الشرق أحمـر.. الصين: نظرة عامة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • mahmoudraya
    عضو منتسب
    • Mar 2007
    • 29

    الشرق أحمـر.. الصين: نظرة عامة

    بقلم الكاتب العربي الكبير محمد حسنين هيكل
    صحيفة الإهرام القاهرية 18/2/1973
    (من القرص المدمج: بصراحة، إصدار "البيت العربي للتوثيق العصري والنظم")

    "دونغ فانغ هونغ"، عبارة فى اللغة الصينية، ترجمتها الحرفية "الشرق أحمر"، وكانت هذه العبارة هى الإشارة المميزة التى ظل القمر الصناعى الصينى يرددها فى طوافه حول الأرض حينما انطلق سنة 1970، بينما كان ثمانمائة مليون إنسان فى الصين يلصقون آذانهم على أجهزة الراديو فى كل مكان يتسمعون إلى النبضات القادمة من الفضاء الخارجى!
    ولست أعرف تماماً من الذى اختار هذه العبارة لتكون الإشارة المميزة للقمر الصناعى الصينى الأول، وقد سألت فى ذلك كثيرين ممن لقيت فى الصين، ولكن أحداً لم يعطنى إجابة قاطعة، وإن كنت شخصياً أظن أن الذى اختار الإشارة هو الرئيس "ماوتسى تونج" بنفسه لأنه بحاسته التاريخية لا يمكن أن يترك مثل هذه الإشارة وما ترمز إليه دون أن يعبئها بمعنى خاص يقصده، ثم أن العبارة من ناحية الصياغة تحمل إيماءات إلى أسلوبه الخاص فى الكتابة، وحتى فى إصدار التوجيهات، وهو أسلوب وصفه الرئيس ماو نفسه ذات يوم بقوله: "لكى يستطيع أى تعبير أن يلهم ويحرك، فإنه لابد أن يكون مزيجاً بين التحديد الذى لا يسمح بالخطأ، والإبهام الذى لا يقمع الخيال ".
    وربما كان من نماذج ذلك الأسلوب، أن الرئيس"ماو" عندما يدعو أحداً إلى حوار معه، فإن تعبيره المفضل هو القول:
    - "تعال نتحدث فى كل شىء من جنوب الجبال إلى شمال البحار ".
    وإذا قبلنا استنتاج أن عبارة "الشرق أحمر" من اختيار الرئيس ماو.
    وإذا قبلنا تفسير الرئيس ماو نفسه لأسرار الكلمات، إذن فإن العبارة قد تكون إشارة إلى أن ظل الصين - الحمراء - هو الظل الغالب على الشرق....
    وإذا كان ذلك هو المقصود، فلا أظننى أختلف، لأن هذه هى الحقيقة الكبرى فى آسيا كما رأيتها. ذلك أنه على طـول المسافة من اليابان إلى الباكستان، فإن ظل الصين هو الغالب فى كل مكان، ولا أحد - فيما أتصور - يستطيع أن ينازع فى هذه الحقيقة!.
    وقبل أن أذهب إلى الصين، فقد حاولت أن أستمع إلى آراء عدد من الذين سبقونى إليها.
    وكان بين ما لفت نظرى أن الآراء شديدة التباين، بل شديدة التناقض.
    * ومثلاً، فإن وزيراً مصرياً هو الدكتور محمود محفوظ وزير الصحة قال لى بحماسة:
    - "إنك سوف تجد هناك مجتمع الفضيلة.... لا أحد يكذب... لا أحد يسرق.... لا أحد يتواكل".
    وهذه النظرة المثالية للصين وكل ما يجرى فيها شائعة، وقد كان مما لفت نظرى ذات يوم، أن أحد رفاقى فى بعثة "الأهرام" إلى بكين، هو خبير متخصص فى علوم الصراع السياسى، كان يزور معنا مدرسة من مدارس 7 مايو - وهى مدارس إعادة تقويم القيادات - ودخلنا أحد فصول المدرسة، وإذا قرابة المائة دارس جالسون على الأرض، يناقشون مع أستاذ لهم، يجلس أمامهم على منصة مرتفعة بعض الشىء من الأرض، أطروحة إنجلز الشهيرة "ضد دورينج"، إذا برفيقنا تأخذه النشوة، ويقول بالحرف:
    - "يا إلهى... كأن أرسطو بعث حياً مرة أخرى".
    ولكن هناك نظرة أخرى متباينة، بل متناقضة للصين، وكان صاحبها سياسياً عربياً - غير مصرى - وكان قوله:
    - " أنت ذاهب إلى الصين؟، إنك هناك سوف ترى مجتمع النمل!
    إنك فى الغالب سوف تنزل فى فندق "الشعوب"، وإذا حدث ذلك، فإنى أرجوك أن تستيقظ مبكراً ذات يوم، وأن تنظر من نافذة غرفتك إلى الشارع تحتك، وسوف تجد على الناحيتين فى الشارع الواسع منظراً لن يبرح ذاكرتك.
    طابور لا ينقطع من راكبى الدراجات الذاهبين إلى عملهم فى الصباح على هذه الناحية من الشارع، وطابور آخر لا ينقطع على الناحية الأخرى.
    سوف تجدهم كالنمل فى الحركة، وفى الشكل العام.
    لن تجد فى بكين إلا هذه الطوابير من راكبى الدراجات، ليس فى الشوارع سيارات، لأن السيارات لا تخصص إلا لنواب الوزراء ومن فوقهم، وللأعمال الرسمية فقط.
    وفى بكين مترو تحت الأرض، وهو فخم وأنيق، ولكنه للمستقبل.
    وأما الوسيلة الأساسية للانتقال فى بكين اليوم فهى الدراجة، وسوف تذكرك طوابيرها المتحركة بغير انقطاع بطوابير النمل.... النمل الفارسى بالتحديد!"
    وكان هذا التباين والتناقض مصداقاً حياً لملاحظة سمعتها من رفيق آخر من رفاق السفر وهو خبير فى العلاقات الدولية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية "بالأهرام"، وقد سبقت له الإقامة المتصلة سنتين فى الصين، وكانت ملاحظته:
    - "إن أحداً لا يستطيع أن يتخذ موقفاً وسطاً إزاء الصين... الصين شىء يفرض نفسه، إما أن تتعصب له.... وإما أن تتعصب ضده! ".
    - ولعلى أقول برغم ذلك، أن هناك من استطاعوا أن ينظروا إلى تجربة الصين نظرة موضوعية، وبينهم السير "إليك دوجلاس هيوم" وزير الخارجية البريطانية... وأتذكر أننى فى زيارة أخيرة للندن، أتيح لى الاطـلاع على فقرات من تقرير قدمه إلى مجلس الوزراء البريطانى بعد رحلة له أخيرة إلى الصين، وكان من بين ما قاله وزير خارجية بريطانيا:
    - "سوف يكون مهماً بالنسبة للعالم كله، أن يتابع عن كثب تجربة الصين، لأنها فريدة فى التاريخ.
    هناك شعب يريد أن يعتمد على نفسه كلية فى بناء تطوره وتقدمه.
    وهو حتى لا يريد أن يقترض من الخارج لتمويل مشروعاته.
    وقد سألت رئيس وزراء الصين "شوين لاى" عن السبب فى ذلك، وكان رده:
    - "نحن نفضل أن نعتمد على أنفسنا تماماً... ولا نريد أن نقترض من أحد.... وليس من أهدافـنا أن نصل إلى وضع نجد أنفسنا فيه مثل غـيرنا يقترضون من جديد ليسددوا فوائد قروض قديمة!".
    وعندما ركبت القطار من "كانتون" إلى "هونج كونج" خارجاً من الصين، بعد زيارة استغرقت اثنى عشر يوماً، فلقد وجدت كثيرين من الصحفيين فى انتظارى.
    كان على أن أجيب على السؤال الذى طالما كنت قد وجهته إلى غيرى:
    - " كيف وجدت الصين؟ ".
    وقلت لهم بسرعة:
    - " أن أبرز ما لفت نظرى فى الصين هو "قوة الاندفاع ".
    هناك قوة دافعة تحرك الصين بغير حدود.
    وهذه القوة مزيج من عناصر مختلفة، يمكن أن يطول النقاش حول أصولها وجذورها، ولكن أحداً لا يمكن أن يختلف حول الطاقة التى تولدها.
    هناك فى الصين شعب من ثمانمائة مليون.
    وهذا الشعب يتحرك إلى هدف.
    ولا أعتقد، مما رأيت، أن هناك أحداً يستطيع أن يحول دونه ودون بلوغ هدفه.
    "القوة الدافعة" هى الشىء اللافت للنظر فى الصين".
    وعندما سئلت عن أحوال الناس فى الصين، قلت بأمانة :
    - " الكل يأكل بما فيه الكفاية... الكل يلبس بما فيه الدفء والكرامة أيضاً... والكل يعمل بغير انقطاع... حتى العجائز فى المزارع الجماعية يكلفونهم بالسهر فى الليل مع الأطفال يروون لهم قصة ما كان فى الصين من جوع وفوضى وعذاب وذل، حتى لا تضيع من ذاكرة الأجيال حكاية ما كان، وليستطيعوا تقدير ما هو كائن".
    ولقد سألت نفسى كثيراً بعد أن خرجت من الصين:
    - "ما هو سر ما حدث فيها، وهو شىء أقرب إلى المعجزة؟".
    ولست أسـتعمل هنا كلمة المعجزة جزافاً، لأننى حريص على الكلمة، ضنين بها، وهذا طبيعى، لأن الكلمة بالنسبة للكاتب حياة.
    وإنما أستعمل هذه الكلمة لأننى أتذكر حواراً مع نيكيتا خروشوف الزعيم السوفيتى الشهير، جرى بينى وبينه سنه 1964، وكانت الصين فيه موضوعاً رئيسياً، وكان من بين ما قاله لى خروشوف وقتها:
    - "سوف ترى، ونرى جميعاً، ما يحدث للصين بعد خلافها مع الاتحاد السوفيتى.
    أقول لك بلا تردد، أنهم بدون مساعداتنا سوف يعودون إلى عصر المجاعات.
    هل قرأت رواية الكاتبة الأمريكية بيرل باك عن "الأرض الطيبة" ووصف المجاعة فيها...؟
    سوف تعود الصين إلى هذا العصر، وسوف يتعلمون درسهم.
    لقد ضغطوا علينا، لأنهم أرادوا أن نسلمهم أسرار القنبلة الذرية، ونحن لن نعطيها لهم... إن القنبلة الذرية ليست لعبة... وليست مثل ما يقول "ماوتسى تونج" نمراً من ورق.
    هم لا يعرفون شيئاً.. ولن يعرفوا"!
    ولكن الصين لديها اليوم قنبلة ذرية، ولديها قنبلة هيدروجينية، وعندما كنت فيها، قال لى سفير أوروبى يتابع ما يجرى داخلها عن قرب وبعمق:
    - "هناك معلومات لدينا تقول أنهم جربوا فى الأسبوع الماضى - وبنجاح - صاروخاً عابراً للقارات، مداه أربعة آلاف ميل"!
    ولكن القنابل والصواريخ ليست فى رأيى، دليل المعجزة.
    ولقد استوقفنى دليل آخر وبالأرقام.
    تقول الأرقام:
    أن حجم الإنتاج الصينى يعادل حجم الإنتاج اليابانى، وهو من أضخم القوى الإنتاجية.
    (ولابد أن نسلم هنا بوجود فارق فى التقدم، لأن حجم الإنتاج الصينى يصنعه سكان يصل تعدادهم إلى 800 مليون بينما حجم الإنتاج اليابانى يصنعه سكان يصل تعدادهم إلى 100 مليون فقط).
    لكن هذا ليس هو المهم.
    المهم هو الرقم التالى عن استهلاك الصين من الوقود.
    وأقصد به البترول قبل أى شىء آخر:
    اليابان، لكى تصنع حجم إنتاجها، تستهلك سنوياً 240 مليون طن من البترول.
    أما الصين، فإنها تستهلك سنوياً 25 مليون طن من البترول.
    والغريب أن هذا الحجم الصينى فى استهلاك البترول (25 مليون طن)، هو نفسه تقريباً حجم الاستهلاك المصرى.
    وإذن نخلص بمفارقة بالغة الأهمية، وهى:
    "أن الصين تستخدم نفس حجم الطاقة التى تستهلكها مصر لكى تنتج نفس حجم الإنتاج الذى تصنعه اليابان".
    وهذه هى الصورة الحية للمعجزة!.
    والمعجزة، فى ظنى، ليست منى غيبياً، وإنما المعجزة، أو حتى ما يبدو أمامنا وكأنه معجزة له أسباب لابد أن تكون علمية.
    وفى طوافى كله بالصين، فلقد أحسست بأن هناك ثلاثة أسباب محددة تكمن وراء المعجزة:
    *** السبب الأول: أن كل إنسان يعمل، ولا يمكن أن يكون هناك شىء آخر وراء إنتاج بحجم إنتاج اليابان بوقود يماثل حجم استهلاك مصر، إلا العمل الإنسانى، والعمل الإنسانى وحده.
    *** السبب الثانى: أنه ليس هناك ما كان يسميه الدكتور محمود فوزى، عندما كان رئيساً للوزراء "فاقد أو عادم أو ضائع" فى أى شىء.
    وأتذكر أن "وولين شى" المسئول عن تحرير جريدة "الشعب" وهى كبرى الصحف الصينية، دعانى إلى عشاء ذات ليلة فى مطعم "بط بكين" الشهير.
    كان العشاء سبعة أطباق من بطة واحدة!:
    خمس قطع مختارة باردة من البطة فى أول طبق.
    كبد البطة مقلياً فى طبق ثان.
    أضلاع البطة بالصلصة فى طبق ثالث.
    قلب البطة فى قطع صغيرة محمرة فى طبق رابع.
    لسان البطة وأمعاؤها والبنكرياس، مطبوخة مع الخضر فى طبق خامس.
    جسم البطة نفسه أخيراً، وهو الطبق الرئيسى، مشوياً فى طبق سادس.
    عظام البطة مسلوقة، فى طبق حساء فى النهاية، وهو الطبق السابع.
    وأتذكر أننى قلت لـ " وولين شى ":
    - لم يبق من البطة غير ريشها، وأرجو أن لا نأكله؟".
    وقال " وولين شى " بجد:
    - "لا.... إن المطعم يبيع ريش البط لأغراض صناعية!".
    *** السبب الثالث: هو التنظيم الدقيق، وهو شىء محسوس إلى "أطراف الأصابع" فى كل بقعة على أرض الصين.
    ونقطة التنظيم تستحق مناقشة أطول.
    "ما هو سر هذا الدور الذى يلعبه التنظيم الدقيق فى حياة الصين اليوم، وفى دورها حالياً ومستقبلاً؟".
    ولقد سئلت هذا السؤال كثيراً وبإلحاح، ومنذ أن خرجت من الصين وحتى هذه اللحظة.
    وكان آخر من وجه إلى هذا السؤال هو الرئيس معمر القذافى، وكان معنا فى الأسبوع الماضى لعدة ساعات يسمع "مشاهدات وملاحظات عائدين من آسيا".
    وكنت دائماً ألخص رأيى فى النقط التالية:
    1 - أن روح التنظيم موجودة فى عقيدة الصين التاريخية الأولى وهى تعاليم "كونفوشيوس ". ولم يكن كتاب كونفوشيوس الشهير وهو: "حوليات الربيع والخريف" - وقد أصبح فيما بعد كتاباً مقدساً - إلا مجموعة من قواعد الأخلاق والسلوك، أرست بين ما أرست فى المجتمع الصينى، أسساً راسخة لاحترام المسئوليات على كل المستويات، حتى أن عدداً من الدارسين لشئون الصين، وبينهم" "إدجار سنو" فى كتابه: "الناحية الأخرى من النهر "، يعتقدون أن "الكونفوشية" أعطت للصين أقوى الأجهزة الإدارية فى التاريخ، وأكثرها استمراراً واستقراراً، ولقد ساعدها على ذلك أن المجتمع الصينى بالطبيعة مجتمع نهر وإذن فهو يحتاج دائماً إلى حكومة مركزية قوية.
    2 - أن الحضارة الصينية لم تنقطع طوال التاريخ، ولم تنكسر ولم تداخلها الشوائب.
    وفى حين أن الحضارة المصرية مثلاً انكسرت وانقرضت بعد عهد الأسرات، كما أن الحضارة الأفريقية نامت على طول المسافة بين انهيار الإمبراطورية الرومانية وعصر النهضة الأوروبية الحديث، فإن الحضارة الصينية دون غيرها من الحضارات الأولى، واصلت استمرارها وازدهارها، برغم عصور من الانتكاس عاشتها.
    ومن شأن استمرار الحضارة فى أمة من الأمم، أن وحدتها تبقى سليمة.
    وربما كان من ذلك أن اللغة الصينية ظلت مع اتصال الحضارة الصينية، وعاء يتسع دوماً لضمير ووعى ومشاعر الأمة الصينية.
    3 - أن الصينى كان، ولا يزال دائماً، يعتقد أن "الصين" هى قلب الكون، وربما كنا نحن هنا فى الشرق الأوسط - الذى نعتبره وسط العالم - نظن أن الصين فى طرف قصى من الدنيا، ولكن النظرة إلى خريطة العالم مرهونة دائماً بالمكان الذى ننظر منه.
    ولقد نلاحظ أن اسم الصين فى اللغة الصينية هو "شونج كو" والترجمة الحرفية لهذا الاسم هى "الملكوت المركزى"، أو "الملكوت الأوسط".
    ومن هنا، فإن الصين هى شعب الصين، بل أن الاقليات الصينية خارج الصين، وحتى فى الولايات المتحدة، لا تعتبر نفسها مهاجرة خارج الصين، وإنما تعتبر نفسها فى مهمة خارج الصين.
    4 - أن الصين لم تتعرض للغزو الخارجى فى أى فترة من فترات تاريخها، كما أنها لم تذهب غازية إلى أى مكان، وكانت حروبها كلها حروباً دفاعية وحتى فى عصر التدخل الأوروبى فى الشرق الأقصى، وبعد حرب الأفيون الشهيرة، فإن الصين لم تصبح مستعمرة بالمعنى التقليدى وإنما تمركزت قوى التدخل الأجنبى على شواطئها، وعلى أطرافها البعيدة وبقى "الملكوت الأوسط" سليماً لا يمس.
    5 - أن الكونفوشية لم تأت إلى الصين بأية أساطير غيبية يمكنها أن تمزق المجتمع الصينى إلى طوائف وشيع، أو تفرقه فى خزعبلات مظلمة ومسكونة.
    وكان كونفوشيوس، ومن قبل ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة يقول:
    - "لكم أن تحـترموا الأرواح... ولكن عليكم أن تحرصوا على إبقاء مسافة بينها وبين عقولكم!".
    ثم كنت أقول:
    - "أن هذه الأسباب الخمسة كانت موجودة فى الصين، تمهد للنظام وإمكانية التنظيم إذا جاءت القيادة الواعية ".
    كانت هذه كلها أرضية تاريخية تمكن لماوتسى تونج من الدعوة إلى تعاليمه.
    ولقد كان الجو كله مهيأً بعد عصر المجاعات وانحلال الأباطرة فى الصين، ونزعات التسلط لدى القادة العسكريين فى نهاية فترة حكم أسرة "مانشو"، وكان الجو كله مهيأً بعد إذلال حرب الأفيون، وبعد ضياع ثورة "سن يات سن" على يد الطبقة الجديدة التى سيطرت على حزبه "الكومنتانج" وكان المسرح جاهزاً تماماً لدخول ماو بعد الحرب الاستعمارية التى شنتها اليابان على الصين، ابتداء من سنة 1934.
    إن "ماو" جاء حقيقة يحمل أعلام الماركسية اللينينية، ولكن "ماو" استجاب للطبيعة الوطنية للصين أكثر مما استجاب لماركس وإنجلز، ولينين، وستالين الذى لا تزال صورته معلقة حتى الآن فى الصين، أو لعلى أقول كى لا أتجاوز أن "ماو" أضاف إلى الماركسية اللينينية وغير فيها، بما يلائم ظروف الصين.
    ولعلى أترك هذه النقطة لغيرى ممن يتحمسون للمناقشات العقائدية.
    ولكننى أكتفى بالقول بأن "مـاو" جاء إلى المسرح الصينى والمجتمع هناك مهيأ لثورة، ومهيأ لثائر، ثم أنه كان بكامل وحدته الحضارية والتاريخية، على استعداد لأن يستجيب للنظام والتنظيم.
    ولقد سئلت:
    - "هل أحسست هناك بأثر للقسر والإرغام فى فرض النظام والتنظيم؟"..
    وقلت:
    - "لا أسـتطيع أن أتصور إنسانياً أن يحدث تغيير مثل الذى حدث فى الصين بدون قسر وإرغام ".
    ولكننى أريد أن أضيف بأمانة:
    - "إذا كنت أقول بذلك، فلابد أن أعترف بظاهرة لا يمكن المرور عليها بسهولة ".
    هذه الظاهرة هى أن الخط الفكرى الصينى واضح من القمة عند "ماوتسى تونج" و"شوين لاى" إلى أى عامل فى مزرعة جماعية، وإلى أى طبيب من "الأطباء الحفاة" كما يسمونهم، وهم ليسوا حفاة الأقدام كما قد يوحى بذلك وصفهم، ولكن الوصف كان من صياغة "ماو" الذى وجد أن الريف الصينى بكل هؤلاء الملايين الذين يعيشون فيه لا يحتاج إلى أطباء متخصصين تصرف عليهم الدولة عشرات السنين، وإنما هو يحتاج إلى من يفهم فى الأمراض العادية، وهكذا كان تعبير الأطباء الحفاة الذين يسيرون فى الريف يعالجون - بالأعشاب الطبية فى معظم الأحوال - نزلات البرد والأمعاء ونوبات الزكـام والصداع، بعد تدريب عـلمى لثلاثة أو ستة شهور أو سنة واحدة فى بعض الأحيان "..
    ولقد سئلت، وبين الذين سألونى الرئيس معمر القذافى:
    -" كيف تفسر وحدة الخط الفكرى واتصاله بين القيادة والقاعدة ؟ ".
    وقلت:
    - لذلك فى ظنى خمسة أسباب:
    الأول: أن التجربة أمام الإنسان الصينى ناجحة، أعطته الكثير، وحققت له الكثير.
    الثانى: أن القيادة فى الصين قدوة أيضاً، وهذه نقطة بالغة الأهمية، لأن الناس يتقبلون حينما يشعرون أن الذين يدعونهم إلى شىء يطبقونه أولاً على أنفسهم.
    ولقد نتذكر أن "ماوتسى تونـج" وهو إله فى الصين الآن يعيش فى المدينة المحرمة، فى بيت صغير، كان مخصصاً لخدم أسرة "مانشو"، والبيت من ثلاث غرف: غرفة نوم، وغرفة استقبال، وغرفة مكتبة، والأثاث بسيط، وليست هناك بجانب "ماو" إلا سكرتيرة واحدة ترتب غرفته وترتب أوراقه، وهذا هو كل شىء.
    الثالث: وهو نتيجة لما سبق أن هناك ثقة كاملة بين القاعدة والقمة، والثقة فى القيادة فى الصين لا تقتصر على الإيمان بإخلاصها ولكنها تمتد أيضاً إلى الثقة بقدرتها وحكمتها - هذا فضلاً عن أن جميع المسائل والقضايا تطرح للمناقشة داخل الحزب وعلى كل مستوياته بحيث تصبح بالفعل حين صدورها معبرة عن رأى الجماهير الواسعة.
    الرابع: هو أن العقائد لا تعطى للجماهير كأنها كتل حجر وإنما تترجم العقائد إلى تصرفات عادية وإنسانية بسيطة للغاية، قادرة على النفاذ داخل أى تصور.
    وفى الفترة التى كانت الولايات المتحدة فيها تحاول احتواء الصين وفرض الحصار عليها، فإن ماوتسى تونج لم يحطم رؤوس الناس بعبارات لها دوى دون أن يكون لها صدى، وإنما اكتفى بإصدار توجيهاته الثلاثة المشهورة:
    * احفروا الخنادق فى كل مكان (أى استعدوا للغزو).
    * اختزنوا الحبوب فى كل مكان (أى استعدوا للحصار الاقتصادى).
    * لا تسعوا للسيطرة فى أى مكان (أى أن سياسة الصين دفاعية وليست عدوانية).
    الخامس: هو أن خطوط الاتصالات ولغة الاتصالات بين القمة والقاعدة فى الصين مازالت حية وقوية من أثر التجربة الثورية الطويلة التى كانت تجعل "الثلاثة فى واحد" كما يقولون فى الصين أى الحزب وجيش التحرير والحكومة - وذلك خلال سنوات النضال الشاق الطويل (ولقد أعود إلى هذه النقطة فيما بعد بتفصيل أكثر).
    ولقد سئلت:
    - "أليست غريبة هذه الألوهية لماوتسى تونج فى الصين ؟".
    وقلت:
    - "لقد كنت دائماً أستغرب هذه الألوهية "لماوتسى تونج"، وكنت أجدها دائماً غير معقولة، بل كنت أجدها فى بعض الأحيان على نقيض مع الفكر الماركسى ذاته، الذى تجرى التجربة فى الصين تحت راياته".
    ولكن المذهل أن ما يبدو مستغرباً أو غريباً من خارج الصين، يبدو داخلها عادياً وطبيعياً.
    ولقد شعرت بأن الناس فى الصين يعطون "لماو" مكانة الإله بغير رهبة أو خوف، وإنما بمزيج مثير من الحب والتقديس.
    لقد وجدت الصين كلها تتحرك على إيقاع صادر من ذلك البيت الصغير وراء أسوار المدينة المحرمة، حيث يعيش "ماو" ويفكر ويصدر تعاليمه.
    الصين كلها تتحرك - بثمانمائة مليون فيها - على الإيقاع الهادئ أحياناً، والهادر أحياناً أخرى - كما فى وقت الثورة الثقافية - الذى يعزفه ماوتسى تونج.
    ويبدو أنه خبير بالموسيقى، عارف بفنونها، قادر على تطبيقها فى السياسة.
    ..... كان هو القـائل يوماً ربما فى أحد توجيهاته المنيرة إلى أكثر شعوب العالم كثافة فى السكان:
    - "تعلمـوا العزف على البيانو... ينبغى للإنسان لكى يعزف على البيانو أن يحرك أصابعه العشر، لا أن يحرك بعض أصابعه ويترك بعضها الآخر جامداً لا يتحرك....
    ولكنه إذا ضغط بأصابعه العشر دفعة واحدة فلن يستطيع أيضاً أن يعزف لحناً....
    فلأجل عزف موسيقى جيدة، ينبغى أن تكون حركات الأصابع إيقاعية متناسقة !!".

  • #2
    الشرق أحمـر.. الصين: نظرة عامة

    <p align="right"><font face="Verdana, Geneva, Arial, Helvetica, sans-serif" size="5"><font color="#660000"><strong>أشكر الأستاذ محمود على نقل  المقالة للاستاذ محمد حسنين هيكل، والتي من الواضح أنها كتبت بقلم عاشق  معجب حالم بوردية تجاوزت كثيرا التفسير الواقعي والمنطقي للتاريخ والحاضر أو كما يقولوا مرآة العاشق عمياء، فبالرغم من غزارة المعلومات والاستشهادات الحقيقية، ولكن تفسيرها الحالم أبعدها عن الواقع، ومن أكثر ما أثار انتباهي  كلامه عن كونفوشيس <br /><br /><br /><font color="#000099">أن الكونفوشية لم تأت إلى الصين بأية أساطير غيبية يمكنها أن تمزق المجتمع الصينى إلى طوائف وشيع، أو تفرقه فى خزعبلات مظلمة ومسكونة.</font></strong><br /><br /><br /><br /><strong>وكذلك الغرابة في قراءته للتاريخ في الفقرة التالية <br /><br /><br /></strong><strong><font color="#000099">أن الحضارة الصينية <font color="#ff0000">لم تنقطع طوال التاريخ،</font> <font color="#009900">ولم تنكسر</font> <font color="#660099">ولم تداخلها الشوائب</font>.<br />وفى حين أن الحضارة المصرية مثلاً انكسرت وانقرضت بعد عهد الأسرات، <font color="#ff0000">كما أن الحضارة الأفريقية نامت على طول المسافة بين انهيار الإمبراطورية الرومانية وعصر النهضة الأوروبية الحديث،</font> فإن الحضارة الصينية دون غيرها من الحضارات الأولى، واصلت استمرارها وازدهارها، برغم عصور من الانتكاس عاشتها.<br />ومن شأن استمرار الحضارة فى أمة من الأمم، أن وحدتها تبقى سليمة.<br />وربما كان من ذلك أن <font color="#ff0000">اللغة الصينية ظلت مع اتصال الحضارة الصينية،</font> وعاء يتسع دوماً لضمير ووعى ومشاعر الأمة الصينية.</font><br /><br /><br /><br />والتي تبين أن الاستاذ محمد حسنين هيكل يحتاج إلى دخول المدرسة من جديد لدراسة التاريخ من البداية</strong></font></font></p>

    تعليق

    • mahmoudraya
      عضو منتسب
      • Mar 2007
      • 29

      #3
      _MD_RE: الشرق أحمـر.. الصين: نظرة عامة

      أستاذي الكريم
      أشكرك على مرورك الطيب.
      بغض النظر عن تقييم محتوى المادة التي قدمها الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل، فإنهاتبقى وجهة نظر كاتب له باع طويل في مجاله.
      قد اخنلف معك أو أتفق في قراءة الأفكار التي طرحها الأستاذ هيكل، إلا أن هذا لا يدفعني إلا إلى احترام ما تفضلت به، وما خطه قلم الأستاذ الكبير.
      من قراءاتي المتعددة للموضوع الصيني أرى أن ما قاله الأستاذ هيكل هو "اندفاع المحب" في التعبير عن أحداث تاريخية يمكن الاختلاف في مدى انطباقها على الواقع ولكن لا يمكن نفيها من الأساس.
      مع محبتي ورغبتي في استكمال النقاش، مع الأمل في دخول الأخوة المهتمين من أجل إغناء الموضوع.
      محمود

      تعليق


      • #4
        الشرق أحمـر.. الصين: نظرة عامة

        <p align="right"><font face="Verdana, Geneva, Arial, Helvetica, sans-serif" color="#660000" size="5"><strong>المشكلة يا عزيزي محمود<br /><br />أن الكاتب محمد حسنين هيكل وكما أطلقت عليه الكاتب الكبير، فلو كان كاتب نكرة كان ممكن أعديها<br /><br />خصوصا وهو استخدم في المقالة العبارة التالية<br /><br /><font color="#000099">ولست أسـتعمل هنا كلمة المعجزة جزافاً، لأننى حريص على الكلمة، ضنين بها، وهذا طبيعى، لأن الكلمة بالنسبة للكاتب حياة.</font><br /><br />هذه زادت الطين بلة، ونعرف من هو محمد حسنين هيكل، <br /><br /><br />ولا أظن أنه لم يقصد بالأساطير الغيبية غير الإسلام؟ عندما أتى على سيرة كونفوشيس، فهل يصح ذلك أو ممكن أن نقبله من محمد حسنين هيكل؟<br /><br />وإن أردنا أن ننسى فلا يمكن أن ننسى أنه كان أحد منظري القومية العربية،  فهل نقبل من منظّر للقومية العربية أن ينسى حضارة المسلمين " العرب"؟<br /><br /> خصوصا عندما يلغي أي حضارة عن الإسلام عندما يحدد الفترة الزمنية للحضارات في شمال أفريقيا<br /><br />فهل مثل هذا الكلام ممكن أن يكون سهو أو غلطة غير مقصودة من كاتب مثل محمد حسنين هيكل؟ وهل مثل هذا الكلام له أي علاقة بالتاريخ وما حصل به؟<br /><br />وللحديث بقية والله أعلم على الأقل بما يخص معلوماته عن الصين<br /><br />مع تحياتي</strong></font></p>

        تعليق

        • mahmoudraya
          عضو منتسب
          • Mar 2007
          • 29

          #5
          _MD_RE: الشرق أحمـر.. الصين: نظرة عامة

          أخي أبو صالح
          أشكرك مرة أخرى على دخولك إلى هذا الموضوع، كما أقدر عالياً قراءتك المتأنية لما ورد فيه، وإن دل هذا فإنما يدل على أنك من المثقفين الذين يقرأون ما بين السطور، ولا يكتفون بالظاهر من الكلمات.
          تعرف أخي أبو صالح أنني لست معنياً بلعب دور المحامي عن الأستاذ هيكل، فهذه مهمة لا أرغبها ولا أقدر عليها، وإنما أنا نشرت مقاله لما فيه من معلومات عن الصين، بغض النظر عن مدى دقتها أو اقترابها من الوقائع.
          يبقى عندي ملاحظة واحدة، وهي أن الأستاذ هيكل لا يتحدث عن الحضارة الصينية في السنوات الألفين الأخيرة فقط، وإنما يتحدث عنها منذ فجر التاريخ، وبالتالي لماذا لا نعتبر أن حديثه عن الأساطير في حضارات منطقتنا يتناول تلك المرحلة الموغلة في القدم والتي عشنا فيها جاهليات وأساطير ما أنزل الله بها من سلطان، ثم جاء الإسلام ليخلصنا منها، ويرفع من شأننا قبل أن ننقلب مرة أخرى على أعقابنا بعيداً عن الحضارة والفكر الإسلاميين.
          هي مجرد ملاحظة أتمنى أن تتقبلها بصدرك الواسع.
          مع أطيب التحيات
          محمود

          تعليق


          • #6
            الشرق أحمـر.. الصين: نظرة عامة

            <p align="right"><font face="Verdana, Geneva, Arial, Helvetica, sans-serif" size="5"><strong><font color="#660000">عزيزي محمود <br /><br />قراءتك لكتابة الاستاذ محمد حسنين هيكل غير منطقية، <br /><br />والسبب واضح من كتابته هو بتحديد الفترة الزمنية التي قارن بها عن شمال أفريقيا؟!وتجاوز ذكر الحضارة الإسلامية " العربية"<br /><br />ماتفسيرك لها إذن<br /><br />أما بالنسبة لتاريخ الصين، فأنا ما زلت لم أعلق على هذه النقطة فيما أورده في مقالته، لفسح المجال في انتظار ما سيعلق به بقية الزملاء</font></strong></font></p>

            تعليق

            • mahmoudraya
              عضو منتسب
              • Mar 2007
              • 29

              #7
              _MD_RE: الشرق أحمـر.. الصين: نظرة عامة

              أخي أبو صالح:
              مرة أخرى أنا لا أتبنى ما كتبه الأستاذ هيكل بشكل كامل ولا أدافع عنه بالمطلق، ولكنني أجد فسحة لفهم آخر للفكرة، بما يجعل الأمر أقل حدة في التعاطي مع الموضوع، وربما يكون هيكل قد قصد ما تراه أنت وربما لم يكن يقصده كما فهمته، ولذلك أفتش عن هذه الفسحة، فهذا برأيي المتواضع أقوم.
              أما بالنسبة للحضارة الصينية فأنا سأؤيدك بكل ما تقوله عنها لأنك مطلع أكثر مني عليه بحكم وجودك الجغرافي واطلاعك المعرفي ولك مني التأييد منذ الآن
              مع أطيب التحيات
              محمود

              تعليق


              • #8
                الشرق أحمـر.. الصين: نظرة عامة

                أظن ما كتبته في الموقع التالي يعطي فكرة في جانب معين عن جمهورية الصين الوطنية على تايوان، علّه تفتح قريحة بقية الأخوة للمشاركة في الموضوع

                التعديل الأخير تم بواسطة ضيف; الساعة 04-03-2010, 01:23 PM.

                تعليق


                • #9
                  _md_re: الشرق أحمـر.. الصين: نظرة عامة

                  أظن ما كتبته في الموقع التالي يعطي فكرة في جانب معين عن جمهورية الصين الوطنية على تايوان، علّه تفتح قريحة بقية الأخوة للمشاركة في الموضوع

                  http://www.atinternational.org/forum...ead.php?t=2981
                  التعديل الأخير تم بواسطة ضيف; الساعة 04-03-2010, 01:23 PM.

                  تعليق


                  • #10
                    الشرق أحمـر.. الصين: نظرة عامة

                    <p align="center"><font color="#660000" size="5"><strong>في الرابط التالي حصلت مناقشة عن كتابات محمد حسنين هيكل أنقل الجزء الذي تعلّق بهذا الموضوع منها<br /><br /></strong></font><a href="http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=18716">http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=18716</a><br /></p><div class="smallfont" style="margin: 5px 20px 2px" align="center">اقتباس:</div><div style="margin: 5px 20px 20px" align="center"><table cellspacing="0" cellpadding="6" width="100%" border="0"><tr><td class="alt2" style="border-right: 1px inset; border-top: 1px inset; border-left: 1px inset; border-bottom: 1px inset"><div>المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يسري راغب شراب <a href="http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?p=115583#post115583" rel="nofollow"><img class="inlineimg" title="مشاهدة المشاركة" alt="مشاهدة المشاركة" src="http://www.almolltaqa.com/vb/images/buttons/viewpost.gif" border="0" /></a> </div><div style="font-style: italic"><font size="5"><font color="#800080">عزيزي الباحث والكاتب والمحلل السياسي <br />الاستاذ / ابوصالح<br />كل التحيه والتقدير <br />والشكر العميق على هذا الرابط الذي اثبت لي ان الاستاذ استاذا وهو يكتب عن الوحش الصيني منذ العام 1973 - هو عاصر مؤتمر باندونج عام 1955م - وكان مستشارا لعبد الناصر في حركة عدم الانحياز والحياد الايجابي<br />صديقي <br />رغم انك تهاجم هيكل فان مقالته التي اوردتها له بالتاكيد تاتي متفقه مع ما قلته في احدى مقالاتك على انك غيرت رايك بالاستاذ / هيكل بعد مشاهدتك له في زيارته للتاريخ على تليفزيون الجزيره - وهذا ما يجعلني متشبثا باستاذيته <br />وقراءة متانيه لمقالة الاستاذ تكفي اي باحث لمعرفة الصين بنسبة جيده جدا<img class="inlineimg" title="Emot127" alt="" src="http://www.almolltaqa.com/vb/images/smilies/new/emot127.gif" border="0" /><br />اسمح لي هنا ان اسجل اعجابي بكل ما تحمله من هموم المثقف الواسع الاضطلاع المتعمق في القراءه والمبحر في التحليل <br />وانا اميل للمجامله التي لاتميل لها<br />المجامله احد الاساليب التي كان الاستاذ / هيكل يتبعها مع مناوئيه <br />فكان يبدو فارسا عليهم ويرفع درجة الحراره عندهم <br />لك مني كل التحيه والتقدير </font></font></div></td></tr></table></div><p align="center"><br /><br /><br /><font size="5"><font color="#8b0000"><strong>عزيزي <font color="#000080">يسري </font>أنا لم أنكر استاذيته وعلمه في فن الكتابة والإلقاء والجمع والحصر والقراءة والربط والتفسير والتبرير، وإلاّ لم نصحت بمتابعة برنامجه ووصفته بالرائع مع تنبيه بسيط حتى تكتمل الصورة وتزيد الفائدة، ولذلك أنا أتفق معك تماما في توصيفك له في العنوان "فن المقاله بين السياسه والروايه" فقد أنصفت الرجل تماما، فهو يعمل كل شيء رواية والرواية لا تعني الواقع الحقيقي بالضبط وإلاّ لا تكون رواية<br /><br />أنا لم أتعامل معه على أنه غير بشر والبشر من طبيعتها عدم الكمال، والمعلومات الغزيرة في مقاله عن الصين كان طرحه لها كما ذكرت في تعليقي هناك من زاوية العاشق الولهان، فلذلك لم تكن أكثر من صورة ورديّة، كما هو حال الحبيب عندما ينظر لحبيبته، حيث مرآة الحب عمياء كما يقال في الأمثال، <br /><br />ففي نفس تلك الفترة التي كتب فيها مقاله حصلت مصائب يندى لها جبين كل عقل يستطيع التمييّز في الصين قبل بقيّة دول العالم، تحت مسمّى الثورة الثقافيّة حُرقت فيها كل كتب التراث التي وصلت لها يد الحكومة ولم ترضى عنها على سبيل المثال، بل وحتى غيّر طريقة كتابة اللغة من أجل فصل الناس عن تراثهم القديم وغيرها الكثير جدا، وحتى نكّل ماو تسي تونغ بكل رفاقه في القيادة وأهانهم وسجنهم ممّن عارض هذه الممارسات<br /><br />فهل تعتبر ذلك هجوم عليه؟ عندما أحاول تبيين بقيّة الصورة التي أخفاها أو لم ينتبه لها أو أهملها بما يتعلّق بنا؟!<br /><br />بالمناسبة أنا أظن أنني مجامل ومتسامح وصبور وأطنّش أكثر من كل من اشتكى منّي للعلم، وحواراتي الكثيرة مع من استمر إلى نهاية الحوار في الموقع تثبت ذلك، بل وصرّح بها أكثر من واحد ممن أختلفت معهم في الآراء <br /><br />ولكني ضدّ السكوت على أيّ تعدّي على كل شيء جميل فينا، بل وصل الحال بالغالبيّة إلى مدح من يعتدي ولا ندري إن كان رياءاً ونفاقاً بصيغة الذم أم كان حقيقة حيث هناك فرق كبير بينهما وبين المجاملة من وجهة نظري<br /><br />ما رأيكم دام فضلكم؟<img class="inlineimg" title="Emot133" alt="" src="http://www.almolltaqa.com/vb/images/smilies/new/emot133.gif" border="0" /></strong></font></font></p>

                    تعليق


                    • #11
                      أنقل بعض ما كتبته تحت العنوان والرابط التالي لإنني أظن له علاقة بهذا الموضوع
                      مصر أولا المغرب أولا،النظرة القُطريّة هل ترسّخ لمفهوم كيانات سايكس بيكو أم لا، لماذا؟
                      http://wata1.com/vb/showthread.php?p=12398#post12398


                      المشاركة الأصلية بواسطة ناصر عبد المجيد الحريري مشاهدة المشاركة
                      حدود العرب: "هجاء" الدولة القطرية يهدد بتلاشي مفهوم الوطن كمجال حياتي وحقوقي وحيد

                      محمد جابر الأنصاري ... الحياة
                      [align=justify]
                      يذهب الفكر السائد المعالج لظاهرة التعدديات العربية والحدود, المعنوية أو المادية, الفاصلة بينها إلى التركيز على ظاهرة الأقليات العرقية والدينية والطوائف والمذاهب المنسوبة إلى هذه الظاهرة, إلا انه من المفيد موضوعياً التنبه أيضا وبتركيز إلى جانب آخر في هذه الإشكالية, وهي أننا أمام تعددية "الأكثرية العربية" المفترض انسجامها قومياً و"مذهبياً" حيث أن أكثر من 80 في المئة من سكان الوطن العربي مصنفون "عرباً سنّة"... ولكن هذا الاعتبار لم يؤد إلى "وحدة" هذه الأكثرية في كتلة موحدة, فظلت "تعدديات الأكثرية" هي الإشكال الرئيس الذي ينبغي الالتفات إليه في مقاربة المشكلة الحدودية في أبعادها الذهنية والنفسية و"الكيانية" وليس فقط بمفهومها السياسي أو القانوني الدولي, وذلك ما ذهبنا إليه في بحثنا الموسوم (إشكالية التكوين المجتمعي العربي: أقليات أم أكثرية متعددة؟) في كتاب النزاعات الأهلية العربية الذي تشاركنا فيه مع فريق بحثي من المؤلفين العرب. (النزاعات الأهلية العربية, مركز دراسات الوحدة العربية, بيروت, 1997, ص 15- 46). وأخذ شيعة العراق اليوم يعكسون في سلوكهم السياسي والفكري تعددية مماثلة على رغم الرابطة المذهبية, الأمر الذي يستدعي البحث عن أسباب أخرى لمثل هذه التعددية.
                      وعلى رغم الوحدة العضوية العميقة للحضارة العربية الإسلامية ولدار الإسلام, فإن هذه الدار تجزأت سياسياً منذ وقت مبكـــــــر, وفي إبان قوة الدولة الإسلامية ومع عدم وجود قوى مسيطرة عليها في ذلك الوقت "تتآمر من اجل تجزئتها", كما تذهب الأدبيات العربية عن القوى الدولية في تبرير ظاهرة "التجزئة" العربية كلياً.
                      من هنا نشأ توتر دائم في تاريخ العرب والإسلام بين انتماء عقيدي وثقافي وحضاري شامل وبين انتماء سياسي واقعي متجزئ, وهو توتر ما زال قائماً إلى اليوم بين الانتماء الديني أو القومي الواسع وبين الانتماء القطري المتحدد.
                      وكما سبق وألمحنا إلى ذلك فلم تتطابق الدائرة الحضارية الواحدة مع الدوائر السياسية المتعددة والمتصارعة داخلها كما تطابقت - على سبيل المثال - الدائرة الحضارية الصينية مع الدائرة الموحدة للدولة الصينية التي حافظت على وحدتها السياسية معظم عصور التاريخ, واستعادتها مبكراً في العصر الحديث في تطابق مقارب بين الدائرة السياسية والدائرة الحضارية.
                      * * *
                      إذا شئنا التدقيق في واقع تعددية الانتماءات الداخلة في تشكيل الهوية العربية وتكوين النسيج العربي العام, نجد أن هناك ازدواجية ثلاثية تتعدى الثنائية التي اشرنا إليها, وذلك: بين انتماء عام للعقيدة والحضارة, وانتماء مجتمعي متحدد القبيلة أو الطائفة أو المحلة, وانتماء بحكم واقع الحال للكيانات السياسية القائمة (برهان غليون, نظام الطائفية: من الدولة إلى القبيلة, بيروت: المركز الثقافي العربي 1990, ص 136- 137). هذا الولاء الثلاثي المزدوج نشأ في واقع التاريخ وما زال قائماً. وتزايد أخيرا بروز ولاء التعدديات المجتمعية الصغيرة من قبلية وطائفية على حساب البعدين الآخرين: الحضاري الشامل, والسياسي الوطني أو القطري. هذه الازدواجية الثلاثية يوازيها ويصاحبها مظهر ثلاثي ناتج منها في الشخصية العربية الإسلامية العامة يتمثل في كون العربي "إسلامياً" في عقيدته وعبادته وقيمه الروحية..., "عروبياً" في ثقافته وقيمه الأدبية والفنية, قبلياً أو طائفياً أو محلياً في نزعته وفزعته الاجتماعية وفي عصبيته السياسية. وهذه التعددية في الانتماء وفي التعبير عن الشخصية ليست من حيث المبدأ حكراً على العرب, فهي ظاهرة إنسانية عامة غير أنها في المجتمع العربي ظلت تعددية متفلتة وغير متسقة ضمن سلم للأولويات يصهرها في بوتقة عامة واحدة, وقد يتقدم أصغرها على أكبرها في أدق المواقف من دون ضابط أو هرمية تحدد الأولويات. وبتعبير آخر: فإنها تتضارب سلباً بدل أن تتكامل إيجابا, كما في التجربة الاتحادية الأوروبية الجارية, والتي من المفيد أن نلاحظ أنها تضاربت سلباً في مراحل سابقة من التطور الأوروبي نحو الكيان الأكبر, ثم استطاعت الأمم الأوروبية وضعها في تراتبية ايجابية ومفيدة لحركة التقارب ثم التوحيد.
                      على صعيد آخر, وعلى رغم انه ليس في الإمكان منهجياً التحدث عن "الديمقراطية" قبل تبلور مفاهيمها في العصر الحديث (وبما يتجاوز مفاهيم أثينا القديمة) إلا أن الحديث عن "ديمقراطية" حياة البادية عند العرب لا بد من أن تفهم في مدلولها الاجتماعي الواقعي, حيث قاربت طبيعة البيئة الصحراوية وضروراتها بين كبير وصغير وبالتالي فإنه لا يمكن تعميم المفاهيم الديمقراطية بالنسبة إلى آليات السلطة عند العرب. فأي ديمقراطية سياسية تحققت في الواقع داخل قريش, أو بين الأمويين أنفسهم, أو بين الهاشميين من عباسيين وعلويين, أو داخل أي قبيلة أو عشيرة عربية أخرى على رغم بساطة العيش بين الجميع في البيئة العربية؟ وعلى رغم أن الإسلام علّم المسلمين كيف يتعايشون ويتسامحون مع أصحاب الديانات الأخرى من أهل الكتاب, فإن المسلمين أنفهسم - والعرب بخاصة - لم يأخذوا بهذه التعددية في تعاملهم السياسي في ما بينهم في حالات عدة.
                      والجدير بالملاحظة انه منذ بداية نشوء السلطة السياسية في الإسلام بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم), كان السؤال المتقدم الملح: "من يحكم", بمعنى أي قبيل أو عشيرة ؟ وتأخر السؤال السياسي الأكثر أهمية وموضوعية: "كيف يكون الحكم بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) في الدولة الجديدة, بأي منهاج وبرنامج استنباطاً من مبادئ الإسلام السياسية التي جاءت عامة مرنة تتطلب التحديد والتقنين؟"
                      هكذا حولت "ذاتية" القبيلة مسألة الحكم في تاريخ الإسلام من "موضوع": الحكم كيف يؤسس ويدار... إلى "ذاتية" الحاكمين: من يكونون, من أي عشيرة أو قبيل, وأي "ذات" منهم تفضل "الذات" الأخرى, بما زاد من صراع التعدديات السياسية داخل الوحدة الحضارية ولم يقنن مبدأ الشورى ليصبح مؤسسة سياسية فاعلة منذ بداية تاريخ الإسلام.
                      وينجرف الفكر السياسي والديني الإسلامي في هذه "المفاضلة" العقيمة (أفضلية أبي بكر أم علي بين أمثلة أخرى) التي شغلت العقول والاجتهادات وأثارت النفوس والتحزبات وسالت حولها الدماء. وتضاءلت في المقابل قضايا الفكر السياسي والعلم السياسي الأكثر إلحاحاً في مطلب السياسة البناءة, كقضايا بناء الدولة وتقنين السلطة, وتنظيم الحكومة وتحديد المشاركة وإرساء أصول الحكم وآلياته بصفة عامة (تكوين العرب السياسي, مصدر سابق, ص26).
                      تمثل الوحدات الوطنية في الحاضر العربي, سواء كانت طبيعية من إرث التاريخ, أو مصطنعة من فعل الاستعمار, المجال الحياتي الوحيد الذي يعيشه العربي, ويربي فيه أولاده, ويتفاعل من خلاله مع العرب الآخرين ومع العالم ويتعلم فيه قيم الوطنية والولاء والعمل والإنتاج. إلا أن العربي ظل يقيم ما يشبه العلاقة غير الشرعية مع وطنه الطبيعي الواقعي الملموس والمتجدد بسبب التجاذبات القومية الشاملة والدينية الشمولية. وظل هذا الوطن يمثل له "حالة مؤقتة" بانتظار الدولة الكبرى أو الخلافة العظمى. من هنا في نظرنا هشاشة قيم السلوك المدني في حياة العربي. فهي قيم لا يمكن أن يتعلمها الإنسان إلا في وطن متجدد يؤمن به ويمنحه كامل ولائه. لذلك لا يتردد العربي في تخريب مظاهر العمران والحدائق العامة ومصابيح الإضاءة في هذا "الوطن العابر" الذي لا مشروعية عميقة له في أعماقه. وقد أسهمت الايدولوجيا القومية المشرقية التي نشأت كرد فعل عصبي لتقسيمات سايكس - بيكو في "الهلال الخصيب" في خلق هذه الحال العصابية تحت مصطلح الدولة "القطرية" الممقوتة التي ما زال أكثر الكتاب العرب يصبون عليها جام غضبهم بسبب استبدادها وعجزها في مواجهة الأعداء وتجاوز التخلف, وربما كانوا محقين. والمدهش أن الايدولوجيا القومية الوحدوية التي ظلت تشجب "الكيانات القطرية" حافظت أحزابها "القومية الوحدوية" على هذه الكيانات بكل ما أوتيت من قوة وحيلة عندما وصلت إلى الحكم! ولم نسمع, بعد, من هذه الأحزاب تفسيراً لذلك!
                      إلا أن هذا اللبس والالتباس بين مفهوم "الوطن" الذي يعيش ضمن حدوده وكيانه الإنسان وينبغي أن يتربى فيه تربية وطنية قوامها قيم السلوك المدني المتحضر المستند إلى وشائج المواطنة والوطنية, وبين افرازات الدولة القطرية الحاكمة فيه بمساوئها, قد أدى إلى خلط خطير ومضلل بين الوطن ونظامه السياسي. ولا بد من العودة إلى التمييز بين الاثنين, وإنقاذ مفهوم "الوطن" والوطنية والمواطنة من قفص النظرة السلبية القاتمة السائدة عن الدولة القطرية التي ينبغي أن يتحرر كل وطن عربي من سوءاتها ضمن مشروع إصلاحي ديمقراطي حقيقي يقارب بين مفهوم المواطنة والدولة بما يتجاوز حال الشيزوفرينيا القائمة بين القطرية والقومية القائمة في الوطن العربي, وذلك من منطلق إن من لا يستطيع بناء وطنه "الصغير" لن يستطيع بناء وطنه الأكبر, ومع التذكر دائماً أن "الدول الكبرى" التي قامت في تاريخ العرب, وآخرها الدولة العثمانية, لم تكن أفضل من الدول القطرية من حيث الاستبداد والتخلف السياسي وكيفية التعامل مع المواطن ولا في رد العدوان الخارجي مع تطاول الانحطاط, وانه ليس ثمة ضمانة أن تكون طبيعة الحكم في الدولة الكبرى أفضل من مثيلاتها القطريات إذا لم تتوافر الشروط الموضوعية للحكم الصالح في هذه الحال أو تلك. والنقد الشديد الموجه اليوم إلى الدولة القطرية ناجم عن كونها واقعاً ملموساً يشهد ضد حاله البارزة للعيان, بينما الدولة القومية أو الدينية وعد جميل وردي لكنه بعيد ماثل في الأفق, ولو عدنا إلى التاريخ وتأملنا في تراثها السياسي لتبين لنا أن المسألة ليست في الأكبر والأصغر, وإنما في الطبيعة والجوهر. ولا بد من أن نتذكر النقد الشديد الذي وجه إلى الدولة "الوحدوية" الأكثر جذباً للتأييد في تاريخ العرب الحديث وهي دولة الوحدة بين مصر وسورية, فضلاً عن الدول الراهنة التي تمثل مشروعات "وحدة" قائمة, لا يريد الفكر "المعمّد" وحدوياً أن يستوعبها.
                      وإذا كانت هذه الأبعاد الفوق - وطنية من قومية ودينية تنازع الوطن القائم ولاءاته في نفس الإنسان العربي, فإن الأبعاد دون الوطنية في القاع المجتمعي العربي من عشائرية ومذهبية تشد الإنسان العربي إلى أسفل, فلا يبقى للولاء الوطني الخالص غير هامش ضئيل لا يمكن أن يتم به بناء وطني يعتد به. ولمن يخشون مثل هذا الطرح, نقول لن تقوم للعرب قائمة, إلا إذا عرفوا كيف يبنون هذه اللبنات الوطنية لتنضج مستقبلاً وتشكل أركاناً للبناء القومي المشترك أما الأصفار والكسور فلا تنتج رقماً قابلاً لأن يصبح رصيداً يعتمد عليه في صناعة الأمم.
                      وعليه, فإذا كان من الضروري التمييز بين مفهوم "الوطن" وطبيعة النظام السياسي للدولة "القطرية" التي تحكمه, من اجل أن يحيا الإنسان العربي أولاً حياة "وطنية" صحية تترسخ خلالها في شخصيته الحقوق والواجبات الأساسية للمواطن في عصرنا, بما يهيئه ويعده مستقبلاً لحياة قومية أرقى وأوسع, يقرر المشاركة فيها مع مواطنيه الآخرين في وطنه على أساس حرية الاختيار, ومن دون ضم أو إلحاق أو احتلال, فإنه من الضروري في الوقت ذاته تبين الجوانب الايجابية في ظاهرة الدولة القطرية ومغزاها, وتعزيز هذه الجوانب لإشباع وإنضاج المرحلة التاريخية التحولية لهذه الظاهرة للدخول في التشكل المتدرج الأكبر للمجتمع القومي, دون التغافل عن سلبياتها, كأي ظاهرة في الواقع المحكوم بتناقضات الجدلية التاريخية والاجتماعية.
                      أن رؤيتنا هذه للمغزى التاريخي لظاهرة الدولة "القطرية" التي هي في واقع الأمر الدولة "الوطنية" الأولى التي يعايشها الإنسان العربي في تاريخه, وهي رؤية شرحنا حيثياتها التاريخية والسياسية بإسهاب في كتابنا تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية, تستند باختصار إلى المنطلقات الفكرية التالية (تكوين العرب السياسي, مصدر سابق, ص89-103 (1994).
                      (1) خضع العرب في تاريخهم لسلطات إمبراطورية, آخرها السلطنة التركية العثمانية, التي مثلت لهم إطاراً إمبراطوريا فضفاضاً مستنداً إلى العاطفة الدينية, بينما كانوا يعيشون واقعياً في بناهم المجتمعية الأصغر من طوائف ومناطق وقبائل. أي إنهم لم يدخلوا عضوياً في بوتقة الدولة ولم يخبروها ولم يتعمقوا تجربتها وأصولها كما عاش الصينيون على سبيل المثال في بوتقة دولتهم بالمعنى العضوي التاريخي للدولة. (وليس بالضرورة بالمعنى الحديث لها) ولا بد من ملاحظة الفارق النوعي بين الدولة والسلطة. السلطة التي تكون أحياناً نقيضاً للدولة. كسلطة القبيلة أو الطائفة.
                      (2) هكذا فإن التاريخ العربي الإسلامي تأرجح بين وضعية الدولة واللا دولة, ولم يتح للعرب, أن يخبروا استمرارية الدولة, التي هي مدرسة السياسة. وكما لاحظ دارسون فإن البعد السياسي للظاهرة العربية ما زال إلى يومنا يتراوح بين تشكل وانحلال الوحدات السياسية من اكبر إلى اصغر, وبالعكس, مرحلة بعد أخرى.
                      فقد تلخصت تراجيديا التاريخ العربي في انه: لا الوحدات الصغرى تنصهر سياسياً في الفضاء (القومي) الموحد لتشكل في إطاره كياناً سياسياً واحداً ثابتاً, ولا هي تنفصل أو تنفك عنه بصورة نهائية لتقوم بذاتها في كيانات لا صلة لها به. "انه الانفصال في الوحدة, والوحدة في الانفصال", (وهذا ما يمكن أن يمثل أكثر المنطلقات المنهجية واقعية في التحليل النفسي والذهني (العصابي) للعرب المعاصرين, بين كياناتهم ذات السيادات المطلقة ودعوتهم إلى تفعيل الجامعة العربية والمؤسسات فوق القطرية الأخرى!".
                      (3) إن المحصلة العملية لهذا الواقع التاريخي هي أن "الدولة الوطنية/ القطرية" الحديثة تمثل أول تجربة حقيقية للعربي في معايشة الدولة, سلباً وإيجاباً... استبداداً وانتظاماً... حقاً وواجباً... قمعاً وتحرراً... الخ. ولا بد من أن تعطى هذه "التجربة" دورها الطبيعي في خصوصية التطور القومي الحديث للفرد العربي وللأمة العربية عموماً. وأي محاولة لإجهاضها قبل أوانها باسم القومية والوحدة لن تؤدي إلا إلى عرقلة ذلك التطور الطبيعي وإعاقته, فلا مفر من إنضاج التجربة الوطنية "القطرية" لتصب بصورة طبيعية وايجابية في مجرى النمو القومي. فالعرب, بالمفهوم الحديث للأمة القومية, هم امة في طور التكوين - كما طرح ذلك بعض الماركسيين (فأقمنا عليهم القيامة!) ولا بد من احترام طبيعة هذا التكوين ومراعاة خصوصيته شئنا أم أبينا, وكما قرر محمد عابد الجابري: "دون نظرية الدولة العربية الواقعية الفعلية, الدولة العربية القطرية باختلاف أشكالها, لا يمكن وضع نظرية عملية في الوحدة العربية" (الجابري, إشكاليات الفكر العربي المعاصر, بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية 1989, ص 97-98).
                      (4) وعليه فإن ترك الإنسان العربي في عراء الانتظار لقيام الوحدة القومية الكبرى, أو الخلافة العظمى, كوعد غير متحقق بعد, يجعل من العلاقة بينه وبين وطنه القائم المتحدد بمثابة ممارسة لعلاقة "غير شرعية" تتم في الخفاء والظلام وبعيداً من أي شرعية ضميرية.
                      أن الانتماء القومي والديني انتماء طبيعي وحقيقي لا ينكر. غير أن تحويله, سلباً, إلى انتماء متضارب مع الانتماء الوطني, بدل أن يتكامل معه كما في التجربة الاتحادية الأوروبية مثلاً حيث تؤدي الانتماءات الوطنية الأوروبية "المشروعة" إلى انتماء أوروبي اكبر - ومشروع أيضاً - وفي إطار الانتماء الطبيعي الأوسع للحضارة الأوروبية الغربية بمكوناتها المختلفة, نقول أن إقامة علاقة التضارب بين الانتماءات المختلفة في الهوية العربية, بدل العمل الفكري الجاد على تحويلها إلى علاقة تكامل, يجعل من هذه الهوية ساحة للتمزق الداخلي, كما هي الآن, على رغم أنها تملك مقومات التقريب والتوحيد لو عرفنا كيف نعيد ترتيب الأولوية الزمنية لولاءاتها وانتماءاتها المختلفة, الغنية والخصبة, بين انتماء وطني أولاً, ثم انتماء قومي, ثم انتماء ديني وحضاري... الخ.
                      (5) إن غياب القيم والمسليات المدنية في حياة العرب المعاصرين وهي لا تتأتى إلا بغرس التربية الوطنية مرده إلى هذا التضارب والتناقض الذي تغرسه الإيديولوجيات والشعارات القومية والدينية - قبل أوانها التاريخي الصحيح - في نفوسهم حيال أوطانهم التي لا ملجأ لهم غيرها في المرحلة التاريخية الراهنة. فإن كان الوطن كياناً غير شرعي, وتجزئة مصطنعة, وتقسيماً استعمارياً, فكيف يمكن منحه الولاء والانتماء, وبالتالي اكتساب تربية وطنية سليمة في ظله وما يرتبط بها من غرس ضروري لواجبات السلوك المدني في المجتمع الوطني... الذي ينبغي أن يكون منفتحاً بدوره على الفضاء القومي الأرحب في اللحظة التاريخية المناسبة.
                      أياً كان الأمر فقد بقيت قيم السلوك المدني في الأوطان العربية المختلفة, قيماً مؤجلة لن تتحقق إلا بتحقق الوحدة الكبرى والخلافة العظمى... وانتظاراً لها! واستقال المواطن العربي من واجبه الوطني الراهن - بحجة هذا الانتظار - وبقيت قيم السلوك المدني والوطني في مختلف الأوطان العربية تندب حظها, وتكشف عن هشاشتها. أنها قيم لا بد من ممارستها "هنا والآن"... لا في أي مستقبل آخر. ولذا فقط لوحظ أن الفرد العربي مستعد للخروج في مظاهرة كبرى لكنس الامبريالية, باعتبار ذلك واجباً قومياً. لكنه ليس على استعداد في الأغلب للمشاركة في أية فعالية محلية لكنس الشارع القريب من بيته حيث أن السلوك المدني العربي - مؤجل - حتى تقوم دولة الوحدة. أو هكذا تبلور "الوعي" القومي والديني بتأثير الأدبيات الإيديولوجية التي أدت في الممارسة الواقعية إلى عكس المنتظر منها ومن شعاراتها.
                      ويبدو الفكر المشرقي القومي هو الأكثر إعاقة وقصوراً في هذا الشأن, حيث نشأ كرد فعل عصبي كما أشرنا لمخطط سايكس - بيكو الذي كان تجزئة استعمارية, بلا ريب, لكن معالجته كانت تتطلب تعمقاً فكرياً أفضل لسبر دقائق الأوضاع العربية. أو كما لاحظ الكاتب السوري عماد فوزي شعيبي: "هذه الرومانسية القومية انطلقت من رفض كل دولة وطنية, وأذابت الوطني في مفهوم العروبة التراثي والوجداني وركبت تحليلات اقتصادية تدل على عدم نجاعة الوطني بمعزل عن القومي, ونسيت أن تلتفت إلى الوطني في غياب القومي ضرورة ملحة. وانه من الغباء انتظار ما هو قومي حتى نبني أوطاننا بشكل قومي وجمعي. (هكذا) أصبح مفهوم الوطن مفهوماً ضائعاً بين عدم التعيين المعرفي وبين الهوية القومية المختلسة" (عماد فوزي شعيبي, صحيفة "الحياة", بتاريخ 5/11/1992, ص18).
                      ويتضح هذا الخلل المفهومي في الفكر المشرقي القومي تجاه البعد الوطني, إذا قارنا موقفه هذا بموقف الفكر المغاربي الوحدوي الذي يصبو إلى وحدة المغرب العربي الكبير, من دون أن يقف من الحقيقة الوطنية لدول المغرب موقف التأثيم والإدانة, باعتبار أن البناء الوطني لبنة في طريق البناء القومي وتلك هي النظرة الأصوب (عبدالباقي الهرماسي, المجتمع والدولة في المغرب العربي).
                      (6) أن الاستقراء التاريخي - المجتمعي, ماضياً وحاضراً, للدور "الوحدوي" العملي الذي تؤديه "الدولة القطرية" في دمج البنى المجتمعية الصغيرة - من طوائف وقبائل ونواح وأطراف - في نسيج الجسم الوطني الذي تحكمه, وان يكن بدرجات تتفاوت من الاستبداد والتحكم وصولاً إلى بناء المجتمع المدني - هذا الاستقراء يدل على أن الدولة القطرية في المنظور التاريخي تمثل مرحلة "توحيدية" لتلك البنى والتعدديات الصغيرة في القاع السوسيولوجي لمختلف البنى التي تكلست تاريخياً في ظل السلطات الإمبراطورية الفضفاضة والتي أعطى وجودها الانطباع الملتبس بأنها "وحدت" العرب في كيان واحد.
                      وعلى سبيل المثال, فوحدة "اليمن الكبير" التي ما زالت تعتبر من الوحدات القطرية" بالمنظور القومي, نعتقد أن هذه "الوحدة" هي خطوة تاريخية مهمة من اجل توحيد البنى المجتمعية اليمنية الأصغر, التي بقيت هكذا بفعل عوامل الجغرافيا والتاريخ, على رغم اعتبار اليمن جزءاً من الدول الإسلامية الكبرى التي "توحدت" في "الوعي" التاريخي السائد لدى العرب. ومن المستغرب أن تمر ذكرى وحدة اليمن على الفكر العربي من دون أن يلتفت إليها كدرس جديد وواقعي يمكن أن يخرجه من تهويمه الرومانسي الذي كنا نتمنى لو حقق شيئاً.
                      مثل هذا الاستقراء التاريخي المجتمعي يمكن تطبيقه على مختلف الكيانات القطرية العربية اليوم التي تتفاعل في إطارها البنى المجتمعية الأصغر - صراعاً أو وفاقاً - في تحولها إلى مجتمع وطني متجانس يمكن أن يمثل بنية صالحة لتشكيل نسيج قومي اكبر في المستقبل. وهي حالات تعرضنا لها تفصيلاً في كتاب "تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية" وفي فصل قائم بذاته من فصوله بعنوان: "بمنظور الواقع الفعلي للتاريخ والمجتمع الدولة القطرية: تجزئة أم توحيد؟" (تكوين العرب السياسي, مصدر سابق, ص105-127).
                      إذا صحت هذه الفرضيات, ونعتقد بصحتها - فسيكون من المفيد لحركة الوحدة العربية في المدى الطويل, امتلاك الجرأة على تحديد الحدود "القطرية" للدول الوطنية في العالم العربي, سواء اعتبرنا هذه الدولة أو تلك من صنع التاريخ أو من صنع الاستعمار - فهي واقع ملموس يعيشه الإنسان العربي, هنا وهناك, ويتقرر فيه مصيره ومصير أبنائه. وبعد تحديد هذه الحدود "القطرية" وتبادل الاعتراف بها, واطمئنان المواطنين العرب على جانبيها إلى توقف الصراع في شأنها, يمكن أن تنغرس بذور تلك الثقة المفقودة في يومنا, وذلك من خلال المشروعات والمصالح المشتركة التي يمكن أن تؤدي, إلى تجاوزها تدريجاً لصالح مختلف الأطراف.
                      قبل خمسة عقود, كان الصراع الحدودي بين الدول الأوروبية على أشده إلى أن تحددت الحدود, بعد تحديدها وتبادل الاعتراف بها, أخذت المؤسسات الأوروبية المشتركة تتنامى مخففة من حدتها تلك, بل عاملة من اجل تجاوزها.

                      تلك هي جدلية التاريخ, في الحدود وغيرها. وليس العرب استثناء لذلك. لذلك نرى انه لتجاوز الحدود بين العرب, وهذا ما نأمله مستقبلاً, لا بد من تحديدها أولاً في سبيل الوحدة العربية... أخيراً!.
                      [/align]
                      * مفكر وأكاديمي من البحرين.

                      من الواضح أن الكاتب علماني لا يؤمن بأي مرجعية اسلامية لها علاقة بالقرآن والسنّة النبوية، وساوى بين السنّة والشيعة بحيث طرح وكأن كانت هناك مشكلة في الاعتراف بأن الخليفة الأول هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوضح تجاوز الاسلوب العلمي في التحليل والطرح.


                      ليس هناك أي علاقة بين الشورى والديمقراطية، ومن يربط بينهما هم مثقفي الدولة القطرية الحديثة بركيزتيها العلمانية والديمقراطية إن كان بمسحة إسلامية أو ديمقراطية أو علمانية، ظلما وعدوانا



                      فالديمقراطية مبنية على أن العنصر الأساس في الدولة هو الفرد، وتعريف الاسرة بها على أنها وحدة استثمارية إنتاجية للدولة تتكون من ولاة أمر وأولاد ينشئون الأولاد وفق ما تسمح به قوانين الدولة ليضمن ولاء الأولاد لها وحدها، وولاة الأمر يمكن أن يكن رجل أو امرأة أو رجل ورجل أو رجل وامرأة أو امرأة وامرأة، ولا مرجعية لها لا لغوية ولا قاموسية ولا معجمية غير سلطة من دخل للتصويت على أي مسألة لكي يتم اعتمادها كقانون أو دستور أو غيره



                      في حين الشورى مبنية على أن العنصر الأساس في الدولة هو الأسرة، وتعريف الأسرة هي أب وأم وأولاد وتنشئة الأولاد ليضمن ولاءهم لله الواحد الأحد، وكل شيء لا يجوز أن يخرج قيد انملة عمّا في القرآن والسنّة النبويّة وفق أصول اللغة العربية وقواميسها ومعاجمها



                      في الدولة القطرية الحديثة لا اعتراف بأي مواطن لا يحمل أوراق صادرة منها بغض النظر دفع ضرائب لها أم لا



                      في الدولة الإسلامية أي شخص مقيم فيها إن كان مؤمن بالله أم لا يحق له نفس حقوق المسلم طالما يلتزم بدفع الضرائب لها



                      ولمن يشك في ذلك ليراجع حال البدون في الدولة العثمانية وكيف كانت تتعامل معهم مقارنة بحال دولنا القطرية الحديثة كيف تتعامل معهم؟!!! وفي هذا الشأن هناك بحث نشره منذر أبو هواش في هذا الشأن
                      المنسيون أو البدون في الدولة العثمانية
                      http://www.atinternational.org/forums/showthread.php?t=232



                      أما بالنسبة لما ذكره بخصوص الصين فمن الواضح تأثره بما ذكره محمد حسنين هيكل في هذا المجال حيث أعاد نفس كلامه تقريبا وكنت قد ناقشت فساد هذه الآراء على أرض الواقع في موقع الجمعية في قسم اللغة الصينية
                      الشرق أحمـر.. الصين: نظرة عامة
                      http://www.atinternational.org/forums/showthread.php?t=1856



                      نحن الآن في القرن الواحد والعشرين في زمن العولمة يجب أن نجد طريقة جديدة ليكون بها الإنسان أكثر قيمة من الورق الذي يحمله في الدولة القطرية الحديثة والتي مفهومها نشأ في فرنسا وتم تسويقه بريطانيا وأمريكيا وآخر نتاجها الأمم المتحدة والتي تبين فشلها في التعامل مع مشاكل بني الأنسان، لا يمكن أن يكون مفهوم حقوق الإنسان مبني على استعباده وفق عقوبة السجن؟ حيث ما الفرق بين مفهوم السجن وبين مفهوم العبودية؟



                      ما رأيكم دام فضلكم؟
                      -------------------------------
                      أنقل بعض ما كتبته تحت العنوان والرابط التالي لإنني أظن له علاقة بهذا الموضوع
                      مصر أولا المغرب أولا،النظرة القُطريّة هل ترسّخ لمفهوم كيانات سايكس بيكو أم لا، لماذا؟
                      http://wata1.com/vb/showthread.php?p=12696#post12696



                      من وجهة نظري في حالة دخولك أي حوار أو تقرأ أي مقال أو تشاهد أي برنامج تلفازي وأنت تعتبر كل الأمور تحصل بدون ترتيب مسبق أو تنسيق لتوجيه تفكيرك إلى اتجاه محدد وواضح الاهداف للناشر إن كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من خلال توافق الأهداف أو ما يقال عنه مبدأ عدو عدوي صديقي إن كان على مستوى القارات أو على مستوى الأمم أو على مستوى الدول أو على مستوى الأديان أو على مستوى القوميات أو حتى على مستوى الأفراد في طريقة الطرح والعرض وكأنهم ملائكة أظن سذاجة منقطعة النظير؟!!!



                      وأنت ستكون في تلك الحالة احسن زبون لتمرير سياسات القائمين على تسويق نظرية المؤامرة عليك لتجنيدك لهم بكل سهولة ونجاح
                      <O
                      هناك شيء مهم يجب أن ننتبه له في تقييم المواقف ألا وهو الأهداف النبيلة لا يمكن الوصول لها إلاّ من خلال وسائل وطرق نبيلة



                      <Oنحن الآن في القرن الواحد والعشرين في زمن العولمة يجب أن نجد طريقة جديدة ليكون بها الإنسان أكثر قيمة من الورق الذي يحمله في الدولة القطرية الحديثة والتي مفهومها نشأ في فرنسا وتم تسويقه بريطانيا وأمريكيا وآخر نتاجها الأمم المتحدة والتي تبين فشلها في التعامل مع مشاكل بني الأنسان،



                      لا يمكن أن يكون مفهوم حقوق الإنسان مبني على استعباده وفق عقوبة السجن؟ حيث ما الفرق بين مفهوم السجن وبين مفهوم العبودية؟ وغيرها الكثير من المفاهيم التي أستحدثتها الثورة الفرنسية نقطة إنطلاق مفهوم الدولة القطرية الحديثة بركيزتيها الديمقراطية والعلمانية التي تلغي كل المرجعيات السابقة بحجة أن لا قواميس ولا معاجم بل كل المفاهيم نسبية فقد قامت بسرقة أملاك الناس إن كان في داخل فرنسا وبريطانيا وأمريكا أو خارجها باحتلال الشعوب والمناطق وقتل ونهب وسلب تحت مسميات براقة مثل التأميم والتحرير والتحرّر والنهضة



                      <Oكما يلاحظها الجميع من تكرار نفس المفاهيم لقوات الإحتلال من قبل الببغاوات لدينا تحت مسمى مثقف الدولة القطرية الحديثة بركيزتيها العلمانية والديمقراطية للحملة الفرنسية لاحتلال واستعباد منطقتنا وبالمناسبة هي كانت نقطة الإنطلاق لتكوين الكيان الصهوني في المنطقة وليس بريطانيا كما هو مشهور؟!!!



                      وبالمناسبة من تلك الفترة بدأ إنطلاق الدول الأوربية لإحتلال العالم فكان أمامهم في ذلك الوقت الإسلام والبوذية، ممثل في الدولة العثمانية ودولة المغل في شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا والدولة الصينية.
                      والصين لم تقسّم لسبب أن الإمبراطور الصيني في حينها عندما قدم ممثلي أوربا في حضرته ولم يظهروا ما المفروض أن يظهره كل من في حضرة الإمبراطور، أصدر أمر، أظن كان السبب في بقاء كل الصين دولة واحدة متماسكة ولم يحصل له ما حصل للدولة العثمانية ولدولة المغل في شبه القارة الهندية وشرق آسيا وفي أفريقيا من تقسيمات إلى ما هو معروف بالدول أعضاء الأمم المتحدة الحالية،
                      <O
                      والأمر الأمبراطوري كان هو إغلاق الصين تماما ومنع دخول أي اجنبي لها تحت أي حجّة كانت، وبقيت مغلقة تماما إلى أواسط القرن التاسع عشر، ولذلك نجد أن هناك فقط مشكلة ماكاو مع البرتغال وهونغ كونغ مع بريطانيا ولو نراجع التاريخ نجدها مقاربة مع توقيت اتفاقية قناة السويس
                      <O
                      أنا لم ألاحظ أن هناك فرق بين تعامل جمال عبدالناصر وبين ماو تسي تونغ في طريقة تعامل كل منهما مع بريطانيا، حيث أن هناك شيء ما زال لم ينكشف عن طريقة تعامل ماو تسي تونغ وجمال عبدالناصر مع بريطانيا، فمثلا عند اكتساح قوات الحزب الشيوعي لقوات الحكومة الصينية الوطنية أول من دعم ماو تسي تونغ كانت بريطانيا بالرغم من كل مواقف تشين كاي شيك في الحرب العالمية الثانية والتسهيلات التي قدمها لقوات الحلفاء وقتها ولذلك أصلا كان للصين الوطنية حق النقض الفيتو في عصبة الأمم ومن بعده في الأمم المتحدة، وكذلك لو انتبهنا إلى موقف جمال عبدالناصر فيما حصل من ارسال جيوشه إلى الكويت لتثبيت عملية انفصالها عن العراق أيام عبدالكريم قاسم الذي قام بتأميم شركات النفط العاملة في شمال العراق، فلذلك لما اكتشفت أن هناك نفط في الكويت طلبت من آل الصباح إعلان الأنفصال حتى لا يقوم بتأميمها كذلك، ومن العجيب أن من عزز وثبّت هذا الانفصال كان الحاكم العربي الذي يعلن مبادئ الوحدة والقومية العربية؟!!! وهذا يبين اخلاص كل منهما لمفهوم الدولة القطرية الحديثة بركيزتيها العلمانية والديمقراطية على حساب كل شيء آخر



                      <Oومن هنا استطيع فهم واستيعاب لو أخذت في عين الاعتبار فترة وصولهم للحكم في نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات في تقارب ماو تسي تونغ وجمال عبدالناصر وبقية حكام المنطقة الذي اتبعوه في كل القرارات التي أصدروها والتي اعتبر كل منهما إنها منجزات ثورية مثلها مثل الثورة الفرنسية ومنجزاتها، ومنها مثلا ما أطلق تأميم المصانع والإصلاح الزراعي، والتي من خلالها سرقوا كل المصانع والأموال والأراضي من أصحابها بحجة توزيعها على الفقراء؟!!! والتي أدت بالنتيجة إلى خراب الصناعة والزراعة والاقتصاد والتعليم في البلد في حقيقته بالرغم من أن الدعاية والإعلام والسمعة كانت تقول غير ذلك وأن الناس لم تر نتائج حقيقة بسبب حالة الحرب التي تعيشها البلد من قوى الظلام والبطيخ وغيرها.
                      مقارنة مع الطريقة التي تعامل بها تشين كاي تشيك في الصين الوطنية مثلا والذي لا يمكن اعتباره من مثقفي الدولة القطرية الحديثة بل هو من الجيل الإمبراطوري صحيح هو و عديله د. سن يان سنغ (أبو الأمة )(وعديلهما الثالث ماو تسي تونغ) هم من قاموا بالثورة على الإمبراطورية وأقاموا جمهورية الصين الوطنية، حيث أن تشين كاي تشيك لم يؤمم ولم يستولي على أراضي أو مصانع أو أي شيء عندما اضطر إلى ترك الصين والتوجه إلى جزيرة تايوان بعد سيطرة الحزب الشيوعي بقيادة ماو تسي تونغ 1949، ونقل معه كنوز متحف الصين خوفا من تدميرها أو سرقتها، ولذلك يعتبر المتحف الصيني في تايوان هو الأكثر ثراءا وغنى مقارنة مع بقية متاحف العالم، وبدل السرقة والسلب والنهب ذهب إلى أصحاب الأراضي بأنه يريد مبادلة أراضيهم بأن يعطي احتكار استيراد وتسويق مادة معينة من المواد الأساسية في أي بلد مثل السكر والشاي والحديد والأسمنت وحتى المشروبات بربح ثابت ولمدة زمنية محددة تعادل قيمة الأراضي في ذلك الوقت، وذهب إلى الفلاحين وعرض عليهم شراء الأراضي بالتقسيط، ومن لا يسدد يتم طرده من الأرض وبيعه لغيره، وأنا أظن بسبب الالتزام بالأخلاق واحترام أملاك الغير وعدم التعدّي عليها، كان السبب بأن وصلت منتجات جمهورية الصين الوطنية (تايوان) كل بيت في كل قرية في جميع أرجاء المعمورة قبل الصين ومصر، ولم تفلح الصين ومصر تحت قيادة ماو تسي تونغ وجمال عبدالناصر للوصول ما وصلت إليه تايوان على الأقل طوال فترة عيش ماو تسي تونغ بالنسبة للصين الشعبية، حيث بعد مماتهما تم تغيير السياسة في كلا البلدين على الأقل من الناحية الاقتصادية، وكان مفهوم الدولة في جمهورية الصين الوطنية (تايوان) قريب من مفهوم الدولة العثمانية إلى عام 1990 وبعدها تحول تماما إلى مفاهيم الدولة القطرية الحديثة بركيزتيها العلمانية والديمقراطية مع وصول لي دينغ هوي للحكم فيها بعد وفاة تشين جين كو والذي هو كان نجل تشين كاي تشيك والذي استلم رئاسة البلد بعد والده



                      وكنت قد كتبت عن الصين تحت العنوان والرابط التالي لمن يحب الاستزادة
                      كلمات عن جمهورية الصين (الوطنية والشعبية)
                      http://www.atinternational.org/forums/showthread.php?t=2981



                      ما رأيكم دام فضلكم؟

                      تعليق


                      • #12
                        شرُّ البَليِّة مَا يُضْحِك
                        http://wata1.com/vb/showthread.php?p=27078#post27078
                        المشاركة الأصلية بواسطة يسري راغب مشاهدة المشاركة
                        بعيدا عن التماهي والانزياحات
                        المشاركة الأصلية بواسطة يسري راغب مشاهدة المشاركة
                        لماذا ياتي اسمي هنا يا تايواني
                        هي ليست حرب عالمية ثالثة

                        ولكنني اريد ان استفسر منك :-

                        انت في تايوان منذ عشرين عام وتزيد
                        وتايوان مستعمرة امريكية منذ ستون سنة
                        وتعتبر النموذج التايواني مثال رائع يجب الاحتذاء به
                        كيف نحتذي به ونقاوم العدوان الامريكي
                        تايوان كنموذج معناها الاستسلام للشروط الامريكية
                        تلك دعوتك
                        وهذا مرادك
                        النموذج الامريكي التايواني ليس الياباني
                        انت لم تاخذنا الى ماليزيا لتكون نموذج لنا
                        اخذتنا الى تايوان
                        وما ادراك ما تايوان
                        تقول ان امريكا حاربتها وجعلت الصين الشعبية بديلا لها في مجلس الامن
                        ما هذا الافتراء وهذا التضليل
                        تايوان تمثل جنب صغير على خاصرة الصين الشعبية
                        تريد ان تمسح الفين مليون في الصين الشعبية من اجل عيون تايوان الامريكية
                        فضلا عن خلط الامور بمساواتك لعبد الناصر والسادات
                        كلها دعاوي تثير لدي علامات الاستفهام والاستفزاز
                        ان تقول التجربة التايوانية تجربة وطنية
                        المشاركة الأصلية بواسطة يسري راغب مشاهدة المشاركة

                        امر يحتاج للتدقيق فضلا عن الشك والريبة في قائلة
                        أنا أظن هذه المداخلة مثال آخر على شرُّ البَليِّة مَا يُضْحِك


                        من الذي يجب أن نشك به يا يسري راغب شراب حقيقة؟
                        من لا يعرف أن جمهورية الصين الوطنية دولة لم تحتل في حين أن اليابان ما زالت دولة محتلّة؟


                        لم إخفاء هذه المعلومة ولمصلحة من يا يسري راغب شراب؟

                        اليابان إلى الآن دولة محتلة مثلها مثل ألمانيا كما هو الحال بكوريا الجنوبية
                        جمهورية الصين الوطنية صاحبة حق النقض (الفيتو) لأنها كانت من دول التحالف الذي فازت بالحرب العالمية الثانية ولذلك كل منهم أصبح له حق النقض(الفيتو) في الأمم المتحدة
                        كيف ومتى انقسمت ولماذا؟ وبتعاون من؟ ولحساب من؟
                        عام 1947 حاول الحزب الشيوعي بقيادة ماو تسي تونغ عمل انقلاب على الحكومة
                        تم دعم الانقلاب وأوّل من اعترف به بريطانيا بالرغم من عدم نجاح الإنقلاب تماما وفي هذا معاني كثيرة لمن يفهم في السياسة وله ثمن باهض جدا في العادة
                        لم ينجح الإنقلاب للحزب الشيوعي في إلقاء القبض على قيادات الحزب الوطني
                        نقلت حكومة جمهورية الصين الوطنية مقر الحكومة إلى جزيرة تايوان عام 1947 ومن ضمنها حتى محتويات المتحف الصيني ونسخة عن جلّ المخطوطات والكتب والمعارف والثروة الفكريّة للحكمة الصينية وفي هذا له معاني كثيرة لمن يفهم في التاريخ والسياسة
                        ومن حينها تعمل على استرجاع حقها ولذلك بقي حق النقض لديها إلى أيام نيكسون - كيسينجر في بداية السبعينات وسبحان الله نفس تواقيت قضية فلسطين منذ عام 1947 وحتى اتفاقيات كامب ديفيد؟!!!

                        ولذلك يعتبر كيسنجر لدى جمهورية الصين الشعبية في مرتبة بوذا ويستحيل أن يتم تمرير أي رأي يعترض عليه كيسنجر ومن هذا السبب تستطيع استيعاب، لماذا لم تكن مواقف جمهورية الصين الشعبية مع قضايانا قلبا وقالبا والسبب من وجهة نظري على الأقل هو أن اصابع كيسنجر تعمل في الخلف
                        ما قمت به أنت في مداخلتك من تزوير وتحريف مقصود أعلاه مثل ما قام به محمد حسنين هيكل بخصوص إيران فيما جرى في برنامج مع هيكل من على قناة الجزيرة والذي كان بعنوان عالمنا العربي وآفاق المستقبل
                        http://www.youtube.com/watch?v=xtqmQwcbZpY&feature=player_embedded

                        ولذلك من وجهة نظري يا يسري راغب شراب أنت لا تختلف عن محمد حسنين هيكل كما أن محمد شعبان الموجي لا يختلف عن جمال عبدالناصر
                        وعملية المقارنة بينكما تحت العنوان والرابط التالي أنا قصدتها

                        الدولة القائد والزعيم القائد
                        http://wata1.com/vb/showthread.php?p=24529#post24529
                        حتى تكون هناك امكانية لاستيعاب ما أكرّره بأن مُثَّقَّف الدولة القوميّة (الدولة القُطريّة الحديثة بركيزتيها العلمانيّة والديمقراطيّة) يعاني من ضبابيّة لغوية وجهل لغوي والتي تعني في المقابل ضبابيّة فكريّة وتشتّت يؤدي إلى جهل فضيع في تحديد الأولويات وعلى ضوئها تحديد المواقف!!!ولذلك لن استغرب إن وجدت أنّه هو أوّل من يعمل على تدمير كل ما هو جميل بنا،
                        ما رأيكم دام فضلكم؟
                        التعديل الأخير تم بواسطة ضيف; الساعة 12-24-2010, 10:50 AM.

                        تعليق

                        يعمل...
                        X