الترجمة والمجتمع الأفريقي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد التجاني ماهل
    أستاذ دراسات الترجمة
    • Nov 2009
    • 1

    الترجمة والمجتمع الأفريقي

    الترجمة والمجتمع الأفريقي
    د. أحمد التجاني ماهل أستاذ دراسات الترجمة
    لعبت الترجمة دوراً مهماً في قارة افريقيا لثلاث حقب تاريخية، وهي: حقبة ما قبل الاستعمار وحقبة الاستعمار وحقبة ما بعد الاستعمار، وذلك نسبة لتعدد الأعراق واللغات واللهجات الأفريقية الأصيلة بالإضافة إلى اللغات التي وفدت لها عبر التجارة والهجرات بالعوامل الطبيعية والبشرية وكان للترجمة دور أساسي في التطور السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي بالقارة بجزئيها شمال الصحراء وجنوب الصحراء. في فترة ما قبل الاستعمار وحسب روايات التاريخ الشفاهي Oral Tradition من خلال الأعمال الثقافية المكتوبة عن التاريخ الشفاهي مثل Finnegan هنالك دور للترجمة في أعمال الاكتشاف والتبشير من قبل القادمين من أوروبا؛ مما أحدث اختراقاً في التواصل بين أفريقيا وأوروبا، حيث تمت كتابة التاريخ القديم لأفريقيا، ومن ضمن ذلك الثقافة والموروث الشفاهي فكانت أول الترجمات التحريرية مما شكل الملامح اللغوية التي استخدمت لاحقاً في البحوث في كل من مالي وجنوب افريقيا والسودان وزامبيا وغانا وتونس وليبيا وزيمبابوي وكينيا وتنزانيا وأثيوبيا عبر دراسة اللغات الأفريقية والملاحم الشعرية ودور الترجمة في حركات النضال والتحرر الأفريقية(1). حيث قُسمت الترجمة لقسمين هما التحريري والشفوي الذي يستخدم طريقتين هما الشفوي المباشر بالحديث بين الرعية والحكام أو الزعماء والقيادات القبلية، والأخرى باستخدام أدوات شعبية محلية كـ(النقارة) وهي طبل من أجل التواصل اللغوي تقليداً للكلمات المنطوقة وهو ما عرف في التاريخ الأفريقي بلغة الطبل، وهي: نغمات عبر الآلات يعرفها الناس فيما بينهم ويفسرون تلك الإشارات. تطورت حركة الترجمة بعد القرن الثامن من خلال التواصل والهجرات بين أوروبا وأفريقيا وجزيرة العرب، حيث وصل العرب والأوروبيون إلى بلاد الحضارات الأفريقية بلاد النوبة في السودان الحالي أو ما يعرف في السابق بحضارة مروي Meroe وحضارة كوش Kush وحضارة مملكة أكسوم Aksum في بلاد الحبش أثيوبيا حالياً والحضارة الفرعونية في مصر وحضار الليبيين وكُتبت تلك الحضارة بلغات متعددة منها النوبية والأمهرية والهيروغليفية، في شكل صور أو ما يعرف بالكتابة المصورة بالإضافة إلى العربية. انتشرت الترجمة في أفريقيا في العصور التي تلت ذلك خاصة بعد وصول الأوروبيون من مكتشفين ومبشرين وبحارة خاصة البرتغاليين، مما زاد الحاجة إلى الترجمة بشقيها التحريري والشفوي بين الأفارقة أنفسهم وبين الأفارقة والعرب وبين الأفارقة والأوروبيين لأجل العوامل الدينية من المبشريين الذين عكفوا على دراسة اللغات المحلية وإمكانية الترجمة منها وإليها وذلك ما ساعد في نشر الديانة المسيحية بشكل كبير بين السكان المحليين بلغاتهم المحلية وعن طريق الاستعمار وتجارة الرق جُند الكثير من الأفارقة في الجيوش الأوروبية وتعلموا اللغات اللاتينية والإسبانية من أمثال جوان لاتينو Juan latino الذي عمل مع الإسبان وترجم الشعر والمديح الأفريقي الذي قيل في أفريقيا(2). أبدع بعض الكتاب والمترجمين الأفارقة في الكتابة والنقل والترجمة بلغات عدة منها الألمانية والهولندية والفرنسية واللاتينية والبرتغالية والإسبانية والفرنسية والعربية والإنجليزية والروسية وشكل ذلك العمل الكبير نواة لتاريخ الترجمة في أفريقيا من أمثال سلطان نجويا Sultan Njoya بالكاميرون والذي كان يجيد الخط العربي ولغات أخرى مثل الألمانية. من ثم جاءت ترجمة الانجيل في أفريقيا باللغات الأفريقية منها لغة جي Ge التي يتحدث بها بعض السكان في دولة بنين، وتطورت الترجمات الدينية فكانت ترجمة المخطوطات الإسلامية في مملكة تمبكتو في مالي بلغات اليوروبا والهوسا، ومن هنا ارتبط تاريخ الترجمة في أفريقيا بسياسات الاستعمار والأغراض الدينية. تطورت الترجمة وتعددت أشكالها في فترة ما بعد الاستعمار وهي الحقبة التي تميزت في تاريخ الترجمة في أفريقيا بتنوع النشاط الترجمي لعدة ترجمات منها الدينية والعامة والأدبية فمثلا الترجمات الدينية ارتبطت كثيراً بترجمة الانجيل خاصة أعمال يوجين نايدا Nida التي نقلت إلى لغات أفريقية محلية. أما الترجمة الأدبية فلم تجد اهتماماً كبيراً فالقارئ الأفريقي يفضل الأدب المنتج باللغة الأوروبية كلغة مصدر وليس مترجم ومع ذلك فهنالك أعمال ترجمة أدبية وفلسفية وتاريخية كان لها سمعة كبيرة في أفريقيا كأعمال بيراجو ديوب Birago Diop وبرنارد دادي Bernard Dadie في القصص والأساطير الأفريقية بالإضافة إلى الأعمال الخالدة لترجمة النصوص الشفوية الأفريقية التي لا تزال تترجم للغات أوروبية من الأدب الشفوي الأفريقي مثل أعمال أوكارا Okara وسنغور Senghor. في هذا العصر حدث اهتمام كبير بالترجمة والمترجمين في أفريقيا من خلال المدارس والكليات والجامعات والمعاهد المتخصصة في تدريس اللغات والترجمة وتدريب المترجمين وعملية النقل والترجمة من وإلى اللغات الأفريقية؛ مما ساعد في ايجاد فرص عمل للمترجمين عبر المؤسسات الأفريقية وبالتالي ارتفعت منزلة الترجمة والمترجمين(3).
    ــــــــــــــــــــــــ
    (1) أنتا الشيخ ديوب، الأصل الأفريقي للحضارة، ويستبورت، نيويورك، 1967، ص230.
    (2) نفس المصدر السابق، ص241.
    (3) منى بيكر، موسوعة روتلدتج لدراسات الترجمة،2001،ص717
  • hboukili1975
    عضو منتسب
    • Mar 2016
    • 1

    #2
    موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
    المشاركة الأصلية بواسطة أحمد التجاني ماهل مشاهدة المشاركة
    الترجمة والمجتمع الأفريقي
    د. أحمد التجاني ماهل أستاذ دراسات الترجمة
    لعبت الترجمة دوراً مهماً في قارة افريقيا لثلاث حقب تاريخية، وهي: حقبة ما قبل الاستعمار وحقبة الاستعمار وحقبة ما بعد الاستعمار، وذلك نسبة لتعدد الأعراق واللغات واللهجات الأفريقية الأصيلة بالإضافة إلى اللغات التي وفدت لها عبر التجارة والهجرات بالعوامل الطبيعية والبشرية وكان للترجمة دور أساسي في التطور السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي بالقارة بجزئيها شمال الصحراء وجنوب الصحراء. في فترة ما قبل الاستعمار وحسب روايات التاريخ الشفاهي oral tradition من خلال الأعمال الثقافية المكتوبة عن التاريخ الشفاهي مثل finnegan هنالك دور للترجمة في أعمال الاكتشاف والتبشير من قبل القادمين من أوروبا؛ مما أحدث اختراقاً في التواصل بين أفريقيا وأوروبا، حيث تمت كتابة التاريخ القديم لأفريقيا، ومن ضمن ذلك الثقافة والموروث الشفاهي فكانت أول الترجمات التحريرية مما شكل الملامح اللغوية التي استخدمت لاحقاً في البحوث في كل من مالي وجنوب افريقيا والسودان وزامبيا وغانا وتونس وليبيا وزيمبابوي وكينيا وتنزانيا وأثيوبيا عبر دراسة اللغات الأفريقية والملاحم الشعرية ودور الترجمة في حركات النضال والتحرر الأفريقية(1). حيث قُسمت الترجمة لقسمين هما التحريري والشفوي الذي يستخدم طريقتين هما الشفوي المباشر بالحديث بين الرعية والحكام أو الزعماء والقيادات القبلية، والأخرى باستخدام أدوات شعبية محلية كـ(النقارة) وهي طبل من أجل التواصل اللغوي تقليداً للكلمات المنطوقة وهو ما عرف في التاريخ الأفريقي بلغة الطبل، وهي: نغمات عبر الآلات يعرفها الناس فيما بينهم ويفسرون تلك الإشارات. تطورت حركة الترجمة بعد القرن الثامن من خلال التواصل والهجرات بين أوروبا وأفريقيا وجزيرة العرب، حيث وصل العرب والأوروبيون إلى بلاد الحضارات الأفريقية بلاد النوبة في السودان الحالي أو ما يعرف في السابق بحضارة مروي meroe وحضارة كوش kush وحضارة مملكة أكسوم aksum في بلاد الحبش أثيوبيا حالياً والحضارة الفرعونية في مصر وحضار الليبيين وكُتبت تلك الحضارة بلغات متعددة منها النوبية والأمهرية والهيروغليفية، في شكل صور أو ما يعرف بالكتابة المصورة بالإضافة إلى العربية. انتشرت الترجمة في أفريقيا في العصور التي تلت ذلك خاصة بعد وصول الأوروبيون من مكتشفين ومبشرين وبحارة خاصة البرتغاليين، مما زاد الحاجة إلى الترجمة بشقيها التحريري والشفوي بين الأفارقة أنفسهم وبين الأفارقة والعرب وبين الأفارقة والأوروبيين لأجل العوامل الدينية من المبشريين الذين عكفوا على دراسة اللغات المحلية وإمكانية الترجمة منها وإليها وذلك ما ساعد في نشر الديانة المسيحية بشكل كبير بين السكان المحليين بلغاتهم المحلية وعن طريق الاستعمار وتجارة الرق جُند الكثير من الأفارقة في الجيوش الأوروبية وتعلموا اللغات اللاتينية والإسبانية من أمثال جوان لاتينو juan latino الذي عمل مع الإسبان وترجم الشعر والمديح الأفريقي الذي قيل في أفريقيا(2). أبدع بعض الكتاب والمترجمين الأفارقة في الكتابة والنقل والترجمة بلغات عدة منها الألمانية والهولندية والفرنسية واللاتينية والبرتغالية والإسبانية والفرنسية والعربية والإنجليزية والروسية وشكل ذلك العمل الكبير نواة لتاريخ الترجمة في أفريقيا من أمثال سلطان نجويا sultan njoya بالكاميرون والذي كان يجيد الخط العربي ولغات أخرى مثل الألمانية. من ثم جاءت ترجمة الانجيل في أفريقيا باللغات الأفريقية منها لغة جي ge التي يتحدث بها بعض السكان في دولة بنين، وتطورت الترجمات الدينية فكانت ترجمة المخطوطات الإسلامية في مملكة تمبكتو في مالي بلغات اليوروبا والهوسا، ومن هنا ارتبط تاريخ الترجمة في أفريقيا بسياسات الاستعمار والأغراض الدينية. تطورت الترجمة وتعددت أشكالها في فترة ما بعد الاستعمار وهي الحقبة التي تميزت في تاريخ الترجمة في أفريقيا بتنوع النشاط الترجمي لعدة ترجمات منها الدينية والعامة والأدبية فمثلا الترجمات الدينية ارتبطت كثيراً بترجمة الانجيل خاصة أعمال يوجين نايدا nida التي نقلت إلى لغات أفريقية محلية. أما الترجمة الأدبية فلم تجد اهتماماً كبيراً فالقارئ الأفريقي يفضل الأدب المنتج باللغة الأوروبية كلغة مصدر وليس مترجم ومع ذلك فهنالك أعمال ترجمة أدبية وفلسفية وتاريخية كان لها سمعة كبيرة في أفريقيا كأعمال بيراجو ديوب birago diop وبرنارد دادي bernard dadie في القصص والأساطير الأفريقية بالإضافة إلى الأعمال الخالدة لترجمة النصوص الشفوية الأفريقية التي لا تزال تترجم للغات أوروبية من الأدب الشفوي الأفريقي مثل أعمال أوكارا okara وسنغور senghor. في هذا العصر حدث اهتمام كبير بالترجمة والمترجمين في أفريقيا من خلال المدارس والكليات والجامعات والمعاهد المتخصصة في تدريس اللغات والترجمة وتدريب المترجمين وعملية النقل والترجمة من وإلى اللغات الأفريقية؛ مما ساعد في ايجاد فرص عمل للمترجمين عبر المؤسسات الأفريقية وبالتالي ارتفعت منزلة الترجمة والمترجمين(3).
    ــــــــــــــــــــــــ
    (1) أنتا الشيخ ديوب، الأصل الأفريقي للحضارة، ويستبورت، نيويورك، 1967، ص230.
    (2) نفس المصدر السابق، ص241.
    (3) منى بيكر، موسوعة روتلدتج لدراسات الترجمة،2001،ص717

    تعليق

    يعمل...
    X