رجاءً لا أمراً: خطوات تعلم اللغة التركية الحديثة، نسخة من كتاب تركيا الموقع الاستراتيجي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • emad70
    عضو منتسب
    • Jan 2010
    • 2

    رجاءً لا أمراً: خطوات تعلم اللغة التركية الحديثة، نسخة من كتاب تركيا الموقع الاستراتيجي

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الأساتذة المحترمين،

    السلام عليكم،

    أرجو منكم أن تعرفوني بخطوات البدء بتعلم اللغة الحديثة.

    ثانيا أود أن اجد نسخة الكترونية من كتاب وزير الخارجية احمد داود أوغلو تركيا الموقع الاستراتيجي وشكرا.
  • alshamali
    عضو منتسب
    • May 2006
    • 192

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة emad70 مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الأساتذة المحترمون
    السلام عليكم
    أرجو منكم أن تعرفوني بخطوات البدء بتعلم اللغة الحديثة
    ثانيا أود أن اجد نسخة الكترونية من كتاب وزير الخارجية احمد داود أوغلو تركيا الموقع الاستراتيجي وشكرا
    أقصر الطرق لتعلم التركية وغيرها من أي لغة هو الالتحاق بأقرب معهد من عنوانك

    ربما تجد في هذا الرابط خيط يوصلك للكتاب .
    The online portal Qantara.de wants to promote dialogue with the Islamic world. It is operated by the German international broadcaster Deutsche Welle.
    أحمد الغنام
    http://www.dhifaaf.com/vb
    شبكة ضفاف لعلوم اللغة العربية

    تعليق

    • علي العراقي
      عضو منتسب
      • Apr 2010
      • 6

      #3
      حاولت البحث عن الكتاب ولم اجده على النت
      اسم الكتاب هو العمق الستراتيجي (stratejik derinlik)

      تعليق

      • emad70
        عضو منتسب
        • Jan 2010
        • 2

        #4
        شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

        تعليق

        • محمد زعل السلوم
          عضو منتسب
          • Oct 2009
          • 746

          #5
          سأزودك بدراسة هامة عن تركية وعائلة أوغلو التاريخية او كسينجر تركية

          تركية بين الأمس واليوم
          تحديث:الخميس ,03/12/2009

          جميل مطر


          عائد من بلاد الشام بعدما سمعت وتقصيت عن أسباب صخب شديد في عواصم عربية عديدة. رحت إلى هناك أبحث وأنقب لمعرفة مصدر الصخب المتصاعد هناك. وجدت لبنان كعادته صاخباً ولكنه لم يكن، على غير ما عودنا، مصدر الصخب الذي أبحث عنه. وجدته لاهياً بمشكلة البحث عن صيغة مناسبة لبرنامج حكومته الحديثة، ومستمتعاً بالصخب الآتي من وراء حدوده. ولم يكن الأردن المصدر، وجدته فائراً بغضب مكتوم في أعقاب تعرض الناشط والنقابي اللامع ليث شبيلات إلى “علقة” ساخنة على أيدي عدد من “البلطجية”، ولم أكن أعرف أن هذا النوع من الخبرة وصل إلى هناك، بعدما استقر في عدد من دول شمال إفريقيا محققاً إنجازات فاقت إنجازاته في دول المنشأ. ولم يطل أمد الفوران إذ سارع ملك الأردن إلى حل الحكومة بأمل أن يؤدي تغيير الوجوه إلى ترطيب الأجواء. هنا أيضاً في الأردن، كما في لبنان، كانت الأسماع مشدودة إلى الصخب الآتي من وراء الحدود.



          ولم يكن العراق مصدر الصخب، أو على الأقل لم يكن مصدر هذا الصخب تحديداً، وعلى كل حال لم أذهب لأتحقق بنفسي مثلما فعلت في لبنان والأردن، ولكن جاء من هناك أصدقاء عديدون، يحمل كل منهم حكاية مختلفة عن حقيقة ما يدور في البصرة وفي بغداد وفي الموصل وفي كركوك وإربيل، ولديهم جميعاً حكاية مشتركة، إنها حكاية الجنرالات الأمريكيين الذين اعتزلوا الخدمة العسكرية أو تقاعدوا ليعودوا رؤساء لشركات عابرة الجنسية تحتكر استخراج ثروات البلاد وتصديرها، وبخاصة نفط الشمال، ويطلق عليه الآن في الغرب وفي بعض الصحف التركية نفط الأكراد بعدما عرفه العالم على امتداد مائة عام بنفط العراق. هناك كما في لبنان والأردن، كان العراقيون مشدودين إلى تطورات وراء حدودهم وإلى صخب من نوع مختلف عن الصخب الذي عاشوا في أصدائه منذ الغزو الأمريكي في عام 2003.



          لم يبق غير سوريا، وهي التي عرفناها مصدراً دائماً للصخب في المنطقة، وجدناها هذه المرة مصدراً وساحة للصخب في آن. تغيرت أشياء كثيرة في المنطقة العربية، سقطت إيديولوجيات ونشبت حروب وقامت تحالفات وتغيرت خرائط وبقيت سوريا مصدراً أساسياً من مصادر الفعل والحركة في هذه المنطقة الشاسعة التي أنجبت معظم الأنبياء والرسل وأثمرت عشرات الأديان وأبدعت في صنع الطوائف والمذاهب والأعراق.



          كانت دمشق، عندما زرناها، خارجة لتوها من معركة دبلوماسية مع حكومة بغداد التي اتهمتها بتدبير مذبحة “الأربعاء الأسود” قبل أن تسعى إلى تدويل اتهامها أسوة بمحاولة أطراف لبنانية وأطراف عربية ودولية تدويل اتهام سوريا بالضلوع في مصرع رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري. هذه المرة لم تنفعل حكومة دمشق كما انفعلت عندما وقع اتهامها بقتل الحريري، وهذه المرة لم توافق الدول الغربية على تدويل الاتهام بتدبير مذبحة “الأربعاء الأسود” التي وقعت في العراق، ولم تؤيد مساعي السيد نوري المالكي لتدويل قضيته مع سوريا.



          سوريا التي كانت منذ عامين، لا أكثر، واقعة تحت الحصار والصعوبات الدولية والعربية، هي الآن صاحبة فضل، معترف به في فرنسا وغيرها من دول الغرب وفي المملكة السعودية، في تشكيل حكومة في لبنان، ومدعوة لتقديم فضل آخر في تسهيل انسحاب القوات الأمريكية من العراق، ومعروض عليها المساهمة في الجهود الجارية لإقامة نظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط، ومطلوب منها أن تلعب وبكفاءة والتزام دور بوابة تركيا إلى العالم العربي والعالم العربي إلى تركيا. في كلمات قليلة أستطيع القول إن سوريا عادت موضوع سباق تشترك فيه دول غربية وآسيوية وعربية. عادت سوريا، ومعها المنطقة، إلى حالة أطلق عليها باتريك سيل الصحافي البريطاني المعروف تعبير “الصراع على سوريا” في كتابه ذائع الصيت، وركز عليها مالكولم كير أستاذ العلاقات الدولية الشهير ورئيس سابق للجامعة الأمريكية في بيروت في كتابه الأشهر بعنوان “الحرب الباردة العربية”. رأينا دمشق الرسمية في هذه الزيارة سعيدة، ورأينا شعب سوريا أيضاً سعيداً. ولكنها السعادة المصحوبة بصخب شديد انتقلت عدواه إلى كل دول الشرق الأوسط، ووصلت أصداؤه إلى دول الغرب ومعها أصداء صخب مماثل وإن باعتدال من دول القوقاز وإيران ودول في وسط آسيا، حتى الصين ودول جنوب آسيا وإفريقيا انضمت إلى الدول الباحثة عن تفسير، وكذلك الدول التي توترت أعصاب السياسيين فيها وانتابهم القلق.



          عدت من بلاد الشام متيقناً أن وراء الصخب الكلامي والقلق السياسي والانبهار الإعلامي والأكاديمي، ووراء فورة النشاط في جميع وزارات خارجية دول الإقليم، روايات وأفعالاً وممارسات تجتمع جميعاً تحت لافتة تحمل عنواناً من أربع كلمات هي “تركيا تعود إلى الشرق الأوسط”. في البداية بدا لي الاهتمام العربي و”الإسرائيلي” مبالغاً فيه، وتصورت لبعض الوقت أن الصخب السائد في المنطقة حول هذه العودة ما هو إلا فقاعة في عصر فقاعات كثيرة، مالية أو سياسية، ما إن يكتمل تكوينها إلا وتنفجر، وتسرب إلى نفسي الشك في أن التركيز الإعلامي الغربي على التغيرات في السياسة الخارجية التركية تجاه الشرق الأوسط هدفه دفع حكومة حزب العدالة والتنمية إلى الكشف عن نواياها الحقيقية واتجاهاتها الدينية والتزاماتها الليبرالية والديمقراطية.



          وما كان يمكن أن أجد إجابة شافية عن سؤال أو آخر من أسئلة كثيرة تراكمت في الذهن، وأزيل شكاً أو آخر من شكوك ثبتتها في النفس ذكريات علاقات أليمة وتاريخ مأساوي ربطنا لعدة قرون بالأتراك، وأتيقن من سلامة فكرة تزداد إلحاحاً منذ وقت غير قصير تدعوني إلى الاهتمام بالعواقب المحتملة لاستمرار حالة الفراغ القيادي التي تمسك بخناق الأمة العربية وكذلك بالأمة الإسلامية، إنها فكرة تتعلق بضرورة تكثيف كل الجهود العربية بحثاً عن جهة أو تجمع أو دولة تملأ هذا الفراغ وتمنعه من أن “يشفط” إلى القاع دولة عربية بعد أخرى، وقيمة قومية أو إسلامية بعد أخرى، وآمال شعوب تريد أن تنهض.



          بسبب هذا الصخب ورغبة في الحصول على إجابات، وحرصاً على إزالة شكوك وتثبيت يقين أو آخر، وللتعرف إلى جهود سد الفراغ الإقليمي، لم أتردد في قبول دعوة للسفر إلى تركيا للالتقاء بمفكرين أتراك، عسى أن أجد بينهم من يروي عطشي إلى معلومات جديدة وتحليلات عاقلة ورؤى مختلفة، ولنرى بأنفسنا، وعلى الطبيعة، كيف تنهض الأمم بعد أسبوع قضيناه في بلدنا وفي الجزائر أيضاً رأينا فيه دلائل ومؤشرات مؤكدة عن أمة تقاد إلى التخلف.



          هناك في وديان هضبة الأناضول الآسيوية وعلى مسافة غير بعيدة من اسطنبول الأوروبية، بدأنا رحلة البحث عن تفسير للصخب الذي تسببت فيه تركيا.



          ثقة عظيمة بالنفس



          “الدولة التي تجهد نفسها للتأثير من خلال حدودها باستخدام القوة الناعمة، هي الوحيدة التي تتمكن من المحافظة على نفسها”. تنسب هذه الكلمات إلى أحمد داود أوغلو، المعروف في تركيا والعالم الغربي باسم أحمد دافتوغلو، الرجل الذي تولى منصب وزير الخارجية التركية منذ فترة غير طويلة قضى معظمها متنقلاً بين عواصم الدول المجاورة، كنت في تركيا وكان في إسبانيا. كنت أسأل عن علاقات تركيا بالدول الأوروبية المنضمة إلى الاتحاد الأوروبي، ومدى الإنجازات التي حققتها تركيا في الشرق الأوسط، بينما كان أوغلو في إسبانيا يجيب عن سؤالي قبل أن يسمعه مني فيقول للإسبان “لن تستطيعوا فهم تاريخ خمس عشرة عاصمة أوروبية إذا لم تفتحوا الأرشيف العثماني وتقرأوا تفاصيل أحداث القرون الخمسة الماضية”، بهذه الدرجة من الثقة يتحدث الوزير التركي. وليس وحده على كل حال. ففي زيارة خلال الأسبوع الماضي إلى “حكومة” كردستان قال ظافر شاجلان وزير التجارة التركية في احتفال جرى في مدينة الموصل وهو يفتتح قنصلية جديدة من بين قنصليات عديدة قررت تركيا فتحها بالعراق، “نحن أبناء العثمانيين جئنا إلى هنا لنعلن عن اهتمامنا بتنمية الموصل تماماً كما فعل أجدادنا عبر القرون”.



          الغرب غاضب



          لا يقتصر الشعور بالثقة بالنفس وبتركيا على قادة حزب العدالة والتنمية وعلى رأسهم رجب طيب أردوغان، ففي أوساط تركية عديدة سمعنا الناس تردد عبارات تنبئ بغضب مكبوت تجاه الغرب “الذي لا يريد أن يتفهم أهداف السياسة الخارجية النشطة التي تنتهجها تركيا”. استنكر أحد الأتراك أمامي تعمد دول غربية الاستهانة بسياسة تركيا الحديثة، وأشاد بموقف حكومة أردوغان والإعلام التركي من انتخاب رئيس وزراء الدنمارك سكرتيراً عاماً لحلف الأطلسي، وهو الرجل الذي لم يرتح الأتراك لموقفه خلال أزمة الرسوم الكاريكاتيرية، إذ بدا غير منصف لمشاعر الطرف الإسلامي، يقول محدثي: “لا يهمنا الآن ما يقال عن أن تركيا بهذا الموقف اختارت مراعاة الحساسية الإسلامية وأهملت مراعاة الحساسية الأوروبية الليبرالية”.



          ولا يخفي الأتراك دهشتهم للحملة الإعلامية في الولايات المتحدة وحملة الأكاديميين الأمريكيين ضد الانفتاح التركي على الشرق الأوسط والعالم الإسلامي عموماً. حول هذا الموضوع يقول إبراهيم كالين مستشار رئيس الوزراء للسياسة الخارجية، “غريب أمر هذا الغرب. عندما انفتح الأمريكيون على روسيا قيل إنه عهد جديد في الدبلوماسية. ولكن عندما انفتحنا على الجيران سئلنا إن كنا قررنا تبديل تحالفاتنا؟”. وفي جدل مثير يقول وزير المالية الجديد في حكومة أنجيلا ميركل في برلين إنه لو صارت تركيا عضواً كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي فلن تتمكن من ممارسة وظيفة الجسر الذي تدعي أنها تستطيع أن تفيد منه جميع الأطراف بما فيها الأطراف الغربية والشرقية في وقت واحد. إن الجسر التركي مثل أي جسر لا يمكن أن يكون تركياً غربياً من جهة وتركياً إسلامياً أو شرقياً من الجهة الأخرى”. بمعنى آخر، الجسر يكون تركياً غربياً أو لا يكون. مثل هذا الكلام، إن دل على شيء فإنما يدل على أنه ناتج عن انفعال أكثر من كونه ناتجاً عن تعقل وروية، يرد عليه إيجيمين باجيس EGEMIN BAGIS وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في الحكومة التركية بالقول “كان الغرب يقول لنا.. تركيا جسر بين الشرق والغرب، الآن تركيا لا يمكن أن تكون إلا أوروبية.. كيف يمكن لجسر أن يقف على دعامة واحدة في جهة واحدة؟”.



          جدل في الغرب، وجدل بين الغرب وتركيا، وجدل أشد صخباً في تركيا، وجدل صامت كالعادة بين المسؤولين في العواصم العربية، ولكنه صاخب، بين المثقفين العرب والمسلمين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وجدل في روسيا وبين روسيا وتركيا، وجدل في إيران وبين إيران وتركيا. كان مذهلاً أن تكون تركيا أول دولة تهنئ محمود أحمدي نجاد بفوزه في الانتخابات الإيرانية التي قيل إنها خضعت للتزوير. كان مذهلاً أيضاً ما سمعته في اسطنبول عن تخلي حكومة أردوغان عن قاعدة ثابتة لم تتغير إلا حين وُفق للرئيس الإيراني على أن تجري مراسم استقباله في زيارته إلى تركيا في مدينة اسطنبول ليتفادى الجميع إحراج نجاد إذا زار أنقرة، إذ كان سيتعين عليه زيارة ضريح كمال أتاتورك ووضع الزهور على قبره. وليس سراً أن تركيا أبلغت الولايات المتحدة رفضها المطلق لأي محاولة لضرب إيران، لأنها تدرك جيداً أن ضرب إيران يعني احتمال وقوع اضطرابات في سوريا ولبنان، وكلاهما تحرص تركيا أشد الحرص على حماية الاستقرار فيهما، فضلاً عما يمكن أن يحدث في العراق.



          هناك طرفان في تركيا يعيشان حالة انتظار لمعرفة إلى أي حد تبدو حكومة حزب العدالة والتنمية مستعدة للاعتراف بحقوقهما. الأكراد لا يصدقون أن ما يحدث في أنقرة وأكثره يخص مستقبلهم يسير في اتجاه إيجابي لمصلحتهم. والعلويون ونسبتهم لبقية السكان قد تصل إلى ما يقرب من 15 في المائة، هؤلاء يعرفون أنهم يمثلون ورقة مهمة في تطور العلاقات التركية السورية منذ أن اقتطعت تركيا لواء الإسكندرون من سوريا وضمته إليها. وعندما سألت عما إذا كان هؤلاء العلويون أنفسهم ورقة يمكن لسوريا أن تستخدمها للضغط على تركيا قوبل سؤالي بالاستنكار.



          والأرمن حائرون، هل يقبلون باعتذار تركي خافت الصوت عن مذبحة الأرمن في ،1916 أم يصرون على تعظيم الجرم والتنديد بتركيا، والآذريون غاضبون لأن التقارب التركي مع الأرمن قد يأتي على حسابهم كدولة تحتل أرمينيا جزءاً من أرضها؟ و”إسرائيل” لا تعرف كيف تنتقم، يعتقد بعض المعارضين للتعاون بين تركيا و”إسرائيل” أن مرحلة الجدل انتهت وبدأت مرحلة العقاب والضغط لوقف الزحف التركي وإثارة الشكوك بين العرب حول النوايا التركية. تخشى “إسرائيل” أن تنتقل بالعدوى من أنقرة إلى عواصم العرب كبرياء القوة التركية الصاعدة. والعراقيون متوجسون، منهم من لا يريد تركيا طرفاً في ميزان قوى إقليمي ساحته العراق، ومنهم من لا يريد تركيا ضامنة لكردستان العراق وحامية لنزواتها، ومنهم من يريد تركيا على أي شكل وبأي هدف تختاره، ففي كل الأحوال ستكون أفضل من عرب غير موجودين. سمعت في الشأن العراقي أن هناك في الغرب، وربما في أمريكا تحديداً، من يدعو إلى تشكيل قوة عمل task force من الولايات المتحدة وروسيا والصين وإيران وتركيا تتولى المساعدة في إدارة شؤون العراق فور انسحاب القوات الأمريكية. لم أندهش لغياب طرف عربي في هذا التشكيل إذ كنت قد قضيت في تركيا ما يكفي من الوقت لإقناعي بأن الدور العربي في أي معادلة إقليمية قائمة أو قادمة غير موجود أو هامشي على أحسن الفروض. لم يكن هيناً على النفس في هذا السياق أن أسمع أن أطرافاً غربية طلبت نصيحة خبراء أتراك حول فكرة دعوة النرويج لكي تمسك بملف المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس.



          وفي سوريا فرحة. الناس سعداء سعادة فائقة. ولا أظن أن الدوافع خافية بعدما شاهدوا بأعينهم حواجز على الحدود تنحى جانباً، ولعلها المرة الأولى في حياة شعب عربي يشعر فيها بأن قيداً على حرية حركة وانتقال ينكسر، وأن كابوساً ثقيلاً يرفع عن كاهله. “وقفنا مشدوهين وسط انبهار الصحافيين السوريين وذهول الصحافيين الأتراك. يسأل السوريون، ولدى كل منهم جواب عن سؤاله ومع ذلك يستمرون في توجيه الأسئلة. لماذا بدأ الأتراك بسوريا، لماذا نحن أولاً؟”. وتكاد زينب حور بانلي الصحافية التركية تجيب في صحيفة “حريات”، حين قالت: “لم يحدث أن تعاونت تركيا مع دولة أجنبية تعاونها الراهن مع سوريا”. وتساءلت بدورها “هل يمكن أن يكون هذا التعاون مقدمة لنوايا تركية في إقامة “الاتحاد شرق الأوسطي” محاكاة للاتحاد الأوروبي؟



          فتح ملف الهوية



          ورغم زخم الجدل الدائر في الخارج، يبقى الأهم دائماً الجدل الدائر في داخل تركيا. الجدل الدائر في الخارج بعضه يمسنا في مصر مباشرة، لأن السائد شرقاً وغرباً هو أن الجديد في توجهات السياسة الخارجية التركية جاء ليملأ “فراغاً متوحشاً”، مصر مسؤولة عنه بالتأكيد. والسائد أيضاً في تركيا وخارجها أن هذا الفراغ يهدد بابتلاع الأوطان في المنطقة جزءاً بعد جزء، ثم وطناً بعد وطن، وقادر على أن يهلك شعوبها. يهمنا أيضاً، أو يجب أن يهمنا، جدل من نوع آخر دائر الآن في أوساط النخب التركية حول شؤون السياسة الداخلية في تركيا. فتركيا هذه الأيام تغلي بالنقاش الحاد والموضوعي حول التوفيق أو الفصل بين اتجاهات الدولة الدينية واتجاهات الدولة المدنية، ونقاش حول دور الطبقة الوسطى الحديثة الصاعدة من المناطق الريفية في صنع مستقبل تركيا، وحول دور المؤسسة العسكرية والأساليب المبتكرة لتقييد حريتها في التدخل في الشأن السياسي ومنعها من تخطيط الانقلابات العسكرية وفضح عمليات اغتيال المعارضين لها من الزعامات المحلية والنقابية والدينية، وجدل حول العودة إلى الأساليب العثمانية التي قضت بالاعتراف بالهويات العرقية والدينية أو التمسك بالتعاليم الكمالية التي لا تعترف إلا بالهوية التركية الجامعة.



          أظن أننا في بلدنا في حاجة ماسة إلى جدل مماثل في الحدة والموضوعية يبدأ بالسؤال الذي بدأ به النقاش العام في تركيا “من نحن؟ هل نحن صنيعة الغرب أم صنيعة التاريخ؟. ولا يخالج الزائر المهتم بتطورات السياسة والثقافة والفن في تركيا أدنى شك في أن حزب أردوغان الحاكم، أي حزب العدالة والتنمية، التزم أمام ناخبيه والنخب التركية بالإجابة عن هذا السؤال، وأتمنى أن نجد في مصر من يتعهد بالمثل.



          acdfr@yahoo.com

          تركيا . . ماذا تريد منا وماذا نريد منها؟ آخر تحديث:الأحد ,06/12/2009




          جميل مطر


          أينما ذهبت فى بلاد المشرق ستسمع من يشيد بما فعله رجب طيب أردوغان حين انسحب من أحد لقاءات مؤتمر دافوس “احتجاجا على أقوال نطق بها شيمون بيريز بينما واصل عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية اللقاء ولم يغادر” . سمعت الرواية تحكى بنغمات مختلفة ولم اسمع سوى مرات قلائل من يحكيها كما وقعت بالفعل، وهو أن أردوغان انسحب لأن دافيد إجناشيوس، وكان يدير الجلسة، لم يعطه حقه في الرد . على كل حال، كانت الرواية كما تداولها الناس في تركيا والشرق العربي والشرق الآسيوي، هي الرواية التي تحن الشعوب إلى سماعها، رواية ترضي أمما باحثة عن بطل، أو أمم تحن إلى دور كان لها وفقدته . لذلك كان استقبال الأتراك لأردوغان عندما عاد من دافوس إلى بلاده أسطوريا، حتى إن صحافيين أمريكيين أعربوا عن الشك في أن يكون الاستقبال غير مدبر أو مرتب من جانب حزب العدالة والتنمية . ومع ذلك فإن التشكيك في عفوية الاستقبال التركي لا يفسر عفوية الشعبية التي حاز عليها أردوغان في أوساط عديدة في العالم العربي، حيث يفتقر الناس بالفعل إلى زعيم يتجرأ ويغادر محفلا يشارك فيه قادة “إسرائيليون” كبار، وبخاصة بعد أن صاروا يألفون منظر قادة عرب من رجال دين وسياسة وثقافة يستقبلون “إسرائيليين” في مكاتبهم ويهرولون نحوهم في المؤتمرات ويتصدرون معهم المآدب والاحتفالات . قد لا يكون هذا الحدث نقطة البداية في مسيرة اهتمام العرب بتركيا وزعمائها، ولكنه بدون شك لعب دور “المسرع” في علاقة جديدة بين تركيا والشعوب العربية والإسلامية .

          البداية متعددة النقاط، ولم تكن عشوائية أو وليدة الصدفة، إذ اشتركت أحداث دولية كبيرة فى التأثير على مسارات تركيا أبلغ الأثر، أولها سقوط الاتحاد السوفييتي، ونحن نعرف أن الاتحاد السوفييتي كان التبرير الأقوى أمام العالم لانضمام تركيا لحلف الأطلسي ولقبولها القيام بدور هام في أمن المنظومة الغربية . وثانيها أزمة الخليج الأولى، حين اكتشفت تركيا أن حاجة أمريكا إلى تركيا الإسلامية تفوق حاجتها إلى تركيا العلمانية، وحين كان المطلوب أمريكيا أن تشترك تركيا وسوريا ومصر في الحرب لتحرير الكويت لأنها دول إسلامية وليس لأي اعتبار آخر . ثالثها حرب العراق، فمنذ اليوم الأول تأكدت تركيا أن المصالح القومية التركية لم تعد تتطابق مع المصالح الأمنية الغربية، وأظن أن مصر والسعودية، شعرتا الشعور ذاته وإن بحدة أقل جدا . ساد وقتها اقتناع بأن الغزو الأمريكي للعراق يعني احتمالا قويا بتمزيق العراق . بمعنى آخر، تأكدت تركيا أن أمنها صار مهددا بالاحتلال الأمريكي للعراق وهو الأمن الذي كان يعتمد اعتمادا قويا على استقرار العراق، كاعتماده على استقرار سوريا . أما رابع التطورات التي أقنعت حكومة أنقرة بضرورة تسريع مسيرة تغيير سياساتها الخارجية، فكان خيبة الأمل في تركيا من مواقف دول أوروبية، بخاصة فرنسا وألمانيا، من مسألة الانضمام التركي إلى الاتحاد الأوروبي . هنا لم تكن خيبة الأمل حافزا يدفع نحو التخلي عن حلم الانضمام، بل العكس تماما، وهو أن تعود تركيا من مسيرة جديدة في سياستها الخارجية وفى حقيبتها نفوذ قوي في المنطقة العربية والإسلامية وفى القوقاز ووسط آسيا، وإن أمكن، في إفريقيا جنوب الصحراء .

          القوة التركية الناعمة

          جلست بقدر ما سمح وقتي ووقتها مع مليحة أتومشبك أستاذة العلاقات الدولية والمتخصصة فى علاقات تركيا بالمنطقة العربية . بادرتني بأنها تتردد على الدول العربية منذ سنوات عديدة، وأنها ذهلت للحفاوة التي استقبلت بها في كافة أنحاء العالم العربي وبخاصة في سوريا التي زارتها الأسبوع الماضي . قالت “ذهلت لدفء استقبالي وللتغير في مشاعر السوريين الذين كنت قبل سنوات أخشى التصريح أمامهم بأنني تركية” .

          الفضل في تغيير مشاعر السوريين، وغيرهم من العرب، يعود في رأيي إلى أن تركيا استخدمت وبكفاءة مدهشة عددا من أساليب “القوة الناعمة” في علاقاتها الجديدة مع العرب . تقول مليحة “بضائعنا صارت في كل أسواق العرب، مواقفنا السياسية، وبخاصة موقف حكومتنا من عدوان “إسرائيل” على غزة والمذابح التي ارتكبها “الإسرائيليون” فيها وموقفنا من سعي الدول الغربية لفرض عقوبات على إيران، ودعمنا المعلن لحق إيران في الحصول على التكنولوجيا النووية، وموقفنا من وحدة الكيان العراقي، ودعوتنا قيادات سياسية في السودان وحماس لزيارة أنقرة رغم ضغوط الغرب وإنذاراته، وتوسطنا في لبنان وحصولنا الفوري على قبول حزب الله لنا ولدورنا بل وإعلانه استعداده أن يفضلنا على إيران لو غيرت إيران سياستها تجاه الفلسطينيين، كل هذه المواقف وأكثر منها تعرفونه، جلب لنا شعبية وافرة في الشارع العربي” .

          المسلسلات التركية الناطقة بالعربية

          لم أكن يوما من عشاق المسلسلات الطويلة متعددة الحلقات وإن كنت من الدارسين لدورها في تشويه ثقافة قائمة وصنع ثقافة بديلة، وكان قد لفت انتباهي منذ سنوات هذا الشغف المكثف من جانب المشاهدين في مصر ودول عربية كثيرة بالمسلسلات التركية . كنت أتحرق رغبة لأعرف إن كان للدولة التركية دور في إنتاج هذه المسلسلات أو تشجيعها والترويج لها، خاصة وأنه سبق لي أن طالبت المسؤولين عن الإعلام في الحكومة المصرية في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات التدخل للمحافظة على هذه الموهبة الناعمة التي تمتلكها مصر وحمايتها من الاختراق ومنع توظيفها لصالح مذاهب دينية غريبة عن المزاج المصري ولغرس تقاليد اجتماعية تمارس في دول عربية أخرى وتتنافى مع تقاليد مصر ودرجة تطورها وسمعتها وثقافتها . عرفت وقتها أن منتجين من خارج مصر يفرضون مسلسلات أبطالها يتحدثون بلهجة بين بين، أي بين أن تكون مصرية وبين أن تكون شيئا آخر . عرفت أيضا أنهم يختارون نساء ورجالا يمثلون أدوارا لا تعكس الطبائع الحقيقية للمصريين وإن كان بعضها يعكس حالات منحرفة صارت في نظر المشاهدين العرب والمصريين طبيعة مصرية خالصة بعد عقود من التكرار والاحتكار .

          تذكرت قصتي مع هذا الرصيد من قوتنا الناعمة، وأنا أسمع من مليحة وآخرين في تركيا عن الدعم الذي بدأت الحكومة تقدمه إلى المسلسلات التركية التي حازت على رضاء المشاهدين، وصارت تمثل جانبا أساسيا من وسائل الترفيه الأساسية في البيوت والمقاهي العربية . قيل لي إن استطلاعا للرأي أجري في إحدى الدول العربية أثبت أن أكثر من 70 في المائة من نسائها يشاهدن هذه المسلسلات بانتظام . كذلك سمعت من أتراك أن الرجل الذي يملك البيت حيث جرى تصوير مسلسل “نور” قام بتحويله إلى متحف يقصده السياح العرب مقابل خمسين دولاراً للفرد .

          تركيا والحكام العرب

          لو كنت حاكما عربيا، محكوما بقيود ورثتها عن اتفاقيات مع “إسرائيل” وأمريكا أو معتمدا بالكامل أو بقدر كبير على دعم الغرب وحمايته، فبدون شك لن أنام مطمئنا وأنا أرى “تركيا الإسلامية” تكسب موقعا بعد آخر في قلوب أبناء شعبي أو أمتي . حرمتني لباقة أكاديميين وصحافيين أتراك، خلال لقاءات سريعة، من أن أسمع تفصيلات عن استقبال حكومات الدول العربية الكبيرة للانفتاح التركي على المنطقة العربية . لم يخرج الرد على سؤالي الذي بقيت أردده بصياغات مختلفة عن أن “واجب الحكومة التركية هو أن تتجاوز العلاقات الرسمية وتتوجه إلى الشعوب ورجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدني” . أحدهم توسع في الرد فقال” يهمنا جدا أن نقنع العرب بتغيير مناهج التعليم ومحتويات الكتب المدرسية لنمحو الضغائن الموروثة لدى الطرفين” . ومع ذلك اجمع كل الذين قابلتهم على أن المشكلات التي ستواجه حكومة أردوغان على صعيد العلاقات الخارجية لا يجوز الاستهانة بها .

          لم أكن أقل تشاؤما من هؤلاء الذين يعتقدون أن مسيرة الانفتاح التركي على العرب ستكون صعبة ومعقدة حين طرحت رأيي قائلا “إن التعقيدات الصعبة ستأتي عندما تجر تركيا معها في رحلتها شرق الأوسطية مشكلاتها، مثل المشكلة القوقازية “الأرمينية - الآذرية”، والمشكلة القبرصية، ومشكلات آسيا التركمانية، والمشكلة الكردية، وتطلب من العرب دعمها” .

          كنت دائما وأنا صغير، أقف منبهرا أمام مهرج في سيرك يقبض بيديه على خمس كرات وأحيانا سبع يقذفها في الهواء ويتلقاها بحرص يمنع سقوط إحداها على الأرض . تصورت دائما أن مهارة الرجل تكمن في قدرة فائقة على التركيز وتقدير الوقت وحسن توزيعه بين الكرات السبع . وتكمن أيضا في ثقة كبيرة بالنفس .

          هكذا تخيلت المهمة الصعبة التي قررت حكومة تركيا تنفيذها وتحمل مسؤولياتها . تخيلت صعوبة التوفيق بين طموحات العثمانية الجديدة، التعبير المفضل الذي يطلقه المحافظون والديمقراطيون الأتراك على السياسة الخارجية التركية الراهنة، وبين المبادئ الكمالية الأتاتوركية التي اختارت التركيز على الداخل وعدم الاهتمام بالخارج، بحجة أن تحقيق السلام في الداخل يضمن تحقيق السلام في الخارج . وأظن أن فكرة قريبة من هذا المبدأ الأتاتوركي يعتنقها كثير من الحكام العرب . تخيلت كذلك صعوبات أخرى في التوفيق بين سياسات وسياسات، مثلا بين المصالحة مع أرمينيا من ناحية وسياسات التحالف التقليدية مع أذربيجان من ناحية أخرى خاصة ونحن نعرف أن بين الدولتين نزاعا عجزت قوى عظمى عن تسويته، أو التوفيق بين سياسات هدفها كسب ود العرب وسياسات غرضها عدم فقدان “إسرائيل”، وبين دعم تطلعات حكومة إيران ونقمة حكومات عربية عليها وخوفها منها، وبين التقارب مع كردستان العراق والمحافظة على وحدة العراق وكلاهما هدفان استراتيجيان، أو التوفيق بين الانفتاح على العرب والمسلمين والانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، وبين صعود شعبية تركيا في العالم الإسلامي وعضويتها في حلف الأطلسى الذي يخطط مع “إسرائيل” لغزو إيران والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية .

          حفزني التفكير في هذه الحقبة السياسية التي تحوي أهدافاً وطموحات صعبة المنال وبعضها شديد التناقض إلى البحث عن تفسيرات مقنعة وإجابات مفصلة لأسئلة بالفعل حائرة . توجهت بقائمة من الأسئلة إلى أحد كبار الدبلوماسيين الأتراك، جانب منها يتعلق بمسيرة الانفتاح على العالم العربي، ويتعلق جانب آخر بتجارب في التعامل مع قضايا داخلية أعتقد اعتقادا قويا أن كثيرين من مفكرينا يترددون في الاقتراب منها، بينما فى تركيا اقتربوا منها بالفعل، ورأيتهم يتعاملون معها .

          سألت الدبلوماسي الكبير، متعمدا لفت انتباهه إلى السهولة التي تحقق بفضلها الانفتاح على العرب في خطواته الأولى . سألته إن كان المسؤولون الأتراك يدركون أن العرب ليسوا، كما تصور العثمانيون القدامى، كتلة واحدة . وأضفت قائلا “إن العرب الآن يتوزعون على اثنين وعشرين دولة، لكل منها علم وحكومة وشركة طيران ولهذه الدول حكام يعتقد بعضهم، وبكل الثقة، أنه وحده الأعمق فهما لأحوال العرب وأمنهم ومصالحهم، وهو الوحيد الذي يمكن أن يؤخذ رأيه باطمئنان، وإذا تجاوزته تركيا أو لم تتوقف عنده طويلا لتستشيره خلال زحفها الجديد وتطلب نصيحته فسيشن حربا إعلامية وسياسية ضدها ويهيج شعبه ضدها ويؤلب زملاءه من الحكام العرب على تركيا” . قلت أيضا إن تركيا الأتاتوركية، على عكس تركيا العثمانية، تجاهلت حقيقة أن فيها شعوبا من أصول عرقية ودينية وطائفية مختلفة عن أصل الجسم الرئيسي للأمة التركية . هذا الأمر ليس ممكنا تكراره في تركيا اللبرالية وبالتأكيد ليس ممكنا في العالم العربي بأوضاعه الراهنة، حيث صارت مشكلة الهوية القضية التي تتحدى أكثر من غيرها ذكاء الحكام العرب وخبرتهم وحنكتهم . أضف إلى ما سبق رواسب الماضي الشديدة منذ أيام الإمبراطورية وبعدها في أيام الغطرسة الأتاتوركية . عدت إلى سؤالي فصغته كالآتي: “كيف استعدت الدبلوماسية التركية لهذه التحديات التي ستواجه حتما مسيرة عودتها إلى العالم العربى؟” . وتدفقت أسئلة أخرى . سألت عن الحد الذي وصلت إليه تركيا على طريق إبعاد المؤسسة العسكرية عن السياسة ووقف تدخلها في الوظائف والمهام السياسية . وسألت، أيهما لعب الدور الأكبر في تحقيق هذا الانسحاب الملحوظ من جانب العسكر، أهو الداخل أم الخارج، وأقصد تحديدا الشعب والطبقة السياسية أم الاتحاد الأوروبي وضغوط الولايات المتحدة؟ . ولم أخف عنه اقتناعنا في دولنا وفي العالم النامي عموما بأن مشكلة دور الداخل والخارج في تحديد مسارات بلادنا التنموية والديمقراطية تكاد تشل حركتنا السياسية وتؤثر بشكل حاد في تحديد اختياراتنا الخارجية واستقلال قراراتنا .

          كذلك كنت مهتما بشكل خاص أن أسأل عن قدر الإنجاز الذي تحقق في تركيا في مجال إصلاح القطاع الأمني ووقف تجاوزات الشرطة وغيره من أجهزة الأمن المتعددة، وما إذا كانت تركيا قد تأكدت من أن لا عودة إطلاقا بعد الآن من جانب أجهزة الأمن لاستخدام أساليب قمع وانتهاكات لحقوق الإنسان، ولو بالقدر الذي نجحت به بعض دول أمريكا اللاتينية ودول في أوروبا الشرقية . لم أنتظر إجابته إذ كان سؤالى التالي على طرف اللسان منذ اللحظة الأولى وكان واضحا على قسمات وجهي تلهفي لسماع الرد عليه .

          سؤالي كان عن تفاصيل المؤامرة التي يحاكم بسببها ضباط في الجيش كانوا يخططون لإثارة فوضى في تركيا عن طريق شن حملة اغتيالات لقادة المعارضة والطوائف غير الإسلامية والكردية . وكنت أعلم أن رئاسة الأركان ترفض الإدعاءات الحكومية، وأن الصدام بين السلطة المدنية والسلطة العسكرية مؤجل لا محالة لأنه على عكس الصدامات السابقة نتائجه غير مؤكدة، فالحزب الحاكم يتمتع بشعبية متصاعدة، وقواعده في القرى والمدن الصغيرة قوية، والانتماء للهوية الإسلامية، وإن باعتدال وثقة في النفس واقتناع بمزايا الديمقراطية، كاسح . لم أحصل من الصديق التركي على إجابات شافية . ولا أخفي أنني خرجت بانطباع أن “الموظفين” الأتراك كالموظفين في عديد من الثقافات لديهم حسابات أخرى .

          الأتراك قادمون

          نعم تركيا عائدة إلى المنطقة العربية، تعود كدولة وليس كإمبراطورية، كما يقول إينالشيك هاليل أستاذ التاريخ بجامعة بيكنيت بأنقرة، تعود بالقوة الناعمة، اقتصادية كانت أم تلفزيونية أم دبلوماسية . وليس بالقوة الصلبة أو الخشنة، ولكنها تعود . ويشير إلى أن في الغرب الآن حيرة وتردداً واستفسارات شتى، هل يؤيدون الزحف التركي بأمل التقريب بين المسلمين والغرب أم يعرقلونه خشية عواقب اجتماع هويات إسلامية ضد “إسرائيل” ومصالح الغرب . سمعت من أستاذ آخر أن المسؤولين يلاحظون كثافة ما ينشر في الآونة الأخيرة من مقالات في صحف الغرب تتضمن تهديدات مبطنة لهم . مثال على ذلك ما كتبه سانار كاباتاي ويعمل مستشارا فى معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى التابع لجماعة الضغط اليهودية، متسائلا فى خبث واضح، “هل قررت تركيا الرحيل عن الغرب؟” . وبخبث أشد يذكّر المسؤولين في واشنطن بأن حزب العدالة والتنمية، الذى يقوده أردوغان، كان صاحب وصف هجوم القوات الأمريكية على الفالوجة بأنه حرب إبادة، وأنه الزعيم التركي الذي اتهم حكومة عباس في الضفة الغربية بأنها غير شرعية، وهو الذي انتقد بشدة هجوم “إسرائيل” على غزة ومنع قواته المسلحة من الاشتراك فى المناورات الدورية المشتركة مع “إسرائيل” . سانار وغيره عشرات من كتاب المقالات فى الصحف الأمريكية يشنون حملة شرسة ضد حزب العدالة والتنمية بسبب هذه المواقف . وباطمئنان شديد يتحدث محللون أتراك عن مستقبل علاقات بلادهم بالغرب . يقولون إن الغرب ليس واحدا ولا موحدا . ويضربون المثل بنصيحة أوباما للأتراك خلال زيارته الشهيرة لتركيا بأن يواصلوا التقدم ضمن أوروبا الموحدة، وهي النصيحة التي دفعت ساركوزي الرئيس الفرنسي إلى توجيه نقد لاذع إلى أوباما في أول صدام علني بينهما عندما طالبه “بأن يهتم بشؤونه ولا يتدخل في شؤون الآخرين” . ولا ينسى الأتراك لساركوزي خطابه الذي دعا فيه زعماء أوروبا إلى التوقف عن الكذب . وأضاف “لا أستطيع أن أقول لطلاب مدارس فرنسا أن حدود أوروبا تقف عند سوريا والعراق . تركيا تقع في آسيا الصغرى وليس في أوروبا .” ولعل أكثر ما آلم المسؤولين الأتراك في انتخاب رئيس وزراء بلجيكا رئيسا للاتحاد الأوروبي لم يكن تصريحه عام 2004 الذي قال فيه “تركيا ليست جزءا من أوروبا . . ولن تكون” وإنما أن تصريحه هذا لم يقف عائقا ضد ترشيحه وانتخابه من جانب قادة الاتحاد .

          كنت استمع إلى محدثي يكرر على أسماعي تفاصيل الحملة الإعلامية الغربية ضد مواقف أردوغان وحكومته بينما ذهب تفكيري إلى إعلاميين عرب وصفوا مواقف أردوغان وتصريحات زملائه “بالعنتريات التي لا تخدم بلاده ولا تخدم القضايا التي يتصدى للدفاع عنها” .

          هل يكون الترحيب الشعبي بتركيا نتيجة اقتناع بما حققه الأتراك في بلادهم من ديمقراطية وتعليم جيد وإعلاء للمجتمع المدني وتقدم صناعي وتكنولوجي عالي المستوى ودبلوماسية واعية وشجاعة، وكلها إنجازات لم نحقق منها في بلادنا إلا النزر اليسير . أم يكون لأن تركيا توحي بأنها عاقدة العزم على التخلي عن أواصر التعاون الاستراتيجي التي تربطها ب”إسرائيل”، وبدأت بالفعل تتعمد صنع مسافة تتسع باستمرار وتباعد بينها وبين “إسرائيل” .

          ما زلنا في بداية مرحلة جديدة في الشرق الأوسط . اللاعبون الجدد ليسوا من الخارج ولكنهم أيضا ليسوا منا، ليسوا عربا .

          acdfr@yahoo .com
          عن الخليج الاماراتية
          تحياتي واتمنى ان تفيدك

          تعليق

          يعمل...
          X