موقف موسى بن ميمون من المسيح عليه السلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • amrzakarya
    عضو منتسب
    • Oct 2007
    • 39

    موقف موسى بن ميمون من المسيح عليه السلام

    الحبر موسى بن ميمون (رامبام)
    1138-1204
    قاض وفيلسوف ومفسر

    كان موسى بن ميمون على ما يبدو أشهر شخصية يهودية فى العصور الوسطى؛ فكان زعيم الطوائف اليهودية المصرية وما حولها. انتقل فى شبابه مع أسرته فى الأندلس إلى أرض فلسطين ومنها إلى مصر فى عام 1166 حيث استقر بها. أصبح مع الوقت من المقربين من بلاط صلاح الدين الذى جعل له راتبًا سنويًا بوصفه طبيب بلاط السلطان. شغل منذ السنوات الأولى له فى مصر مكانة كبيرة فى قيادة الطائفة اليهودية فيها. وبلغ هذه المكانة الكبيرة بشخصيته وعلمه الغزير بين طوائف اليهود من أشكناز وحتى اليمن.
    تعتبر كتب رامبام وكتاباته مرجعًا أساسيًا فى مجالات الشريعة والفلسفة اليهودية ومن أشهرها المقدمة التى دوَّن فى تفسيره فصول الآباء فى التلمود (والمعروفة باسم الفصول الثمانية) وردوده الكثيرة على قضايا شرعية سُئل فيها، أو رسائله المشهورة، ومنها "رسالة اليمن". أرسل رامبام هذه الرسالة إلى الطائفة اليهودية فى اليمن فى عام 1173 بعد سؤال طرحه عليه أحد أحبار اليمن أراد به معرفة كيفية التعامل مع شخص ادعى أن المسيح موجود فى اليمن وأنه سيظهر قريبًا. كما وضع رامبام كثيرًا من المؤلفات الطبية التى أظهرت موقفه من أسلوب الحياة الذى يجب اتباعه من أجل الشفاء. وينبغى الإشارة إلى مؤلفيه الشهيرين "دلالة الحائرين" المكتوب باللغة العربية وهو كتاب فى الفكر الدينى اليهودى، وكتاب "مشنا التوراة משנה תורה" (أو اليد القوية יד חזקה) وهو كتاب تشريعى يشمل كافة مناحى الحياة اليهودية؛ وهو باللغة العبرية ويعرض لأحكام ووصايا الشريعة الشفهية بترتيب منطقى وأسلوب واضح.
    وكرجل شرقى عاش فى حمى الإسلام لم يكن ليسوع والمسيحية فى كتابات رامبام نصيب كبير. مع هذا فإنه يتطرق فى كتابه "مشنا التوراة" وفى "رسالة اليمن" إلى كل من يسوع ومحمد بإيجاز، ويرفض «مزاعم» المسيحيين والمسلمين بأن المسيح ظهر. وتكشف رؤية رامبام لكل من يسوع ومحمد فى "مشنا التوراة" عن اتجاه مهم (ربما كان أساسه عن سلفه يهوذا اللاوى)، حيث يرى موسى بن ميمون أن المسيحية والاسلام – على الرغم من «عيوبهما» ونظرتهما السلبية لبنى إسرائيل- لعبا دورًا مهمًا فى اقتراب الناس عمومًا من الإيمان بإله إسرائيل. أما عن يسوع فيقول إنه نبى كذب، ومع هذا فإنه يعترف له بدور كبير كمرحلة فى نشر الدين الحق. أما فى "رسالة اليمن" فيشير رامبام إلى أصل يسوع بشكل أكثر عدائية، وكذلك مسألة أنه المسيح ونهايته؛ بل إنه يكاد يعترف بأن للأحبار يدًا فى موت يسوع. ومع ذلك فإنه يقول إن المسيحية بنت شريعتها على أساس واهٍ وإن يسوع نفسه لم يكن شريكًا فيما أخبر به تلاميذه على لسانه.
    ويجب الإشارة إلى أن أقوال رامبام عن كل من يسوع ومحمد حذفت من الطبعات العادية لكتاب "مشنا التوراة" نتيجة للرقابة الأجنبية التى لا تستحسن هذا الكلام. ولا عجب أن كان من بين بنى إسرائيل من آثر حذف تلك العبارات لجرأتها.

    مشنا التوراة
    إذا وقف ملك من بيت داود يحكم بالتوراة ويهتم بالوصاياكداود أبيه ... ويجبر إسرائيل جميعًا على إتباعها (التوراة) ويخوض حروب الله – فهو المسيح ولا شك. وإذا نجح فى بناء الهيكل فى مكانه (الصحيح) وجمع شتات إسرائيل- فإنه المسيح لا ريب ... وإذا كان لم ينجح حتى الآن أو قُتِل فمن المؤكد أنه ليس من أخبرت به التوراة (وأنه ليس المسيح) وأنه كسائر ملوك بيت داود ممن ماتوا من قبل ... وحتى يسوع الناصرى الذى توهم أنه المسيح وقُتِل فى المحاكمة تنبأ به دانيال حين قال "وَبَنُو الْعُتَاةِ مِنْ شَعْبِكَ يَقُومُونَ لإِثْبَاتِ الرُّؤْيَا وَيَعْثُرُونَ." وفى ذلك فشل كبير، فقد أشار الأنبياء كافة إلى أن المسيح مخلِّص إسرائيل هو الذى سيجمع شتاتهم ويدعم وصاياهم. وكان هذا (أى يسوع) سببًا فى تشتيت بنى إسرائيل وإذلالهم واستبدال الشريعة وإضلال معظم العالم ليعبدوا إلهًا غير الله .... فكل كلمات يسوع الناصرى والإسماعيلى الذى جاء من بعده (محمد) ليست إلا تمهيدًا لظهور الملك المسيح وجعل العالم كله يعبد الله ... كيف؟ سمع العالم كله (بعد أعمال المسيح ومحمد) بأقوال المسيح والتوارة ووصلت الكلمة إلى الجزر البعيدة وإلى الشعوب الكثيرة الضالة وهم يناقشون هذه التوراة وتلك الوصايا وهم يقولون إن هذه الوصايا كانت حقًا وغير صالحة للعصر الحالى ولا للأجيال الأخرى. ويقول الآخرون (المسلمون) إن فيها اختلافًا كبيرًا، وإن المسيح جاء ليظهر اختلافها (المقصود إن رسالتى يسوع ومحمد جعلتا الناس يفكرون فى التوراة ووصاياها لا سيما فيما يخص المسيح. وهكذا تهيأ الناس لاستقبال المسيح (الحقيقى). وعندما يأتى الملك المسيح (الحقيقى) وينجح ويعلو ستعلم الأمم أن أباءهم أورثوهم الكذب وأن أبناءهم وأنبياءهم قد أضلوهم.

    رسالة اليمن
    كان أول من تآمر على هذه المشورة يسوع الناصرى تحطمت عظامه (أى لتتحطم عظامه فى قبره) وهو من بنى إسرائيل. ومع أن أباه كان من غير بنى إسرائيل وأمه من بنى إسرائيل (والقاعدة الفقهية تقول أن الأجنبى أو العبد الذى يتزوج إسرائيلية يكون المولود إسرائيليًا – التلمود البابلى، يباموت 45: 72) غير أنهم اعتبروه "ابن زنا" إمعانًا فى تحقيره. واعتقد أنه رسول الله أرسله ليبين لهم شبهات التوراة وأنه المسيح المنتظر الذى تنبأ به كل نبى وفسر التوراة تفسيرًا يبطل التوراة ووصاياها وأحل كل ما حُرِّم فيها ... وأحس الأحبار بنواياه قبل أن يذيع صيته فى الأمة وفعلوا به ما يستحق (قتلوه) وظهرت بعده بفترة طويلة شريعة (المسيحية) نسبوها إليه ولم يكن ذلك مراده.
    عمرو زكريا خليل
    مترجم لغة عبرية
    عضو جمعية المترجمين واللغويين المصريين
يعمل...
X