السياسة في الجزائر والمغرب وفي بلدان الجنوب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • LAISANI
    Junior Member
    • Jun 2007
    • 20

    السياسة في الجزائر والمغرب وفي بلدان الجنوب

    NAQD n°19-20, automne-hiver 2004, pages 5-9 (arabe).

    محمد حشماوي
    السياسة في الجزائر والمغرب وفي بلدان الجنوب
    أنظمة الحكم وعلاقات السلطة في المجتمع
    ترجمة : لحسن عيساني


    من خلال تعارضها الحدّي، تتحدى العلاقات بين "الدولة" و"المجتمع" في الجزائر والمغرب وفي كثير من بلدان الجنوب النماذج التي خصصت لها في أفضل تصنيفاتها.
    وشبكات التأويل التي تقترحها النظريات - المهيمنة - لـ "الحداثة" و"التبعية" قد فشلت في الواقع غالبا في إدراك فكرة ظواهر متنوعة كالزبائنية والإسلاموية الراديكالية والمشترك (الشعور الأولي) اللاشكلي أو العنف بغير الثنائيات من قبيل تقليدا/عصرنة، دولة/لا دولة، مجتمع/طائفة، المركز/المحيط. ففي التشكيلات حيث مجالات النشاط الاجتماعي لا تختلف إلا قليلا لم يفعل الاستدلال الثنائي الذي هو الأصل في هذه القراءات في النهاية سوى إفساد فهم ظواهر اجتماعية ذات الهجانة الحادة.
    لذا يجب الانطلاق من هذا التهجين الاجتماعي بدل أن نطرح كمصادرة ضمنية المفاضلة الاجتماعية التي هي في صلب النظرية الاجتماعية والسياسية المعاصرة.
    وهذا يعني إلحاح تفكيك يعني التخلي عن اللغتين الجدليتين ألا وهما: تلك التي تعمل بتبديل النماذج النظرية المعدة لدراسة "المجتمعات الحديثة" وتلك التي تسلم بـ "الخصوصية الثقافية" التي لا يستهان بها لـ "المجتمع المسلم".
    وقد بنى النهج الأول تحليلاته لعملية تكوين الرأسمالية أو العصرنة بفئات مفهومية ("صراع الطبقات"، "الأطوار الفاضلة" للتحرير الاقتصادي الذي يؤدي إلى الديمقراطية، "المجتمع المدني" الخ) التي هي في النهاية لا تصلح لإدراك العقليات الطائفية والنهبية والزبائنية التي تعمل عملها في ظل الدولة الوطنية والتصنيع والتحديث والانتقال الديمقراطي.
    أما الثاني فباشر نماذج تحليله الذاتي بمنظور لا تاريخي يسلم بديمومة ثقافية للجهاد وللمجزأ وللطائفي...الخ، في المجتمعات التي تشغلنا ديمومة تجعل هذه المجتمعات غير قابلة في النهاية "بطعم" العصرنة والديمقراطية والليبرالية.
    ورغم بعض المبادرات الطيبة هنا وهناك فإن تحليل السياسي في مجتمعات المغرب لم يحد عن هذه المناهج في التفكير. وانطلاقا من هذا الواقع يريد هذا العدد من "نقد بأن يساهم ولو بالقليل في تجديد تحليل السياسي في البلدان العربية وفي بلدان أخرى من الجنوب بتناوله من زوايا نظر أخرى غير تلك التي خصصت له عادة : في تعارضه وهجانته البنيوية. وفي قطيعة مع المقاربة المؤسساتية التي تمدي فئات التحليل بإفراط ("مؤسسات الدولة"، "المجتمع المدني، "الطبقات الاجتماعية "، الانتقال"...الخ).
    وعليه فنحن نود أن نبدأ بتفكيك هذه المفاهيم الفضفاضة لفهم تداخل البنى وتشابك المستويات والاستراتيجيات والمسارات و الوقائع الاجتماعية.
    وفق هذا المنظور يود هذا التحليل أن يترسخ ضمن مصفوفة عرض العلاقة السياسية في السياقات المحلية والوطني والجهوي للسنوات العشر الأخيرة.
    ومن خلاله سنتولى تحليل منطق الوصول إلى أماكن السلطة ؟ من أعلى إلى أسفل "التراتبية المؤسساتية"؟ والاستراتيجيات والتكنولوجيات السياسية المجندة لهذا الغرض من طرف أجهزة السلطة المركزية والفاعلين الآخرين للفضاء الاجتماعي.
    ويجب أن نتفق أن قراءة السياسي وفق هذا المنظور تساوي دراسة السلطة على خطى ميشال فوكو لا كـ"مكان وحيد للسيادة تشع منه أشكال مشتقة ونازلة"، وإنما بالأحرى باعتباره "القاعدة المتحركة لعلاقات القوة التي تولد دون توقف، بتباينها، حالات قوة [...] دائما محلية غير مستقرة".
    نأمل بهذا أن نبين كيف تندمج اللعبة السياسية في اللعبة الاجتماعية وكيف أن الدولة والمجتمع منتظمان بنيويا من خلال الزبائن والأجهزة والجماعات... الخ متداخلة.
    ولنتمكن من ذلك سنعتمد على محورين أساسيين للتحليل:
    - تفكير نظري عن الدولة والأنظمة السياسية.
    - سوسيولوجيا (أنثروبولوجيا) للعلاقة السياسية.
    في المحور الأول، نود أن ندرك "تاريخية الدولة" بمنظور يجتهد أن يوضح العقليات الثقيلة لتأسيسها (منذ الاستقلال بالنسبة لبلدان المغرب). وفي هذا الصدد نأمل أن نتناول جوانب المسألة (دائما بالنسبة لبلدان: المغرب) مع استعراض الأطروحات المناقشة:
    خارجانية الدولة، استيراد الدولة، انتظام الدولة في المجتمع.
    بعد ذلك، نود أن نباشر بالتحليل البوليتولوجي للأنظمة السياسية للبلدان العربية وبصفة أعم بلدان الجنوب منذ انتهاء عقد الثمانينات. والهدف المنوط بهذا الجزء كان إعادة دراسة تطبيق "التحرير التسلطي" الذي باشرته الأنظمة التي تشغلنا: تحليل كيف سمح التحرير السياسي في الأخير بتثبيت الأنظمة الاستبدادية وكيف تجد هذه الأخيرة فوائد (موارد الاستمرار) من وراء "الدمقرطة" أكثر منها في ظل الصيغ السياسية شديدة القمع، وكيف يتم فصل "نزع الطابع الليبرالي" مع التحرير الاقتصادي.
    وفي المحور الثاني نود أن نعكف على سجلات عرض العلاقة السياسية : الزبائنية السياسية، قبلنة النظام السياسي، الإثنية، السياسات الدينية، الخ.
    ويسمح العديد من المحللين بإدراك هذه الأشكال. ويمكن أن نحتفظ هنا بـ:
    اللعبة الانتخابية، التمثيل السياسي، الحماية والاقتصاد السياسي.
    ويسمح المحلل الأول مراجعة السلاسل الانتخابية عن طريق مفهوم اللعبة الانتخابية. ونعني باللعبة الانتخابية هذه الصفقة التي تتم في اللعبة السياسية في كل شكل انتخابي، بين الوكلاء والجماعات الاجتماعية، والأجهزة الانتخابية، المترشحين، الوسطاء والسماسرة، والهيئات (شكلية وغير شكلية) للسلطة المحلية حول العرض الانتخابي.
    سنفترض أن الأجهزة الحزبية المهتمة باللعبة الانتخابية والراغبة في الفوز بأصوات أو إنشاء قواعد زبائنية، تأخذ بعين الاعتبار بالضرورة، في اختيار مرشحها، أولويات من نوع خاص للشكل الانتخابي المنشود.
    وفق هذا المنظور، فإن عملية إعداد قوائم المرشحين يمكن أن ينظر إليها باعتبارها علاقة قوة بين أفراد، أو جماعات وفاعلين في اللعبة الانتخابية مهتمين بالعرض الانتخابي (الموارد التي يتيح التمثيل الوصول إليها، شراء الأصوات، المفاصلة التي يتيحها إعداد قوائم المرشحين، الخ).
    وفي هذه الصفقة تطرح بداية ثم تتشابك بعد ذلك ثم تتحد في النهاية علاقات القوة بين الجماعات الاجتماعية وشبكات الزبائن وعقليات التوحيد وموارد الأشخاص، استراتيجيات التعبئة الانتخابية وأخيرا وليس آخرا التبادل الاجتماعي للمزايا.
    وسيسمح هذا المنظور بإلقاء الضوء على التصوير غير الشكلي للسياسي: علاقات الزبائنية، الاتجار بالانتخاب، الحماية وشخصنة العلاقة السياسية.
    ويسمح أيضا بإبراز عقليات التوحيد والتضامنات التي يثيرها فاعلو اللعبة الاجتماعية في وضعية انتخابية : المحلية، الجهوية، الطائفية، القبلية، الإثنية، الاتجار، المن، المواطنة، الخ.
    ويسمح كذلك بفهم مستويات تمفصل عقد التشابك ين الدولة والنظام السياسي وفاعلي المجتمع: العروض الانتخابية وأخذ الكائنات الاجتماعيين لها. ويسمح في الأخير بتحديد - خاصة بالنسبة للحالة الجزائرية - الحدود "نزع التحرير السياسي" بأن يبين دوافع الهزيمة الانتخابية.
    وتسمح سوسيولوجيا التمثيل السياسي على غرار سوسيولوجيا النخب بتوضيح الاستراتيجيات المجندة من قبل الوكلاء الاجتماعيين لدخول أماكن السلطة والتشكيلات التي تتم في صميم الأنظمة. نأمل في هذا الإطار أن نتوقف عند الدخول السياسي للمقاولين الاقتصاديين" المغربيين، وحتى عند علاقات الزبائنية، والحماية (أو الأبوية) التي يقيمها "رجال الأعمال" مع الحكومات في البلدان العربية في ظل" نزع التحرير الاقتصادي".
    وعلى صعيد المنهج، يود هذا العدد من نقد أن يستفيد من التطور الاستكشافي لعلم الاجتماع الشامل. وعكس المقاربات الجبرية والنفعية التي تحبس الكائن في بنيات أو استراتيجيات جامدة جميعها، فإن التفكير السوسيولوجي حول السياسي الذي نأمل بدأه هنا يريد أن يعمل على فهم تعدد المعاني التي تحملها الكائنات والوقائع الاجتماعية.
    والمسعى الشامل، باستغنائه عن النموذج الاستراتيجي - للفاعل العقلاني وكذا عن المذهب الاجتماعي الموضوعاتي - الذي يدعي تجاوز ذاتية الكائن الاجتماعي -، يتطلع إلى تقليص "الضغط التحليلي" بين البنية والفعل.
    في هذا الإطار الإبستيمولوجي، لنقل أنه ليست هناك حقيقة (أولى) لكن فقط تجربة حسية وتأويلات مسيّقة وهذا ما يفسر الشرط الأولي الإبستيمولوجي للأهمية المعطاة للسلوكات والأقوال وإرادة القول للكائنات الاجتماعية.
    القضية مفهومة : يجتهد إطار معقولية التناقضات الذي يريد هذا التفكير عن السياسي أن يندرج فيه أن يتجاوز تناقضات بين "التحديدات البنيوية" و"أنساق الذاتية"، عقلانية ولا عقلانية.
    وللإحاطة بهذين الخطين، أحدهما جبري والآخر جوهري ،يهدف التحليل إلى فهم عقليات فعل الكائنات الاجتماعية وفق ثلاثة مستويات : السياق، الوضع والموقف. وعليه سيتم التركيز على المسارات الاجتماعية، ومسارات التراكم، وبنية الفرص، مخزون الموارد، الكفاءات وسجلات النشاط.

    أرسلت بتاريخ: 2008/12/25
    التعديل الأخير تم بواسطة Moderator-1; الساعة 07-19-2009, 02:11 PM.
يعمل...
X