النظرية الغائية في الترجمة (Skopos Theory)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحمن السليمان
    عضو مؤسس، أستاذ جامعي
    • May 2006
    • 5732

    النظرية الغائية في الترجمة (Skopos Theory)

    النظرية الغائية أو نظرية الهدف في الترجمة
    (Skopos Theory)

    [align=justify]طوَّر هانس فيرمير (Hans J. Vermeer) النظرية الغائية (أو نظرية الهدف) في الترجمة، وهي نظرية تمكن المترجمين من وضع ترجمات تأخذ بعين الاعتبار النص الأصلي من جهة، والنص الهدف من جهة أخرى، لكنها تركز كثيرًا على الغاية المتوخاة من الترجمة (الغاية/الهدف: skopos). وترى النظرية أن هدف الترجمة النهائي هو الذي يحدد للمترجم سلفًا الاستراتيجية التي ينبغي عليه أن يتبعها في ترجمته، وليس غير ذلك من عوامل. وقد يكون لترجمة ما عدة أهداف تؤخذ كلها بعين الاعتبار وقت تحقيق الترجمة. وينبغي على الزبون أو رب الترجمة (= initiator) إشعار المترجم سلفًا بالهدف (= skopos) أو الأهداف (= skopi) المتوخاة من الترجمة برسالة (=brief ) ترفق مع الطلب كي يتمكن المترجم من اختيار الاستراتيجية المناسبة في الترجمة وبالتالي من تحقيق ذلك الهدف أو تلك الأهداف المتوخاة من الترجمة. وفي حال عدم وجود رسالة من الزبون تحدد هدف الترجمة فإنه ينبغي على المترجم أن يقوم هو بدور الزبون أو رب الترجمة وبالتالي بتحديد هدف الترجمة وبناء استراتيجيته في تحقيقها على هذا الأساس. وتميز النظرية الغائية أيضًا بين نوعين من الترجمات: "الترجمات الوثائقية" (Documentary Translations) و"الترجمات الوظائفية" (Instrumental Translations). في النوع الأول يركز المترجم على القيمة التواصلية للوثيقة/النص ـ أية وثيقة/أي نص ـ بحيث يتمكن واضع الوثيقة/النص في اللغة المنقول منها، من التواصل مع متلقي الوثيقة من اللغة المنقول إليها وذلك بأخذ جميع العوامل الثقافية للغة المنقول منها بعين الاعتبار. بكلام آخر: يحدد النص الأصلي، وثقافة النص الأصلي، وبنية النص الأصلي وعناصره اللغوية شروط الترجمة هنا، بحيث تأتي الترجمة في اللغة المنقول إليها تعبيرًا دقيقًا عن النص الأصلي المترجَم. وأكثر ما يكون هذا النوع في الترجمة الأدبية وما كان بحكمها. أما في النوع الثاني، فإن هدف الترجمة يقتضي نشوء وظيفة جديدة في القيمة التواصلية بين واضع الوثيقة/النص في اللغة المنقول منها ومتلقي الوثيقة من اللغة المنقول إليها، تتمثل في احتفاظ النص المترجَم بالوظيفة ذاتها التي يملكها النص الأصلي. وأكثر ما يكون هذا النوع في الترجمة الإدارية والرسمية والقانونية. وهذه الأخيرة هي ما يهمنا في الآن سياق هذه المقالة، ذلك أن الوظيفة التي يجب أن يمارسها النص القانوني المترجَم لدى إدارة الدولة المنقول إلى لغتها القانونية (= هدف الترجمة)، هي ذاتها الوظيفة التي يمارسها النص القانوني الأصلي لدى إدارة الدولة المنقول من لغتها القانونية. وهذا هو جوهر الحديث في الترجمة القانونية.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    أهم مرجعين في النظرية الغائية: Vermeer H. & Reiss K. (1984). Grundlegung einer allgemeinen Translationstheorie. Tübingen: Max Niemeyer وهذا العمل هو العمل الرئيسي لفيرمير الذي طور فيه النظرية، وهو بالألمانية.

    وNord, C. (1997). Translating as a Purposeful Activity. Manchester, St. Jerome Publishing وهذا العمل خلاصة للنظرية باللغة الإنكليزية.

    [/align]
  • Demerdasch
    مترجم
    • Nov 2006
    • 2017

    #2
    نفتقد فيرمير بشدة؛ فيرمير الأدب، والأخلاق، والعلم والفلسفة. فيرمير الجدل، والجنون، والشطحات الترجمية.

    هناك أيضاً ملخصٌ للنظرية يمكن الوصول إليه من خلال:
    [align=left] Dizdar, Dilek (o. J.): „Skopostheorie.“ In: Mary Snell-Hornyby/Hans G. Hönig/Peter A. Schmitt (Hrsg.) (1999): Handbuch Translation. Zweite, verbesserte Auflage. Tübingen: Stauffenburg Verlag. S. 104.[/align]

    تحياتي يا أبا ياسين
    التعديل الأخير تم بواسطة Demerdasch; الساعة 01-19-2011, 12:09 AM.
    النمط يقتل الحضارة، والثقافة تتنفس من جدلية الاختلاف.

    تعليق

    • عبدالرحمن السليمان
      عضو مؤسس، أستاذ جامعي
      • May 2006
      • 5732

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة demerdasch مشاهدة المشاركة
      نفتقد فيرمير بشدة؛ فيرمير الأدب، والأخلاق، والعلم والفلسفة. فيرمير الجدل، والجنون، والشطحات الترجمية.

      هناك أيضاً ملخصٌ للنظرية يمكن الوصول إليه من خلال:
      [align=left] dizdar, dilek (o. J.): „skopostheorie.“ in: Mary snell-hornyby/hans g. Hönig/peter a. Schmitt (hrsg.) (1999): handbuch translation. Zweite, verbesserte auflage. Tübingen: Stauffenburg verlag. S. 104.[/align]

      تحياتي يا أبا ياسين
      [align=justify]حياك الله أخي الحبيب الأستاذ رامي،

      أجل كان هانس فيرمير فلتة في علم الترجمة. وكان يدرس في دياركم وجامعتكم إن لم تخني الذاكرة.

      ما أخبارك وأخبار دراستك؟ أنتظر أن تدعوني لحضور دفاعك عن الدكتوراه فالبلاد قريبة والأخ الأستاذ رامي أقرب![/align]

      تعليق

      • Demerdasch
        مترجم
        • Nov 2006
        • 2017

        #4
        نعم، كان أستاذاً عندنا في الكلية، ودرس في جامعة هايدلبرج أيضاً..

        أنا بخير والحمد لله، لكن المشغوليات كثيرة. الدراسة والعمل في آن واحد أمران مرهقان؛ لله الحمد! أزور الموقع بين الفينة والأخرى، وأسفت لخبر أبي صالح كثيراً.

        أهلاً وسهلاً بك في أي وقتٍ يا أبا ياسين. وليتك تعجل بالزيارة، ذلك أن الطريق إلى الدكتوراه ما زال طويلاً (بعض الشيء)؛ لتوي بدأت في الماجستير.
        النمط يقتل الحضارة، والثقافة تتنفس من جدلية الاختلاف.

        تعليق

        • عبدالرحمن السليمان
          عضو مؤسس، أستاذ جامعي
          • May 2006
          • 5732

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة demerdasch مشاهدة المشاركة
          أزور الموقع بين الفينة والأخرى، وأسفت لخبر أبي صالح كثيراً.

          [align=justify]شكرا جزيلا على الترحيب أخي الأستاذ رامي، ولك مثله وأكثر في بلجيكا، فأهلا وسهلا بك في أي وقت تحب. وعسى أن أزور دياركم في المستقبل القريب فلنتقي على الخير إن شاء الله.

          ودراستك تأتي قبل الموقع وزيارته، فلا تفعل شيئا على حساب الدراسة!

          بالنسبة إلى "أبو صالح"، فأنا أكثر أسفا منك على ما وقع، وشعرت بصدمة حقيقية من سلوكه معي، لا لشيء إلا لأني حجبت له عدة مواضيع يسيء فيها إلى أشخاص ليسوا أعضاء في جمعيتنا ولا يشاركون في موقعها. ومسايرته في ذلك لا تصح شرعا ولا أخلاقا. وكنت طلبت منه مرارا وتكرارا عدم التعريض بأسماء الآخرين وعدم للإساءة إليهم، فكان دائما يتجاهل طلبي. ولما حجبت له المواضيع التي تحتوي على إساءات للآخرين، أساء الأدب معي في خطاب وجهه لأكثر من عضو في مجلس الإدارة، وصار يسيء إلي مواقع أخرى.

          ومنذ ذلك الحين وهو يضيف اسمي إلى قائمة المشمولين بـ "أم الكتاب" عنده أقصد نظرية "الدولة القطرية بركيزتيها الديموقراطية والعلمانية"! ثم اكتشفت أنه يعتبر الإساءة إلى أي انسان بالزج باسمه في سياقات سلبية، حقا مقدسا له، وصرت أفهم ردود فعله. لكنه بقي عاجزا عن إدراك حقيقة مفادها أن إدارة الموقع مسؤولة شرعا وأخلاقا عن الأذى الذي يلحقه أي مشارك في الموقع بآخرين بشأن خلافات لا ناقة للجمعية ولا للإدارة فيها ولا جمل. من ثمة الاصطدام الذي أدى إلى حظره من الموقع.

          وتحية طيبة.
          [/align]

          تعليق

          • د. بدر عبدالله
            د. بدر عبدالله
            • Oct 2013
            • 19

            #6
            أخي الدكتور عبدالرحمن السليمان ، اسعد الله أوقاتك بكل خير

            بداية أشكرك لتسليطك الضوء على نظرية فيرمر و رايس. على الرغم من قدم الموضوع ، الا أنني أود ، حفظك الباري ، أن أعلق على جزئية فيه ، وبالتحديد ماذكرته من أن " الوظيفة التي يجب أن يمارسها النص القانوني المترجَم لدى إدارة الدولة المنقول إلى لغتها القانونية (= هدف الترجمة)، هي ذاتها الوظيفة التي يمارسها النص القانوني الأصلي لدى إدارة الدولة المنقول من لغتها القانونية".

            أعتقد أن اشتراط تطابق وظيفتي النصين (وبالتالي تطابق تأثيرهما التواصلي) من الأمور التي تحتاج الى اعادة نظر ، فاذا أخذنا على سبيل المثال النص القانوني الذي استشهدت به ، فان الوظيفة الرئيسية للنص القانوني بشكل عام ، كما لا يخفى على شريف علمكم، هي الوظيفة التوجيهية (التحذيرية ربما) ، ولكن عند ترجمة هذا النص القانوني أو ذاك الى لغة أخرى و مجتمع اخر ، فان نص الترجمة في هذه الحالة سيمتلك وظيفة أخرى وهي الوظيفة المعرفية ، وبالتالي التأثير البرغماتي على المتلقي سيكون تأثير معرفي صرف. فوظيفة النص القانوني الألماني ، على سبيل المثال، الموجه لسكان المانيا ، ستختلف تماما عن وظيفة النص المترجم للغات و ثقافات أخرى لأهداف تعليمية و بحثية .

            تحياتي

            تعليق

            • عبدالرحمن السليمان
              عضو مؤسس، أستاذ جامعي
              • May 2006
              • 5732

              #7
              [align=justify]أخي الفاضل الدكتور بدر عبدالله سلمه الله،

              شكر الله لك طيب كلامك وحسن ظنك بأخيك، وملاحظتك القوية وتعقيبك المهم.

              كلامك صحيح ودقيق ولا غبار عليه، خصوصا وأن الحاشية أعلاه – وهي جزء من مقالة قديمة لي*** – لا تفصل القول في هذه الجزئية التي تتعلق بالوثائق الشخصية تحديدًا وليس بالنصوص القانونية العامة. لذلك أنقل إلى هنا تفصيلاً لها علَّه يضيء لحضرتك الكريمة ما أشارت الحاشية إليه:

              1.4. تكافؤ السياق

              يفهم من "تكافؤ السياق" (Context-bound equivalence) التكافؤ الذي يستنبط من سياق اللغة المنقول منها، حيث يمارس مصطلح ما وظيفة ما، تكافئ الوظيفة التي يمارسها مصطلح آخر في سياق اللغة المنقول إليها، شريطة ألا يكون المصطلح في اللغة المنقول إليها مكافئًا وظيفيًا أو لفظيًا معجميًا للمصطلح المراد ترجمته. ونمثل على ذلك بمصطلح "العدل" (مثنى: عدلان، جمع: عُدُول) في النظام القانوني المغربي، وهو الشخص المخول قانونيًا بتحرير عقود قانون الأسرة المغربي من زواج وطلاق ومثيراث الخ. فالعدل الذي يحرر عقود الزواج في النظام القانوني المغربي لا يكافئ وظيفيًا الموثق/الكاتب بالعدل في النظام القانوني الفرنسي (= notaire) أو الإنكليزي (= notary) أو البلجيكي (= notaris) على سبيل المثال، لأن الشخص الذي يحرر عقود الزواج في الأنظمة القانونية المذكورة هو ضابط الحالة المدنية (موظف الأحوال الشخصية/النفوس في المشرق العربي)، وليس الكاتب بالعدل. إلى جانب العُدُول ثمة في المغرب أيضا موثقون يعملون وفق النظام القانوني الفرنسي، وكان عملهم قبل استقلال المغرب يقتصر على معاملات غير المسلمين، إلا أن عملهم اتسع ليشمل أيضًا بعض وظائف العُدُول التقليديين مثل توثيق بيع العقارات بين المغاربة أنفسهم وغير ذلك.

              إذن يتضح من ذلك أن وظيفة تحرير عقد الزواج التي يمارسها العُدُول المغاربة في النظام القانوني المغربي، يمارسها في كثير من الأنظمة القانونية الغربية ضباط الحالة المدنية. من جهة أخرى: تختص المحاكم، وليس ضباط الحالة المدنية، بالطلاق في معظم القوانين الغربية. أما الإرث وحصره فهما في أكثر دول الغرب من صلاحية الموثقين وليس من صلاحية ضباط الحالة المدنية أو المحاكم. إذن يقوم بوظائف العُدُول المغاربة في أكثر الأنظمة الغربية: 1. ضباط الحالية المدنية (فيما يتعلق بالزواج) و2. الموثقون (فيما يتعلق بالإرث). أما اتفاقيات الزواج والشروط التي يشترطها الزوجان مسبقًا خصوصًا فيما يتعلق بتدبير الأموال التي تكتسب في أثناء الحياة الزوجية، فهي أيضًا من اختصاص الموثقين الغربيين .. وهذا كله يجعلنا أمام وظائف قانونية مختلفة تقوم بها هيئات مختلفة: العُدُول في المغرب، وضباط الحالة المدنية والموثقون في أكثر دول الغرب. والعدل المغربي لا يكافئ وظيفيًا ولا لفظيًا ضابط الحالة المدنية ولا الموثقين في الغرب، لكنه يقوم ببعض وظائفهم كما تقدم. وضابط الحالة المدنية والموثق الغربي لا يقوم بكل وظائف العدول المغاربة بل ببعضها. إذن ثمة سياقات متكافئة جزئيًا يمكننا استغلالها في عملية الترجمة لتحقيق التواصل المنشود. من هذا المنطلق بمكننا استغلال التكافؤ الجزئي في السياق بين وظيفة العُدُول المغاربة والوثقين الغربيين، وترجمة "عدل" إلى الفرنسية بـ notaire أو إلى الإنكليزية بـ notary بدلا من الاصطلاح الحالي في ترجمة هذا المصطلح بنقحرته إلى adoule وهو اصطلاح غير موفق في رأينا البتة.

              2.4. إكساب الترجمة الصبغة القانوية

              هذا أمر غاية في الأهمية. إن الوثيقة التي تترجم إلى لغة أخرى فغالبًا ما تترجم للاستعمال في القانون أو الإدارة للغة المنقول إليها. وإذا نظرنا إلى مصطلحات الطلاق بأنواعه في الشريعة الإسلامية عمومًا وقانون الأسرة المغربي خصوصًا، وجدنا الطلاق الرجعي أو البائن، والخلع أو الطلاق بالاتفاق، والطلاق قبل البناء والتطليق القضائي الخ. أما في القوانين الغربية، فغالبًا ما يميز بين نوعين من أنواع الطلاق هما الطلاق بالاتفاق أو التراضي، والطلاق نتيجة لوقائع معينة هي واقعة الزنا أو واقعة الإهانة أو واقعة الفرقة الدائمة (في القانون البلجيكي: لأكثر من سنتين). ولكل من هذه الأنواع إجراءات قانونية مخصوصة بها. إذن ليست أنواع الطلاق هذه متطابقة من حيث النوع والأساس القانوني، ولا من حيث الإجراء القانوني، لكنها تلتقي كلها في أساس واحد هو أنها، جميعها، تعني نهاية الزواج. فالطلاق الرجعي والبائن والخلع أو الطلاق بالاتفاق والطلاق قبل البناء والتطليق القضائي من جهة، والطلاق بالاتفاق أو التراضي من جهة وكذلك الطلاق نتيجة لواقعة الزنا وواقعة الإهانة وواقعة الفرقة الدائمة من جهة أخرى، تعني كلها شيئًا واحد هو إنهاء العلاقة الزوجية. وهذا يعني بوضوح تام أن أنواع الطلاق المذكورة في الشريعة الإسلامية وفي الأنظة القانونية الغربية تتكافأ مع بعضها بعضًا تكافؤ السياق ـ وهو هنا إنهاء العلاقة الزوجية ـ كما شرح أعلاه.

              إن على المترجم الذي يضع الزبون فيه ثقته من أجل تحرير ترجمة له تقضي له أغراضه الإدارية لدى الإدارات الأجنبية أن يتصرف بمسؤولية وينجز ترجمة تؤدي إلى تحقيق الهدف الرئيس لها ألا وهو استعمالها لدى الإداراة للغة المنقول إليها. ولكي تقبل الإدارات الأجنبية الوثيقة الأجنبية فإنه ينبغي أن تترجم تلك الوثائق باتباع منهج مفاده أن الترجمة القانونية إنما هي ترجمة بين لغتين قانونيتين ونظامين قانونيين، وليس ترجمة حرفية للنص الأصلي فيها سلطة تشبه سلطة النصوص المقدسة. وفي الحقيقة إن أكثر الترجمات القانونية المنجزة في البلاد العربية ـ إن لم يكن كلها ـ ترجمات حرفية للنص الأصلي، يمارس النص الأصلي فيها سلطة كبيرة على المترجم الذي يلتزم بحرفية النقل التزامًا مطلقًا. ويفسّر هذا الالتزام المطلق بالنص الأصلي على أنه أمانة في النقل. إن أمانة كهذه أصبحت في ذمة التاريخ منذ عقود .. وإن الترجمة الحرفية للنص القانوني هي ترجمة لا تأخذ بعين الاعتبار النظام القانوني للغة المنقول إليها على الإطلاق. وإن الترجمة التي لا تأخذ بعين الاعتبار النظام القانوني للغة المنقول إليها، ترجمة غالبًا ما ترفضها الإدارات الأجنبية لعدم فهمها. وغالبًا ما يقع ذلك في وثائق الطلاق. وغالبًا ما يؤدي رفض كهذا للوثائق المترجمة ترجمة لا تأخذ بعين الاعتبار اللغة القانونية والنظام القانوني للغة المنقول إليها بعين الاعتبار، إلى استنزاف مادي ومعنوي للزبون. مادي لأن عليه معاودة الإجراء من جديد. ومعنوي لأنه يعرقل له إجراءاته الإدارية والقانونية. وهنا يتجلى الدور الانساني للمترجم بصفته جسرًا بين الحضارات والثقافات والأنظمة الاجتماعية والإدارية والقانونية .. وإن ترجمة كل أنواع الطلاق في النظام القانوني المغربي بـ divorce في الإنكليزية أو الفرنسية باعتماد اسراتيجية تكافؤ السياق أو اسراتيجية التكافؤ البراغماتي كما شرحا أعلاه، إنما هي ترجمة يتجلى فيها دور المترجم المتخصص الذي يأخذ بعين الاعتبار كل العوامل اللغوية والثقافية والقانونية والانسانية لعملية الترجمة. إنها ترجمة يتجلى فيها دور المترجم الانسان الذي يأخذ حاجة أخيه الانسان بعين الاعتبار، تجليًا رائعًا. فالترجمة، القانونية منها وغير القانونية، ليت عملاً آلياً كما يتصور أحيانًا، ولا عملاً جافًا وفق قواعد يابسة، بل هي، كما عبّر عنها روبنسون:

              “Translation is more about people not words. Translation is more about the jobs people do and the way they see the world. Translation is more about the creative imagination than about rule-governed text-analysis. The translator is more like an actor or a musician (a performer) than a tape recorder. The translator, even of highly technical texts, is more like a poet or novelist than a machine translating system” (Robinson 2003:35).


              "تُعنَى الترجمة بالناس، وما يؤدونه، وكيف يرون العالم بعيونهم أكثر من عنايتها بالكلمات المجردة. ويفوق اهتمامُها بالخيال المبدع نظرَها في تحليل النصوص الذي تحكمه القواعد الجامدة؛ فالمترجم أشبه بالممثل أو عازف الموسيقى منه بجهاز تسجيل يخلو من الحياة ويعوزه التفاعل الحي. بل لنا أن نقول إن المترجم -حتى حين يترجم نصوصاً شديدة التخصص، وتفتقر إلى الخيال- هو أشبه ما يكون بالشاعر أو الروائي منه بنظام ترجمة آلي".

              فالترجمة فعل انساني أكثر منه عمل وفق قوالب ضيقة وقواعد مؤطرة يعتبر الخروج عنها زندقة وهرطقة وخيانة .. وعلى الرغم من ذلك فننا نريد أن نؤكد هنا أن التكافؤ البراغماتي بهدف إكساب الترجمة صبغة قانونية في النظام القانوني للغة المنقول إليها بناء على وجود تكافؤ السياق، أمر ليس بدون شروط. بل إن توظيف استراتيجية التكافؤ البراغماتي وتكافؤ السياق ليس بدون مخاطر. لذلك نريد أن نؤكد على النقاط التالية:

              - الأخطاء: لتجنب الوقوع في الخطأ وتوظيف استراتيجية التكافؤ البراغماتي بهدف إكساب الترجمة صبغة قانونية وفق النظام القانوني للغة المنقول إليها بناء على تكافؤ السياق، ينبغي أن يكون المترجم متكونًا تكوينًا جيدًا وأن يكون ملمًا إلمامًا جيدًا بالنظامين القانونيين للغة الأصل واللغة الهدف وبلغتيهما القانونيتين ومصطلحاتهما وثقافتيهما والسياق الذي نشأت الوثائق فيه والسياق الذي ستستعمل الوثائق المترجمة فيه أيضًا، وأن يتحقق من وجود تكافؤ في السياق الوظيفي فيؤسس عليه التكافؤ البراغماتي، وأن يضع هدف الترجمة (skopos) نصب عينيه في جميع مراحل الترجمة. فقط المترجم الذي يفي بهذه الشروط والذي يملك خبرة واسعة اكتسبها خلال ممارسة الترجمة تحت إشراف زملاء متمكنين من صنعتهم أو من خلال التكوين المستمر بعد التخرج، يمكن له أن يتفادى الوقوع في أخطاء فادحة عند اختياره بين تقنيات الترجمة واستراتيجياتها المتاحة أمامه في أثناء عملية الترجمة.

              - الاستغلال: لا يعني هدف الترجمة (skopos) ولا توظيف استراتيجية التكافؤ البراغماتي عند وجود تكافؤ السياق بهدف إكساب الترجمة صبغة قانونية وفق النظام القانوني للغة المنقول إليها أن الغاية تبرر الوسيلة في الترجمة .. ولا يعني ذلك أيضًا رخصة للمترجم كي يتهرّب من مواجهة المشاكل الترجمية العويصة التي قد تواجهه في عملية الترجمة بهدف تجنب خلافات قانونية محتملة، فيوظف تقنية التكافؤ البراغماتي في ظل انعدام تكافؤ السياق. إن استراتيجية التكافؤ البراغماتي لا يمكن توظيفها دون وجود تكافؤ سياق. إذن يجب أن تكون الترجمة نقلاً أمينًا للنص الأصلي، ليس بترجمته حرفيًا كما كان يفهم من الأمانة في الترجمة، بل بتوظيف جميع تقنيات الترجمة واستراتيجياتها المتاحة أمام المترجم لنقل مضمون النص الأصلي نقلاً يأخذ بعين الاعتبار العوامل اللغوية والقانونية ولا يهمل، إن اقتضى الأمر، العوامل الانسانية للترجمة كما شرحناها أعلاه.

              - الإديولوجيا: ثمة خيط رفيع يفصل بين تطبيق استراتيجية التكافؤ الوظيفي عمومًا، واستراتيجية التكافؤ البراغماتي بهدف إكساب الترجمة صبغة قانونية في النظام القانوني للغة المنقول إليها بناء على تكافؤ السياق خصوصًا، وبين عادة الإمعان في تفسير النصوص القانونية المنتمية إلى أنظمة قانونية أجنبية ـ عن قصد ـ من خلال النظام القانوني للغة المنقول إليها، ومن خلال منظوره القانوني ومرجعيته الثقافية والفكرية .. فهذه الأخيرة "إمبريالية ثقافية" ينبغي على المترجم أن يتجنب الوقوع فيها (انظر 1.2.). إن المعيار الرئيس لتوظيف استراتيجية التكافؤ البراغماتي في الحالات التي تخفق فيها كل تقنيات الترجمة المتاحة أمام المترجم في حل إشكالية المصطلح، هو وجود تكافؤ السياق.

              ويبقى ولاء المترجم الحق، الذي يوظف نظرية الهدف في الترجمة، لعلمه ومهنته وصنعته حائلاً بينه وبين الوقوع في مبدأ الغاية تبرر الوسيلة (Nord 1997:123). وتبقى معرفته باللغتين المنقول منها وإليها، وبالنظامين القانونيين المنقول منه وإليه، وبالثقافتين المنقول منها وإليها، وبالسياقين سياق اللغة المنقول منها وإليها، بمثابة المناعة التي تحصنه ضد الوقوع عمدًا في الخطأ والاستغلال والإديولوجيا عند توظيفه استراتيجية التكافؤ البراغماتي بهدف إكساب الترجمة صبغة قانونية في النظام القانوني للغة المنقول إليها بناء على تكافؤ السياق.


              وأهلا بحضرتك الكريمة وبملاحظاتك اللطيفة.

              تحياتي العطرة.
              --------------------------

              *** المقالة منشورة في مجلة الجمعية على الرابط التالي: http://atinternational.org/dragoman/...7%D9%81%D8%A4/


              [/align]

              تعليق

              • د. بدر عبدالله
                د. بدر عبدالله
                • Oct 2013
                • 19

                #8
                اشكرك أخي الكريم على هذا التوضيح الوافي...

                أعجبني جدا ما أشرت اليه في محور "الاستغلال" ، من أن التكافؤ البرغماتي لا يعني ابدا عدم نقل النص الأصلي بشكل أمين ودقيق. وهذا التنبيه ، في الواقع، ينم عن بصيرة علمية متعمقة ، فبارك الله فيك وفي جهودك.
                ان موضوع البرغماتية في الترجمة من المواضيع المهمة و الحساسة ، وقد سبق أن نشرت مقالة بعنوان "برغماتية الترجمة" ، سأورد هنا أفكارها الرئيسية:

                1- برغماتية الترجمة لدي هي تكافؤ الاستيعاب ، لا تطابق التأثير البرغماتي للنص الأصلي و المترجم على المتلقين. ولهذا اقترحت ان تترجم برغماتية الترجمة الى العربية باستخدام " تكافؤ الاستيعاب".

                2- المترجم هو ناقل للتأثير وليس "مؤثرا"، "المؤثر" هو كاتب النص.

                3- التأثير البرغماتي (التواصلي) هو تأثير محتمل ، أي قد يحصل وقد لا يحصل ، فمن الامور المشاهدة و المعروفة أن لا يؤدي هذا النص أو ذاك الوظيفة التي أعد من أجلها وبالتالي لا يتحقق التأثير البرغماتي المنشود.

                تحياتي

                تعليق

                • Maryam
                  عضو منتسب
                  • Feb 2015
                  • 1

                  #9
                  than you for your useful information and background skopos theory...

                  What are characters of skopos theory????


                  can i consider that Context-bound equivalence is the character of skopos??

                  تعليق

                  يعمل...
                  X