الشهيد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحمن السليمان
    عضو مؤسس، أستاذ جامعي
    • May 2006
    • 5732

    الشهيد

    الشهيد

    [align=justify]عرفته رجلاً صلبًا، جديًا، مؤمنًا تقيًا، يغتنم كل لحظة في حياته ويستغلها في شيء مفيد، سواء لنفسه أو لغيره.

    حارب في معركة استقلال سورية فتىً يافعًا، وجرُح فيها .. وحارب في حرب فلسطين سنة 1984 شابًا وجُرح فيها .. وبعدها انتسب للجيش وصار فيما بعد ضابطًا ووصل إلى رتبة عميد .. ثم حارب في حرب النكبة سنة 1967 كهلاً وجُرح فيها .. وحارب في حرب تشرين كهلاً أيضًا وجُرح فيها جروحًا بليغة نتيجة لانفجار لغم به على سفح جبل الشيخ، فأقعده جزئيًا عن الحركة، حتى قام أبناؤه - وليس الوطن - فيما بعد بمعالجته في الخارج وتركيب أجزاء صناعية له تمكنه من المشي دون مساعدة الآخرين ..

    خاض الحروب العربية الرئيسة كلها تقريبًا، وكتب الله له السلامة فيها جميعًا. وقبل أيام أجهز عليه قناصٌ من جيش بلاده وقد تجاوز الثمانين من عمره، وهو يحاول - رغم ضعفه - أن يسحب من الأرض جريحًا ينزف .. لقد قتله قناص قادم من أقاليم إيران الجرداء النائية، من قناصين استعان بهم نظام مجرم ابتليت البلاد والعباد به، ووضعهم على أسطحة المنازل في سورية، يرهبون منها الناس، ويعدون عليهم أنفاسهم، ويقنصون بدم بارد كل من يظهر لهم في مرآهم، ولو كان ابن ثمانين سنة .. قناص جاء يكمل ما عجز المستعمر والإسرائيلي وكل عدو لهذه الأمة عن فعله: كسر شوكة شعب أبى إلا أن يتحرر ويتخذ مكانه المناسب بين شعوب هذه الدنيا .. قناص أخذ خنجر الغدر والخيانة عن جميع أعداء هذه الأمة وصار يعمله في أحشاء شعب أبى إلا الحرية مهما كان ثمنها ..

    رحمك الله أيها الشهيد، فطالما كنت تدعو الله أن يرزقك الشهادة في كل معركة خضتها دفاعًا عن وطنك، وهأنت قضيت أمس شهيدًا وأنت تحاول أن تنقذ جريحًا، وأرجو أن يتقبلك الله، ويرحمك برحمته الواسعة، ويشفعك بسبعين من أهلك.

    الرحمة والخلود في دار البقاء لك أيها الطاهر، واللعنة والخلود في جهنم وبئس المصير لقاتلك، ولجميع من أعان على قتلك ولو بشق كلمة.

    وإنا لله وإنا إليه راجعون.
    [/align]
يعمل...
X