الدبلوماسية البريطانية والسياسة الغربية تحت المجهر - ترجمة سلسة Getting Our Way

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فيصل كريم
    مشرف
    • Oct 2011
    • 296

    الدبلوماسية البريطانية والسياسة الغربية تحت المجهر - ترجمة سلسة Getting Our Way


    بسم الله الرحمن الرحيم

    والحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا، والصلاة والسلام على سيد الخلق وإمام الإنبياء.

    أما بعد،،،

    أقدم لكم أيها الأخوة والأخوات الكرام موضوعً عن ترجمة السلسلة الوثائقية Getting Our Way والتي يشاركني بتقديم موضوعها الكاتب العربي المميز الأستاذ نايف ذوابه الذي تفضل بإثراء الموضوع بمقالة أقدمها لحضراتكم بالرد التالي. ومن دواعي الشرف والسرور أن يهتم كاتب بارز كالاستاذ نايف ذوابه بهذا الموضوع ويصدّر مقدمته لكي يشدد على أهمية النقاط الواردة به لا سيما على درجة الوعي الذي يجب أن نتحلى به تجاه مواجهتنا المريرة مع الغرب والتي سنلاحظ بعضا من ملامحها من خلال هذه السلسلة الوثائقية وعبر هذا الموضوع الذي نناقش من خلاله الأفكار التي طرحتها السلسلة الوثائقية Getting Our Way. وعلى ذلك فلنتوكل على الله.






    Getting Our Way
    الهدف المنشود


    Getting Our Way,Documentary,Empire of the Seas,Firestone and the Warlord,For Queen and Country,Margaret: Death of a Revolutionary,Networks of Power,Thatcher: The Downing Street Years,The Falklands Legacy,The Great Offices of State,The Making of Modern Britain


    عُرضت سلسلة Getting Our Way عام 2009 على شبكة البي بي سي. وقدّم السلسلة السير كرستوفر ماير الدبلوماسي البريطاني المخضرم.



    عمل السير ماير سفيرًا في الولايات المتحدة بالفترة 1997-2003، أي إنه شهد أحداث سبتمبر 2001 التي حدثت بها تفجيرات مدينة نيويورك. وماير قدّم عددا من البرامج الوثائقية السياسية الوثائقية، واشترك بتحليل العديد من الأحداث الدولية منها تغطية البي بي سي لانتخابات الرئاسة الأمريكية التي جرت عام 2009. وقد تلقى كرستوفر ماير سيلا من الانتقادات من حزب العمال الحاكم أثناء نشره لمذكراته DC Confedential بنهاية عام 2005. وتكررت الانتقادات من الحزب الذي عمل تحت خدمته عند نشره لكتابه Getting Our Way بمناسبة مرور ذكرى 500 عام على ازدهار نشاط الدبلوماسية البريطانية، وقد أعقب الكتاب إنتاج هذه السلسلة الوثائقية، التي يزعم موقع الويكيبيديا أنها مكوّنة من 4 حلقات، بينما ما توفر لنا 3 حلقات، ولم أرَ مؤشرًا على وجود حلقة رابعة إطلاقًا. وعلى أي حال، تقدّم لنا السلسلة منظورا متعمقًا عن الدبلوماسية البريطانية وصراعها الدائم مع السياسة ورجالاتها والتقلبات السياسية وأهواء الرأي العام. ورغم إن السياسة البريطانية ودبلوماسيتها وجهان لعملة واحدة، إلا إن محترفي الدبلوماسية يشكون ويتذمرون من التدخلات المعيبة من رجال الدولة والحكم بعملهم ومحاولة تغيير القواعد الدبلوماسية التي يسير عليها العمل الدبلوماسي. ولعل هذه الاختلافات التكتيكية -إن جاز الوصف- من ثمار النتائج الديمقراطية التي قد تتغير وتتبدل تبعًا للظروف والمعطيات السياسية والاقتصادية والتحولات الدولية الخارجية، وهذا مؤشر واضح على إنزواء المبادئ الأخلاقية لمصلحة إغراءات المصالح والمنافع الاستراتيجية الكبرى لبريطانيا وغيرها من الدول الكبرى، وهو ما تشير له السلسلة وتحديدًا في الحلقة الثالثة. واسمحوا لي هنا قبل التعمق بمناقشة الموضوع تقديم ملخص لحلقات السلسلة الثلاث.

    الحلقة الأولى

    الأمن




    يناقش السير ماير دور الدبلوماسية ورجالاتها في الحفاظ على أهم مبدأ استراتيجي للدولة ألا وهو الأمن. ويقدّم لنا نماذج تاريخية مفصلية بهذا الجانب، منها نموذج السير هنري كيليجرو الذي عينته الملكة إليزابيث مبعوثًا في إسكتلندا لإيقاع الشقاق بين الفصائل الاسكتلندية المتصارعة حتى لا تتوحد ضد إنجلترا بعد حدوث توترات مذهبية ضد البروتستانت في فرنسا حليفة الاسكتلنديين وملكتهم المغضوب عليها ماري الكاثوليكية. ثم ينتقل لعرض نموذج تواجد اللورد كاسلرييه في مؤتمر فيينا عام 1814، الذي أعقب انهزام نابليون ومحاولة تطبيق نظرية أمنية أوروبية موحّدة رغم الاختلافات الشاسعة بين الفرقاء الأوروبيين. ثم يتحدث السير ماير عن تقهقهر وضع بريطانيا خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ورغبة الانجليز في الحصول على قنبلة نووية للمحافظة على "الأمن الاستراتيجي" البريطاني، وذلك بجهود حثيثة قام بها السفير ديفيد أورمسبي-جور للتنسيق للقاء استراتيجي هام بين الرئيس الأمريكي جون كينيدي ورئيس الوزراء البريطاني هارولد ماكميلان، للحصول على موافقة الأمريكان لإنشاء برنامج ردع صاروخي نووي لصالح البريطانيين.
    الاستنتاج: عامل الأمن الاستراتيجي للدولة أهم عنصر يجب أن تعمل عليه الدبلوماسية التي لا معنى لوجودها إن لم تعمل على توفير الأمن.

    الحلقة الثانية

    الازدهار (الاقتصادي)



    يبرز عامل الاقتصاد وأهميته للدولة، حيث يتحدث ماير عن دور الدبلوماسية البريطانية في تعزيز الرخاء الاقتصادي للبريطانيين، لأن هذه القوة التي سادت العالم زمنا طويلا اعتمدت على مبدأ "التجارة الحرة" لفرض هيمنتها على العالم. واتخذ ماير العلاقة التاريخية مع الصين نموذجا لتوضيح هذه الفكرة، حيث تتبع مسار أول بعثة دبلوماسية بريطانية للصين عام 1792 بقيادة اللورد ماكارتني، وفشل هذه المهمة بسبب رفضه السجود للامبراطور الصيني أو ما يطلق عليه بالصينية "كاوتاو". ثم تطور الأمر كثيرًا بعد ستين عاما إلى الحد الذي جعل المبعوث اللاحق جون باورنج يشن الحرب على الصين (حرب الأفيون الثانية) بقرار فردي منه ودون استشارة الحكومة، بسبب رفض الصين مقايضة بضائعها الشهيرة مثل الشاي والأطباق الصينية بالبضائع البريطانية. ثم يتطرق ماير لتذبذب العلاقة بين البلدين لا سيما بمسألة تسليم هونج كونج لسلطة الصين، ولكن تحت وطأة الانتقادات العارمة إثر أحداث تيان-آن-مين والاحتجاجات الطلابية الصينية وقمع النظام الشيوعي لها بقسوة. وقد ولّد هذا الأمر انقساما في بريطانيا بين كل من الفريق الدبلوماسي بقيادة المخضرم السير بيرسي كرادوك والفريق السياسي بقيادة والرجل الذي عينته الحكومة حاكما أخيرا لهونج كونج اللورد كريس باتن، حيث تتضح مرارة الخلاف بينهما وتنعكس على مسألة الاختلاف الدائم بين ما هو سياسي ودبلوماسي.
    الاستنتاج: ساعدت العملية الدبلوماسية بريطانيا لتتبوأ مقام السيطرة على العالم في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر عبر تكريس مبدأ التجارة الحرة، فظهر الرخاء الاقتصادي على الإنجليز في حين أن ثروات شعوب كثيرة نُهبت تحت ظل هذا المبدأ.

    الحلقة الثالثة

    القـيـم (الأخلاقية)




    يناقش كرستوفر ماير بالحلقة الأخيرة من السلسلة، وأهمها على الإطلاق، ما إذا كان يتعين على السياسة الخارجية الالتزام بقيم أخلاقية، لا سيما تجاه الشعوب التي تتعرض للقمع والبطش على أيدي حكامها الطغاة. ولكنه يؤكد أن هذا السعي قد يتعارض غالبا مع المصالح الكبرى لبلاده خصوصا والغرب عموما. فيعرض نموذجا تاريخيا مثيرا للاهتمام، وهو ما يطلق عليه "ارتكاب العثمانيون لمجزرة باتاك في بلغاريا عام 1876" حيث كانت منطقة البلقان تخضع لسيادة الدولة العثمانية التي كانت آنذاك حليفة لبريطانيا. ثم ما لبثت أن انقلبت الأحوال بعد أقل من 40 عاما حيث تعادت الدولتان في الحرب العالمية الأولى. ثم يعرّج ماير على مسألة تكوين عصبة الأمم وغرضها المثالي بنشر السلام والعدل في العالم، وفشل هذه المهمة مع ازدياد النعرات العنصرية كالنازية والفاشية والصهيونية. ثم يكشف ماير النقاب عن مدى تضعضع المبدأ لأخلاقي في السياسة الخارجية من خلال مأساة البوسنة وكوسوفو في منتصف التسعينيات ووقوع جرائم إنسانية كبرى على أعتاب الدول الأوروبية الكبرى.

    الاستنتاج: ثبت بما لا يدع مجالا للشك -حسب ماير- صعوبة بل استحالة التوفيق بين المصالح الكبرى للدول الغربية ووجود مبادئ أخلاقية تسير عليها سياساتها الخارجية. وذلك لأن هذه السياسات قائمة على مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" والمنفعة والمصلحة المادية البحتة.



    بريطانيا وأمريكا: الظل والامتداد

    لا شك أننا عندما نتحدث عن الدور البريطاني الحالي وفي القرون القليلة الماضية فإننا نشير للامتداد الطبيعي لهذا الدور والمتمثل بقوة وهيمنة الولايات المتحدة على العالم بالوقت الحاضر. ولعل اهتمامي بهذه السلسلة يكمن من هذه الناحية بالإضافة إلى مدى الصراحة والوضوح اللذين انتهجهما السير كرستوفر ماير وهو ما أثار عليه عاصفة من الاحتجاجات من الحزب الحاكم (العمال) وقت صدور مذكراته عام 2005. فالخطى التي سارت عليها بريطانيا خلال هيمنتها على العالم بلا منازع بوصفها "الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس" لا تختلف كثيرا عن المسارات التي تتبعها القوة الكبرى عالميا بالعصر الحالي. ومن المثير للاستغراب أن تتشابه هذه السياسات الملتوية لحكم العالم. فبريطانيا لها مبررات مفهومة بأن تلجأ لوسائل رخيصة مثل "فرّق تسد" والخديعة والدسائس والمكائد قبل اللجوء للحرب كوسيلة أخرى، لأنها بلد محدودة الإمكانيات البشرية والجغرافية ومواردها وثرواتها قليلة للغاية. بينما تتمتع الولايات المتحدة بثروات طبيعية هائلة ورقعة جغرافية واسعة وموارد بشرية متجددة وموقع استراتيجي هام في العالم، وبالتالي لا مبرر مفهوم لتبني قيادات هذه الدولة الكبرى ذات السياسات البريطانية. ورغم أن الولايات المتحدة زعمت أنها تناصر حق الشعوب بتقرير المصير والتحرر من الاستعمار الامبريالي التقليدي، إلا إن سياسات البيت الأبيض الدائمة لا يمكن أن توصف إلا بأنها امتداد طبيعي للنهج الغربي الامبريالي والأمثلة كثيرة على ذلك بدءا من احتلال الفلبين وضمها وحرب الاستقلال ما بين عامي 1899-1902 وانتهاء بغزو العراق عام 2003. حيث ظهرت أمريكا كقوة إمبريالية أكثر بروزا من الامبرياليات السابقة، رغم خوضها حربا للتحرر والاستقلال من الحكم البريطاني للقارة الأمريكية الشمالية. ولكن كثيرا من المؤرخين المعاصرين يؤكدون أنها لم تكن سوى حرب أهلية لبلد واحد يحمل ذات التوجه والأفكار، وإن اختلف الأساليب وتباينت الطرق.


    نزيف الأخلاق والسياسة الغربية
    نموذج الثورة السورية المعاصر



    إن المتأمل للسياسات الغربية في العالم يرى مؤشرا ناصع الجلاء على عدم امتلاكها لبعد أخلاقي عند تعاطيها مع الشعوب والدول التي تواجهها أو تتصادم معها، والنماذج عبر التاريخ صارخة وواضحة أشد الوضوح ولا تحتاج لكثير من الجهد للإشارة لها وتفصيل نقاطها. إلا إن القضية الحالية التي تؤرق ضمير العالم تقدّم لنا دليلاً واضحًا على انعدام وجود أي قيم أخلاقية بالسياسات الخارجية الغربية سواء كانوا متورطين بالأمر مباشرة أو بشكل غير مباشر. والقضية هي ما يتعرض له الشعب السوري حاليًا من عمليات قتل وتدمير وتهجير من الزمرة الغاشمة التي تحتلّ دمشق، مع الاعتذار الشديد للشعب الفلسطيني الصامد حيث أبت تلك الزمرة الطاغية ألا أن تصدر لنا وللعالم هذه الأزمة التي ارتكبت موبقاتها وتصدرت بها ما يؤرق ضميرنا العربي والإسلامي لتبعدنا عن قضيتنا المركزية شيئا ما ولكن هذا لن يطول بإذن الله. ولكن الملاحظ للموقف الغربي، الذي لا يمت للإخلاق بصلة، سيجده لا يتناسب والشعارات الرنّانة التي يتشدق بها طوال الوقت كشعارات حقوق الإنسان وتقرير المصير وحق الشعوب بالحرية والكرامة والرخاء... إلخ، فالعامل الرئيسي حسب منظور الغرب -وهو ما أكّده مقدّم السلسلة مرارًا- هو المصالح والمصالح فقط، وهو ما ظهر بكل وضوح عبر الموقف المتناقض بشكل صارخ بتحريكهم للناتو في ليبيا للتصدي للطاغية الهالك القذافي وسكوتهم المخجل في سوريا عن المجازر التي يرتكبها النظام المجرم هناك وأودت بأرواح ما لا يقل عن 15-20 ألف سوري معظمهم من الشباب الذين قاوموا الطغيان والاستبداد ببسالة منقطعة النظير، ولم يتسلحوا إلا بشعار الرغبة بالحرية والكرامة. إلا إن التناقض الغربي مردّه، كما يؤكد كثير من المحللين، هو المصلحة المادية البحتة أيضا. فليبيا غنية بالنفط وهي قريبة جدا من الموانئ الأوروبية وبالتالي فهي كنز قريب من عتباتها، وقد سئم الأوروبيون من مماحكات القذافي وسلوكياته الغريبة، وهو رجل اتسم بالفعل بسلوكيات غير قابلة للتنبؤ أو التكهن على الليبيين بالدرجة الأولى الذين عانوا منه ومن سلوكياته مرارات عديدة، إلا أن الأوروبيين نالهم من هذه السلوكيات قدرًا ليس بالقليل (خذ مثلا انكشاف الوجه الحقيقي لطوني بلير بعد رضوخه للقذافي وتوافقه معه رغم علمه التام بجرائمه الكبرى بليبيا وخارجها، ناقضا مقولته السابقة من أنه خليفة جلادستون الذي طالب قبل قرن مضى بتبني "قيم أخلاقية" بالسياسة الخارجية)، فقرروا كما يبدو انتهاز هذه الفرصة ليضربوا عصفورين أو أكثر بحجر واحد، من خلال التخلص من القذافي الذي أزعجهم ومن ثم الاستحواذ على شيء من الثروات النفطية الليبية الغزيرة بعد ذلك إن تسنى لهم هذا.

    ولكن لسوء حظ الغربيين، لم يمهلهم السوريون كثيرًا. فهم على غرار أشقائهم في تونس ومصر وليبيا واليمن، تتوق أنفسهم للحرية والكرامة بعد زمن طويل من الحياة تحت ظل نظام صبروا عليه كثيرًا إلا إنه لم يحترم حقوقهم الإنسانية الأساسية بالحياة. فاتضح زيف ادعاءات الغرب وخداع شعاراتهم الرنّانة، لأن سورية لا تملك نفطًا لكي يسعوا للاستحواذ عليه مثلاً. ولذلك فإن الغرب لا يستحق زعامة العالم عن جدارة واستحقاق، بل يلجأ للقوة المادية لكي يذر بها الرماد في عيون الناس، فينخدع من لا إيمان بقلبه ولا صلابة بموقفه. ولكن هذا النموذج سيثبت تحطم النظرية المكيافيللية للغرب والتي يعمل من خلالها على الهيمنة على العالم والاستحواذ على ثروات شعوبه، وهو نموذج صمود الشعب السوري أمام الآلة العسكرية لنظامه التي جبنت عن مواجهة الكيان الصهيوني، ورغم تخاذل الكثير من العرب والمسلمين عن نصرة الشعب السوري نصرةً حقيقيةً توقِف هذه المجازر المخزية وتحاكم أصنام هذا النظام الذين أمنوا العقوبة فأجرموا وأغلوا بالإجرام وتصدير العهر السياسي والكذب والدجل والمراوغة. والغريب بموقف الدول الغربية أنها سمحت لأول مرة للدب الروسي البليد والتنين الصيني الرعديد بالتلاعب بحقوق الشعب السوري الذي يطلب النصرة، وكأني أرى مسرحية محبوكة الفصول بين الطرفين لقضاء وقت ممكن ممتع بالنسبة لهما -أي الغرب ومحور الروس والصينيين- أما دماء الشعب السوري وتضحياته وآهاته فهي لا تعنيهم لا من قريب أو من بعيد، بل أنهم، أي الغرب والروس، يتمنون أن تطول هذه الكارثة ويزداد تذابح السوريين بين بعضهم بعض دون طرف منتصر حتى يصفو الجو لصنيعتهم وأداتهم في المنطقة: الكيان الصهيوني. وهم يريدون ونحن نريد ولكن الله فعّال لما يريد.


    "مجزرة باتاك": ما بين الخيال والواقع

    من النقاط التي أثارت علامات استفهام عديدة هو ما ذكرته السلسلة عبر الحلقة الثالثة ما أُطلق عليه "مجزرة باتاك" في بلغاريا عام 1796، حيث تزعم المصادر الغربية والروسية أن القوات العثمانية غير النظامية "الباشي بوزوق" قتلت ما لا يقل عن 15 ألف بلغاري معظمهم من النساء والأطفال. وظهر جليا لي أن البرنامج قد تبنى وجهة نظر واحدة دون أن يعرض الرأي الآخر. فقررت أن استقصي شيئا من حقيقة هذه الواقعة على الشبكة لكن الوصول لمعلومة محايدة باللغة الإنجليزية صعب جدا لسيطرة الرأي الآخر وشيوعه وتبني الإنجليز له. إلا إنني راسلت الأستاذ الفاضل منذر أبو هوّاش المترجم والخبير اللغوي باللغة العثمانية التركية الذي تفضل مشكورًا بإرسال هذا الرد الذي يفند من خلاله تلك المزاعم الأوروبية الخطيرة، وهذا نص رده:


    منذر أبو هوّاش

    ((السلام عليكم


    أعتذر عن تأخري في الرد، وذلك لأن الرد على مثل هذا الموضوع التاريخي العلمي يحتاج الكثير من الجهد ومن الوقت


    ليس لدي حاليا أية اتصالات مع أي من المؤرخين الأتراك، كما لم تقع بين يدي ولغاية الآن أية وثائق عثمانية أصلية تتعلق بهذا الموضوع، ولا تتوفر لدي الامكانيات للسفر إلى أنقرة من أجل البحث في وثائق الأرشيف العثماني الموجود اليوم في عهدة رئاسة الوزراء التركية


    لكن الوصول إلى الحقيقة حول هذه المجزرة (المزعومة) من خلال المصادر المتوفرة في الانترنت لا يبدو صعبا، فالمدعون لا يملكون أي نوع من البينات التاريخية التي يمكن الوثوق بها أو الاعتماد عليها، فضلا عن أن بعض المؤرخين المحايدين (الألمان والبلغار) قد قدموا بحوثا تدحض هذه الفرية وبشكل علمي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه



    المعروف تاريخيا أن روسيا القديمة بذلت كثيرا من الجهود من أجل إخراج الدولة العثمانية من منطقة البلقان وخصوصا من بلغاريا، ومن المعروف أنها كانت مع الكنيسة تحرض البلغار غير المسلمين على الثورة وإثارة القلاقل من أجل تحقيق ذلك الغرض، وقد ساعدتهم بمختلف الوسائل، وسلحت الميليشيات البلغارية المسيحية ودربتها وسلطتها على المسلمين البلغار، حيث قامت تلك الميليشيا بمجازر حقيقية راح ضحيتها مسلمون لا يعلم عددهم إلا الله


    فالتنظيمات الثورية البلغارية المسيحية هي التي كانت في حقيقة الأمر مسؤولة عن المجازر الحقيقية ضد المسلمين البلغار العزل رغم فشلها في الكثير من المواجهات في مقاومة القوات العثمانية النظامية وقد تمكنت تلك الميليشيات من احراق حوالي خمسين قرية مسلمة ومختلطة حيث قامت بقتل السكان المسلمين العزل الموجودين في تلك القرى ونقلت السكان غير المسلمين إلى مناطق أخرى


    لقد كانت ثورة بلغارية مسلحة ضد مواطني الدولة العثمانية وضد قواتها المسلحة التي تمكنت من محاربة هذه التنظيمات العسكرية وتكبيدها الخسائر، ولم تكن القوات العثمانية تحارب مواطنيها العزل الأبرياء، وبالنسبة إلى باتاك في تلك الفترة فالسجلات تشير إلى أن عدد سكانها في تلك الفترة وقبل الثورة لم يتجاوز (ثلاثة آلاف نسمة) وتشير السجلات إلى أن عدد القتلى البلغار في معارك المنطقة بلغ 1200 شخصا تقريبا كان بينهم 1100 من الثوار المسلحين


    هذه المعلومات وغيرها من الأسماء والتواريخ والأرقام والتفاصيل والمراجع مذكورة في رسالة ماجستير باللغة التركية بعنوان

    The independence actions of Bulgarian in the last period of Ottoman 1878-1908


    وصاحب الرسالة هو (اسماعيل ييلديز) وهي موجودة لدى دائرة التاريخ في معهد العلوم الاجتماعية في جامعة غازي التركية


    لا مجال لدي لترجمة هذه الرسالة الجامعية القيمة وأرجو أن تصلكم طي هذه الرسالة الالكترونية بنصها التركي


    ودمتم ))


    ------------------------


    عن ترجمة السلسلة

    عندما بدأت بترجمة السلسلة عادت بي الذاكرة لترجمة تاريخ بريطانيا قبل نحو عامين، حيث عاد أمامي أسلوب التلاعب اللفظي وتحوير المعاني والطريقة غير المباشرة بطرح الأفكار والتركيز على المجاز بدلا من صراحة القول، وكذلك استغلال العبارات الاصطلاحية Idioms لجعل المشاهد أمام معان متعددة وقد تتصف بالتباين. والسبب في ذلك ليس غامضا، لأن مقدم السلسة يتجنب بأحيان كثيرة ذكر مسألة معينة بصراحة، لكنه يصيغها بأسلوب مجازي غير مباشر وعليك أيها المشاهد أو القارئ الذكي أن تدرك ما يريد قوله بطريقتك الخاصة، لإنه إن ذكر ما يتوارد بذهنه بصراحة فسيتعرض لضغوط سياسية أكبر من تلك التي تعرّض لها بالفعل بعد تأليفه لكتابه ومذكراته السابقة. ومن جانب آخر، لا أنكر أنني انجذبت لأسلوب كرستوفر ماير وطريقته بالتعبير وظرافته و"خفة دمه" بطرح المعلومة بالإضافة إلى صراحته وجرأته بقول ما يتهرب من قوله الآخرين، فهو بالنهاية يؤكد "أننا لا نستطيع كحكومات غربية أن نتبنى القيم الأخلاقية وإلا ستتعرض مصالحنا للتهديد". وهذا الأسلوب ذكرني بأسلوب سايمون شاما الذي قدّم سلسلة "تاريخ بريطانيا"، حيث الغزارة والتشعب بالأفكار واستخدام المجاز والعبارة الاصطلاحية بكثافة. وخوض ترجمة هذا الأسلوب هو بمثابة تدريب جيد للمترجم ليتمكن من هذه الأساليب العميقة. والحصيلة التي خرجت منها هو فكرة تكوين مسرد خاص بالعبارات الاصطلاحية Idioms تفيد المترجمين وتصقل خبراتهم، ويحتاج هذا المسرد إلى تعزيزه وفهرسته حتى يعطي فائدة وسهولة أكبر، ورغم أن الفكرة متأخرة بعض الشيء إلا أن العمل بها حاليا خير من عدم العمل بها مطلقا. وإليكم بعض الأمثلة ومعانيها حسب السياق الذي واجهني ومن الممكن إذا واجه أحد الزملاء معاني أخرى لهذه العبارات أن يتفضل بإضافتها:

    The boot is truly on the other foot
    تبدلت الأحوال رأسا على عقب

    Bull in the china shop
    شخص أخرق أو أرعن
    أو الشخصية صعبة المراس

    They stuck out a mile
    برز للعلن بشكل أو بحالة معينة

    Wax lyrical
    التحدث (عن أمر معيّن) بشغف واهتمام

    Go into raptures
    التحدث (عن أمر معين) بسعادة وسرور

    وهذه مجرد نماذج بسيطة على العديد من العبارات الاصطلاحية التي تواجهنا كمترجمين ونتمنى أن نتعاون جميعا لوضع مسرد قابل للتطوير والتحديث لهذه العبارات ليفيد الجميع بإذن الله.




    ملفات الترجمة والتورنت متوفرة هذا الرابط

    من هنا




    وتقبلوا منا أطيب تحية


    الأستاذ نايف ذوابه

    و


    فيصل كريم

  • فيصل كريم
    مشرف
    • Oct 2011
    • 296

    #2
    وهنا المقالة التي تفضل الأستاذ والكاتب العربي المميز نايف ذوابه بتقديمها مشكورا ليحلل وينقد الأفكار الواردة بالسلسلة الوثائقية Getting Our Way


    نايف ذوابه


    هل يقيم الإنجليز للقيم الرفيعة وزنًا في سياستهم الخارجية..؟!

    القراء الكرام.. يسعدني أن أشارك بتقديم موضوع السلسلة الوثائقية ركائز الديبلوماسية البريطانية التي نشرتها هيئة البي بي سي، وقد قام بإعداد السلسلة الدبلوماسي البريطاني السير كريستوفر ماير سفير بريطانيا الأسبق في واشنطن وقد عرض لركائز الدبلوماسية البريطانية ألا وهي.. الأمن والازدهار والقيم.. وقد قام بترجمتها الأخ الكريم الأستاذ المترجم فيصل كريم.. وهو يقدم هذا الجهد الكبير خدمة لأبناء الأمة العربية ولأبناء الإسلام لمزيد من التعرف على خصمهم اللدود .. كيف يفكر ويخطط وليتعرف على مدى فظاعة جرائمه بحق الشرق الإسلامي بل بحق البشرية .. أقدم لهذه السلسة بصفتي متابعا للأحداث الجلل التي شهدتها المنطقة منذ مطلع القرن العشرين والتي كان أبرزها صدور وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو ثم الحدث العظيم الذي تمثل بهدم دولة الإسلام وراعيته في العالم وممثلة المسلمين وهي الدولة العثمانية على يد مجرم القرن العشرين مصطفى كمال أتاتورك .. وكان من نتيجة ذلك تنحية الإسلام عن الحياة حتى يومنا هذا ..

    البيئة وتأثيرها على الإنجليز
    الإنجليز كسائر البشر أبناء بيئتهم التي تركت تأثيرًا كبيرًا على شخصيتهم.. وإذا كان أحد تعريفات الذكاء هو التكيف مع البيئة فإن البيئة في الجزر البريطانية النائية قليلة الموارد والتي كانت تحدق بها الأخطار من جهاتها الأربع قد فعلت فعلها في الشخصية الإنجليزية فأكسبتها الذكاء والدهاء وسعة الحيلة حتى تستطيع العيش وسط هذه الظروف..والتغلب عليها .. وهذا ما عرف به الإنجليز .. ثعالب السياسة ودهاتها. وقد عرف عنهم أنهم يقاتلون حتى آخر جندي فرنسي، والكاتب الأمريكي الساخر مارك توين يقول: الرجل البريطاني كريم جدا إلى درجة أنه يتبرع لك بالقميص الوحيد الذي يمتلكه جاره..!! ولقد دهشت من وقاحتهم حين عرضوا على موسوليني حتى يبعدوه عن هتلر وحتى لا يقوم بغزو الحبشة نصف الحبشة في اتفاقية هور لافال بين بريطانيا و فرنسا.. تبرعوا له أن يقدموا له نصف الحبشة دون أن يستشيروا هيلاسي لاسي إمبراطور الحبشة ودون أن يستشيروا شعب الحبشة طبعا...!!

    البيئة أكسبت الإنجليز سعة الحيلة والدهاء

    لم يكن غريبًا ولا مستهجنًا أن تستعمر بريطانيا دولاً وشعوبًا مساحتها أضعاف أضعاف مساحتها وعدد سكانها .. ومن المعروف أن أمريكا كانت مستعمرة بريطانية، وكذلك شبه القارة الهندية، وإيران، ومصر وبعد الحرب العالمية الأولى اقتسمت مع فرنسا ممتلكات الدولة العثمانية (الرجل المريض) وفق اتفاقية سايكس بيكو فأخذت فلسطين والأردن والعراق وألزمت مصطفى كمال وفق اتفاقية لوزان بأن يلغي الخلافة ويعزل الخليفة وينفيه ويقطع صلة تركيا بالإسلام والتوجه بها نحو أوروبا، وقد فعل فألغى الكتابة بالأحرف العربية ومنع الأذان وتبنى الدستور السويسري وسار في تحويل تركيا إلى قطعة من أوروبا وجعل من الجيش التركي حارسًا للعلمانية منذ ألغيت الخلافة وحتى يومنا هذا ...
    إن الإنجليز يتقنون فن التفاوض والمراوغة والخداع؛ فيقع الخصم في أحابيل خداعهم فريسة سهلة وسلاحهم الكذب، فضلا عن معرفة دقيقة ووثيقة بشخصية الخصم من خلال الدراسات التي وفّرتها حركة الاستشراق التي كانت ملحقة بوزارة المستعمرات، وقد مكّنهم هذا من الدخول إلى عقول وقلوب الشعوب المستعمرة، فكسبوا عائلات وشخصيات منها للعمل معهم وتثبيت نفوذهم وتحقيق أهدافهم، وقد استخدم الإنجليز المال في معركة كسب العقول والقلوب، وأتذكر المهمة التي جندت الاستخبارات البريطانية في مصر المطربة أسمهان في الحرب العالمية الثانية حين أعطتها مبلغ ستين ألف جنيه أسترليني وكلفتها بتوزيعها على عملاء بريطانيا فمرت بفلسطين وزارت القدس وزارت سوريا ولبنان و...

    ما الذي يجمع الإنجليز باليهود ..؟

    ليس صدفة أن يتبنى الإنجليز اليهود ويعدوهم بوطن على حساب شعب آمن في وطنه فيسرقوه منه في رابعة النهار ..وقد قامت الكنيسة الإنجليكانية البريطانية بالترويج للفكرة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر على أن فلسطين هي أرض الميعاد .. وقد جندت الكنيسة الإنجليكانية للترويج للفكرة علماء سياسة واقتصاد واجتماع وشعراء ومؤرخين ليس بينهم يهودي واحد .. كلهم إنجليز..!!
    إن ما يجمع اليهود بالإنجليز هو فن صناعة الكذب وكما قال الروائي البريطاني جورج أوريل في روايته المزرعة: اكذب اكذب اكذب حتى تُصدِّق ..!! وهكذا وجدت الكذبة التربة الخصبة، وصدق الإنجليز أنفسهم الكذبة ومعهم اليهود وادّعى اليهود أن أرض الميعاد هي فلسطين، وصدر وعد بلفور الذي وصفه الخليفة العثماني عبد الحميد الثاني رحمه الله أبلغ وصف فقال عنه: وعْد مَن لا يملك لمن لا يستحق ..


    الخيانة والغدر ديدن الإنجليز.. واليهود والإنجليز وجهان لعملة واحدة

    ما يجمع الإنجليز باليهود نقض العهود والتنّكر للمواثيق وخيانتهم لعهودهم مع الشريف حسين الذي أملوه بالخلافة على أنقاض الخلافة الإسلامية العثمانية وملك كبير في البلاد العربية ليكون ملكا على العرب وأعطوا ابنه الشريف علي ورقة وقعوا عليها على بياض وطلبوا من الشريف حسين أن يشرط شروطه ويكتبها فوق توقيع المندوب السامي البريطاني في مصر في محاولة لتطمين الشريف حسين مقابل دخوله في حلف معهم ضد دولة الخلافة لإدراكهم لخطورة خروج الشريف حسين وأبنائه على سلطان الخلافة وأهمية قتاله إلى جانبهم بصفة انتسابهم لآل البيت؛ فهذا يكسب قتال دولة الخلافة الإسلامية العثمانية شرعية دينية أمام الشعوب الإسلامية الأخرى وقد كان الإنجليز يسخّرون آلاف الهنود المسلمين للقتال في الجيش البريطاني على مختلف الجبهات وخاصة ضد الجيش العثماني المسلم جيش الخلافة ..وفي النهاية قال لورنس عبارته المشهورة: أن تنقض عهدك وتنتصر خير من أن تنجزه وتنهزم .. وهكذا نقض الإنجليز عهودهم بل زادوا على ذلك بإهانة الهاشميين حين نفوا الشريف حسين إلى قبرص وعاش هناك حياة قاسية ذليلة وأما الأمير عبد الله فقد التقى بتشرشل على جبل المكبر في القدس وقد خاطبه تشرشل: قلْ لأخيك فيصل أن ينسحب من سوريا ويصبح ملكا على العراق، وأنت ستكون أميرا على شرق الأردن..!! فانتفض الأمير عبد الله وقال: عرش العراق يقرره أهل العراق!! فما كان من تشرشل إلا أن مصّ غليونه ثم نفخ في وجه الأمير عبد الله .. وهذا ما ذكره ناصر الدين النشاشيبي في كتابه من قتل الملك عبد الله .. والإنجليز هم الذين دبّروا عملية اغتيال الملك عبد الله في القدس أثناء زيارته للمسجد الأقصى وكان السفير الأمريكي قد نصحه بألاّ يذهب واعتذر للملك عبد الله كثير من مرافقيه المعتادين في تلك الزيارة عن مرافقته لعلمهم بأن هناك مؤامرة اغتيال للملك عبد الله، لكن الملك عبد الله أصر على الزيارة وكان ما كان من اغتياله بتدبير من الاستخبارات البريطانية .. والإنجليز هم الذين اغتالوا الملك غازي ملك العراق .. وهم أيضا كانوا وراء تسميم الملك فيصل الأول حين كان في سويسرا .. وما أشبه اليوم بالأمس وقد ثبت أن اليهود ربيبي بريطانيا قد سمّموا عرفات مع أن عرفات اعترف بإسرائيل وما كان لأحد أن يضفي شرعية على كيان يهود ولو اعترف كل العالم بهم لولا اعتراف عرفات بهم كما قالت ريموندا الطويل أم زوجة عرفات ..
    اليهود والإنجليز مثلان في الخيانة والغدر والكذب .. لا تنظروا إلى دموعهم وانظروا إلى ما تفعله أيديهم .. تاريخهم شاهد على الخيانة وعلى كراهيتهم للإسلام وأهله .. وقد غذت بريطانيا أمريكا بلبان الكراهية للإسلام وقدمت لها خبرتها في مواجهة المسلمين والعالم الإسلامي حتى لا يقوى على النهوض والوقوف على أقدامه .. ليبقى غارقا في ردّات الفعل بعيدا عن الفعل النهضويّ المثمر البنّاء ..

    لا تنظر إلى دموعه بل انظر إلى ما تفعله يداه ..

    لا تنظر إلى دموعه وانظر إلى ما تفعله يداه.. كل تصريحات المسؤولين الغربيين ومنهم البريطانيون كذب في كذب .. حتى حقوق الإنسان يسيّسونها لخدمة مصالحهم .. حتى أعمال الإغاثة الإنسانية يسيّسونها فيقودها جواسيس يعملون في أجهزة الاستخبارات أو يخترقونها .. منذ سبعة عشر شهرا والشعب السوري يتعرض لذبح منظم ومجازر مروعة .. والعالم الغربي يتفرج ويتعذر بالفيتو الروسي والصيني ..عذر أقبح من ذنب لأن الأعمال الإنسانية الرفيعة من السهل صناعة رأي عام عالمي لها يبرر أي تدخل أو تهديد بالتدخل أو حتى دعم الناس المظلومين المروعين وليس شيئا من هذا حصل بل مزيد من المهل لاستنزاف قوى الشعب السوري ولتحطيم معنويات الجيش السوري الذي غرق في أوحال معركة غير مشرفة ومهينة لشرفه العسكري؛ فهو قد انشغل بحماية نظام عن حماية شعبه وأهله بل بقتلهم وترويعهم وإفساد حياتهم وتدمير ممتلكاتهم وكأنه يقاتل في أرض عدو ..
    والغرب ينتظر أن يتدخل على أشلاء وطن ممزق وشعب منهك .. وعشرات الآلاف من الضحايا والسجناء المعذبين والمخطوفين والمختفين وأمهات ثكالى وزوجات أرامل .. حتى تستطيع إسرائيل أن تفرض شروطها في الحل وتكون هي القوة الوحيدة المهيمنة على المنطقة .. لقد سمعت المستشار الليبي مصطفى عبد الجليل يقول لمحاوره من قناة العربية: لقد مرت علينا لحظات كنا مستعدين أن نوقع على أي شيء مقابل استمرار ضربات الناتو.. وهذا ما ينتظره الغرب في سوريا ..

    الاستبداد صناعة غربية تجسدت بزعماء المنطقة
    زعماء المنطقة الذين أطاح بهم الربيع العربي هم صناعة بريطانية فرنسية أو أمريكية .. والغرب نفسه هو المسؤول عن الاستبداد في منطقتنا؛ لأن هؤلاء الحكام هم صناعته ولم يكن ليجد أناسا شرفاء يتعاونون معه .. فتعاون مع هذه الشراذم التي حافظت على مصالحه وخاضت حروبًا عنه بالنيابة ولقد كشفت أحداث الربيع العربي عن علاقات وطيدة ووثيقة بين إسلام القذافي وأجهزة الاستخبارات البريطانية وكشفت عن تعاون وثيق بين أجهزة الاستخبارات البريطانية والاستخبارات الليبية حين كان موسى كوسا رئسيا لجهاز الاستخبارات الليبية وكشفت الوثائق التي ضبطت في ملفات الاستخبارات الليبية أن الاستخبارات البريطانية سلمت معارضين ليبيين يقيمون في بريطانيا للاستخبارات الليبية في عمليات لا إنسانية قذرة وكان من هؤلاء عبد الكريم بلحاج ...

    تبجح كريستوفر ماير وافتراءات كسينجر
    لقد شعرت بالغثيان وأنا أستمع لكريستوفر ماير السفير البريطاني السابق في أمريكا وهو يتحدث متبجحا عن السياسة الخارجية البريطانية التي صنعها السفراء والديبلوماسيون الإنجليز تلك التي صاغت هويتنا ومركزنا على حد قوله .. ولقد كان مما لفت نظري قول كسينجر إن تاريخ العقوبات الاقتصادية بالمجمل ليس سارًّا .. وهذا أوحى لي بأن الغرب حين يلجأ إلى العقوبات الاقتصادية لحل مشكلة فهذا يعني أنه ليس جادًا في معاقبة الدولة التي هو بصدد عقابها .. أما أسوأ ما افتراه كسينجر وليس بغريب عنه؛ فهو يهودي واليهود أمة البهت .. فهو قوله: إن ما قتل على أيدي الأنبياء أكثر مما قتل على أيدي السياسيين في التاريخ .. ولذلك فإن الإصرار على المثل والقيم كمعيار وحيد لا يعتبر من الدروس المطمئنة ..
    أما ما يدمي القلب أكثر وأكثر فهو أن دولنا التي فرقها الإنجليز على أساس نظرية فرق تسد لا تملك سياسة خارجية في العالم لأنها دول تابعة .. دول تابعة عميلة لا تملك من أمرها شيئا بل تنفذ سياسات الدول الكبرى وتقوم بخدمة مشاريعها في المنطقة بل والعالم ..

    تعليق

    • فيصل كريم
      مشرف
      • Oct 2011
      • 296

      #3
      يبدو أن الحلقة الثالثة من هذه السلسلة قد حجبت في اليوتيوب في معظم دول العالم، وهي أهم حلقاتها برأيي
      وهو ما دعاني لرفعها لموقع آخر، أضعه أمام حضراتكم للإفادة



      وربنا يستر فلا يحجبوه هنا أيضا

      تعليق

      • Dr-A-K-Mazhar
        ملاح
        • Nov 2007
        • 1858

        #4
        الأستاذ الكريم فيصل

        تحياتى

        اكرر شكرى لك على المجهود الكبير الذى تقوم به لتترجم لنا بعض الأجزاء المختفية من الصورة ، والتى لا يصل إليها القارىء العربى الذى لا يعرف لغات أجنبية

        ودمت متألقاً

        تعليق

        يعمل...
        X