جمالية الأزمة في الجزائر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • LAISANI
    Junior Member
    • Jun 2007
    • 20

    جمالية الأزمة في الجزائر

    NAQD n°17، printemps-eté 2003، pages 5-8 (arabe).
    دحو جربال - نظيرة اﻠﻌقون عقلوش
    جمالية الأزمة في الجزائر
    ترجمة: لحسن عيساني


    تبدو الممارسة الفنية في جزائر التسعينات، مشوبة باضطرابات غاية في الخطورة تطرأ على حياة الأفراد والجماعات، فبالنظر إلى الأزمة التي تعصف بالبلاد يبدو لنا انه من الضروري مباشرة تحليل استعادي ونقدي لتحولات الحقل الجمالي.
    وإذا ابتعدنا في الزمن واغتنمنا فرصة هدوء نسبي فربما كان مفيدا اليوم أن نسائل الإنتاج الجمالي وكذا القيم التي ينتجها في قلب العاصفة.
    وبمقدار ما نتساءل عن آثار الأزمة في ميادين الثقافة، والاقتصاد والمجتمع وفي لاوعي الأفراد والجماعات، فبإمكاننا أيضا أن نتساءل عما حدث حقيقة في الميدان الجمالي.
    ألم يحن الوقت اليوم لمعرفة ما حدث في حقل التمثيل والتعبير؟ في أي حدود تم ذلك وعلى أي شكل؟ ونحن هنا أمام الكثير من الأسئلة التي تطرح نفسها لدى رؤية بعض التظاهرات الفنية أو تظاهرات أخرى تعتبر نفسها كذلك.
    ومن عدة جوانب، وإذا ما صدقنا بعض النقاد الفنيين فسيكون من حقنا أن نتساءل إن كان قد حدث فعلا شيء في هذا الميدان وان كانت الأزمة و امتداداتها القصوى لم تصعق، بشكل أو بآخر دائرة الإنتاج الجمالي كما فعلت بمجالات أخرى.
    ولا شك أن المقاربة ليست سهلة، فالفن من وجهة نظر معينة يعبر عن علاقتنا بالعالم وعن طريقتنا في امتلاكه و منه إدراك ما هو واقعي جماليا.
    وتترجم هذه العلاقة التي نقيمها مع العالم بواسطة الأشكال، والرموز والخطابات والصور التي يندرج فيها تطور سلوكاتنا، ومشاعرنا وأحاسيسنا وحتى هلعنا .
    ويمتد تأثير هذه التمثيلات الجمالية التي نحملها حتى عمق هذا الخليط من اللاعقلانية التي تغذي الإيداع الفني.
    وتحمل الصور التي ننتجها مآسينا أو أفراحنا، قلقنا أو إشباعنا العاطفي وهي تملك هذه القدرة الحقيقية والفعلية أن تمارس، بدورها عن طريق تحويل ربما أو تعويض فعلا على الواقع: تصعيد، تأليه، تقديس، تنجيم، تسطيح واختفاء الشيء.أين نحن في ميدان الفن ؟
    وهذه المسألة تحديدا والخاصة بالأثر المشترك للواقع ولصورته التي تؤثر في عالم الجمال هي التي نريد أن نتطرق لها في هذا العدد.
    وإذا كان الإنتاج المعتبر للصور والتمثيلات المؤمثلة أو المشوهة أو المصعدة التي تملأ الحقل الفني لم يكن سوى محاولة لخلق هوية مستقلة نسبيا عن الواقع، في نوع من الهروب أو اليأس، فكيف سيكون يا ترى اثر هذه الأزمة في هذا البناء؟ وماذا ستكون آثار هذه الصدمات المتعاقبة التي يتعرض لها المجتمع في ''النماذج الوجودية التي تنشأ ؟
    ولا تنحصر الأزمة في مجرد أن يمر في اللاوعي القلق والصدمة اللذان يحدثهما الوجود الكلي للموت إنما هي أيضا في إعادة بناء تشخيصات نرجسية جديدة، نوع من الرغبة في التقييد اللفظي وإعادة الإنشاء والتطبيع مهما كلف الأمر للحركة الاستيهامية كما يقول علماء النفس وهي أخيرا في التكيف مع الظرف مع كل ما يحمله من أمور عشوائية، أو وقائعية أو طارئة لكننا هنا ندخل في بعد آخر من الجمالية أو ما يقدم نفسه على انه كذلك.
    وإذا كان الفن ينتمي إلى هذا الشكل من الوعي الاجتماعي حيث تلتقي قيم عاطفية، ومثل أمزجة وأحلام أو حتى كوابيس تغذي علاقة الكائن بالعالم، أليس كذلك خاضعا للتحولات الايجابية التي يعرفها الواقع؟ عن طريق وقوفه في ملتقى الإكراهات الرسمية والإغراءات التجارية، باللجوء إلى وصفات خيال مدجن تماما بالامتثال[1]الاجتماعي.
    ألا يخفي تعبيرنا الفني الحاضر؟ ألا يعمل متعمدا خارج الزمن المعيش الذي نحن أبعد من أن نكون قد استنفدنا ثروته الانفعالية أو شحنته الدرامية ؟
    وفي الوقت الذي يقدم نفسه باعتباره ضامنا لـ ''الهوية'' يعود الحضور الكلي للتمثيل أو لعناصر تدرك آنيا في الحقيقة إلى نظرة شائعة جدا عن المعرفة الجمالية، فهي في الجزائر تقدم على أنها نوع من المعرفة يبثها فن أكثر مباشرة وأقل فكرا.
    ويبدو انه قد حصل مقابل هذا على مكانة الفن الجزائري الخالص المميز لا بمجتمعه الخاص فقط إنما أيضا بهذا '' التغريب الكوني'' الذي يحصر الجنوب في الدور العقيم، لإنتاج معطيات خام، وصور بدرجة الأولى.
    وأبعد ما نكون عن فكرة الحكم على أوروبا (الغرب) في نوع من اللازمة المتكررة التي تبقينا في وضع الضحية الأبدية.
    وأبعد ما نكون عن الحكم على أوربا (الغرب) في صورة لازمة متكررة تجعلنا نبقى في وضع الضحية الأبدية نحن هنا أمام خطاب يحجب مشكلاتنا الخاصة ويعرضنا لأن نكون مجرد هدف لنظرة إثنوغرافية متعجرفة،وهو نوع من عقدة التبعية التي توجد أيضا في الفن.
    ومع ذلك فالحقيقة أن هذه النظرة الإثنوغوافية التي تبعد الأشياء عن وظائفها الاجتماعية وتحصر الأفراد فيها، قد تبناها كثير من الفنانين واستبطنوها من قبل الكثير من الفنانين.
    ويخلط البعض منهم بين الفلكلور والأصالة فيضمنون بذلك، في أن واحد، اعتراف تيار محافظ رجعي وكذا بعض النقاد الغربيين.
    أن اقتصار الفن على صور مسطحة، مفرغة من محتواها الروحي يكشف هذا الموقف الـ ''ثقافي'' جدا الذي يتناول الظاهرة الفنية كترفيه معاكس للعلم والفلسفة.
    وتثير الأعمال النادرة التي تبعث على التساؤل أو التي تحمل مفاهيم ديناميكية، عن طريق تفردها ومقاربتها المتشددة اللافهم وحتى الشك.
    وإذا لم يكن العمل الفني يتطابق مع التناسق البصري المعتاد أو يستعير رموزا يمكن فكها نسبيا، فإنه سيعتبر غالبا ''عناء ضائعا'' وخربشات تستعصي على الفهم.
    وعلى الطرف النقيض يحدث غالبا أن تقتصر بعض الأعمال التي تعتبر رائدة على تشويه الرموز الكلاسيكية الأجنبية لتقترحها كأدلة على حداثة غير واضحة.
    عندئذ تنمو ثقافة الحدث والاحتفال مما يجعل ما هو مقترح للمشاهدة هو المتحف أو المعرض أكثر منه العمل والمهرجان أكثر منه المسرحية أو الحفل كل شيء يتم وكأنه ليست هناك قواعد أو مقاييس للحكم في وقاحة واستخفاف تامين فالفنانون أنفسهم وهم أفضل من يعبر عن الخيال الجماعي يدعون الشك والغموض يخيمان على نزاهة دوافعهم والقيم الجمالية التي ينتجونها.
    وقد يكون الخوف من الأصالة والتفرد سبب ذلك، ولكن الضعف الغريب للشحنة الانفعالية والروحية في الأعمال الفنية، بينما البلاد غارقة في الأزمة هو أيضا وراء هذه المواقف.
    ويبدو أن الهندسة قد تخلت عن وضعها كشكل فنيً تكديس من غير نظام، ولا تناسق ولا تهذيب يثير شعورا بالفزع (...) ولا ندري أي النماذج هي السائدة، ربما كانت نماذج موضة لا شكل لها تنتقل من مثال إلى آخر ''[2].
    فالنحت خاضع للطلب العام وحصرت الصورة ضمن عتاد الإعلام.وصار المسرح بلا أي أسلوب خاص ولا أي صلة مع الحياة ولا مع الفن، وهو ما يعطي الانطباع بأن هذا النوع من النشاط يمكن أن يقوم به أي شخص المهم أن يحسن الكلام والصراخ والرقص وأن يقوم أحيانا بدور المهرج فوق الخشبة.
    وتجعلنا أشكال التعبير هاته التي أقل ما يقال عنها أنها غريبة نتساءل ترى هل المجتمع عن طريق الفنانين أو بواسطتهم، خائف من مواجهة جمالية مع تاريخه الخاص؟
    ترى هل يخشى قوة انفعالاته وقناعاته وشكوكه والعمق الأكيد لمشاعره الجمالية؟ وأخيرا هل تنقصه الجرأة على أن يكون ذاته؟
    ''إن اليد التي تنشر النظام في هذا الكون المنظم أساسا كما في حرب بلا هوادة مع اضطراب ممكن و تفش للفوضى التي تتربص انطلاقا من العالم، هذه اليد هي يد الروح النمطية للدوّار التي لا تعترف بالزمن.
    (...) هنا نستطيع التحقق من الحاجة إلى المسرح كتسلية ولكن هذا المسرح نشأ من الحياة نفسها وليس منفصلا عنها ولا حتى عن طريق مهنة ممثل : كل واحد هو ممثل مسرحه المجازي كل واحد هو مجاز حي ولا أحد يستطيع أن يفر من هذا القدر.
    ولكن إضافة إلى هذه الحاجة إلى مسرح حي، أو بالضبط وبصورة مأساوية جدا لا محالة إلى هذه الضرورة نفسها لإظهار الحياة دون لعب كمسرح وأن ندخل في روح الدوّار المشؤومة بعض التمثيل على الأقل للحياة أو الحياة ذاتها
    Radomir Kostantinovic،La philosophie de bourg




    الهوامش
    ________________________________________
    [1] Mostefa Lacheraf. Littératures de combat، .Ed. Bouchéne Alger 1991
    [2] j.j.Deluz محاضرة في المدرسة متعددة التقنيات للهندسة المعمارية و العمران- الجزائر

    أرسلت بتاريخ: 2008/12/25 13:23
    التعديل الأخير تم بواسطة Moderator-1; الساعة 07-19-2009, 02:09 PM.
يعمل...
X