حول الترجمة الشعرية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حول الترجمة الشعرية

    <p class="header" align="justify"><span class="header" id="HtmlPlaceholderControl1"><strong>حوار الضفاف الشعرية:<br />من ترجمة القصيدة إلى الترجمة القصيدة</strong></span></p><p align="justify"><strong></strong></p><p align="justify"><strong></strong><span id="HtmlPlaceholderControl3"><p align="justify"><strong><img height="161" alt="رشيد بدهون" hspace="5" src="http://www.jehat.com/jehaat/images/alkhamisa/9-11.jpg" width="132" align="left" vspace="5" border="0" />تثير ترجمة الشعر العديد من القضايا، أهمها قضية الاستحالة والإمكان، إنها الثنائية نفسها التي تطالعنا في الحديث عن الترجمة عموما، ثنائية يلخصها التساؤل الآتي: هل الترجمة ممكنة؟ وهو سؤال من قبيل تحصيل الحاصل، فالترجمة موجودة وجودَ النصوص المترجمة التي تطالعنا بها رفوف المكتبات، وهي نصوص تعد، لا مراء، جزءا أساسا من تراث الإنسانية الفكري ورأسمالها الرمزي. فقد تفلح النظرية في طرد الترجمة من الباب متوسلة بأدلة ثقافية ولسانية، ولكن الترجمة تعود من نافذة الممارسة والتحقق. بيد أن قضية استحالة الترجمة تُطرح بحدة أكبر في مجال الترجمة الشعرية نظرا لخصوصية التعبير الشعري المفترضة. وسنسعى في مقالنا هذا إلى مقاربة هذه القضية عبر الجمع بين النظرية والتطبيق، وسنخصص، في هذا الإطار، الجزء الأول من مقالتنا لاستجلاء الرؤية الفكرية أو بالأحرى المواقف الفكرية التي تتحكم في طرح قضية استحالة ترجمة الشعر، بينما سينصب اهتمامنا في الجزء الأخير على متن مختار من النصوص المترجمة، تتمثل، تحديدا، في مجموعة من نصوص شعرية مغربية ترجمها إلى الأسبانية الشاعر والمترجم خالد الريسوني كما أننا سنوسع من متن اشتغالنا ليشمل تجربة طريفة تتمثل في ديوان شعر من توقيع سهام بنشقرون عنوانه A toi يتضمن النص الفرنسي المصدر يقابله مباشرة، ضمن لعبة مرآوية مبدعة، النص العربي يحمل اسم الكاتب المبدع صلاح الوديع . <br />يضمر القول باستحالة ترجمة الشعر تصورا عن وضع الترجمة الاعتباري وعن مفاهيم الإبداع والنص. وهو تصور حديث العهد يرتبط بالنظر إلى ترجمة الشعر بوصفها أشد صعوبة وتمنعا من ترجمة النثر. يقول هنري ميشونيك بهذا الصدد: " ليست ترجمة الشعر أصعب من ترجمة النثر. كما أن مفهوم صعوبة الشعر، الذي قد يبدو لنا اليوم كما لو كان أمرا وجد مع القول الشعري نفسه، هو مفهوم ظهر في فترة محددة من تاريخ الأدب. وهو يفضي إلى الخلط بين البيت الشعري والشعر نفسه، كما أنه يرتبط بمفهوم الشعر بوصفه خرقا لمعايير اللغة" . علاوة على ذلك، فإن فكرة الاستحالة هاته، ارتبطت بالتصور الرومانسي عن الشعر وكان أول من قال بها الشاعر الإنجليزي كولريدج في كتابه "البيوغرافيا الأدبية" (1817)، فهي إذن مجرد فكرة عن الشعر ولا تعكس بالضرورة طبيعة الشعر وحقيقته المنفلتة عن التقعيد . ويرى هنري ميشونيك أن التصور القائل بوجود تماه بين الشعر واللغة التي يُنْظَم بها مرده إلى "حركات التخصيص تلك في مستوييها الفردي والقومي التي نجد من بينها تيار فلسفة اللغة عند همبولت. وهي فكرة لا نجد لها ذكرا في القرون الوسطى أو خلال القرن الثامن عشر، ولم يقل بها لا دانتي ولا أصحاب الموسوعة كديديرو…بيد أن تطور الشعر الغربي أسهم بقسط وافر في الكشف عن ذاك الخلط الشائع بين الشعر والوزن" . <br />ويمكننا في هذا المستوى أن نعيد طرح هذه القضية انطلاقا من أسئلة التراث الشعري العربي عموما والشعر المغربي المعاصر خصوصا. فالملاحظ أن الجاحظ يقر باستحالة ترجمة الشعر العربي إلى اللغات الأخرى، يقول بهذا الصدد: "وقد نُقلت كتب الهند، وتُرجمت حكم اليونانية، وحُولت آداب الفرس؛ فبعضها ازداد حسنا، وبعضها ما انتقص شيئا، ولو حُولت حكمة العرب، لبطل ذلك المعجِز الذي هو الوزن؛ مع أنهم لو حولوها لم يجدوا في معانيها شيئا لم تذكره العجم في كتبهم" . يرى عبد الوهاب المؤدب أن "هذا التصور الموزع بين شعر لا يقبل الترجمة ونثر وظيفي تعليمي يقبل النقل إلى لغات أخرى- ولكن محفوفا بشعور ارتياب في الترجمة المنذورة للخطأ والهفوات- هو الذي تحكم في تسطير حدود فضاء ثقافي عربي مغلق، فإذا كانت اللغة العربية شكلت لغة المعرفة في فترة معينة من فترات التاريخ الإنساني، فإن نور الأشعار الأجنبية لم يشرق أبدا بألفاظه الوضاءة في الأدب العربي إلا في العصر الحديث، بل حتى الأشعار الغنائية الفارسية الصادرة عن قيم ومعتقدات مشتركة لم تحظ بالترجمة إلى اللغة العربية، ونجد صدى لهذا المنع الذي طال ترجمة الشعر لدى المترجمين اللاتين في أسبانيا وصقلية، فهم قد ترجموا عددا كبيرا من المؤلفات العربية إلى اللاتينية وإلى اللغات الأوروبية المختلفة، ولكنهم استبعدوا الشعر من حركة الترجمة هاته" . تصبح ترجمة الشعر من العربية إلى اللغات الأخرى أو من هذه اللغات إلى العربية، في سياق المنع المزدوج هذا، فعلا حداثيا يؤسس لعلاقة انفتاح على الآخر، كما أنها تعد فعل تنسيب يطال تصورنا عن ذاتنا وعن لغتنا. فإذا كان المترجم العربي القديم يستنكف من ترجمة شعر الآخرين لاعتقاده أن الشعر العربي يمثل أسمى ما يمكن أن يجود به جني الشعر، فإن المترجم العربي المعاصر ينطلق من تصور يرى أن الشعر العربي يقبل الانفتاح على التجارب الشعرية الكونية في حركة تفاعل طرفاها الأخذ والعطاء. ولقد أفضى هذا الموقف، في نظرنا، إلى إخصاب التجربة الشعرية العربية بعناصر طعمت القول الشعري العربي بدماء جديدة، ويهمنا في هذا المستوى التطرق أساسا إلى تجربة قصيدة النثر في علاقتها بترجمة الشعر الغربي إلى اللغة العربية. وقد لاحظ الشاعر الفرنسي آراغون أن انتصار الشاعر الإنجليزي كولريدج لفكرة استحالة الشعر تزامن، من باب المفارقة، مع ظهور قصيدة النثر لأول مرة في الأدب الفرنسي بفضل ترجمات الأشعار الرومانسية الإنجليزية إلى اللغة الفرنسية . وهو أمر يبين، بطريقة غير مباشرة، العلاقة الوطيدة بين ترجمة الشعر واستنبات قصيدة النثر في تربة الأدب المغربي المعاصر، إذ يحق لنا أن نتساءل إلى أي حد عملت ترجمة الشعر على خلق نوع من الألفة بين المتلقي المغربي وقصيدة النثر؟ فالملاحظ أن قراء كثيرين يقبلون على قراءة القصائد المترجمة انطلاقا من ميثاق ضمني يجعل المتلقي يقبل بموجبه خلو القصيدة من ضوابط الإيقاع التقليدية، بينما يحاسب بصرامة أكثر قصيدة النثر موقعة باسم شعراء مغاربة، وقد لا يعترف بوجودها. إنه موقف يعكس العلاقة بين الترجمة والإبداع، لتصبح الترجمة أولى بالقراءة وأكثر مدعاة للثقة، ولكن، أليس مرد ذلك إلى تعطش القارئ المغربي إلى الأصوات الشعرية الآتية من آفاق ثقافية متنوعة ومن لغات متعددة؟ ألا ينطوي موقفه ذك على استنكار مشروع لما ساد المشهد الشعري من استسهال للكتابة الشعرية وتذرع بقصيدة النثر لتدبيج كلام أبعد ما يكون عن الشعر؟ <br />والحال أن إقبال القراء على القصائد الشعرية المترجمة لهو اعتراف ضمني بقدرة بعض المترجمين العرب على الانتقال من ترجمة القصيدة إلى الترجمة القصيدة، ومن الانتقال من ترجمة الشعر نحو الترجمة الشعرية التي هي بالضرورة فعل خلق وإبداع وحوار. وهو تحول يردم الهوة بين النص والترجمة، ويعكس موقفا وسطا بين موقف رومان جاكبسون الحذر المتحرز الذي يرى أن ترجمة اشعر عملية مستحيلة، فلا يبقى للمترجم سوى أن ينجز عملية نقل مبدع وبين موقف العالم اللغوي "فييتغنشتاين" المطمئن إلى إمكان الترجمة في كل الأحوال وبين مختلف الأجناس، إذ نراه يقر جازما أن "ترجمة لغة إلى أخرى هي مهمة ذات طابع رياضي، كما أن ترجمة قصيدة غنائية لتشبه تمام الشبه إنجاز مسألة رياضية" ، نلمس هذا الموقف الوسط المتأرجح بين الحذر والاطمئنان في ترجمات العديد من مترجمي الشعر المغاربة، فمن خلالها نحس أنهم يتمثلون من بعيد فكرة استحالة ترجمة هذا الجنس الفني، فيعربون عن نوع من التهيب أمام ترجمة القصيدة، ولكنهم لا يتورعون عن ركوب هذا المركب الوعر، فكأنهم يستحضرون ما ذكره "كلود إستيبان" وهو يتحدث عن الترجمة التي أنجزها لأشعار الشاعر الأسباني "كيفيدو"، إذ يقول: "لا ينفك غلاة التنظير يختزلون، إن لم ينكروا تماما، منطقة العتمات تلك الغريبة المثيرة، حيث يشكل المترجم فضاء اشتغاله اللانهائي…فهل تمكنتُ من ترجمة كيفيدو؟ ألم أفعل شيئا آخر سوى أنني خنته دون أن أدري؟ كان هدفي أن أجعل أولئك الذين لا يعرفون الأسبانية، يستشفون، ولو للحظة وجيزة، تلك النار التي انطفأت في رماد كلماتي، وإن حاولت جاهدا ألا يخبو شرارها" . ونحن إذ نقرأ الترجمة التي أنجزها بعض المترجمين المغاربة، ونقصد تحديدا في هذا المقام، خالد الريسوني وصلاح الوديع، نحس أن ثمة تكاملا بين استعارة النار واستعارة الماء في ترجمتهما، ليصبح تعريف الترجمة انطلاقا من منجزهما النصي فعل "ترحيل ينقل الألفاظ، حتى تلك التي تنعت بالشعرية، من ضفة إلى أخرى، وإن أدى ذلك إلى تحطيم قوارب العبور على صخرة دلالاتها الافتراضية المتمنعة على الترجمة" . إنها بلغة هنري ميشونيك عملية انتقال إلى الترجمة وقد أصبحت نصا. والترجمة النص لا تقاس بالضرورة بمقارنتها بالأصل، وإنما انطلاقا من ثالوث التاريخ واللغة والثقافة، من هنا يبرز مفهوم ممكن الترجمة الذي يدل على ذاك النص المترجم المتحقق ضمن سياق ثقافي معين ، نص لا يسعى إلى المطابقة ولا يتوهم استنفاد دلالات النص ولا يطمح إلى طرح نفسه ترجمة نهائية، إنه ينطلق من كون الترجمة فعلَ قراءة، ومن ثم يلتمس لنفسه مكانا بوصفه قراءة ممكنة ضمن قراءات أخرى. <br />سنحاول في هذا الجزء الثاني من مقالتنا تبين اشتغال الترجمة عند كل من خالد الريسوني وصلاح الوديع بوصفها نصا يقيم بلاغته الخاصة وجماليته عبر تشغيل آليات التحويل والتأويل والحوار انطلاقا من جدل مبدع بين الخطاب الشعري في خصوصيته ضمن اللغتين المصدر والهدف. <br />تبدو مسافة التأويل منذ الإهداء الذي يتصدر نص "رثاء النوارس" للشاعر محمد الميموني ، يقول النص العربي: إلى الشبان الذين ابتلعتهم أمواج البوغاز وهم يحلمون بنهاية زمن الضياع. ونجد في الترجمة الأسبانية:<br />A la juventud tragada por las olas del estrecho, por sonar con un fin del tiempo de los labirentos</strong></p><p align="justify"><strong>يبدو التحويل في المستوى المعجمي أساسا: الشبانla juventud، أي مرحلة الشباب، زمن الضياع tiempo de los labirentos، زمن المتاهات، وفي المستوى التركيبي: وهم يحلمونpor sonar بمعنى لأنهم يحلمون، تحويل الحال سببا. ولْننتقِل إلى متن القصيدة نفسها لتطالعنا تلك المسافة التأويلية خاصة في ترجمة خالد الريسوني لهذه الصورة الشعرية:</strong></p><p align="justify"><strong>وجوه على الصخر صامتة<br />وبقايا ثياب<br />مبللة بالسواد <br />بحر يغادر ملحه<br />ملتبسا بالضباب<br />زوارق تغرق<br />مثقلة بالزمان المكلس<br />يقول الريسوني:</strong></p><p align="justify"><strong>Silenciosos rostros sobre rocas<br />Andrajos mojados en la negrura<br />Yun mar que se oscurece<br />En las nieblas,<br />Sacudièndose su sal<br />Se hunden barcos<br />Angustiados por tiempos calcicos</strong></p><p align="justify"><strong>لنلاحظ أولا في المستوى المعجمي الانتقال من بقايا ثياب إلى لفظة Andrajosالتي تعني الأسمال، ومن مثقلة إلى مهمومة مكروبة Angustiadosثم لنتمعن في تعبيره عن صورة البحر يغادر ملحه بفعل الانتفاض Sacudièndose:البحر ينفض عنه ملحه، يغادره منتفضا، ألم تكن صورة أبي صخر الهذلي حاضرة عند ترجمة هذه الصورة:</strong></p><p align="justify"><strong>وإني لتعروني لذكراك هزة كما انتفض العصفور بلله القطر؟!<br />تتأسس مسافة التأويل في هذه الترجمة عبر التحويل أساسا، ألم يقترح ديريدا عوض لفظة الترجمة مصطلح التحويل، لأن الترجمة عنده تعني "تحويل لغة للغة أخرى، وتحويل نص نصا آخر" ، وهو فعل يضمن بقاء النص المصدر الذي "يحيى في النقل ويبقى به بفضل ما يدخله عليه ذلك من تحويل متواصل..عبارة عن ازدياد معان جديدة فيه وانمحاء أخرى قديمة منه، وما انمحى منها يترك أثره، وما ترك من آثار لا يلبث أن يأخذ في الانبعاث والظهور.. وهكذا كل انبعاث يدعو إلى اندثار وكل اندثار يدعو إلى انبعاث . </strong></p><p align="justify"><strong>وفي سياق منطق التحويل نفسه نجد صلاح الوديع يترجم الصورة الشعرية الآتية من قصيدة Poèmes pour nous: </strong></p><p align="justify"><strong>mes poèmes sont des caresses<br />qui te regardent<br />reflets de toi<br />بما يلي:</strong></p><p align="justify"><strong>أشعاري دغدغات<br />إليك ترنو<br />بارقاتٌ<br />وأنت اللمعان</strong></p><p align="justify"><strong>هناك تحويل معجمي للمسات إلى دغدغات، وتفكيك لفظة الانعكاس refletsإلى عنصرين متناظرين: البارقات واللمعان. ونراه أيضا يختار لترجمة هذه الصورة:</strong></p><p align="justify"><strong>et à quoi bon mes rêves<br />puisque tu n'en veux pas <br />ولم كل أحلامي<br />ما دمت تطعمها الصدود؟ . </strong></p><p align="justify"><strong>ولننتقل الآن إلى المستوى الإيقاعي الذي يشكل فيما يبدو العقبة الكأداء في ترجمة الشعر، بل إنه العنصر الذي يجعل بعض المنظرين يقولون باستحالة ترجمة الشعر. فها هو بول فاليري يرفض أن يترجم الشعر نثرا، لأن ذلك في نظره "كمن يضع الحي في القبر" . ويلاحظ رواد طربيه أن "ترجمة الشعر المرسل الحر هي أصعب من ترجمة الموزون المقفى، لأن تطليق العروض التقليدية، أي الموسيقى المتعارف عليها لانتماء جانب حميم من الموسيقى الداخلية المقصورة الجرس على صاحبها وعلى من صاحب صاحبها من القلة النادرة، يجعل هذه الموسيقى شبيهة بحك أجنح الفراش بعض على بعض، وهيهات إلا لأذن الشاعر الباطنة أن تستشفها! فكيف ننقل إلى لغة أخرى - لا سيما إذا انتمت إلى أسرة لغوية مختلفة في مخارج الأصوات- ذلك التناغم الفريد الذي هدر في عبقرية الشاعر، فزاوج بين هذا الحرف وذاك، بين الصامت والصائت، بين مخارج الكلمة الواحدة، بين الكلمة والكلمة، والعبارة والعبارة، والبيت والبيت؟ فضلا عن أن تطليق القافية التي نقطفها دانية في الشعر الموزون عند رؤوس الأماليد، يفرض في الشعر الحر الأصيل وجود قواف تتجاوب داخل البيت الواحد بشكل نلتقطه بحدسنا أكثر مما نلتقطه بحسنا" . يدعم هذا الباحث تصوره للموسيقى الداخلية التي يتوجب على المترجم أن يستحضرها في ترجماته الشعرية بنموذج يتمثل في مطلع إحدى قصائد الشاعر الفرنسي أبولينير: </strong></p><p align="justify"><strong>Sous le pont Mirabou coule la seine<br />ويقترح الترجمة الآتية له:<br />"تحت جسر ميرابو، إنه السين يسيل.</strong></p><p align="justify"><strong>إن الانقلاب في العبارة هو مبعث النشوة في البيت، وهو الذي يؤالف بين الحرف الذولقي أي حرف اللام المائع السائل، وبين الحرف الأسلي وهو حرف السين الذي فيه كل سقسقة الماء عند احتكاكه الخفيف بدعائم جسر ميرابو" . إن سقسقة الماء هاته التي يوحي بها حرف السين في هذه الترجمة قد يشكل مدخلا لتلمس الجانب الإيقاعي في ترجمة خالد الريسوني قصيدة رثاء النوارس للشاعر محمد الميموني. <br />بل إننا اخترنا عنوان هذه المداخلة مستلهمين هذا الإيقاع الذي يوحد بين النموذجين. فإذا كان يحلو لرجال السياسة أن يتكلموا عن الوحدة من المحيط إلى الخليج، أو يلتمسون هم أيضا صورة شعرية للحديث عن الوحدة فيختارون عبارة من الماء إلى الماء، فإننا سنجعل الإيقاع يوحد بين الأشعار من السين إلى السين، ذلك أن الإيقاع في ترجمة الريسوني ينبني أساسا على تكرار هذا الحرف، ولنتأمل هذا المقطع السالف الذكر:</strong></p><p align="justify"><strong>Silenciosos rostros sobre rocas<br />Andrajos mojados en la negrura<br />Yun mar que se oscurece<br />En las nieblas,<br />Sacudièndose su sal<br />Se hunden barcos<br />Angustiados por tiempos calcicos<br />ولنتابع تصفح مقطع آخر من القصيدة:<br />niungun ejército listo para conquistas<br />solamente espumas(وحرف الطاء أيضا له حضوره المتميز في هذين البيتين)<br />y barcos perdidos en la oscuridad<br />llenan el estrecho arroyos<br />del sudor de la tierra<br />y tetuan a la espera del ahogado</strong></p><p align="justify"><strong>يقول ابن جني عن حرف السين: "فجعلوا الصاد لقوتها مع ما يشاهد من الأفعال المعالجة المشجمة، وجعلوا السين لضعفها فيما تعرفه النفس وإن لم تره العين" . ولكن لا ننس أن ابن جني يقصد العرب في قوله وأن السين عندهم في رأيه غير السين عند الغربيين، ولكن أليست الترجمة هي الكفيلة بترحيل هذه الدلالات المستسرة في لا شعور اللغة، أصواتا ومعاني، بين الضفاف المختلفة؟</strong>بقلم الأستاذ : رشيد برهون، أستاذ بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة- المغرب<br />نقلا عن: <a href="http://www.jehat.com/Jehaat/ar/AljehaAhkhamesa/rasheed.htm">http://www.jehat.com/Jehaat/ar/AljehaAhkhamesa/rasheed.htm</a><br />----------------------------<br />أرجو أن تستفيدوا من هذا المقال</p></span></p>
يعمل...
X