رد على صحيفة الجمعية الشركسية بخصوص الظاهر بيبرس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • alitash
    عضو منتسب
    • May 2007
    • 5

    رد على صحيفة الجمعية الشركسية بخصوص الظاهر بيبرس

    نشرت صحيفة ألب روز مقالة عن أصل الظاهر بيبرس تحاول نسبه إلى الشركس ونحن نقول لاخواننا الشركس بداية نحن نتخلى لكم عن الظاهر بيبرس مقابل أن تقولوا :" جميع الأدلة والمصادر العلمية تثبت أن الظاهر بيبرس تركي ولكن نحن الشركس نرى أنه شركسي "

    أولاً - المقال الشركسي :
    نقلاً عن الموقع الشركسي :http://www.adiga.org/forum/showthread.php?p=75892
    ننشر لكم هذه المقالة:"بدأ اهتمامي بالسلطان الظاهر بيبرس قبل سنوات قليلة عندما بدأت عملية بحث تاريخي جغرافي في عن الجولان في المصادر العربية الاسلامية. وقد فوجئت بكم المعلومات في هذا الباب وفاجأني أكثر علاقة السلطان الظاهر بيبرس بالجولان. وكدليل على ذلك تبين لي أن مرج برغوث الذي يقع إلى الشمال الشرق من خان أرينبة كان مكاناً مفضلا لتحشيد القوات. وأن قصر الخربة (خربة اللصوص) الملكي لذي بناه الملك العادل شقيق صلاح الدين في فيق جنوب الجولان كان مقراً للسلطان الظاهر بيبرس حيث تشير بعض الأخبار إلى إقامته هناك فترات طويلة كانت على الأرجح فترات استعداد لحروب وفتوحات جديدة إذ كانت مراعي الجولان مكاناً مثالياً للخيول حتى تستعيد لياقتها طيلة فصلي الربيع وربما لصيف استعداداً للمعارك طويلة الأمد.وبالإضافة إلى هذا وذاك كان لافتاً أن يكون من بين أوقاف المدرسة الظاهرية التي بناها الملك السعيد ابن السلطان الظاهر بيبرس في دمشق أربع قرى تقع في الجولان هي حصص في القنيطرة وقرية الصرمان بكاملها وقرية فزارة وقرية كفر عاقب التي تقع في منطقة البطيحة اليوم باسم الدوكة. هذا إذا تجاوزنا الحديث عن الآثار التي تركها في الجولان مثل قلعة الصبيبة التي أعاد بناءها بعد أن نقضها المغول وحولوها إلى ركام من الحجارة، وماتزال حتى الآن كتابات تخليد هذا البناء شاهدة في القلعة إضافة إلى تمثال الأسد الخاص بالسلطان الظاهر والذي نجد نسخاً منه في غير مكان في الجولان من الجنوب إلى الشمال.قد أعيد الاعتبار في السنوات الأخيرة لهذا السلطان الذي ظلمته المصادر الغربية ووصفته بالسفاك للدماء والغدار وما إلى ذلك من صفات سببها موقفه الجذري من المغول والصليبيين وتقويضه لتوسعهم ومواصلته قتالهم حتى آخر يوم يعيشه ولم تسعفه الحياة فقد فارق هذه الدنيا مسموماً على الأرجح في السابعة والخمسين وربما في الستين من عمره على ابعد تقدير بعد أن قضى على الخظر المغولي بشكل نهائي وحصر الصليبيين في ساحل ضيق تمهيداً لطرد هم نهائياً من بلادنا، وهو ما تحقق فيما بعد لأحد أبناء السلطان قلاوون بعد سنوات ليست بالطويلة.ولكن إعادة الاعتبار هذه عبر مسلسلين شاهدناهما على الشاشات العربية لم تكن موفقة في كثر من المواضع وخصوصاً المسلسل المصري.ما أثار استغرابي الشديد أن المسلسل المصري اخترع قصة للسلطان الظاهر بيبرس لا أساس لها من الواقع وربطه بكازاخستان وبالمغول وجعله ابناً لأحد أمراء القبيلة الذهبية واخترع له والداً وما إلى ذلك.وملخص قصة المسلسل المصري هو أن حلقات المسلسل تبدأ في جنوب كازخستان التي شهدت ولادة بيبرس كأمير في القبيلة الذهبية التي تحكم الجنوب الكازخستاني، ومراحل إسلام القبيلة الذهبية على يد قائدها ببركخان الذي تأثر بالإسلام من خلال تعامله مع التجار المسلمين الذي قصدوا قبيلته للتجارة، خاصة التاجر عبد السميع ـ محمود العربي ـ الذي كان ينشر الدعوة الإسلامية من خلال تعاملاته التجارية مع تجار القبيلة. ويلقى المسلسل الضوء على نشأة بيبرس في المنطقة الجبلية وعشقه للخيل وللفروسية، وتعلقه بوالده جمك بربك ـ ياسر جلال ـ أحد أمراء القبيلة، الذي قرر تغيير اسم ابنه بعد إشهار إسلامه من بيبرس إلى محمود ثم حبه للطفلة آشتي التي عاشت معه طفولته. وتتولى الأحداث إلى أن يهجم التتار على القبيلة لقتل رجالها وخطف النساء والأطفال، ويتم خطف الطفل محمود وبيعه في سوق العبيد، ثم تعرفه على المملوك شاهين ـ محمود الجندي ـ الذي قرر تغيير اسمه من المملوك محمود إلى المملوك بيبرس ثم توليه تدريبه على فنون القتال إلى أن أصبح من أبرز الفرسان في فنون الحرب والقتال. وينتقل بيبرس ـ الذي يجسد شخصيته أيضا الفنان ياسر جلال ـ إلى مصر ليصبح من رجال عز الدين أيبك أحد قادة جيش الملك الصالح نجم الدين أيوب زوج شجرة الدر ـ وفاء عامر ـ الذي توفي أثناء الحرب، وأخفت شجرة الدر خبر وفاته عن الجنود حتى لا يفت ذلك عضدهم أثناء الحرب. وأدارت شجرة الدر الحرب، وبعد النصر أعلنت عن وفاة الملك، وتزوجت من قائد الجيش الأول عز الدين أيبك الذي قتلته بعد علمها بزواجه من امرأة أخرى، وبعد فترة قتلت شجرة الدر لتصبح مصر بدون ملكا، وهو ما شجع التتار على غزوها واحتلالها إلا أن بيبرس تصدى لهم على بوابة مصر. وبعد عودة بيبرس منتصرا إلى مصر، رفعه المصريون على العرش وجعلوه ملكا عليهم، وبعدها بدأ رحلة البحث عن أسرته التي اكتشف أن التتار قتلوا والده ووالدته وان حبيبته من الطفولة آشتى ـ بثينة رشوان ـ ما تزال مخلصة له وفي انتظار عودته فقرر الزواج منها. إن ما يدعو إلى الدهشة أن الرئيس الكازاخي تحمس لهذه الشخصية التي اكتشف أنها تنتمي لبلاده وقرر إنتاج فيلم لبطل كازاخستان القومي بيبرس وكلف وزير ثقافة بلاده بزيارة سوريا للاتفاق على إنجاز الفيلم الضخم، كما قررت الحكومة الكازاخية ترميم مدرسة الظاهر بيبرس في دمشق التي تسمى اليوم المكتبة الظاهرية والعناية بها.هذه المغالطات التاريخية والجغرافية هي التي دفعتني إلى توضيح ان الظاهر بيبرس لم يكن مغولياً بل هو في قناعتي شركسي ولدي من الأدلة العقلية خمسة أدلة نظراً لعدم وجود دليل دامغ حول انتماء بيبرس إلى شعب ما أو منطقة ما.غموض مصطلح التركبداية ينبغي الانتباه إلى أن مصطلح الترك الذي نسب كاتب سيرة الظاهر بيبرس وأمين سره ابن عبد الظاهر السلطان إليه لا يعني المصطلح الذي نتداوله اليوم فعندما يقول كاتب السيرة أن السلطان كان تركياً بحكم مولده يقصد طيفاً واسعاً من الشعوب يقع الشراكسة ضمنهم.ففي ذلك الزمن كان مصلح الترك يضم عدداً كبيراً من الشعوب مثل المغول والخزر والخوارزميين والتركمان والقبجاق والروس والبلغار والمجر والهون وشعوب شمال القفقاس بمن فيهم الشركس. وحتى زمن بيبرس لم يكن اسم الجركس مستعملاً في التعبير عن هذا الشعب وكانت هناك تسميات أخرى مثل شعب الكبكز الذي ذكره الجغرافي المغربي ابن سعيد وقال إنه شعب مسلم يسكن جبل الكبكز أي القفقاس.قد بدأ اسم الجركس بالظهور للتعبير عن هذا الشعب في مطلع القرن الثامن الهجري أي بعد وفاة بيبرس بخمسين سنة ربما، عندما تحدث ابن فضل الله العمري في موسوعة مسالك الأبصار عن الجركس بصفتهم شعب من الترك الواقعين ضمن مملكة القبجاق.وعليه فإن الحديث المختصر عن أصل السلطان بأنه من الترك يبدو مفهوما والحال كذلك، فمن سيفهم في ذلك الزمن مصطلح الجركس أو الأديغة إن كان المصطلح العام معروفاً.ثم إن الظاهر بيبرس باعتباره مسلماً عقائدياً لم يكن يعني له كثيراً كونه شركسي أو تركي فالشعور الإسلامي الأممي كان مسيطراً عليه إلى أبعد الحدود وشغله الشاغل كان قتال المغول والصليبيين والأرمن، ولذلك طلب من كاتب سيرته ابن عبد الظاهر الاكتفاء بمصطلح تركي بحكم الولادة. ولا نحتاج إلى أدلة كثيرة كي نثبت صدق عقيدة بيبرس فكل صفحة من سيرته تشير إلى ذلك، ومنها أنه تعرض لمحاولة اغتيال وهو يؤدي صلاة الفجر التي كان يحرص عليها حتى في المعارك، وأنه أدى فريضة الحج، رغم الوضع الذي يمكن أن يعفيه منها كما حدث لصلاح الدين الذي لم يؤد هذه الفريضة طيلة حياته، ومنها أنه كان حازماً في منع الخمور والحشيش في السلطنة، وفي إحدى المرات عاقب بالإعدام على بعض المتعاطين. وكان يحترم رجال الدين ويمتثل لأوامرهم وغير ذلك كثير.رواية بي ساري وطبقاً لرواية الأمير بدر الدين بي ساري الشمسي وهو من القبيلة نفسها التي ينتمي إليها بيبرس وخطف معه فإنه وبيبرس ولدا في أرض القفجاق، وأرض القفجاق مصطلح قديم (ديشت أي قفجاق) يعبر عن الأرض الممتدة من جنوب أوكرنيا الحالية وحتى كازخستان بما في ذلك جبال القفقاس. ولم يقل الأمير بي ساري التي ينقلها عنه ابن شداد في سيرة السلطان الظاهر إنه قفجاقي بل قال إنه ولد في أرض القفجاق بالحرف الواحد.والنص هو التالي كما يرد عند ابن تغري بردي في ترجمته لبيبرس: "وقال الشيخ عز الدين عمر بن علي بن إبراهيم بن شداد: أخبرني الأمير بدر الدين بيسري الشمسي أن مولد الملك الظاهر بأرض القبجاق سنة خمس وعشرين وستمائة تقريبا. وسبب انتقاله من وطنه إلى البلاد أن التتار لما أزمعوا على قصد بلادهم سنة تسع وثلاثين وستمائة، وبلغهم ذلك، كاتبوا أنس خان ملك أولاق أن يعبروا بحر سوداق إليه ليجيرهم من التتار، فأجابهم إلى ذلك وأنزلهم واديا بين جبلين، وكان عبورهم إليه في سنة أربعين وستمائة، فلما اطمأن بهم المقام غدر بهم وشن الغارة عليهم، فقتل منهم وسبى. قال بيسري: وكنت أنا والملك الظاهر فيمن أسر، قال: وكان عمره إذ ذاك أربع عشرة سنة تقديرا، فبيع فيمن بيع وحمل إلى سيواس ثم افترقنا واجتمعنا في حلب في خان ابن قليج ثم افترقنا، فاتفق أن حمل إلى القاهرة فبيع على الأمير علاء الدين أيدكين البندقداري وبقي في يده إلى أن انتقل عنه بالقبض عليه في جملة ما استرجعه الملك الصالح نجم الدين أيوب منه، وذلك في شوال سنة أربع وأربعين وستمائة. قلت: وهذا القول مطابق لقولنا الذي ذكرناه. قال: ثم قدمه الملك الصالح على طائفة الجمدارية. انتهى".من هذا النص يمكن أن نستخلص عدة حقائق دامغة، منها أن لقب التركماني الذي لحق بالسلطان الظاهر بيبرس لدى بعض الرواة مأخوذ من أستاذه علاء الدين أيدكين البندقداري التركماني والتركماني هنا عائدة على أستاذه وليس عليه.والحقيقة الثانية أن موقع ولادة بيبرس لم يكن في كازاخستان بل في شمالي غرب القفقاس في منطقة كانت حتى القرن السابع عشر شركسية الطابع، وسبب تحديدنا هذا الموقع أن مدينة سوداق القديمة هذه تقع على شاطئ البحر الأسود عند مضيق كيريش الذي يؤدي إلى شبه جزيرة القرم التي كان يحكمها أنس خان التركماني وقد نجحت قبيلة بيبرس بالعبور إلى القرم لكن أنس خان غدر بهم وقتل من قتل وساق الباقي إلى الأسر فالرق.وعليه من المستحيل أن تعبر قبيلة كاملة آلاف الكيلو مترات هرباً من المغول فالأسهل والأمر كذلك أن تفر عبر إيران وليس عبر البحر الأسود. وفي أكبر التقديرات لا تستطيع قبيلة أن تهرب في ظروف حرب شاملة أكثر من بضعة كيلو مترات أو عشرات الكيلومترات على أبعد تقدير وعليه فقبيلة الظاهر بيبرس كانت تتواجد في شمال غرب القفقاس حتماً وقرب مدينة المدينة الشركسية القديمة أنابا تخميناً، وقد اختارت الحل الأقرب والأسرع وهو أنس خان لكنه أفناها عن بكرة أبيها.كان هذا دليلنا الجغرافي على أن بيبرس ولد في منطقة شركسية، أما دليلنا الثالث فهو يتعلق باسم بيبرس، فهذا الاسم لايسميه أي شعب آخر وهو اسم شركسي مئة بالمئة رغم محاولات تفسيره باللغة التركية وهو باي بارس أي أمير فهد كما يقول ابن تغري بردي، ولكن صفة باي حسب اللغة التركية يجب أن تتلو البارس أي يجب أن يكون الاسم بارسباي. آما الاسم بيبرس فلا حاجة لشرح معناه بصيغته هذه باللغة الشركسية لأن معناه الواقف أو المتصدي أو المجابه للعدو. وقد وجدت أن أفضل ترجمة عربية للاسم هي الظاهر للعدو. وهو اللقب الذي تكنى به بيبرس عندما أصبح سلطاناً.وعليه لا أعتقد أن اختياره كان يعبر عن فهمه لاسمه بالشركسية. وهنا أجد أن صفاته الشخصية التي وصفه بها أمين سره ابن عبد الظاهر تتكامل مع هذا الكلام، فالسلطان كان طويل القامة عريض المنكبين قوي الصوت أشقر الشعر ذو عيون زرقاء بشرته سمراء أو حمراء. هذه صفات ليست تركية بل نجد الكثير من الشراكس يتمتعون بها حتى اليوم. م يكن يتقن التركية جيداً!لدينا الآن الدليل الرابع والذي ورد عند ابن عبد الظاهر وعند ابن واصل في كتابه المفرج، وهو أن السلطان كان يستخدم ترجماناً عربياً ليشرح للأمراء وجهة نظره في بعض القضايا أو خلال المحاكمات.ونحن نعلم أن اللغة الرسمية في الجيش كانت التركية إلى جانب العربية وهذا موروث من أيام السلاجقة وقد حافظت الدولة الأيوبية عليه نظراً لكثافة العنصر التركي في القوات الإسلامية على مر العصور. ولكن بيبرس كان يستخدم ترجماناً عربياً في بعض الأحيان ليشرح لأمراء الجيش وجهة نظره كما يقول ابن واصل.وهنا لين لا ثالث لهما: إما أن بيبرس كان لا يفهم العربية بشكل جيد ويفهم التركية فقط، أو أنه لا يفهم التركية بشكل جيد ويفهم العربية جيداً.ففي الاحتمال الأول أي إن كان يتقن التركية تنتفي حاجته إلى ترجمان نظراً لأن الأمراء يتكلمون التركية حتماً، أما إن كان يتقن القليل من التركية فحاجته إلى الترجمان تغدو هنا منطقية. خصوصاً إذا عرفنا أنه كان يجيد العربية ويقرؤها ويجادل في الأمور الفقهية ولديه إلمام بالتاريخ وكان يختلي بشيوخ مسلمين لا يتحدثون لغة سوى العربية.إذن لم يكن بيبرس يتقن التركية أو ربما كان يعرف شيئاً منها وهذا دليل آخر على أنه ينحدر من اثنيه أخرى هي الإثنية الشركسية حتماً إذا أخذنا بنظر الاعتبار الأدلة العقلية السابقة حول معنى مصطلح الترك وحول الموقع الجغرافي ثم معنى اسمه وصفاته الخلقية.شهادة برقوق لدينا الآن الدليل الخامس والأخير وهو شهادة من السلطان الظاهر برقوق في إحدى رسائله لتيمور لنك حيث يشير صراحة إلى أن من انتصر في معركة عين جالوت هم سلاطين الشراكسة ونحن نعلم أن ثلاثة سلاطين شاركوا في عين جالوت أبرزهم الظاهر بيبرس صاحب خطة الهجوم وقائد المعركة، والسلطان قطز
    الذي يقال إنه خوارزمي والسلطان سيف الدين قالا وون الذي لايوجد أيضاً قول حاسم لجهة أصله وينسب مثل بيبرس إلى القفجاق؟يقول السلطان الظاهر برقوق لتيمور لنك ما يلي: "وأما طلبك منا السلطان أحمد الحلايري غير مرة، فقد علمناه. ولكن عرفنا يا أمير تيمور إيش عمل بك؟ حتى حلفت له عدة مرار بأيمان الله تعالى العظيمة وأعطيته العهود والمواثيق بأنك ما تتعرض إليه ولا إلى مملكته ولا توافيه ولا تشوش عليه، حتى اطمأن بأيمانك، وركن إليك، وأحسن ظنه فيك، ووثق بك، واعتمد عليك فخنته وغدرته، وأتيته بغتة على حين غفلة وبدرته؛ وأخذت مملكته وبلاده، وأمواله وأولاده. وأعظم من ذلك أنك أخذت أيضاً حريمه وهن في عقد نكاحه وعصمته وأعطيتهن لغيره، وقد نطق الكتاب والسنة بتحريم ذلك وعظم ذنب فاعله وقبيح جرمه؛ ففي أي مذهب من المذاهب يحل لك أخذ حريم المسلمين، وإعطاؤهن لغير أزواجهن من المفسدين الظالمين؟ وهن في عصمة أزواجهن وعقد نكاحهن إن هذا لهو البلاء المبين؛ وكيف تدعي أنك مسلم وتفعل هذه الفعال؟ عرفنا في أي مذهب لك هذا حلال؟ فأعمالك هذه كلها منافية لدعواك، بل منافية لدين الإسلام، وشرع سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. قال الله تعالى: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" وقال: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون" وقال: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون" وقال عز وجل: "ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه" وقد بين لنا الخير والشر، والحلال والحرام وأهلها فقال: "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي" وقال تعالى: "ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلا" وقال تعالى: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه". وقال عليه السلام: "المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه". ففي أي مذهب من دين الإسلام تستحل هذه المحرمات العظيمة، والمنكرات القبيحة الشنيعة الجسيمة، التي يهتز لها العرش ويغضب الله عز وجل لها ورسله والملائكة والناس أجمعون؟ وما كفى ما فعلت مع القان أحمد المشار إليه حتى تطلبه منا؟ اعلم أن القان أحمد المشار إليه قد استجار بنا وقصدنا، وصار ضيفنا؛ وقد ورد: من قصدنا وجب حقه علينا. وقال تعالى لسيد الخلق أجمعين في حق الكفار الذي هم أنحس الناس: "وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه" فكيف بالمسلمين إذا استجاروا بالمسلمين؟ كيف بالملوك أبناء ملوك المسلمين، الذين لأسلافهم الكرام معنا ومع ملوك الإسلام خدام الحرمين الشريفين صحبة ومحبة وأخوة في الله تعالى؟ ولو لم يكن ذلك كيف يجوز في شرع المروءة والنخوة الوفاء أن نسلم ضيفنا ونزيلنا والمستجير بنا؟ خصوصاً وجنسنا جركس جنس ملوك الإسلام السالفين، خدام الحرمين الشريفين الذين اتفق لهم مع التتار ما تشهد به التواريخ، ومن عادتنا وشأننا وطباع جنسنا أننا لا نسلم ضيفنا ولا نزيلنا ولا من استجار بنا لأحد. وإن كنت ما تصدق ذلك فعندك من هم من جنسنا، سلهم يعرفوك، فنحن لا يضام لنا نزيل، ونقري الضيف ونعامله بالجميل، وهذه جبلتنا الغريزية وعادة أصلنا الأصيل؛ فإرسال القان أحمد إليك أمر مستحيلإلى آخر الرسالة. ولا تعليق عليها نظراً لوضوحها.

    المقالة مأخوذة من مجلة الب روز الصادرة عن الجمعية الشركسية بدمشق "
    -----------------------

    ثانياً - الرد على المقال :
    تأكيداً على تركية الظاهر بيبرس

    الأدلة الخمسة عشر..على بطلان ما جاء في "الأدلة العقلية الخمسة"

    بداية أودّ أن يعلم القارئ الكريم أن طريقة الاستدلال العقلي قد تصحّ في مناحي العلم المختلفة ، وقد تثمر ثمراً نافعاً..إلا في علم التاريخ ، فهو استعراض لأخبار الأمم و تجاربها
    و دراسة تحليلية لأسبابها و استقراء عملي لنتائجها، و إنما يعمل العقل فيه عمل الناقد للنصوص و المحلل للروايات لا عمل الصانع فيها يخترع من عقله أشياء يتوهّمها فتصبح في ظنه حقائق لا جدال فيها،
    و في علم التاريخ تحديداً لا يجوز الجدال على رواية تاريخية ما في موضع النص الصريح القاطع المتواتر.
    و أنا من بعد هذا المقال المستفيض في نقض أوهام صاحبنا "صاحب الأدلة الخمسة"لن أكتب فيه من بعد..و أعد إخوتنا من الشركس أن أترك بيبرس هدية خالصة لهم من دون المؤمنين
    على أننا نشترط عليهم قبل أن يكتبوا عن شركسية بيبرس و عن ملاحمه الشركسية أن يكتبوا هذه العبارة :" نحن الشراكس نرى أن الظاهر بيبرس هو شركسي مع أن جميع المصادر التاريخية تجمع على أنه تركي من القبجاق "،أو كما قال صاحب الأدلة العقلية:
    "الظاهر بيبرس لم يكن مغولياً بل هو في قناعتي شركسي "


    يقول صاحب الأدلة العقلية:
    1-"إن الظاهر بيبرس باعتباره مسلماً عقائدياً لم يكن يعني له كثيراً كونه شركسي أو تركي فالشعور الإسلامي
    الأممي كان مسيطراً عليه إلى أبعد الحدود وشغله الشاغل كان قتال المغول والصليبيين والأرمن، ولذلك طلب من كاتب سيرته ابن عبد الظاهر الاكتفاء بمصطلح
    "تركي بحكم الولادة." " انتهى. تأمل!!
    و نحن من هذا الذي قاله نخرج بالاستنتاجات العقلية التالية:
    1-نفهم من "صاحب الأدلة العقلية" أن الظاهر بيبرس هو الذي طلب إلى كاتب سيرته أن يكتفي بمصطلح "تركي بحكم الولادة"!!!
    فالرأي العام وقتذاك لم يكن مناسباً و لا قادراً أن يفهم معنى كلمة "جركس" فضلاً عن كلمة "أديغة"!!
    و ظروف الحرب الكثيفة لم تمنح الفرصة لبيبرس لكي يشرح للناس أنه في أصوله و"جيناته"شركسي أصيل من الأديغة و أن"مكان ولادته"فقط كان في أرض القبجاق
    و من هنا فقد حدث لبس في أثناء اختطافه منها و بيعه فحسبه الناس تركياً !!

    2-إذا كان الظاهر بيبرس "مسلماً عقائدياً ولم يكن يعني له كثيراً كونه شركسي أو تركي فالشعور الإسلامي الأممي كان مسيطراً عليه إلى أبعد الحدود " كما ذكر باحثنا صاحب المقالة!
    فالأولى بـ"بيبرس"التقي الورع -أن لا يذكر شيئاً عن أصله و نشأته مادام "مسلماً عقائدياً"يعفّي "شعوره الإسلاميّ الأممي "على أي أصل أو انتماء آخر له!،
    و كان أليق به و بورعه أن لا يرضى عن تدوين سيرته الذاتية على النحو الذي تقرؤه فيها،إذ كانت كلها تمجيداً له و تعظيماً لمنجزاته و رفعاً له فوق كل الشبهات!!
    على أن المعروف عن الظاهر بيبرس حبه لأبّهة الملك و اهتمامه الخاص بتمجيد نفسه الأمر الذي دعاه لأن يتّخذ لنفسه رنكاً خاصاً به(شعارالأسد)و أن يقيم نصباً تذكارياً في موقع عين جالوت تخليداً
    لانتصاراته فيها(وكان هذا أول نصب تذكاري أقيم في تاريخ الإسلام كله!)(انظر السلوك للمقريزي ج1ص 446)!!
    مثل هذا الرجل لا يقف به تواضعه عند ما يملي على كاتب سيرته حديثاً مطوّلاً عن ولادته و نشأته ثم يرضى بانتماءه إلى غير قومه على سبيل الاختصار!!

    2-يقول صاحب الأدلة العقلية :"طبقاً لرواية الأمير بدر الدين بي ساري الشمسي وهو من القبيلة نفسها(القبجاق)التي ينتمي إليها بيبرس وخُطفَ معه
    فإنه وبيبرس ولدا في أرض القفجاق،" و بعد أن أورد صاحب المقالة رواية الأمير باي ساري و التي يذكر فيها صراحةََ أن "بيبرس ولد بأرض القبجاق"
    جعل صاحبنا يتمحّل تمحّلاً غريباً في تأويل النص على أن يجعل موطن بيبرس "بلاد الأديغة"حيث يقول :
    "والحقيقة الثانية أن موقع ولادة بيبرس لم يكن في كازاخستان بل في شمالي غرب القفقاس في منطقة كانت حتى القرن السابع عشر شركسية الطابع،"

    3-لم يذكر واحد (واحد فقط يكفيني)ممن تحدّثوا أو كتبوا أو أرّخوا للظاهر بيبرس ابتداءً من صنوه وزميله و مواطنه(ابن حتّته كما يقول العامة في مصر)الأمير باي ساري مروراً بابن عبد الظاهر(و كان ممن جالسوه و كتبوا له و من أقرب المقرّبين إليه )
    أن الظاهر بيبرس كان شركسياً أو أنهم قالوا أشباه ذلك أو حتى أبدوا أي تشكّك أو تردّد في أثناء تسجيل انتماء"الظاهر بيبرس"إلى قبيلة القبجاق التركية التي أعطت اسمها لتلك السهوب في جنوبي روسيا!


    4-أجمعت جميع المصادر التاريخية المملوكية كلها على أن الظاهر بيبرس تركي من قبيلة القبجاق التركية ،و لم يذكر غير ذلك أحد من مؤرّخي المماليك (وبعضهم من أبناء المماليك أنفسهم كابن تغري بردي و ابن إياس الشركسي)
    و إن كثيراً من مؤرخي تلك الحقبة(حتى العرب منهم)كانوا ذوي مناصب مهمة و مكانة رفيعة عند ملوكهم و كان يخالطونهم و يجالسونهم ؛ ونذكر من هؤلاء :القاضي ابن خلكان و ابن عبد الظاهر الذي كان نديماً للظاهر بيبرس و كان كاتبه الخاص !!
    فهل كان أمثال هؤلاء يغيب عنهم أن ملكهم "الظاهر بيبرس"ليس تركياً و خاصّة أنه -كما زعم صاحبنا - كان بدعاً عن كل محيطه من السلاطين و الأمراء الأتراك(و كان أغلبهم من القبجاق)"لا يعرف اللغة التركية"!!

    5-اسم بيبرس :هو اسم تركي صميم ، فنحن نقرأ للمؤرخ المملوكي الشهير ابن تغري بردي :لسلطان الملك القاهر ثم الظاهر ركن الدين أبو الفتوح بيبرس بن عبد الله البندقداري الصالحي النجمي الأيوبي التركي،
    سلطان الديار المصرية والبلاد الشامية والأقطار الحجازية وهو الرابع من ملوك الترك.
    مولده في حدود العشرين وستمائة بصحراء القبجاق، والقبجاق قبيلة عظيمة في الترك.
    وهو (أي اسم بيبرس)بكسر الباء وسكون الياء المثناة من تحتها ثم فتح الباء الموحّدة وسكون الراء والسين المهملتين ومعناه باللغة التركية: أمير فهد." انتهى.(النجوم الزاهرة:ج2ص276)
    فإذا علمتَ أن ابن تغري بردي(الذي كان يعيش في عهد دولة المماليك البرجية الشراكسة)كتَبَ ما كتبَ عن معنى اسم بيبرس في اللغة التركية فلم نجد أحداً(من شراكسة جيله أو ممن جاء بعده)اعترض عليه
    و ذكر أن الاسم شركسي محض (كما يفعل شراكسة اليوم)!!!

    6- يحدّثنا "صاحب الأدلة العقلية"عن معنى بيبرس بالشركسية فيقول:"وقد وجدت أن أفضل ترجمة عربية للاسم هي الظاهر للعدو.وهو اللقب الذي تكنى به بيبرس عندما أصبح سلطاناً
    .وعليه لا أعتقد أن اختياره للاسم كان اعتباطياً بل كان يعبر عن فهمه لاسمه بالشركسية." ولكن ماذا سيكون موقف صاحبنا إذا علم أن هذا اللقب لم يكن هو اختياره الشخصي ،
    بل كان قد اختار لنفسه لقب "الملك القاهر"فما كان من الوزير يعقوب بن الزبير إلا أن دخل على السلطان بيبرس بالقلعة وأشار عليه بتغيير لقبه"القاهر"
    و قال له ناصحاً:
    "ما لُقّبَ به أحد فأفلحَ، لقب به القاهر بن المعتضد فخُلِعَ من الخلافة و سُحِل؛ ولُقّب به القاهر ابن صاحب الموصل فسُمّ"! و لذلك تشاءم منه بيبرس من لقب "القاهر" و اتخذ لقباً جديداً هو "الظاهر"!!(النجوم الزاهرة ج7ص103و104)


    7-القلقشندي (المتوفى سنة821هـ)و الذي عاصر السلطان برقوق(مؤسّس دولة المماليك البرجية الشركسية)كتب في معرض حديثه عن "دشت القبجاق"="إقليم القبجاق"في كتابه "صبح الأعشى":
    "الإقليم الثاني الدشت(دشت القبجاق):بفتح الدال المهملة وسكون الشين المعجمة وتاء مثناة فوق في الآخر - وهي صحارى في جهة الشمال،
    وتضاف إلى (قوم)القبجاق وهم جنس من الترك يسكنون هذه الصحارى، أهل حل وترحالٍ، على عادة البدو
    ." ثم يقول عن القبجاق في الصفحة التالية:
    "..فهم من خيار الترك أجناساً لوفائهم وشجاعتهم وتجنبهم الغدر، مع تمام قاماتهم وحسن صورهم وظرافة شمائلهم.
    ثم قال: ومنهم معظم جيش الديار المصرية من ملوكها وأمرائها وجندها؛ إذ لما رغب الملك الصالح نجم الدين أيوب في مشترى المماليك منهم،
    ثم صار من مماليكه من انتهى إلى الملك والسلطنة، فمالت الجنسية إلى الجنسية، ووقعت الرغبة في الاستكثار منهم حتى أصبحت مصر بهم آهلة المعالم، محمية الجوانب؛
    منهم أقمار مواكبها، وصدور مجالسها، وزعماء جيوشها، وعظماء أرضها وحمد الإسلام مواقفهم في حماية الدين، حتى إنهم جاهدوا في الله أهليهم.
    قال:وكفى بالنصرة الأولى يوم عين جالوت في كسر الملك المظفر قطز صاحب مصر إذ ذاك في سنة ثمان وخمسين وستمائة عساكر هولاكو ملك التتر بعد أن عجز عنهم عساكر الأقطار
    أما في زماننا هذا فإنه لما قام السلطان الملك الظاهر برقوق من جنس الجركس، رغب في المماليك من جنسه وأكثر من المماليك الجراكسة حتى صار منهم أكثر الأمراء والجند، وقلت المماليك الترك من الديار المصرية حتى لم يبق منهم إلا القليل من بقاياهم وأولادهم. " انتهى(من صبح الأعشى ج2ص206).


    8-على عكس برقوق الذي كان شركسياً و الذي "رغب في المماليك من جنسه وأكثر من المماليك الجراكسة حتى صار منهم أكثر الأمراء والجند،
    وقلت المماليك الترك من الديار المصرية حتى لم يبق منهم إلا القليل من بقاياهم وأولادهم"(صبح الأعشى ج2ص206)،فإن الظاهر بيبرس أكثر من شراءالمماليك
    من بني جنسه القفجاق، إذ "مالت الجنسية إلى الجنسية" على قول القلقشندي، و وقعت الرغبة في الاستكثار من القبجاق على عهد بيبرس"(راجع ص 216 من كتاب قيام دولة المماليك الأولى ،للدكتور أحمد مختار العبادي).
    "وكان برقوق جركسي الجنس،....وكان ملكاً حازماً، شهماً، صارماً، شجاعاً، مقدما، فطناً، ...وكان يحب الاستكثار من المماليك، ويقدم الجراكسة على الأتراك والروم،"(السلوك ج2 ص500).

    9- جاء في كتاب النجوم الزاهرة لا بن تغري بردي -في ترجمته لبيبرس الثاني(الجاشنكير)البرجي (الذي تولى الحكم عام 708هـ أي بعد وفاة بيبرس الأول الذي هو موضوع نقاشنا بـ32سنة)ما يلي:
    "السلطان الملك المظفر ركن الدين بيبرس بن عبد الله المنصوري الجاشنكير، أصله من مماليك الملك المنصور قلاوون البرجية،
    وكان جركسي الجنس،
    ولم نعلم أحداً ملك مصر من الجراكسة قبله .."و من هذا النص الصريح لأحد أولاد المماليك و أحد أعظم مؤرّخي الفترة المملوكية نستنتج "عقلياً" ما يلي:
    أولاً-أن المؤرخين المعاصرين للمماليك كانوا -و بعكس ما موّه علينا الأستاذ الشركسي كاتب الأدلة الخمسة-على دراية تامة و تمييز دقيق بين أجناس المماليك
    فقد عرفوا الرومي و ميّزوه عن الكُرْجيّ(الجيورجي)و ميّزوا بوضوح الشركس عن الترك و الأرمن و الكرج و الروس و غيرهم..
    ثانياً-النفي القاطع المستنير المستيقن للجنسية الشركسية عن أي سلطان من السلاطين المماليك من قبل "الجاشنكير"هذا!!!

    10-يتّضح للقرّاء مدى ما كان من التمييز بين أجناس المماليك من خلال تلك العداوات والمشاجرات و المؤامرات و الاقتتال المستمرّ على السلطة و النفوذ بين فريقي المماليك
    الأتراك و الشراكسة و التي تمتلئ بها كتابات المؤرخين لتلك الحقبة و التي كان الشراكسة فيها هم الذين نفخوا نارها وأشعلوا أوارها ، فقد كانوا يحملون عنصرية شديدة لبني جنسهم
    و هم الذين أوجدوا العصبية القومية بين المماليك بدلاً من عصبية الزمالة في الطباق "الخشداشية" التي كانت فاعلة في العهد المملوكي التركي ، وكنت تجدها بين أصحاب الجنسيات المختلفة من المماليك
    من الروم و الترك و الكرج ..(انظر الصفحات 351و 356و 369كتاب :تاريخ المماليك في مصر و الشام ،د.سهيل طقوش،دار النفائس-بيروت-ط1،1997م-
    أيضاً: المماليك،د.السيد الباز العريني-دار النهضة العربية ،بيروت ص68)


    11- و أما عن صفة الظاهر بيبرس و ملامحه فيقول المقريزي في كتابه "السلوك ":
    "وكان قفجاقي الأصل، طويل القامة أسمر اللون، في عينيه زرقة وبإحدى عينيه نقطة صغيرة، صوته جهوريا،"(السلوك ج1ص211)...
    وهذه صفات أتراك القبجاق(لا كما أتوهمها أنا بل كما أوردها المؤرخون و الجغرافيون)كما أوردها القلقشندي أعلاه
    في كتابه صبح الأعشى:"فهم (أي القبجاق)من خيار الترك أجناساً لوفائهم وشجاعتهم وتجنبهم الغدر، مع تمام قاماتهم وحسن صورهم وظرافة شمائلهم".
    فهل سمعت عن شركسي صميم الجنس،أصيل في شركسيته، لا مغمز في جيناته ثم يكون أسمر؟!!
    و لعلّك تتساءل عن عينيه و و جود زرقة فيهما؟! ألا فاعلم أن الغالبية العظمى من الشركس هم ذوو بشرة بيضاء صافية حقاً و لكن لون عيونهم هو في الغالب بنّي لا أزرق، ولك أن ترى ذلك في أعينهم!
    و حتى لون الشعر عندهم فيكون أشقر عند الطفولة ثم يتحول مع الشباب إلى الكستنائي الفاتح.
    و اعلم أن الزرقة في العينين هي موجودة بوفرة بين أقوام الترك

    12-"ذكر زوجاته رحمه الله تعالى: بنت بركة خان التتري ؛ وبنت سيف الدين نوكاي التتري؛ وبنت الأمير سيف الدين كراي التتري؛ وبنت الأمير سيف الدين دماجي التتري؛
    وشهرزورية(كردية)ولما ملك طلقها"(السلوك ج1 ص 216-أيضاً:الوافي بالوفيات ج3ص442).و لاحظ أن نساءه جميعاً كن تركيات تتريات و ليس بينهن شركسية واحدة!!

    13- عندما وصل بيبرس إلى الحكم فإنه اعتمد على قوانين الياسا=اليسق(و هي الأعراف التركية المغولية-و التي نظمها و هذبها جنكيزخان فيما بعد)في تنظيم شؤون دولته إلى جانب الشريعة الإسلامية
    و في ذلك يقول ابن تغري بردي :"كان الملك الظاهر -رحمه الله -يسير على قاعدة ملوك التتار وغالب أحكام جنكزخان من أمر اليسق" (النجوم الزاهرة ج2ص308)
    و يقول أيضاً في معرض حديثه عن الياسا المغولية"ولما أن تسلطن الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري أحب أن يسلك في ملكه بالديار المصرية طريقة جنكرخان هذا وأموره، ففعل ما أمكنه،
    ورتب في سلطنته أشياء كثيرة، لم تكن قبله بديار مصر: مثل ضرب البوقات، وتجديد الوظائف، على ما نذكره -إن شاء الله تعالى -في ترجمته.(النجوم الزاهرةج2ص205)
    و هنا نسأل من باب الدعابة لم لم يلجأ بيبرس (و هو الشركسي الصميم في نظر صاحب الأدلة)في تنظيم شؤون دولته إلى "الأديغة خابزة"و هي عبارة عن مجموع الأعراف و التقاليد الشركسية
    التي لا تزال فاعلة بينكم حتى يومنا هذا!!؟.فأي شركسي هذا الأسمر الذي ولد في أرض القبجاق أولاً ثم لما تسلطن أرسل في شراء المماليك من الأتراك القبجاق ليكونوا عدة جيشه و سنده ثانياً،
    ثم لا يتزوّج إلا من التركيات ثالثاً ، وفوق ذلك كله هو معجب بأعراف الترك و المغول (الياسا)و متحمّس لتنفيذها في مملكته؟؟!!!!


    14-و نأتي أخيراً على دليله العقلي الأخير و المثير للعجب :" لدينا الآن الدليل الرابع والذي ورد عند ابن عبد الظاهر وعند ابن واصل في كتابه المفرج، وهو أن
    السلطان (بيبرس)كان يستخدم ترجماناً عربياً.."!! فكان هذا وحده عند الشركسي صاحب الأدلة دليل عقلي دامغ على أن بيبرس لم يكن يفهم اللغةالتركية!!
    و هذا الدليل "الباهر"الذي اكتشفه صاحبنا الشركسي من هذا الخبر البسيط والذي غفل عنه كل الباحثين من قبل فلم ينتبه إليه أحد ( لا من المؤرخين القدماء و لا المعاصرين منهم)
    لم يكن في حقيقته إلا سوء فهم (أو سوء نية في الفهم)لما ورد في الخبر، و إنما قام هذا الفهم الخاطئ من الظنّ المغلوط بأن الظاهر بيبرس كان لا يجتمع إلا بأمراء جيشه من المماليك
    و كلهم إما أتراك أو يجيدون التركية لساناً و لو كانوا من الروم أو الكرج أو غيرهم(طبعاً لم يشذّ عن هذه القاعدة في نظر "صاحب الأدلة"سوى الظاهر بيبرس الذي يفترض صاحبنا افتراضاً أنه شركسي و أنه لذلك لا يعرف التركية جيداً)
    و نسي "صاحب الأدلة" أنه كان من بين من يحضر مجالسه الرسمية أرباب الوزارات و القلم و الخزينة و القضاء من العرب و القبط(انظر كتاب:الظاهر بيبرس،دكتور سعيد عبد الفتاح عاشورص131و132-س أعلام العرب)
    فكيف يسوغ مثل هذا المجلس إن لم يحضر بينهم ترجمان عربي؟!!
    ثمّ و رغبة مني في التسلية أسأله: لماذا لم يستعن بيبرس بأحد المماليك الشراكسة ممن يعرفون التركية ترجماناً له خاصة يرافقه حيث يذهب، وبذلك يسهل على الظاهر بيبرس "الشركسي المسكين الذي كان يعيش
    غربة"حتى بين مجتمعه الخاص مع بقيةالمماليك الترك الذين لا يمتون إليه و لا يعرف هو لغتهم و لا هم يعرفون لغته؟!!! ثم فوق ذلك يؤثر المسكين الزواج من تتريات تركيات بدلاً من الشقراوات الحسان من الشركسيات،
    أم لعلّه(وهذا استنتاج عقلي !)كان يجلب معه "ترجمانه"حين يأوي إلى زوجاته التركيات كي يستطيع أن يفهم كلامهنّ !!.

    15-ماذا "يستنتج القارئ عقلياً"من رسالة السلطان"برقوق الشركسي"إلى تيمورلنك:
    1-أن الشراكسة كانوا منذ أوليتهم شديدي العنصرية لإثنيتهم.فهو يذكر له جنسه الجركسي بتفاخر كبير من دون أن يكون في رسالة خصمه ما يستوجب ذكره!!
    2-أن الشراكسة -و كما تعودنا منهم- في قديمهم و حديثهم لا يرعوي أحدهم أن ينسب -و بكل جرأة-أبطال الأجناس الأخرى إليهم تزيّداً و تكاثراً بهم!!
    3-من خلال ما تعلّمناه من طريقة صاحبنا في الاستدلال العقلي ،وجب أن نذكرأن مصطلح "الجركس أو الجراكسة أو الشركس و الشراكسة"هو مصطلح غامض
    أيضاً في منشئه و دلالته،فهو اسم أطلقه الآخرون عليهم ، وهو فوق ذلك شديد الالتباس حتى يومنا هذا : ففي خبائه كان (و لايزال )يدخل أقوام مختلفة العرق و اللغة و الشكل و الدين
    من الداغستان و اللان و الشيشان و الأنغوش و القرتشاي و القوميق و البلقار و كلها شعوب لا تمتّ بأي قرابة لغوية أو إثنية (للأديغة و الأباظة و القبرطاي)!
    و إذن فما يمنع أن يكون "من خلال الاستدلال العقلي"أن يكون برقوق من القرتشاي أو الأنغوش أو الشيشان و خاصة أن المصادر التاريخية لم تذكر أبداً
    أنه كان من الأديغة أو القبرطاي مثلاً!!! و لم تذكر أنه كان يعزف على "الأكرديون"أو يرقص "رقصة شركسية معروفة"!!!
يعمل...
X