إسبانياً أو عاش جل حياته في الأندلس، وبما أن الإسبان كانوا يرسمون صوت "الشين" في لغتهم هكذا: X، فقد نقل المترجم حرف الشين إلى اللاتينية بالـ X معتمداً في رسمه على النطق الإسباني له أي "شين"! أما اليوم فأصبح الإسبان ينطقون هذا الحرف (الـ X) "خاء"، فيقولون "مخيكو" بدلاً من "مكسيكو" أو "المكسيك". أما سائر الأمم الغربية، ومنها الإنكليز والفرنسيس، فيلفظون الـ X "إكس". أما الاستعمال المجازي للـ X في اللغات الغربية اليوم للدلالة على الشخص المجهول (مثل قولهم Mr. X)، فلا يقابله في العربية "السيد ش"، بل "السيد فلان"! وإذا أراد العرب الإمعان في التنكير فإنهم يقولون "فلان الفلاني"! ومن الطريف أن نعرف أن "فلان" تستعمل بالمعنى نفسه في بعض اللغات السامية مثل الآرامية والسريانية والعبرية ["فِلُوني"، والإمعان في التنكير عند اليهود يكون: "فِلُوني أَلمْونِي" (פלוני אלמני)، ووردت هذه العبارة في التوراة، في سفر صموئيل فيما أظن الساعة]. |
#8
|
||||
|
||||
![]() رحلة الصيف
ما إن يطل الصيف علينا في هذه البلاد، وتبدأ عطلة المدارس الصيفية، حتى يحزم المهاجرون أمتعتهم ويتجهزون للسفر إلى بلادهم الأصلية. والمهاجرون في بلجيكا وغيرها من دول أوربا الغربية كثر، وهم وافدون من دول كثيرة أهمها المغرب وتركيا. وغالباً ما يكون النصف الثاني من شهر حزيران/يونيو من كل عام وقتَ استعداد للسفر صوب الوطن، فتزدحم وكالات السيارات بالسيارات التي أتى بها أصحابها لإجراء صيانة عامة لها قبل السفر ـ حتى لا تخذلهم في الطريق ـ وتذهب الأمهات إلى الأسواق لشراء الهدايا للأقارب في الوطن ... وما إن يحين وقت السفر حتى ينطلق المهاجرون في قوافل مكونة من خمس أو عشر سيارات، وتبدأ رحلة طويلة تستغرق يومين أو ثلاثة أو أربعة أيام؛ فيسافرون معاً، ويتوقفون للاستراحة معاً، فيستأنسون ببعضهم، ويتقون بذلك مخاطر الطريق الطويلة ووحشتها. ورحلة هؤلاء المهاجرين إلى أرض الوطن رحلة مثيرة بكل معاني الكلمة. فبالإضافة إلى كونها حركة اقتصادية ينتعش منها الكثيرون مثل أصحاب المتاجر في بلجيكا والبلديات الأوربية التي تفرض ضريبة على مستعملي طرقها السريعة (مثل فرنسا وإسبانيا)، وشركات النقل البحري التي تعبر بالمسافرين وسياراتهم البحار التي تكون في طريق العائدين إلى الوطن (مثل مضيق جبل طارق وغيره)، هي أيضا رحلة تمتزج بها المشاعر الانسانية ـ كالحنين إلى الأوطان وبقية الأهل فيها ـ بالمشاعر الحزينة أو السلبية التي قد تنتج عن تلك الرحلة، سواء أكان مبعثها فقدان حبيبٍ توفاه الله، أو خيبة أملٍ من تصرفات شتى. وقد تنقلب هذه الرحلة، التي طالما انتظرها المهاجرون بفارغ الصبر، جحيماً بسبب ما قد يحدث لهم فيها، سواء بتعرضهم للسطو وهم في طريقهم إلى الوطن، أو لحادث سير يرديهم ضحايا الحنين. لا يمر موسم إلا وتسمع بوفاة فلان من الناس وسائر أهله في حادث سير مأسوي وهم في طريقهم إلى أرض الوطن أو أثناء عودتهم منه، فيجتمع الناسُ، ويجمعون المال الكافي لأهله، ويقيمون صلاة الغائب عليه، ويترحمون عليه ويذكرونه بالخير. إن المهاجر المقيم في هذه البلاد حريص أشد الحرص على القيام برحلة الصيف هذه لأنها زاده الذي يمكنه من قضاء سنة أخرى في أرض المهجر دون أبابة ... فيدخر لها من ماله لأنها رحلة مكلفة لرب أسرة مكونة من خمسة إلى سبعة أفراد، خصوصاً حينما يتوجب عليه القيام برحلات سياحية داخل أرض الوطن إرضاءً لأولاده الذين ولدوا وكبروا في أرض المهجر ولا يشدهم ـ بعكس والديهم ـ أيُّ حنين إلى تلك القرية النائية في أقاصي الريف، التي ولد فيها والداهم ... أو تطييباً لخاطر بنت أو بنات تُطلب أيديهن كل يوم في قرية الوالدين، ليس لوجه الله، بل محاولة لاستغلالهن مطية للهجرة إلى الغرب، بعدما أوصدت أبواب الهجرة الأخرى ... ولكنها تبقى رحلة الميسورين مالياً. فكم من مهاجر تعثرت حالته لا يستطيع القيام بهذه الرحلة، فيبقى يكد ويشقى ويدخر ليتمكن من القيام بها كل خمس سنوات ... وكم من مهاجر ليس يملك أوراق إقامة رسمية في أرض المهجر فلا يستطيع مغادرتها ... وكم من مهاجر ميسور الحال ليس بمقدوره الذهاب إلى وطنه الأصلي لأن أبوابه موصدة بوجهه ... الأول يمزقه الحنين ـ وقد يجد من يجبر له عثرته فيعطيه مالاً يعينه على رحلته. والثاني يقضي صيفه في وحدة قاتلة وكآبة دائمة .. والثالث يعلل نفسه بزيارة بلاد أخرى، يحاول معها إقناع نفسه بأنها أجمل من وطنه ـ الموصدة أبوابه بوجهه ـ بمليون مرة ... يقال: ما مِنْ غَرِيبٍ وَإِنْ أَبْدى تَجَلُّدَهُ = إلا سَيَذْكُرُ عِندَ العِلَّةِ الوَطَنا |
#9
|
||||
|
||||
![]()
إدريس م.
كان إدريس م. زنديقاً من الطراز الأول! وكان يجاهر بإلحاده ويفعل كل ما من شأنه أن يثير حفيظة المسلم الفاسق فضلاً عن المسلم الملتزم. وكان يعزو أسباب التخلف عند العرب والمهاجرين المسلمين إلى الإسلام وتمسكهم به! وكان يهزأ بمن يصوم في رمضان ويزعم أن الصيام لا فائدة منه! وكان إدريس ـ وهو دكتور في القانون وله مركز مرموق ـ صديقي منذ أيام الدراسة، وكان متزوجاً من فرنسية. ولم يكن بين معارفي أكثر إلحاداً وهرطقةً منه! وكانت بيني وبينه مقامات عظيمة، وكنت أحبه رغم إلحاده وأدعو له بالهداية. التقيت به منذ أيام صدفة، فدعاني إلى زيارته، فقلت له مداعباً: قد أزورك ولكن بعد رمضان! فسألني: ولم لا في رمضان؟ فقلت له: إن رؤيتك من مفسدات الصوم، فكيف مجالستك ومؤاكلتك! فحلف عليَّ بالله العظيم أن أزوره لأفطر معه في داره، وفعلت! كان إدريس وقع في حب امرأة عربية عصرية وذكية، وتزوج بها، فردته إلى أصله خلال أشهر! وجدته أثناء الزيارة لابساً ثوباً عربياً وطربوشاً أحمر ومنهمكاً في إعداد مائدة الإفطار بيديه ...، وصوت عبدالباسط عبدالصمد يملأ الدار بالذكر الحكيم، ووجدته صائماً خاشعاً وفي صالونه طائفة من الكتب الدينية المترجمة في أكثر من خمس لغات لأن عربيته ضعيفة. ورأيته أيضاً يلقن ابنيه الصائمين (من زوجته الأولى) دعاء الإفطار ... فسهرت معه حتى السحور. وكانت فرحتي أعظم عندما حدثني أن بعض أصدقائنا المشتركين قد عادوا إلى ربهم بطريقة مماثلة. وانصرفنا بعدما اتفقنا على لم شمل هؤلاء الزملاء القدماء العائدين إلى ربهم من جديد. فلاتستهينوا بالعربيات، حتى وإن كن عصريات! فمهما صنعن، فإنهن لا يرضين برجل لا يصوم في رمضان لأنهن يرين في ذلك انتقاصاً من الرجولة كما سمعت بأم أذني، وسندانها أيضاً! |
#10
|
||||
|
||||
![]()
الشتائم المقذعة والتصحيح الأخلاقي الذاتي!
مما لفت انتباهي وأنا أتأمل في شتائم الأمم المختلفة المقذعة ظاهرة غريبة مفادها قيام الشاتمين تلقائياً بتصحيح مسار الشتيمة المقذعة لتصبح شتيمة لا معنى لها تقال للتنفيس عن الذات الغاضبة وقت انفلات المكابح... وغالباً ما يتبع تصحيح أخلاقي كهذا طريقتين. الطريقة الأولى: إضمار فعل مقذع. والطريقة الثانية: استبدال اللفظة المقذعة بلفظة مشابهة لها في اللفظ غير ذات معنى مقذع. ومن الملفت للنظر أيضاً أن هذه الظاهرة عامة بمعنى أن الذاكرة الجماعية تتبناها. الطريقة الأولى: إضمار فعل مقذع غالباً ما يكون ذلك في الشتائم الدينية التي يسميها أهل الشام "كِفِرْ"، فيقال للذي يشتم الدين وقت الغضب: "كَفَر"، أي خرجَ من الدين. فيضمرون الفعل تفادياً للتجديف والكفر، ويقولون "دِينِ اِمَّكْ"! [المغرب] بدلاً من "ألعن ..." الخ. فأسقطوا فعل اللعن لأن في ذلك كفراً صريحاً. الطريقة الثانية: إبدال اللفظة المقذعة "وِلْدِ اِمَّكْ" [الجزائر] بدلاً من "ولد الفاعلة أو الحرام" أو ما أشبه ذلك! "أخو الذين آمنوا" [سورية] بدلاً من "أخو الفاعلة" وهلم جراً. وأقتصد في الأمثلة، لأن بمقدور القارئ ملاحظة ذلك في لهجته المحلية. وأشير إلى أن هذه الظاهرة العجيبة، "ظاهرة التصحيح الأخلاقي الذاتي"، موجودة في أكثر لغات البشر. |
#11
|
||||
|
||||
![]() قِف لِلمُعَلِّمِ أَعطِهِ البَخشِيشا *** كادَ المعلمُ أن يَبِيعَ حَشِيشا! استوقفني في كلمة للأستاذ الجليل قحطان الخطيب قوله ـ وهو يتحدث عن أساتذة سوريين:
"وأذكر منهم الأستاذ عبدالحميد الياسين، أستاذ الرياضيات في حلب، وهو صائغ الآن حسبما سمعت من أقاربي في حلب". والذي استوقفني في كلام الأستاذ قحطان هو استحالة أستاذ الرياضيات صائغاً! نعم، هنالك أساتذة يفضلون العمل الحر على التعليم، وأنا أعرف الكثير منهم. أذكر منهم أخاً لي دكتوراً في العلوم السياسية من جامعة غربية مرموقة عنده اليوم مصنع قماش في دولة عربية ... وأذكر منهم أخاً لبنانياً لي طبيباً يدير الآن سلسة مخابز وكعك ومناقيش زعتر في بلجيكا ...، وأذكر منهم دكتوراً عربياً في القانون الدولي يتجر في الألماس بين سيراليون وبلجيكا ... وأحوال الثلاثة المادية "فوق الريح"، ـ زادهم الله من فضله. وأعرف دكاترة وأساتذة جامعيين بلجيكيين يجمعون بين التدريس الجامعي والعمل الحر. ومعظم زملائي في كلية الترجمة يملكون مكاتب ترجمة ويديرونها بأنفسهم. وأنا بنفسي أجمع بين التدريس الجامعي والعمل الحر علماً أني أفضل العمل الحر الذي أمارسه منذ عقد من الزمن بأشواط على التدريس الجامعي، وأتلقى سنوياً عروضاً من جامعات ومعاهد مرموقة للعمل فيها بسبب الخبرة العملية! ولكن الذين أعرفهم اختاروا العمل الحر بمحض إرادتهم لا غصباً عنهم! إذاً الحديث لا يتعلق بالأساتذة الذين يمارسون بمحض إرادتهم أعمالاً حرةً لا تتعلق باختصاصهم، إنما فيه إشارة إلى ظاهرة مؤلمة جداً في بعض البلاد العربية ـ ومنها سورية التي لا يتجاوز راتب الأستاذ الجامعي فيها الـ 250 دولاراً أمريكياً في الشهر! وأنا لا أدعو إلى مقارنته بزملائه في بلجيكا الذين يتقاضون على العمل ذاته راتباً قائماً بحدود 7500 (سبعة آلاف وخمسمائة) يورو في الشهر الواحد يخصم حوالي 40 بالمائة منه للضمان الصحي والتقاعد، فلا مجال للمقارنة، علماً أن السمكري والتنكجي والقومجي في سورية يكسبون شهرياً أضعاف راتب الأستاذ الجامعي فيها! كيف تنهض أمة وأحوال أساتذتها الجامعيين هكذا؟ وكيف لا يستحيل الأستاذ الجامعي في بلادنا ضائغاً أو سائق تاكسي في الليل والقومجي يكسب أكثر منه في الشهر! ومتى يكتب هذا الأستاذ أبحاثه إذا كان نهاره درس وليله سوق؟! وكيف ينهض هذا الأستاذ بمستوى التعليم العالي المتدني حتى الحضيض في بلاده والحال هذه؟! وماذا يفعل وزراء التعليم العالي في بلادنا؟! هل نرد صمتهم المطبق إلى جمعهم بين الوزارة في النهار، والعمل في الليل "شوفيرية تكاسي" لا سمح الله؟! وإذا كانوا يعرفون المشكلة ولا يفعلون شيئاً، فهل جفَّ الدم في عروقهم وأصبحوا لا يجدون الشجاعة الكافية ليستقيلوا من مناصبهم احتجاجاً على وضعٍ القومجيُّ فيه محترمٌ أكثر من الأستاذ الجامعي؟! |
#12
|
||||
|
||||
![]() مَن يَهُن يَسهلُ الهوانُ عليه تمر حادثة اغتصاب الجنود الأمريكيين للطفلة العراقية عبير الجنابي وقتلها مع أفراد أسرتها وكأن الأمر خبر عادي كسائر أخبار القتل والدمار التي عودتنا الفضائيات العربية وغير العربية على رؤيتها ليل نهار، فتعودنا على المشهد الدموي الذي جعل من هذا الوطن "سيارة إسعاف كبيرة" كما كان المرحوم نزار قباني يقول، فأفقدتنا قدرتنا العجيبة في التأقلم*مع الذل والتعود عليه*فضيلة النخوة والإحساس بما يجري لأهلينا ... وسرعان ما ننسى الأمر مع مباراة جديدة من مباريات بطولة كأس العالم التي أضيفت إلى وسائل الخدر الكثيرة عندنا، خصوصاً بعدما نصب لنا بعض أولياء أمورنا شاشات كبيرة في الساحات العامة لمتابعة مباريات بطولة كأس العالم ـ "رأفة منهم بفقرائنا"* ـ فجعلتنا ننسى ما يحدث في العراق وفلسطين وغيرهما من بلاد العرب والمسلمين، وجعلتنا نعتبر الأمر وكأنه لا يعنينا. إن جرائم الاغتصاب والسرقة والنهب التي يرتكبها الجنود الأمريكيون في العراق كانت متوقعة منذ البداية لأن أكثرية الجنود الأمريكيين المرسلين إلى العراق مكونة من أجانب هاجروا إلى أمريكا ووُعِدوا بالحصول على الجنسية مقابل الخدمة في العراق.* فعلى الرغم من العداء التاريخي والنية المسبقة في تدمير العراق وغيره من بلاد العرب خدمة لإسرائيل، فإن أكثر الجنود الأمريكيين الذين يخدمون في العراق هم من المرتزقة وشذاذ الآفاق الذين لا هم لهم إلا الحصول على منافع مادية تبدأ بالسطو والنهب والاغتصاب، وتنتهي بالحصول على الجنسية الأمريكية بعد إثبات ولائهم لأمريكا بارتكاب هذه الجرائم في العراق. وهذه حقيقة لا تغيب عن بال الحكومات العراقية المتتابعة في ظل الاحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق، ولكنها لا تهم تلك الحكومات الطائفية، لأن تصفية الحسابات الحزبية والطائفية والعرقية عند الأنانيين من السياسيين العرب ـ وما أكثرهم ـ أهم من أي أمر آخر، مهما كان خطيراً على الأمة، وعلى شرفها!* إنها الطريقة المأسوية التي كشف فيها خال الطفلة المغتصبة اللثام عن جريمة الاغتصاب البشعة هي التي جعلت أصواتاً تتعالى في البرلمان العراقي مطالبةً بفتح تحقيق في قضية الاغتصاب، وليس الإحساس بالشرف، لأن اغتصاب فتاة على يد الأجانب يبقى ـ في جميع المعايير ـ أقل أهميةً من اغتصاب بلدٍ بأكمله، وذلك على الرغم من أهمية الرمز في جريمة اغتصاب المرحومة عبير الجنابي لدى أمة لا تزال تقدم الشرف الشخصي على شرف الدين والأمة وتعتبره ـ الشرف الشخصي ـ أهم من الدين والأمة معاً. ولكن كيف يحق لبرلمان أتى أعضاؤه بالأجنبي ودللوا له وكانوا له آباء رِغالٍ في اغتصاب بلدٍ بأكمله، أن يطالب أعضاؤه الآن بفتح تحقيق في اغتصاب بنت وقتل أسرة؟ أية مصداقية يتمتع بها هذا البرلمان وهذه الحكومة التي تستقوي بالأجنبي المحتل ضد الشعب؟ ألم يحن الوقت بعد لمحاسبة هؤلاء وإدانتهم ـ ولو أخلاقياً ـ على ما فعلوا بالعراق نتيجة لإصرارهم الأناني في تصفية حسابات حزبية وطائفية وعرقية مقيتة، حتى وإن أدى ذلك الإصرار إلى اغتصاب العراق بأكمله؟ إن ظاهرة الاستقواء بالأجنبي باتت طبيعية لدى العرب فيما يبدو، ولم يعد يتحرج منها أحد فيما يبدو أيضاً ... وأرجو أن تستخلص حركات المعارضة العربية المتحزبة في الخارج ـ بما فيها المعارضة السورية ـ العبرة مما يجرى في العراق، وتؤمن بأن الاستقواء بالأجنبي من أجل تصفية حسابات حزبية وطائفية مقيتة، لا يؤدي إلا إلى التمهيد لاغتصاب الوطن بأحزابه وطوائفه مجتمعة! وفي الوقت نفسه: ألم يحن الوقت بعد لكي تقوم الحكومات العربية بإجراء مصالحة شاملة مع الذات ومع الشعب من أجل بناء الوحدة الوطينة الكفيلة بتحصين الوطن ضد الاحتلال، وتحصين رجاله من القتل، وتحصين نسائه من الاغتصاب والقتل معاً، وقبل ذلك كله تحصين زعمائه للحيلولة دون*اضطرارهم إلى الاختفاء في المغارات والحفر والأنفاق عندما لا يجدون الشجاعة الكافية للموت بشرف، ـ*مثلما*وقع لصدام حسين؟!** عبدالرحمن السليمان. |
#13
|
||||
|
||||
![]() الدكتور عبد الرحمن * إننا أصبحنا ضعفاء ولا نستطيع فعل أي شيء، ما عدا الدعاء وهو من أضعف الإيمان. * أنا مع التحقيق في الجريمة على الرغم من أن الحكومة والبرلمان هما من أتى بالاحتلال وكرس له. * و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. |
#14
|
||||
|
||||
![]() من المحزن بالنسبة لي على الأقل عندما تسمع أحدهم يعلق بحزن وحسرة عندما يرى أي من أصحاب الشهادات " مو عيب فلان يعمل كذا أو كذا" |
#15
|
||||
|
||||
![]() هذا موضوع محزن جدا يا أبا صالح، فكم من مصري أعرف، يحمل شهادة الماجستير في العلوم أو الآداب، يعمل في صناعة الشاورمة في بلجيكا؟! وكم من سوري أعرف، يحمل شهادات جامعية عليا، يعمل في صناعة الملابس المستعملة في بلجيكا؟! صحيح أن الناس يبحثون عن الرزق الحلال في غير مجال تخصصهم عندما يصبح العمل في مجال تخصصهم محالا ـ*وهذا أمر*مشروع بحد ذاته ـ إلا أن*هذه الظاهرة تكاد*تصبح عامة، وحسبك بذلك هدرا للطاقات والجهد، وعرقلة لعملية البناء والنهضة في بلاد العرب. ففي الوقت الذي يركز الناس في الغرب على التخصص تركيزا مذهلاً، نجد العرب يعملون في غير مجالات تخصصهم وبطريقة شاذة جدا (مثلا: أستاذ جامعي يعمل سائق تاكسي في الليل).*وأية نهضة*ننشدها*إذا كانت الطاقات العقلية تهاجر، وإذا كان رأس المال يُهرَّب، وإذا كان المقيمون يعملون في غير مجالاتهم؟! |
#16
|
||||
|
||||
![]() طب الفقراء لعل أكثر ما يلفت انتباه زائر المكتبات في المغرب هذه الأيام كثرة الكتب المخصوصة بالتداوي بالأعشاب. فما أن تدخل مكتبة أو تقف عند رصيف تباع عليه الكتب إلا وترى عشرات الكتب، القديمة منها والحديثة، المخصوصة بطب الأعشاب. يوجد شبه إجماع لدى أطباء الغرب اليوم أن التداوي بالأعشاب أمر جيد، مع اعتقادهم القوي بأن هنالك حالات كثيرة لا يمكن الاستغناء فيها عن الأدوية الكيميائية الفعالة وذلك على الرغم من الأعراض الجانبية التي تسببها الأدوية الكيميائية. وتنتشر في أوساط المثقفين الغربيين ظاهرة الالتجاء إلى الأعشاب تجنباً للأدوية الكيميائية، والجدل بين أصحاب الأدوية الكيميائية والأعشاب كبير.*** ولاحظت في المغرب أن ثمن الأدوية الكيميائية ليس رخيصاً، إذ دفعت حوالي خمسة يورو ثمن علبة دواء للصداع لا يتجاوز ثمنها في بلجيكا الخمسة يورو أيضا مع الفارق الكبير في دخل الأفراد بين المغرب وبلجيكا. وما ينطبق على المغرب ينطبق على معظم الدول العربية.* وكنت طالعت قبل الأمس (5 أغسطس/آب) في جريدة الشرق الأوسط* أن العراقيين باتوا يلجؤون إلى طب الأعشاب بعدما أصبحوا عاجزين عن دفع أثمنة الأدوية الكيميائية! فإذا كان العراقيون ـ وهم أهل نفط يُنهب ـ لا يقوون على تسديد ثمن الدواء، فماذا نقول عن فقراء السوريين والفلسطينيين والمصريين والسودانيين؟! إذا ليس الالتجاء إلى طب الأعشاب في بلاد العرب ناتجاً عن وعي فكري بمضار الأدوية الكيميائية، أو إيماناً بالعودة إلى الطبيعة كما يرى عقلاء الشرق والغرب، بقدر ما هو التجاء إلى طب بدائلي بسبب عجز أكثر العرب عن دفع ثمن الأدوية الكيميائية. نسمع كثيراً عن المآسي المحزنة في بلاد العرب، من أب يموت ابنه بين يديه وهو ينظر إليه عاجزا لأنه لا يستطيع تطبيبه بسبب الغلاء الفاحش، وأم تعاني ابنتها من انحراف في عظام الظهر إلا أنها لا تستطيع إجراء عملية جراحية لها لأن العملية الجراحية تكلف كذا وكذا مما لا تقدر الأم على تسديده، الخ. لا شيء أخطر على الفقراء من زمن العولمة هذا الذي باتت الغلبة فيه للقوي، سواء أكان ذلك القوي منا أو ليس منا. ففي الوقت الذي تفتح الحكومات الغربية فيه*أبوابها للعولمة على مصراعيها، تبني*تلك*الحكومات الغربية*جدارا سميكا حول*أنظمة الضمان الاجتماعي والصحي للفقراء والأغنياء على السواء،*وتتخذ مبادرات*فعالة لحماية الفقراء*من لاعقلانية العولمة الجارفة. فماذا تفعل حكوماتنا من أجل فقرائنا؟!* |
#17
|
||||
|
||||
![]() الدكتور عبد الرحمن أرى في الامر عودة للأصل، والرجوع للأصل فضيلة، خاصة إذا كان تعاطي هذه المهنة بشكل علمي فهو لا محالة أنفع. وهذا ما يسمونه اليوم بالطب البديل، حيث يلاحظ أن الطب الحديث عجز على شفاء أمراض في الوقت الذي عالج فيه طب الأعشاب نفس الأمراض، أو على الأقل عمل على التخفيف من حدتها. |
#18
|
||||
|
||||
![]() دكتور عبدالرحمن ما أحلى ما تثيره من مواضيع، وما تعزف عليه من أوتار، تثير الكثير من الغبار*العالق على *أمور حاول الكثير تغييبها |
#19
|
||||
|
||||
![]() أخي الأستاذ صاير، تحية طيبة مباركة، لا شك في أن العودة إلى الأصل فضيلة. هنالك أناس يؤمنون عن وعي بفضل طب الأعشاب على الطب الحديث، وهنالك أناس يلجؤون إلى التداوي بالأعشاب، ليس لقناعة ما بل لعجزهم عن تسديد فواتير الطب الحديث، وهؤلاء هم الفقراء الذين عنيتهم بالكلمة. ولا أعتقد أن مرد الانتشار الكبير لكتب التداوي بالأعشاب، الذي أشرت إليه، إلى وعي كبير لدى القوم ـ إذ لا شيء يشير إلى ذلك ـ بل إلى الفقر المدقع من جهة، وإلى لا إنسانية أكثر المؤسسات الطبية العربية من جهة أخرى! وفي جميع الأحوال: "رب ضارة نافعة"، لأن العودة إلى الأصل ـ مهما تعددت الأسباب ـ تبقى غاية كريمة. |
#20
|
||||
|
||||
![]() أخي أبا صالح، تحية طيبة مباركة، انتشر طب الأعشاب انتشاراً كبيراً في الغرب، وبدأت وزارات الصحة تعترف به، وبات أكثر الناس يميلون إليه نفوراً من المعالجات الكيماوية. وعندي طفل مصاب بحساسية لا تصنيف لها بعد (يعتقد بأنها "اِسْتِكْتابُ الجِلْد" – Urticaria)، تجعل لون جلده يَحْمَرُّ خلال ثوانٍ وتسبب له في الصيف حكَّة مؤلمة. عالجه أهم أخصائي في الأمراض الجلدية في بلجيكا مدةَ عام كامل، تابعَ الصبي أثناءه أكثر من عشرة أنظمة طعام مختلفة كي نكتشف سبب الحساسية، بدون نتيجة تذكر. ثم قام الأخصائي الكبير، وهو أستاذ في جامعة لوفان، بتحويلنا إلى طبيب متخصص في طب الأعشاب، عالجه وخفت حدة الحساسية لديه بنسبة تجاوزت الثمانين بالمائة والحمد لله. فهذا أكبر أخصائي في أمراض الجلد في بلجيكا يحول مريضه إلى متخصص بطب الأعشاب بعدما بذل لنا ـ بدون حاجة إلى ذلك ـ جهداً ملحوظاً ليقنعنا بأهمية التطبب بالأعشاب. وتجد في جميع الصيدليات في بلجيكا أقساماً لبيع مستحضرات الأعشاب الطبية، وكثيرٌ من الصيادلة ينصحون الزبائن (الذين يطلبون دواء بدون وصفة من طبيب) باقتنائها. وأطباء الأسرة في هذه البلاد لا يكتبون لمرضاهم مضادات حيوية إلا وقت الضرورة القصوى لأن هنالك إجماعاً على ضررها! * وأعتقد أن السبب في اعتبار غالبية الأطباء العرب التطبب بالأعشاب خرافات ليس سبباً علمياً ـ لأنهم يعلمون أن التطبب بالأعشاب مفيد وفعال ـ بل هو الجشع والطمع وانعدام الانسانية لدى الكثير منهم، لأن كثيراً منهم يمارسون مهنة الطب مثلما يمارس السمسار مهنته، ولا هدف لهم إلا استغلال مآسي الناس للإثراء ... وإلا فما معنى أن يطلب جراح يعمل في السعودية 20.000 دولار أمريكي "إجرة يده" من أجل إجراء عملية جراحية في الظهر، هي مجانية في بلد مثل بلجيكا بالنسبة للمواطنين المنتسبين إلى صناديق الضمان الصحي المختلفة (والانتساب إجباري)؟! ما الذي يمنع الحكومات العربية من تطبيق نظام ضمان صحي صارم خصوصاً وقد *انعدمت الرحمة من قلوب أكثر الأطباء في البلاد العربية؟! لا أستطيع أن أتصور طبيباً عربياً درس في الغرب ثم يجادل في أهمية طب الأعشاب. فلا تفسير لاعتبار أطبائنا العرب طبَّ الأعشاب تخلفاً وتخريفاً إلا الجهل أو الجشع لأن فضل التطبب بالأعشاب في حالات مَرَضية كثيرة ثابت. * أعاذنا الله وإياكم من الحاجة إلى الدواء سواء أكان كيمائياً أو أعشاباً.
|
#21
|
||||
|
||||
![]() إن كيدهن عظيم! ظاهرة "الطفل النائم" في المغرب (بالأمازيغية: إِيمَطَّصْ – IMETTAS) هي ظاهرة غريبة عجيبة تنتشر في بعض أرياف المغرب. تطلق تسمية "الطفل النائم" على الطفل الذي يولد بعد سنتين أو ثلاث سنوات أو حتى خمس سنوات من واقعة الجماع التي أدت إلى تكوينه في رحم الأم! وغالباً ما تطلق هذه التسمية العجيبة على الطفل الذي يولد بعد أكثر من سنة من وفاة الأب (اقرأ: زوج الأم الشرعي!) أو من غيبته، فتفسر الولادة المتأخرة على أن الطفل خُلِقَ ثم نام سنتين أو ثلاث سنوات أو أكثر من ذلك في بطن أمه، ثم استيقظ من نومه العميق، فتضعه أمه بعد استيقاظه من سباته العميق! وأول ما يتبادر إلى الذهن عند سماع هذا التفسير العجيب لولادة تأتي بعد حمل يدوم بضع سنوات هو مضاجعة الأم ـ في غياب زوجها ـ رجلاً آخر تحمل منه طفلاً يكون، في جميع الأحوال، ابناً غير شرعي! إذاً لا عجب في الأمر، أقصد أمر الحمل غير الشرعي، بل العجب، كل العجب، في اعتقاد شريحة من سكان الأرياف والبوادي ـ نساءً ورجالاً ـ بوجود ظاهرة "الطفل النائم" هذه، وكأنها ظاهرة حقيقية! خبرت ذلك بنفسي في حديث سمر مع بعض المسنين والمسنات في إحدى قرى المغرب النائية، حيث استنكرت إحدى العجائز انكاري وجود تلك الظاهرة استنكاراً شديداً، وقالت بكل ما أوتيت من قوة: "ظاهرة الطفل النائم ظاهرة حقيقية، ففلان من الناس ولد بعد ثلاث سنوات من سفر أبيه إلى الخارج، وفلانة ولدت بعد خمس سنوات من وفاة أبيها" ... وأيدها في قولها بعض الشيوخ ممن ضم المجلس! إن ظاهرة "الطفل النائم" حل براغماتيكي أوجدوه للحاجة إليه في التغطية على واقعة الزنا التي تؤدي إلى حمل غير شرعي في غياب الزوج أو بعد موته، وجعل الوضع يمر بسلام! والعجب لا ينقضي من تصديق الناس لهذه الظاهرة التي جعلتني أحار من قدرة الانسان على قلب الحقائق وجعل الناس يسلمون بالتضليل وكأنه حقيقة، وذلك خوفاً من مواجهة الأمر على حقيقته! |
#22
|
||||
|
||||
![]() الأوائل! هل يجوز لنا اعتبار أقوال الأوائل حجة على الدوام؟ هنالك أمور كثيرة غامضة في العربية لا تتضح إلا من خلال مقارنتها بأخواتها الساميات التي كان أوائلنا يجهلونها. لقد اجتهد أوائلنا وقالوا بمنتهى علمهم، ولا لوم عليهم لأنهم اجتهدوا وبرعوا، إنما يقع اللوم علينا نحن عندما نقف عند حدودهم وتعريفاتهم، حتى عندما يثبت خطؤها، ولا نفعل شيئاً يذكر لمحاكاتهم فيما برعوا فيه! حاروا في "تنور" التي اعتقدوا فيها أنها مشتقة من "نير/نور"، وحاروا في التاء لأن التاء لا تكون اسم آلة في العربية. ونحن لم نهتد إلى أصلها إلا بعد اكتشاف النصوص السومرية، حيث وردت كلمة "تنور" فيها للدلالة على المكان الذي يخبز الخبز فيه. إذاً بلغ أوائلنا الغاية فيما اشتغلوا به في زمانهم. ونحن لم نستطع مجاراتهم في كل ما برعوا فيه، ومنتهى اجتهادنا هو استدراك أخطاء وقعوا فيها ما كانوا ليقعوا فيها لو أنهم كانوا مطلعين على العلوم والمعارف التي اطلعنا عليها نحن، وهذا أمر طبيعي جداً. فمتى نبرع في أعمالنا وفق ظروف عصرنا مثلما برعوا هم في أعمالهم وفق ظروف عصرهم، في مجال اللغة على الأقل؟! |
#23
|
||||
|
||||
![]() الله ما أجمل هذه الخاطرة د.عبدالرحمن وما أبدع المثل وسلاسته وفي نفس الوقت قوته وهذا ما أحاول العمل به في أكثر مداخلاتي والتفكير في حلول لتجاوزها بداية من موضوع القواميس والمعاجم ومناهج اللغة العربية والمعالجة اللغوية واللسانية تقنيا وأنادي بالتعامل بكل لغة على حدة ككيان لكي نفهم روحها بعيد عن تأثيرات روح لغة أخرى لكي نستطيع اكتشاف جواهر كل منها
|
#24
|
||||
|
||||
![]() أخي أبا صالح، حياك الله وأمتع بك. أجل أخي الكريم: لا توجد أمة حضارية في التاريخ، بلغت الغاية في دراسة علوم لغتها قبل العصر الحديث، مثلما فعل أوائلنا رحمة الله عليهم. وأنا لا أقصد بحال من الأحوال الانتقاص منهم، فلا ينتقص منهم إلا ناقص جاهل أخرق لا يعتد به وبما يقول. والذين ينظرون بسلبية إلى أعمال أوائلنا العظيمة هم أجهل الناس بها، لأن أكثر الأمم بنت على ما أسسوا هم، سواء في علم اللغة بمفهومه الواسع (النحو والصرف والأصوات الخ)، أو في علم اللغة بمفهومه الضيق (صناعة المعجم). [1] وما أشتكي منه في هذه الكلمة الموجزة هو عجزنا نحن "الأواخر" عن محاكاتهم فيما برعوا فيه رغم توفر جميع وسائل الإبداع لدينا، والوقوف عند ما انتهوا إليه، وترديد أقوالهم والأخذ بها دون نقد أو تمحيص[1] *شهادات* حكماء الأمم القديمة والحديثة كثيرة في هذه المجال، وأقتصر هنا على ذكر شهادتين منها فقط: أ) ابن جناح القرطبي: "ورأيت القوم الذين نحن في ظهرانيهم [= العرب] يجتهدون في البلوغ إلى غاية علم لسانهم على حسب ما ذكرناه مما يوجبه النظر ويقضي به الحق. وأما أهل لساننا [= اليهود] في زماننا هذا فقد نبذوا هذا العلم وراء أظهرهم وجعلوا هذا الفن دبر آذانهم واستخفوا به وحسبوه فضلاً لا يُحتاج إليه وشيئاً لا يُعرج عليه فتعروا من محاسنه وتعطلوا من فضائله وخلوا من زينه وحليه حتى جعل كل واحد منهم ينطق كيف يشاء ويتكلم بما أراد ... ". المصدر: ابن جناح القرطبي، كتاب اللمع. صفحة 2-3. الكتاب مطبوع بالعنوان التالي: Le Livre des Parterres Fleuris d’Aboul’l-Walid Merwan Ibn Djanah de Cordoue. Publiée par: Joseph Derenbourg. Paris, 1886. ب) المستشرق جون هيود: “In the compilation of dictionaries, and another lexicographical works, the Arabs – or rather, these who wrote Arabic – were second to none until the Renaissance …”. المصدر: Haywood J.A., Arabic Lexicography ... |
#25
|
||||
|
||||
![]() القاموس الخاص! أحيانا أقرأ كلاما يعتبره أصحابه*أدبا ولكنه يحفل بتعابير ومصطلحات لغوية ما أنزل الله بها من سلطان، وفي الوقت ذاته فإن تلك التعابير والمصطلحات اللغوية*لا ترقى لتصل إلى مرتبة الإضافات البيانية والإبداعية في اللغة.وسبق لي أن راسلت أحد الناس بخصوص تعابير ومصطلحات لغوية وردت في نص له استعجم علي فهمها واستعصى علي تصنيفها، فأجابني بأنها من "قاموسه الخاص به".* إن*انتشار*المواقع*التي تشتغل باللغة والأدب والشعر والترجمة*ظاهرة صحية بحد ذاتها، إلا أنها قد تصبح*ظاهرة تمييعية*إذا لم*تُحتَرم اللغة وأصول الكتابة فيها، لأن للغة قوانين لا يخرج عنها إلا بإجماع أهل اللغة أو بإبداع فني خارق للعادة! والسؤال المطروح هنا هو: هل يحق لكل من هبَّ ودبَّ أن يكون له قاموس خاص به؟ وهل القاموس الخاص مخصوص بالمبدعين أم هو*ادعاء للتغطية على الجهل بالقاموس العام للغة؟! وهل كان لنزار قباني قاموس خاص به لا يفهمه الآخرون؟ وهل لمحمود درويش قاموس خاص به لا يعرفه الناس؟! وهل صحيح أن "الصدق الفني"*مناقض للصدق الأخلاقي؟*ألا يمكن أن يكون هنالك صدق فني غير مناقض للصدق الأخلاقي؟! أم أننا نشهد ظاهرة تمييع للأدب على غرار ظاهرة تمييع الموسيقى*وسائر الفنون، من شأنها أن تؤدي إلى تمييع للغة لأن الذين باتوا يعتبرون أنفسهم كتاباً وشعراء "مبدعين" أصبحوا "أكثر انتشاراً من الناموس في مستنقعات الأهواز"* *ـــــــــــ * هذه الصورة البيانية من قاموسي الخاص * |
#26
|
||||
|
||||
![]() الكلب يربط ... والجرذون يحل ... كان هنالك سبعان شقيقان واحد كبير هو الملك وآخر صغير هو الوزير. وكان السبع* الصغير يعيش في ظل أخيه الملك وكان يرغب في أن يصبح ملكاً فهجر أخاه السبع الكبير ومملكته غير آبه بتحذير أخيه الملك له من مخاطر الغربة. وطاف السبع الصغير في الأرض بحثاً عن مملكة يؤسسها لنفسه. التقى السبع الصغير أثناء طوافه بكلب يطمح هو الآخر لأن يصير ملكاً على قومه. وصارح السبعُ الكلبَ وأفصح له عن نيته فقال له الكلب: أبشر يا مولاي! فما هي إلا أيام وتصبح ملكاً على غابتنا، ولكن ذلك لا يتم إلا بحيلة! فقال السبع: وما هي هذه الحيلة أيها الكلب! فقال له الكلب: دعني أفكر وأدبر الأمر! وفي اليوم التالي قال الكلب للسبع: لقد وجدتها يا مولاي! أدلك على مضارب قومي فتهجم عليهم لتفترسهم، فأنبري أنا للدفاع عنهم وأنازلك أمامهم وكأني لا أهابك! في هذه الحالة يجب عليك أن تستسلم لي وتجعلني أغلبك وأصرعك أمام قومي وأقيدك بالوثاق! عندئذ سيهابني قومي ويسمعون كلامي وينفذون كل ما أطلب منهم. وأول ما سأطلب منهم بعد استسلامك لي، هو تعيينك ملكاً على قومي، بشرط أن تستوزرني مدى الحياة!********* صدّق السبعُ الصغير الكلبَ ونفّذ ما اتفقا عليه ووقعت الواقعة وأسر الكلبُ السبعَ وربط حافريه بوثاق متين ووضع رسناً حديداً في عنقه وجره بعنف شديد أمام قومه الكلاب وأدمى جسده بالسياط فهابه قومه وعينوه ملكاً عليهم! وأخذ الكلبُ السبعَ وجره من عنقه على الأرض بعنف شديد على مرآىً من قومه الكلاب ووضعه في الوادي القريب من مملكة الكلاب تمهيدا لحرقه النار تخلصاً منه بعدما أصبح لا يحتاج إليه لأنه نفّذ مأربه في الملك! جلس السبع منتظراً مصيره وأخذ يندب حظه ويبكي ندماً على عدم سماعه تحذير أخيه الملك من مغبة السفر ومفارقته إياه، فرقّ له جرذون كان قد رأى ما أوقع الكلب بالسبع، فاحتال الجرذون وقرض بأسنانه الحادة وثاق السبع وفكَّ أسره. ولم يتريّث السبع ثانية بل أطلق العنان لحافريه وطار باتجاه مملكة أخيه. وراع منظر السبع الصغير الدامي أخاه السبع الكبير وقال له: ماذا جرى لك يا أخي؟ ومن أوقع بك هذا البلاء وأنت سبعٌ؟! وكيف رأيت لي تلك البلاد؟ فأجاب السبع الصغير أخاه منكسرَ الخاطر: لعنة الله على تلك البلاد يا أخي! الكلب فيها يربط، والجرذون يحل!* |
#27
|
||||
|
||||
![]() الأزمة الأخلاقية للأخلاقيين العرب! قد يبدو هذا العنوان غريباً بعض الشيء إلا أنه مقصود. والأخلاقيون العرب الذين أعنيهم في هذا المقام هم هؤلاء المثقفون والكتاب والشعراء وممثلو "الجمعيات المدنية" ونقابات المحامين وحقوق الانسان الخ الذين تعلو أصواتهم عندما يمُاط اللثام عن جريمة يرتكبها المحتل الأمريكي في العراق أو المغتصب الصهيوني في فلسطين، بينما تختفي أصواتهم عندما يرتكب مستبدٌ أو طاغيةٌ من بني جلدتنا جريمة ضد أهلينا، مثل تلك الجريمة التي يرتكبها المحتلون ضد أهلينا أيضاً، أو أفظع منها، وذلك على الرغم من كون الخنجر الذي يطعن في الحالتين هو الخنجر ذاته، وكون الضحية التي تسقط في الحالتين هي الضحية ذاتها ... فما أن فُضِحَت التصرفات الأمريكية المشينة بحق الانسان وحقنا نحن العرب في سجن "أبو غريب" في العراق، حتى طلع علينا مئات المتحدثين بحقوق الانسان، وما أن نسمع بجريمة منكرة يرتكبها الأجنبي ضد أهلنا، حتى ينبري المئات من الكتاب للدفاع عن الضحية، بينما لا تسمع لهؤلاء صوتاً عندما يكشف سجين عربي عن بعضٍ مما يحدث في بعض سجون العرب من تعذيب لسجناء الرأي، ولا ترى أحداً منهم يتفلسف في برامج الأخبار الكثيرة عندما يكون الجاني من ذوي سلطاننا. فعلى قدر الكبت والخوف من الكلام عندما يكون المجرم والقاتل والمغتصب منا، تكون حدة الاعتراض عندما يكون المجرم والقاتل والمغتصب أجنبياً، فنُنَفِّثُ في حديثنا عن الأجنبي، عن غيظٍ نكتمه إزاء ما يرتكبه العربي! لماذا هذه الازدواجية الأخلاقية؟ ولماذا هذا الكيل بمكيالين؟! لماذا لم يعترض أحد ـ غير ذوي الضحايا العراقيين ـ على الممارسات الجهنمية في سجن "أبو غريب" إبان حكم صدام حسين؟ أليس عندنا اليوم سجون أفظع من سجن "أبو غريب"؟! ألم تسحق أنظمة عربية مدناً بأكملها؟ ألا يستعمل "قانون محارب الإرهاب" اليوم في تصفية آحر هامش طبيعي للحرية في بلاد العرب؟ ألم يصبح* كل شيء شاذاً عند العرب، بما في ذلك الشذوذ ذاته؟! فلماذا لا يعترض الأخلاقيون العرب على ذلك؟! هل جفّ الدم في عروقهم؟! أسئلة تراودني في اليوم الأول من رمضان! |
#28
|
||||
|
||||
![]() السَّفَرْ ... في الحادي عَشَر مِن سِبْتَمْبَرْ! كان علي أن أسافر إلى المغرب لإتمام إجراء إداري قبل الخامس عشر من أيلول/سبتمبر، وكنت أؤجل موعد السفر حتى كاد التاريخ المضروب لي أن يحين. وكنت أؤجل موعد السفر بسبب الأشغال المتراكمة، ولأني كنت قررت أن أسافر إلى مالقة أو طريفة أو جبل طارق في جنوب إسبانيا أولاً، ومن ثمة ـ عبر مضيق جبل طارق ـ إلى طنجة ثانياً، لأن الرحلات من بروكسيل إلى جنوب إسبانيا متوفرة على مدار الساعة. لذلك لم أحجز مسبقاً، لأني ما كنت أعلم متى أسافر! إلا أن تأخري في السفر واقتراب الموعد جعلاني أسافر إلى مدينة طنجة مباشرة كسباً للوقت، وكان من نتيجة ذلك أني لم أجد رحلة إلا في الحادي عشر من سبتمبر! السفر في الحادي عشر من سبتمبر! كانت الإجراءات الأمنية في مطار بروكسيل غير اعتيادية، وكان المسافر يكاد لا يلحظ منها شيئاً بالعين المجردة! وكان الخوف والوجوم يسيطران على جميع الوجوه، وجوه المسافرين ووجوه الموظفين على السواء. وكان التفتيش دقيقاً، فلأول مرة كان المسافرون يُفتشون تفتيشاً جسدياً دقيقياً، بدون أي تمييز. ولم ينج من التفتيش أحد، بما في ذلك العاملين في المطار من طيارين وتقنيين ومضيفات، ـ إلا العبد الفقير! فلقد شاءت الصدفة أن يكون القائم على التفتيش من معارفي، فنجوت من الجَسِّ واللَّمْس و"اللَّـحْمَسَة" ... فسألته: "منذ متى تعمل في المطار"؟! فقال لي: "لا أعمل في المطار، ولكن موظفي أمن المطار أخذوا إجازاتهم القانونية في الأسبوع الثاني من سبتمبر"! ثم أردف قائلاً: "عليهم اللعنة"! أما في طنجة، فكانت الإجراءات الأمنية غير اعتيادية أيضاً، إلا أنها كانت تلحظ بالعين المجردة! فرجال الأمن، المرئيون، وغير المرئيين، منتشرون في كل مكان ... وبدت الفنادق أشبه بالقلاع والحصون التي سُدَّت جميع المداخل إليها بالحديد وسيارات الأمن ... والداخل إليها مشبوه، والخارج منها مشبوه، تطاله في الحالتين آلات رجال الأمن الرنانة، وقد رُفعت أهبة الرنين فيها لتطال جميع أصناف المعادن ... هنالك خوف وترقب من المجهول باديان بوضوح شديد على وجوه رجال الأمن وأصحاب الفنادق والمؤسسات السياحية ... وهنالك لا مبالاة، بادية بوضوح شديد أيضاً، على وجوه المواطنين العاديين، الذين يكافحون من أجل الحصول على قوتهم وقوت أسرهم اليومي، كفاحاً لا يسمح لهم بالتوقف عند تاريخٍ، مهما كان ذا شأن وخطرٍ بالنسبة إلى الآخرين ... أما رأي الناس بالأحداث، فقد اختصر بورقة صغيرة، لُصِقَت على أبواب المتاجر والمطاعم والمحلات مثلما تلصق بطاقات الفيزا والأمريكان إكسبرس والمايسترو، تقول بعدة لغات دولية: "كلنا ضد الإرهاب" ... لكن شاي النعناع المغربي مع الإخوان ينسيك هموم السفر في سبتمبر ... ويجعلك تنسى هواجس الدنيا كلها، في لحظة سمَر ...
|
#29
|
||||
|
||||
![]()
الدكتور عبد الرحمن
هل أصبح تاريخ 11 سبتمبر كالشبح يخوفون به العرب، أم ماذا؟ ننصحهم إذا بجعله عطلة مدفوعة الأجر ويكفوننا شرهم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم. |
#30
|
||||
|
||||
![]() أخي الأستاذ صابر، إنها العولمة، بمحاسنها ومساوئها! ولحسن الحظ أن رائحة الأرض العربية تنسيك هواجس العولمة وهمومها، ربما لأنها ـ الأرض العربية ـ لا تزال بمنأى عن العولمة ... ويا ليتها تبقى بمنأى عنها، حتى انهيار العولمة! شكرا لك. |
#31
|
||||
|
||||
![]() لو طلبت من كل تلميذ في الشام أن يأتيك بجملة مفيدة فيها فعل وفاعل ومفعول به، لكان الجواب:*ضربَ الشرطيُّ الولدَ.
والإعراب الشائع لهذه الجملة الشائعة هو:* ضربَ: فعل إجرام! الشرطي: مجرم ابن*حرام! الولد: مظلوم يا حرام! والشيوع المريب لهذه الجملة يخرجها من دائرة المزاح إلى دائرة الجد! وربما كانت هذه الجملة امتدادا لـ ضربَ زيدٌ عمروا لأن الضرب لا يزال قائماً منذ أيام سيبويه وثعلب ونَفطَوَيْه، حتى أيام ذئب وفهد وشُرْطَوَيْه!!! |
#32
|
||||
|
||||
![]()
__________________
[size=x-large]همم الرجــــال أعلى من قمم الجبال [/size] |
#33
|
||||
|
||||
![]() |
#34
|
||||
|
||||
![]() موال بلدي كان المرحوم "أبو عريب" يصيحه عند اعتدال المزاج وحصول الانسجام الروحاني على الجِلاس! وأبو عريب رجل من مدينتي (حماة) يُضرب فيه المثل لقوته شكيمته، وكان يسكن في حيّنا، وعمَّر طويلاً، ولا أحد يعرف سنه على وجه التحديد، وكان دائمَ الجلوس على "جِلاسِه" ـ بتشديد اللام. و"الجلاس" في لهجة حماة هو ديوان للجلوس يتسع لثلاثة أشخاص. وجلاس أبي عريب كان من الحجر، ويقال إنه حمله من تدمر إلى حماة حملاً ولا أدري كيف يكون ذلك. ومهما يكن، فجلاس أبي عريب كان موضوعاً أمام داره، وكانوا يرشون الماء أمامه "لترطيب الهواء"، وكان أبو عريب يجلس عليه وأمامه "مَنْقَل" القهوة العربية، وكان لا يمر أحد من أمامه، مهما كان مستعجلاً، إلا ويتوقف للسلام على أبي عريب مصافحةً، الذي يسقيه فنجاناً من القهوة العربية المرة ... وكان أبو عريب يحرص على مصافحة الشبان، فيضغط على أيديهم أثناء المصافحة، و"يُنَخِّخُهُم" على الأرض بقوة، ثم كان يردف ذلك بقوله لهم: "إخس على هالجيل النَّيْ"! ومن طرائفه الكثيرة مجيء إدارة الآثار والشرطة إليه لمصادرة "جلاسه" بعدما اكتشفوا أنه يعود إلى عهد الزباء، وما تركهم يأخذونه، ويحكى في الحي أن الأمر وصل حتى لرئيس الجمهورية الذي أمر السلطات المختصة بمسامحة أبي عريب بالجلاس الأثري! توفي أبو عريب إلى رحمة الله بعد مغادرتي المدينة بسنتين أو ثلاث قاضياً نحبه في أحداث حماة سنة 1982. كنت كثير التردد على أبي عريب لأنه كان جارنا، وكنت أجلس معه على جلاسه بعدما غدا مشلولاً، وكان يعلمني حكماً كثيرة. وكان، رحمة الله، عليه كثير التغني بهذا الموال: عاتَبِتْ خِلاً صَبا وَاكْسَرِتْ فِيهْ جْدِلِي، أَعْرَض وْعَنِّي انْتَفَضْ، نَفْضات جِنْح جْدِلِي لا قُرُب يِجْدِي وْلا سَلْوِةْ مُحِبِّ جْدِلِي يابابا! ********** الذَّنِبْ ذَنْبِي ... لَسُوءْ الحَظّ وِالفالِ يا لَـهَف قَلْبِي عَلِيه ... اِشْكانْ وِالفالِ، إن عاد بعد البُعِدْ وارتَدِّ والفالِ، لَطْوِيهْ بِجْوانِحِي وَاسْبِل عَلِيه اِجْدِلِي يادادا! رحمةُ الله على أبي عريب، وسقى الله أيامه ما كان أحلاها. |
#35
|
||||
|
||||
![]() مستقبل اللغة العربية في الوقت الذي يقبل الأجانب على تعلم لغتنا إقبالاً ملفتاً للنظر، خصوصاً بعد الحادي عشر من سبتمبر ...، نجد نفوراً منها لدى الأجيال الناشئة جعل بعض زوارنا من المثقفين العرب يطرح علي ذات مرة سؤالاً عن جدوى تعلم الأجانب العربية وكأن تعلمها خلا من أية فائدة تذكر. فمن الطبيعي إذاً أن يُقترح إلغاؤها من الاستعمال لغةً دوليةً في هيئة الأمم المتحدة، لأن كثيراً من أبنائها بدؤوا فعلاً بإسقاطها من حساباتهم لدى تعاملهم مع الآخرين. والأنظمة العربية ومجامع اللغة ووزارات الثقافة والتعليم والمراكز القومية للأبحاث والقائمون على الفضائيات العربية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة كلهم مسؤولون عن تراجع العربية في عقر دارها وفي أوساط المحافل الدولية. ولكن أليست هذه المؤسسات مؤسسات عربية رسمية تعاني مما يعاني منه سائر المؤسسات الرسمية من الشلل من الرأس إلى أخمص القدمين، فكيف نتوقع منها غير التراجع والتخبط في الأداء؟ وكيف يحترم العالم لغة تصغر في أعين أبنائها؟ ولماذا لا يتكلم مسؤولونا في الخارج بلغتهم الوطنية مثلما يفعل سائر مسؤولي الأمم، علماً أن أكثرهم يتحدث اللغات الأجنبية بركاكة مثيرة للضحط، وبعضهم ـ ومنهم رؤساء دول ـ* يبدون كالأطفال وهم يتحدثون الإنكليزية! شخصياً لم أعد أعرف كيف يمكن إنقاذ العربية من المد اللغوي الأجنبي في عقر دارها في ظل هذا الانحطاط العربي. فالمدارس الإنكليزية والفرنسية كثرت في ديارنا في الآونة الأخيرة، وأهل النخب الاقتصادية والفكرية يثقون بها ثقة كبيرة ويرسلون إليها أبناءهم وبناتهم، وناهيك بذلك خطراً على مستقبل الأمة! فكيف يمكن لما تغيير هذا الواقع؟ وكيف يمكن لنا أن نجعل العربية تواكب العصر؟ وهل تجديد المجامع اللغوية وإعادة هيكلتها وبث الحياة فيها أمر محال أيضاً؟ وهل بلغ الخذلان بالعرب أن يعجزوا عن إيجاد تمويل يدعم لغتهم دولياً، ويضمن لمكتب تنسيق التعريب في الرباط الاستمرارية، في وقت ينفقون فيه على المهرجانات والفضائيات العربية ما ينفقون؟ |
#36
|
||||
|
||||
![]() كُلُّ الصدقاتِ طعام! تنتشر بين مسلمي بلجيكا عادة مفادها أن الصدقة عموماً هي وليمة يقوم بها* المتصدق ويدعو إليها الجماعة والشيخ وبضعة منشدين. ويتخلل الصدقة طعام ودرس ديني ونشيد مديح للنبي صلى الله عليه وسلم ويختم الحاضرون الطاعمون بالدعاء لصاحب الصدقة ...* لا شك في أن اجتماع الجماعة، بحد ذاته، خير، خصوصاً الاجتماع الذي يُقصد فيه الخير ويُتلى فيه القرآن ويُذكر فيه الله سبحانه وتعالى، فهذا مما يُؤجر عليه إن شاء الله. وقد يسميه بعضهم صدقة لأن صاحبها بادر وقام وذبح وطبخ ودعا الناس إلى ذلك وأطعمهم وجاد ببعض المال على الشيخ والمنشدين ... لكن هذه العادة الكريمة باتت أشبه بالتقليد الرتيب للمبادر والمدعويين والشيوخ والمنشدين على السواء لأن صدقات كهذه تقام بوتيرة أسبوعية ولأن العرف يقتضي دائماً تقديم أطعمة بعينها فيها ولأن الدرس الذي يلقيه الشيخ مكرر أيضاً ومفاده الإكثار من التصدق بالخرفان والطبيخ ... حضرت قبل أيام صدقة كهذه لأحد أنسابي كانت بعد صلاة التراويح، أي بعد الإفطار بساعتين تقريباً. قلت له: ما فائدة إطعام شبعانين غادروا المائدة قبل ساعتين؟! وأين وجه التصدق في ذلك والجماعة ما فيها فقير واحد؟! ولم لا تحوِّل الألف يورو التي أنفقتها على هذه الصدقة إلى أسرة فقيرة في المغرب أو فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو غيرها؟ فقال لي: إذا حوّلنا المال ـ وهذا يكون بطريقة غير مرئية ـ لا يرى الناس الصدقات، فتختفي وتموت هذه الفضيلة! فقلت له: يجتمع الناس ويذكرون الله ويطعمون، ولكن ظروف الأمة تغيرت، وتقتضي التغيرات التصدق بالمال لأن في ذلك خيراً كثيراً على فقراء المسلمين. أما إطعام شبعانين ورمي نصف الطعام في الزبالة لأن الشبعان لا يأكل إلا حياءً، فهذا تبذير للنعمة يحاسب عليه لأن فقراء المسلمين بأمس الحاجة إليها! واليوم سمعت من خطيب الجمعة إنكاراً شديداً على من يخرج زكاة الفطر مالاً يُرسل إلى فقراء المسلمين في أي مكان من ديار المسلمين. قال: تخرج طعاماً أرزاً ودقيقاً وسمناً. فقلت له بعد الخطبة: لمن نعطي الأرز والدقيق والسمن يا عافاك الله وأفقر المسلمين في هذه البلاد يملك دارَيْن ثِنْتَيْن واحدة هنا وأخرى في بلده الأصلي، وراتبه في الشهر ألفا يورو على الأقل؟! ما فهم الخطيب قصدي، وما فهمتُ قصده، ورأيت الحيرة بادية على وجوه الناس الذين اعتادوا على إخراج زكاة الفطر مالاً ـ خمسة يورو على الرأس ـ يضيفون إليها ما تجود به أنفسهم ويرسلونها بالويسترن يونيون إلى إخوانهم الفقراء في بلادهم الأصلية. افترق الناس مختلفين في شأن زكاة الفطر، شأنهم في ذلك شأن اختلافهم في تحديد بداية شهر الصوم، وبداية العيد، وأوقات الصلاة، وسائر أمور دينهم العادية التي لا يختلف فيها! إنهم أئمة المساجد الوافدون من بلاد المهاجرين الأصلية، وأكثرهم ما تجاوز عتبة الأبجدية، لا في علم نقلي، ولا في علم عقلي، فكان وجود أكثرهم مثل عدمه، بل أشد خطراً من عدمه، لأن الجماعة التي تفتقر إلى وجود إمام يهديها أقل مصائب من الجماعة التي تبتلى بشيخ يجعلها في حيرة دائمة من أمرها في مسائل ـ مثل زكاة الفطر ـ الحكمةُ في إخراجها مالاً بادية ولا تخفى عن أحد من الجماعة ذاتها، التي لا يعرف أكثر أعضائها القراءة والكتابة بالعربية، وبالتالي لا يطلعون على فتاوى علماء الإسلام ذات الصلة.
|
#37
|
||||
|
||||
![]()
الدكتور عبد الرحمن،،،
نفس الأمر يحدث عندنا؛ لايزال هناك جدل بشأن دفع زكاة الفطر: هل تدفع بقوت أهل البلد أم تدفع نقدا؟ ألم نلاحظ بأن أوربا وأمريكا تطلقان في الفضاء بشكل دوري أقمار صناعية، ويطورون أدوية لعلاج الأمراض الفتاكة، ونحن لا نزال نجادل في مثل هذه المواضيع عفاكم الله. متى نفيق يا جماعة الخير؟ |
#38
|
||||
|
||||
![]() إنها عقلية الخوارج، أخي الأستاذ صابر، هي المسؤولة عن ذلك! |
#39
|
||||
|
||||
![]() متى نفهم؟! عندما كانت الأمة تتعرض لأكبر خطر تعرضها في ماضيها، أقصد التحالف الصليبي المغولي ضدها في القرن الثالث عشر، ولم يبق من الممالك الإسلامية إلا أرض الكنانة التي قصدتها جيوش المغول والصليبيين معا في حلف لم ير التاريخ مثله بغية تدميرها وتدمير الإسلام معها لأنها ـ أي مصر ـ كانت آنذاك بقية دار الإسلام وآخر ملاذ له، سخَّر الله للأمة امرأة مملوكة اسمها شجر الدر، ليكون إنقاذ الأمة على يديها! كان علماؤنا وقتها، وكذلك رجالنا وحرائرنا، مشغولين بما هم مشغولون به اليوم: ببعضهم! ترى هل يعيد التاريخ نفسه مرة أخرى ويكون الخير في نساء هذه الأمة، نساء بيت حانون، ونساء العراق، ونساء جنوب لبنان، بعدما قلَّ الخير في رجالها، المشتغلين ببعضهم، كاشفين ظهرهم، ودينهم، وعورات نسائهم، لأعدائهم المتربصين بهم؟! وهل يعرف علماؤنا ـ علماء أهل السنة والجماعة ـ حقا ماذا يجري من حولهم، فيتحملون مسؤوليتهم التاريخية أمام الله والدين والأمة، بدلا من بيع ذممهم لسلاطين السوء، والسكوت عن الحق، والاشتغال بالشيعة؟! وهل يعرف علماؤنا ـ علماء المذهب الجعفري ـ حقا ماذا يجري من حولهم، فيتحملون مسؤوليتهم التاريخية أمام الله والدين والأمة، بدلا من البقاء في سجن التاريخ، والاشتغال بأهل السنة؟! ألا يعرف علماء المذهبين أن الجدل البيزنطي لا يفيد، وأن مرد الخلاف المذهبي إلى كتاب الله هو السبيل الوحيد للتحرر من عُقَد التاريخ وسجنه الذي دخلوه من تلقاء أنفسهم؟! لقد وحَّدَ العدو المسلمين بقنابله التي لا تفرق بين سني وشيعي! فمتى يعي علماء المذهبين الدرس؟! ألا يفهم العرب والإيرانيون والأتراك أن حلفا استراتيجيا بينهم يتفاهمون فيه على الحد الأدنى من المصالح المشتركة الحاصلة بحكم التاريخ والجوار والدين والواقع، كفيل بتحصين الأرض والعرض بوجه الطامعين، وبحمايتهما من شذاذ الآفاق؟! متى نفهم؟! |
#40
|
||||
|
||||
![]() الدكتور عبد الرحمن،،، * بارك الله فيك على هذه الكلمات. * أشك في أننا سنفهم في يوم من الأيام ما يدور حولنا؛ لقد أصبنا بأزمة فهم مزمنة، ويا لطيف ألطف. * ** قال أبو يزن حمزة بن فايع الفتحي، إمام وخطيب جامع الملك فهد بمحايل، 1.***** ضعف الثقافة الشرعية : التي لا تزال السمة البارزة على كثير من المفكرين والمثقفين الذين تناولوا هذه القضايا بعيداً عن العلم الشرعي ، ورصيد مهين من التأصيل العلمي ، ومكسب ضحل من الوعي الديني الذي يحفظ مسار المفكر ولا يشوش رؤيته ، ولا يعيق تقدمه ، ويجعله في خط مستقيم من المحافظة على الأصول والثوابت ، واحترام المبادئ والنصوص والفضائل. 2.***** قلة البصيرة بالواقع : فليس غريباً جهل كثيرين بمنشأ قضايا الساحة وصناعها ودوافع أصحابها وانتماءاتهم الدينية والعرقية ، وموقفهم من الإسلام وأهله ، وما تحمله أقلام الفكر والصحافة من تصعيد بالغ وإثارة عاتية ، وتقليد سمج. 3.***** الجهل بمناهج التفكير السليم: هل يملك المفكرون والدعاة إلى الآن المنهج السليم في التفكير ؟ ! هل الصورة واضحة في التعامل والحوار والتأمل والنقض على الآخرين ؟ ! الجواب أننا لا نزال نفتقر إلى أصول التفكير الصحيحة ، ودلائل العقلية المنضبطة ، ولا يشك عاقل بتقهقر هذا الجانب في حياة المسلمين المعاصرة وأن قضية (التفكير الصحيح) هي إشكالية كبرى ، تصطلي الأمة وبال غيابها وإهدارها ، والله المستعان. 4.***** السطحية في التفكير : ونعني بها الاعتماد على ظواهر الأشياء ، والالتفات لأشكالها دون التعمق والنفاذ إلى ذواتها واستيعاب غاياتها وأبعادها وجذورها ، وذا ناتج عن قلة الزاد المعرفي ، والانغلاق وعدم التفكير ، والخضوع لمؤثرات الواقع. 5.***** ضيق الأفق: وهو فرع السطحية والجمود ، بحيث لا يتجاوز الإنسان مكانه ودائرته في التفكير ولا يستطيع إدراك ما بَعُد كشعوره بما قَرُب ، وقد يعسر عليه اجتياز الآفاق وتقدير الآثار ، وفهم العواقب والنتائج والمستلزمات. 6.***** التقليد : إذ إن من طبيعة التفكير الجدة والتغيير والزيادة ، وقد يجبن كثيرون عن إبراز ما عندهم من إفادات وإشارات وتحليلات ، خشية الخلاف أو السخرية والشذوذ ، مع أن المسألة أسهل مما يتوقع عند الدعاة الكملة ، لذا يضطر مفكرون ومبدعون إلى الانخناس والرضا بالتقليد والاستسلام لجميع أنماطه وأشكاله ، فيصبح يُصنع بالمؤثرات الثقافية والبيئية التي من دأبها تعميق الضحالة والركاكة ، وتعطيل الفكر وأدواته ، مما يصعب على المرء مجاوزة المحيط التقليدي الذي هو فيه ، بل يخشى التسفيه والتكدير والتحطيم ، والله المستعان. ولعل من أشد صور التغيير في الحياة هو الدور الذي يبذلـه المفكر ، لتصحيح المفاهيم ، وحل الإشكالات وإلغاء الأخطاء التي قد تكون محاطة بسياج من القداسة عريض ، يأبى تحليلها ونقدها فضلاً عن تغييرها وإزالتها. وهذا النوع من جلاد الداعية وبلائه ، أن يصلح ما فسد فيه الناس,* فيطهر الحياة من المعتقدات الفاسدة والعادات السقيمة والطرائق الذميمة ، وهذا يكلفه المزيد من الإصلاح والإنكار والتغيير ، شريطة التمكن الشرعي والظفر بالنصوص والشواهد وامتلاك فنون الحوار والجدل ، والتحلي بركائز الآداب والأخلاق ، والصبر على الجهلة ومجانبة السفهاء ، والله الموفق. 7. التعصب : وهو اللب الناشئ عن تقمص التقليد والولوج في روحه ومادته ، إذ إن جبلة التقليد والمحاكاة كافية في صناعة (جيل متعصب) يعمى فهمه عن إدراك الحقائق ، وتقدير الأكفاء ، وتثمين الإنصاف ، وإنزال الناس منازلهم ، فيأبى بتعصبه نصاعة النص، وبراعة التحقيق ، وسطوع المنهج. |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
طرق مشاهدة الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
خواطر من تحت عتبة التفكير | baqir | الخاطرة Just A Thought | 3 | 08-30-2007 03:15 PM |
خواطر الأستاذة سعاد جبر | admin_01 | الخاطرة Just A Thought | 2 | 12-09-2006 08:38 PM |
من خواطر الأستاذ عدنان جركس | admin_01 | الخاطرة Just A Thought | 8 | 07-02-2006 05:45 PM |