الـمـولــود مـوظـفــًا .. (1)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ahmed_allaithy
    رئيس الجمعية
    • May 2006
    • 3961

    الـمـولــود مـوظـفــًا .. (1)

    الـمـولــود مـوظـفــًا .. (1)
    الموظف! وما أدراك ما الموظف؟!
    في بلاد الفرنجة، والدول التي لا تنقطع فيها الكهرباء –مثل النيجر وساحل العاج- يسمون الموظف "خادمًا مدنيَّا"، أو "مْتُوميشي وَسيريكالي" باللغة السواحيلية. أما الإفرنج فيسمونه سِفِل سِرْفَنْت، مع نطق الفاء /ﭪ/. ومع الاقتراب الصوتي للفظة (سِفِل) من "السفالة"، إلا أن الواقع هو أن هذا الخادم المدني الإفرنجي ليس سافلاً في غالب تعاملاته مع عموم الناس الذين هم عماد وظيفته، ولولاهم لما وجد لنفسه عملاً، ولا اقتطعت له الحكومات من ضرائب الناس أجرًا.
    وقد تبيَّن من الأبحاث العلمية أن الموظف/الخادم المدني يولد وفي تركيبته جينات تجعلُه غيرَ صالح لأن يتولى أي عمل آخر؛ فلا يصلح أن يكون طبيبًا، ولا مهندسًا، ولا مُعلِّمًا، ولا مديرًا، ولا مخطِّطًا، بل ولا حتى غطَّاسًا في مصلحة المجاري. ولذلك يصاب المرء ذو الجينات والكروموسومات الخدمية بصدمة عصبية سيريبلَّمية شديدة حين يبحث عن عمل ولا يجد في حياته المهنية عملاً موظَّفيًّا، وتزداد عند هذه الفئة من الناس أمراض الاكتئاب والإحباط والسوداوية وجنون العظمة، والقَزَع، وهو قص الشعر على طريقة "كابوريا". ويتهكم الباحثون النفسيون فيما بينهم على ما يسمونه "المولود موظَّفًا" بقولهم إن هذا النوع من البشر "يولد وفي بطنه مكتب، وفي مؤخرته كرسي دوَّار"؛ ذلك أن "المولود موظَّفًا" لا يقوم بذاته، وإنما يرتكز دائمًا على غيره، ويظل طيلة حياة يدور حول نفسه، ولا يتحرك من مكانه قدر أنملة. فضلاً عن أن الدراسات الفسيولوجية والتشريحية أوضحت أن من السمات الجسدية التكوينية التي لا تخطؤها العين هي أن المولود موظَّفًا يتسم بمؤخرة مربعة أشبه بقعدة الكرسي، وهي مع ذلك قابلة للتكيُّف حسب شكل الكرسي طولاً وعرضًا، نعومة وخشونة، بل وما إذا كان الكرسي مبطَّنًا بالكشمير أو صلباً كالحديد، أو قائمًا كالخابور. ولعل هذه من النقاط التي ينبغي لمنكري نظرية النشوء والتطور أن يتفكروا فيها ويأخذونها في الحسبان قبل رفض الفكرة قولاً واحدًا.

    ولأن لِـلُّغة تأثيرًا على تفكير الناس أشبهَ بتأثير أفخم عطور الفاتنات على عقول الغلابة وأحلام العصافير من الرجال ممن لا يشمون إلا رائحة البصل تنبعث من أفواه نسائهم وأجسادهن، فقد ترسَّخ في أذهان الخادم المدني الإفرنجي أنه بالفعل خادم؛ فهو يسمع الكلمة تتردد كثيرًا على ألسنة الناس، ويشير إليه بها كلُّ إنسان، وتخاطبه الدولة في مكاتباتها الرسمية وإعلامها باللفظة نفسها، بل هناك دول كثيرة خصصت للخدمة المدنية وزارة بهذا الاسم. والخلاصة أنه لا فكاك له من سماع الكلمة ليل نهار، ومن ثم ترسَّب المعنى في أعماقه، وأصبح جزءًا من كيانه، ومن ثم توارثته الأجيال جينًا بعد جين، حتى أنه طفح على أحلامه؛ فالدراسات النفسية التي أجراها كبار علماء الاختصاص –كابرًا عن كابر- مثل البروفيسور "لامباكا عقدنيوف" والعالمة "سردينيا معكوشان" تؤكد لنا يقينًا أن أحلام الخادم المدني في بلاد الفرنجة تتأثر أيضًا بصفة الخدمة هذه؛ فكثيرًا ما يرى الخادم المدني نفسه فيما يرى النائم "طرطورًا" تعبث به زوجُه أو رئيسُه في العمل أو حتى سائق الميكروباص، وهو لا حيلة له، لا يصد ولا يرد كالكرة الكاوتش، إن تركلها تقفز، وإن توقفها تقف. وأحيانًا أخرى يرى نفسه "جوربًا" في قدم امرأة جميلة، ويشعر أنه ساعتها في أقصى لحظات سعادته، بل أظهرت الدراسات أن الابتسامة ترتسم على وجهه حينها وهو نائم، حتى ولو كانت المرأة المذكورة تفرك قدمها في الأرض، وتمرِّغ كرامةَ الجورب في التراب، وتمسح به البلاط. وحين يبدأ هذا الخادم النائم في الاندماج في الحلم تتحول تلك القدم النحيلة إلى رِجْل فيل، أشبه بقدم زوجة حاكم بلاد بُنت في زمان حتشبسوت. ثم تنزع تلك الحيزبون ذاك الجوربَ الأبخر بكل شراسة، وقد سال عرقًا، وامتزج بالتراب، فأُهْدِرت كرامته إهدارًا، ثم تلقي به في سلة المهملات، ليسقط إلى جوار قشر بصل، أو رغيف مبلول عافَ عافي البطِّ عِرْفَانَه.
    أما طموح المولود موظَّفًا فمحدود، إذ يتمحور سعيه في الحياة حول البحث عن كرسيٍّ يجلس عليه، وكوبٍ من الشاي يشربه، وكرشٍ يربيه ليسند عليه ذراعيه إلى أن تأتي له جهة عمله بمكتب أو حتى قفص لتكتمل منظومة الراحة الموظفية. فإن وُجِدَ القفصُ قبل الكرش توجهت طاقته إلى كرشه. ولذا يلحظ المدقق أن الموظف عمومًا كثيرًا ما يربت على كرشه، وكأنه يتأكد من وجوده. والحقيقة أن السبب في ذلك هو وجود علاقة حميمة بين الموظف والكرش لا يسمح كلاهما بأن يتدخل بينهما طرف ثالث، حتى وإن كان ذاك الطرف صاحب مصلحة لجأ للموظف لقضائها له بحكم عمله. ويا داخل بين الموظف وكرشه ما يصيبك إلا تطنيشته، فالموظف والكرش اثنان لا ثالث لهما، ولا يحبان أن يكون بينهما عزول.

    ولغياب الطموح عنده، وحب التبطُّل، والجلوس المتكعبر مثل حَبَّةِ البطاطس دون هشٍّ أو نشٍّ نجد الموظف يتمتع بضيق الأفق، وانعدام الخيال، وغياب القدرة على الإبداع، والميل الشديد لتكرار الكلام والخطأ، والتمرغ في الميري، وهز الرأس بطريقة مريبة، فضلاً عن القهقهة دون مبرر يعقبها صمت مبهم لا يعرف سببه، هذا غير الانطوائية في الأوقات التي تحتاج إلى تدخل سريع، وتصرف آنيٍّ، فضلاً عن التسرُّع في إصدار القرارات وقت الأزمات والنوازل والجوائح دون تفكير أو تريث.
    ولهذه الأسباب وغيرها عمدت بلاد الفرنجة، والدول التي لا تنقطع فيها الكهرباء إلى عزل كل المؤثرات الخارجية عن موظفيها حتى لا تضطر إلى العيش في ظل قوانين طوارئ إلى أبد الآبدين.

    وللحديث بقيـة ...
    د. أحـمـد اللَّيثـي
    رئيس الجمعية الدولية لمترجمي العربية
    تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوًّا فى الأَرضِ ولا فَسادا والعاقبةُ للمتقين.

    فَعِشْ لِلْخَيْرِ، إِنَّ الْخَيْرَ أَبْقَى ... وَذِكْرُ اللهِ أَدْعَى بِانْشِغَالِـي

  • translatoremad
    عضو منتسب
    • Jun 2009
    • 3

    #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
    إلام يرمي هذا المقال المغرق في التهكم على "الموظف"، والمغرق في "المصرية"، والاستعراض اللغوي (عاف عافي البط عرفانه... إلخ)..على كل حال، سأرجئ قراءة ما بقي منه إلى أن ينعم الله علي بشئ من الفراغ، فالحياة مليئة بأمور كثيرة أهم.

    تعليق


    • #3
      مع الاسف اني ضيعت وقتي الثمين في قراءة هذه ... المقالة؟؟!! من الاسف.

      تعليق

      • nizameddin
        نظام الدين إبراهيم أوغلو
        • Sep 2007
        • 135

        #4
        المولود موظفًا

        أشكر الأستاذ الدكتور أحمد الليثي، على كتابته لهذه المقالة الرائعة التي فيها عبر ودروس لمن يعتبر ويتأمل، فيها تذكير الشعوب وحتى المسؤولين على اصلاح أحوال هؤلاء الموظفين، وأن يروا الموظفين أنهم بشر وليسوا ألة أو جهاز لكي ينتفعوا منهم، وعليهم وأن يكونوا أحرار في تطوير أنفسهم وعقولهم، وأن لا يكونوا دمى تديرها أسيادهم وأنامل الطغاة، أو أن لا يعملوا مثل الألات الميكانيكية، فالدين الاسلامي لا يريد أن يكون الموظف كما في الدول الأوروبية والأفرنجية، بل عليه أن يتعلم ويفكر ويطور نفسه وأن يخدم البشرية في عمله من أجل أرضاء الله تعالى، لا من أجل إرضاء أسايده الفاسدين فقط.
        يمكن لنا أن نكتب على هذا الموضوع مقالات كثيرة، من حال الموظفين الذين يعيشون في الدول الشرقية والغربية وكيف أنهم يعيشون في حالة نفسية ومادية أليمة والاسلام برئ من أفعال كليهما. ومن أراد التفصيل في هذا الموضوع عليه بالسؤال، ومنا الاجابة بإذن الله تعالى.
        (إنّ الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيّروا ما بأنفس) صدق الله العظيم

        تعليق

        • ahmed_allaithy
          رئيس الجمعية
          • May 2006
          • 3961

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة translatoremad مشاهدة المشاركة
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
          إلام يرمي هذا المقال المغرق في التهكم على "الموظف"، والمغرق في "المصرية"، والاستعراض اللغوي (عاف عافي البط عرفانه... إلخ)..على كل حال، سأرجئ قراءة ما بقي منه إلى أن ينعم الله علي بشئ من الفراغ، فالحياة مليئة بأمور كثيرة أهم.
          مشكور تعليقك يا أستاذ عماد
          ولا داعي لأن ترهق جدولك المزدحم بالعودة لقراءة البقية بعد هذا الإرجاء، فلك معنا هنا أكثر من 3 سنوات، لم نقرأ لك شيئًا مفيدًا، ولا غير مفيد؛ فلن يضيرنا غياب تعليقك 3 سنوات أخرى أو حتى 30.
          شغلك الله في طاعته.
          د. أحـمـد اللَّيثـي
          رئيس الجمعية الدولية لمترجمي العربية
          تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوًّا فى الأَرضِ ولا فَسادا والعاقبةُ للمتقين.

          فَعِشْ لِلْخَيْرِ، إِنَّ الْخَيْرَ أَبْقَى ... وَذِكْرُ اللهِ أَدْعَى بِانْشِغَالِـي

          تعليق

          • ahmed_allaithy
            رئيس الجمعية
            • May 2006
            • 3961

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة dmoamin مشاهدة المشاركة
            مع الاسف اني ضيعت وقتي الثمين في قراءة هذه ... المقالة؟؟!! من الاسف.
            مشكور تعليقك يا أستاذ
            ولا داعي للأسف وتضييع وقتك الثمين بالمرة، فأنت مسجل منذ 2008، لم نقرأ لك كلمة واحدة مفيدة، فما شعرنا بحضورك ولا غيابك، ولا تأثرنا بهما.
            شغل الله وقتك الثمين في طاعته.
            د. أحـمـد اللَّيثـي
            رئيس الجمعية الدولية لمترجمي العربية
            تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوًّا فى الأَرضِ ولا فَسادا والعاقبةُ للمتقين.

            فَعِشْ لِلْخَيْرِ، إِنَّ الْخَيْرَ أَبْقَى ... وَذِكْرُ اللهِ أَدْعَى بِانْشِغَالِـي

            تعليق

            • ahmed_allaithy
              رئيس الجمعية
              • May 2006
              • 3961

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة nizameddin مشاهدة المشاركة
              أشكر الأستاذ الدكتور أحمد الليثي، على كتابته لهذه المقالة الرائعة التي فيها عبر ودروس لمن يعتبر ويتأمل، فيها تذكير الشعوب وحتى المسؤولين على اصلاح أحوال هؤلاء الموظفين، وأن يروا الموظفين أنهم بشر وليسوا ألة أو جهاز لكي ينتفعوا منهم، وعليهم وأن يكونوا أحرار في تطوير أنفسهم وعقولهم، وأن لا يكونوا دمى تديرها أسيادهم وأنامل الطغاة، أو أن لا يعملوا مثل الألات الميكانيكية، فالدين الاسلامي لا يريد أن يكون الموظف كما في الدول الأوروبية والأفرنجية، بل عليه أن يتعلم ويفكر ويطور نفسه وأن يخدم البشرية في عمله من أجل أرضاء الله تعالى، لا من أجل إرضاء أسياده الفاسدين فقط.
              يمكن لنا أن نكتب على هذا الموضوع مقالات كثيرة، من حال الموظفين الذين يعيشون في الدول الشرقية والغربية وكيف أنهم يعيشون في حالة نفسية ومادية أليمة والاسلام برئ من أفعال كليهما. ومن أراد التفصيل في هذا الموضوع عليه بالسؤال، ومنا الاجابة بإذن الله تعالى.
              الأخ الفاضل الأستاذ نظام الدين
              شكر الله مرورك وتعليقك.
              ومفهوم "الخدمة" الحقيقي هو معنى غائب عن أذهان من عملهم هو خدمة الناس ورعاية مصالحهم. فلو أدركوا حقيقة الأمر لعلموا أن "الخادم" كالمرابط على ثغر من ثغور الإسلام. ومن يسيرون في قضاء حوائج الناس هو أصحاب الباقيات الصالحات. وعلى العقلية الموظفية/الخدمية أن تتغير جذريًا حتى تتحرك بنا مسيرة الحياة لما هو أفضل. فالجمود الذي نعانيه في مختلف المناحي هو نتيجة مباشرة لاضطراب المفاهيم، وتسلط الرويبضات، والجهل، وعدم السعي لتغيير المنكر بشتى صوره ومظاهره وتطبيقاته، وما الموظف إلا ترس واحد في آلة كبيرة أصابها العطب هنا وهناك. والدولة بمفهومها الحديث وضعت قضاء مصالح الناس في يد زمرة أصل عملها الخدمة لتيسير حياة الناس، ولكنهم قلبوها لتصبح سلطة على الرقاب. بل أصبح هؤلاء الكسالى المتنطعون عالة على من يفترض أنهم يخدمونهم، وصارة أداة للتندر والتهكم والسخرية. ولعل الإقرار بوجود الداء هو الخطوة الأولى للتوصل إلى الدواء. وما دمنا قد وصلنا إلى آخر العلاج فليس أماما غير الكي. فلتكتوي جباههم بما قدمت أيديهم.
              دمت في طاعة الله.
              د. أحـمـد اللَّيثـي
              رئيس الجمعية الدولية لمترجمي العربية
              تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوًّا فى الأَرضِ ولا فَسادا والعاقبةُ للمتقين.

              فَعِشْ لِلْخَيْرِ، إِنَّ الْخَيْرَ أَبْقَى ... وَذِكْرُ اللهِ أَدْعَى بِانْشِغَالِـي

              تعليق

              • ابو عامر القادري
                عضو منتسب
                • Jun 2010
                • 37

                #8
                شكرا جزيلا للمقالة الظريفة.

                تعليق

                • ahmed_allaithy
                  رئيس الجمعية
                  • May 2006
                  • 3961

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ابو عامر القادري مشاهدة المشاركة
                  شكرا جزيلا للمقالة الظريفة.
                  الأخ الفاضل أبو عامر القادري
                  شكر الله مرورك وتعليقك.
                  ودمت في طاعة الله.
                  د. أحـمـد اللَّيثـي
                  رئيس الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                  تلك الدَّارُ الآخرةُ نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوًّا فى الأَرضِ ولا فَسادا والعاقبةُ للمتقين.

                  فَعِشْ لِلْخَيْرِ، إِنَّ الْخَيْرَ أَبْقَى ... وَذِكْرُ اللهِ أَدْعَى بِانْشِغَالِـي

                  تعليق

                  يعمل...
                  X