تاريخ سورية ولبنان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    تاريخ سورية ولبنان

    من فرج الله الحلو إلى عبد الناصر
    في هذه الايام الممضة كسنّ الرمح تعبر ذكرى استشهاد المميز فرج الله الحلو التي مرت بصمت سحيق كعادتها كل عام منذ أواخر حزيران 1959، ولولا اكليل من الزهر وضعته مجموعة شيوعية شابة عند التمثال لما حصل شيء، والمناضلون لا يتساوون بالبرونز. في هذا السياق والمناسبة ما يدهش ان منطقة التمثال التي تضم البيت الذي ولد فيه فرج الله عام 1907 أصبحت عقاريا باسم مجموعة لا علاقة لها ارثيا بالعائلة بسبب خطأ ارتكبه اخوه غالب منذ خمسين عاما، والمطلوب اليوم من الامين خالد حدادة والمقتدرة المخلصة ماري الدبس العمل سريعا لاعادة العقار الى ورثته والعائلة الجاهزة لكل تضحية مالية او غيرها لتحويل المنزل الى متحف. وفرج الله الذي انتسب الى الحزب الشيوعي عام 1930، قبل خالد بكداش، وسار على درب الحلاج قبل تشي غيفارا والمهدي بن بركة، ونشأ يتيما منذ الرابعة من عمره بسبب هجرة والدته الى أميركا التي بكاها كثيرا يوم توفت اوائل الخمسينات قائلا لزوجته: "كنت أعرف انني لن أراها لكنها أمي. لم يعد عندي أم".
    هل يتهم انسان كهذا بالانحراف عن الهدف الثوري؟
    يوم استشهد المميز فرج الله في 26 حزيران 1959 تحت تعذيب مخابرات عبد الحميد السراج (تحديدا عبد الوهاب الخطيب) كان قد ترك صغارا هم: الطبيبة اليوم بشرى، والطبيبة نجوى، والدكتورة الموهوبة ندى (أم فرج) التي تنشر أبحاثها القيمة في جريدة "النهار"، والامينة المخلصة، ذات الذاكرة المشرقة زوجته فيرجينيا.
    يوم التحق فرج الله بالحزب على يد أستاذ اللغة الفرنسية ناصر حدة كان تاريخه الصغير يتضمن دراسة سنتين في مدرسة المعلم الذكي والشاعر بولس اسحق في جدايل، ثم التحاقه لبعض الوقت في مدرسة ميفوق الشهيرة حتى الآن، ثم في مدرسة المربي والمؤلف والمسرحي أديب لحود أي "المدرسة الوطنية" التي نافست يومها "مدرسة الفرير". أتقن العربية بعمق ثم الفرنسية بشكل ناصع، قبل ان ينتقل الى "المدرسة الانجيلية" في حمص حيث نال البكالوريا الفرنسية، وأخذ يعلّم ويتعلم في المدارس السورية. في هذه الفترة من الثلاثينات احتك فرج الله بأهالي منطقة جبيل، وشاركهم أعمالهم التطوعية مثل شق الطرق في قرية غلبون مثلا حيث أصبح صديقا لشاعرها وعضو الرابطة القلمية الشمالية ايام الفطاحل فكتور خوري، والمربي الاديب يوسف أبي رزق، ومدير عام وزارة الدفاع بالوكالة شكيب خوري صانع زهرة من مليون فراشة ما زالت حتى اليوم. حصل هذا في الثلاثينات من القرن العشرين قبل ان يرشح نفسه في الانتخابات في وجه لائحة بشارة الخوري وينال أكثر من ثلاثة عشر الف صوت، فيما نال الناجح يومها عن جبل لبنان ثمانية عشر الف صوت رغم التزوير، وكان خالد بكداش يتهمه: "ماروني بدو يعمل نايب عن جبل لبنان" إلا أن بكداش عاد وترشح عن الانتخابات في دمشق وانتخب نائبا برضى البورجوازية الدمشقية في الخمسينات. أواخر الثلاثينات أخذ يكتب افتتاحيات "صوت الشعب" ثم "الاخبار" بلغة عربية أنيقة وواضحة، مهاجما بعنف الصهيونية، والانتداب الفرنسي حتى اعتقلته سلطات الاحتلال عام 1939 فقال للقاضي: "نحن الشيوعيين لا نهاب المستعمرين، ولا نخون مبادئنا أيا كان العذاب الذي سنتعرض له". يومها، أصدرت سلطات الاحتلال الفرنسية حكما بسجنه خمس سنوات قضى منها في السجن سنتين حتى دخول قوات فرنسا الحرة. قال عنه المستشرق الفرنسي مكسيم رودنسون (أمضى في لبنان فترة 1940 – 1947): "فرج الله الحلو رجل شريف، ومستقيم، وقد مات في ظروف مرعبة. كان الحلو رجلا هادئا، ومجردا من نزوة التسلط تلك التي تسحرنا لدى خالد بكداش".
    يوم أعلنت الوحدة المصرية – السورية كتب فرج الله افتتاحية في جريدة "النور" الدمشقية بعنوان "أهلا وسهلا بعبد الناصر في سورية"، وكان ذلك قبل ان يعلن بكداش البنود الـ13 المطالبة باعادة النظر في أساس الوحدة، ثم يهرب الى براغ، مطالبا باشراف فرج الله على وضع خلية دمشق ميدانيا، رغم أن جميع اعضاء هذه الخلية كانوا اما في السجن او خرجوا متعاونين مع افشاء معلومات يعرفونها عن حياة فرج الله السرية، وكانوا يومها قلة صغيرة من القياديين في بيروت ومنهم طنوس دياب (شيوعي منذ الثلاثينات) الذي سلمه للمخابرات. وقبل ان يصعد فرج الله الى دمشق باسم حركي كان خلفه نضال الثلاثينات، والمؤتمر الوطني عام 1943 مع رجل الاستقلال رياض الصلح (وكان صديقه)، وموقفه الجريء والنادر يومها ضد موقف الاتحاد السوفياتي من تقسيم فلسطين (من يقدم على معارضة ستالين عام 1947؟) وكل ذلك عبر شخصية هادئة، لا تغضب، لا تحتد نرفزة، لا تشتم، ولا تهين احدا. وهذه المميزات الماركسية العلمية، والاخلاق العربية الشهمة حملها معه يوم دخل دمشق 25 حزيران 1959 بلا سيف او عصا. دخلها غير مقتنع، لكنها الاوامر المستهجنة، وكان يقول: "لا كادر في دمشق. لماذا الصعود؟". يوم جبه فرج الله عبد الناصر عبر مخابراته في دمشق (عبدالحميد السراج وعبد الوهاب الخطيب ووجيه الانطاكي قاتل المسكين بيار شدرفيان) كان الفتى العربي مجللا بانجازاته. اول ثورة عربية في العصر الحديث قضت على اسرة محمد علي البوسنية (كان مؤسس الاسرة محمد علي يتكلم العربية بصعوبة)، الاصلاح الزراعي، السماح لاعضاء العائلات الفقيرة بدخول الكلية الحربية، تصحيح المعاشات المتدنية، صفقة السلاح الشهيرة مع الاتحاد السوفياتي التي كانت بداية بناء جيش مصري عصري، قال لي عنه محام سوفياتي: "الجيش الذي حشده ناصر في سيناء كان مؤهلا لدخول تل ابيب في اسبوع لولا هول الخيانة، عدا ذلك تأميم القناة والعدوان الثلاثي". الى هذا، كان عبد الناصر قارئا نهما ومميزا، كما يقول عنه الضابط اليساري خالد محيي الدين، وكان هذا الفتى الاسمر يتمتع بصوت ذي غنّة، دافئ، كاريزمي، يستخدم لغة شعبية واضحة، سلسة تمتد خطاباته الى فترة طويلة يخاطب اثناءها ملايين العرب الذين ما زالوا يحبونه.
    اذاً، لماذا وقع الصدام؟
    رغم كل هذه الانجازات تحولت الديموقراطية عند عبد الناصر الى اشكالية بررها الزعيم الكبير بالاخطار الاستعمارية الداخلية (لم ينتبه اطلاقا الى ارتباكات المحيطين به) الى التحدي الصهيوني وقد قاتله عام 1948 في الفالوجا بجيش ذي اسلحة فاسدة، الى شتات من القوى المتصارعة، وشعب بائس بملايينه. لقد اقتلعت الثورة الناصرية كل التنظيمات السياسية حتى في سوريا، ايام الوحدة، وطالبت الاحزاب بحل نفسها، وحرمت كافة التنظيمات لمصلحة اتحاد قوى الشعب العامل ثم الاتحاد القومي ثم التنظيم الطليعي، لتعزل بذلك الجماهير سياسيا، والمعروف ان مصر كانت سباقة عربيا في تشكيل حزب شيوعي والاطلاع على الماركسية. في هذه الفترة الوحدوية امتدادا حتى حرب 1967 كانت الحياة الفكرية والثقافية تتحدد بشخصية عبد الناصر الكارزمية، وكتابات الموهوب حتى الآن محمد حسنين هيكل. كان على البطل الملحمي والاسطوري، والعسكري المثقف الا يصطدم دمويا بفرج الله، ويعترف بوجوده لا ان يقول: "ليس لدينا معتقل باسم فرج الله الحلو". واذا لم يكن هناك معتقل باسم فرج الله فمن اعتقل لويس عوض، واحسان عبد القدوس، والمفكر العملاق محمود امين العالم، وعبد العظيم انيس، وشهدي عطيه؟ وفي الاقليم السوري تشريد عشرات الشعراء من بدوي الجبل الى شوقي بغدادي الى محمد الحريري الى عمر ابو ريشة. كان يجب الا يحصل هذا. هذا الاستنتاج يأتي بمنظار اليوم حيث يعاد تقويم انجازات عبد الناصر من كل جوانبها، وضرورة اعادة قراءة تجربة فرج الله الحلو الجماهيرية الناجحة وسط تردي حركة اليسار اللبناني لمصلحة العشيرة، والقبيلة، والطائفة، والدين. المطلوب ليس ثرثرة على الورق كما يفعل بعض المرائين العروبيين، ولا المطلوب الاكثار من الانتقادات السهلة لهذه الجهة او تلك الخاصة وان الايام المعاصرة تحمل تأويلات متطرفة ومرعبة للاسلام والمسيحية في امة متخلفة وبدائية لن يكتب لها اللحاق بالامم الراقية.
    كان فرج الله الحلو الماركسي هادئا في مرحلة نظرية ناصرية مساواتية تؤمن بعدالة التوزيع وتكافؤ الفرص، لان المساواة في المسيحية حق (رداء لك ورداء لاخيك)، والمساواة في الاسلام قيمة (اعط العمل اجره قبل ان يجف عرقه). ولا استغلال ولا ربا.
    عودوا الى فرج الله ايها الشيوعيون!
    بقلم وضاح يوسف الحلو
  • محمد زعل السلوم
    عضو منتسب
    • Oct 2009
    • 746

    #2
    استكمال الطائف

    استكمال الطائف
    لا يستطيع لبنان الموهون الخروج على أوصاله، فيأتي المعالجون إليه. كلما قيل إن مرض داء الجنب (ذات الرئة) صار يهدد جوهر ذاته، أطل ذوو النوايا الحسنة ملهوفين. فلبنان ليس مرضا، بل عدوى. ولا هو دولة، بل سياج عطوب على حافة الأمة. والأمة محاصرة بالزيت ومكتظة بأعواد الثقاب.

    في الرؤية الإيجابية للمسألة، يبدو لبنان بلدا شديد الأهمية، قادرا على أن يكون موضوع الالتقاء بين قادة العرب. في الناحية الأخرى يبدو بلدا يعيش في سيارة إسعاف، والزعماء دائما في انتظاره على باب الطوارئ. فهو يرفض الانتقال إلى أجنحة العلاج.

    ترك الملك عبد العزيز لأبنائه ولأبناء لبنان وصية واحدة: هذا شرفة العرب، فحافظوا عليها. وعمل ملوك الرياض بالوصية واحدا بعد الآخر، وجاءوا إليه. ولما أصبح مستحيلا على أحد بلوغ ركامه، نقلوه إلى الطائف، لإعادة الأشلاء إلى الجسم.

    الذي لم يطبق الوصية كان أبناء لبنان. بدل أن يتخذوه وطنا اتخذوه رهينة، بعضهم ضد بعض. وبدل أن يتخذوه أرضا، اتخذوه ساحة مشرَعة على رياح الأرض. هذه المرة، تنعقد طائف مصغرة في بعبدا، ولكن للدور السوري حضور مباشر. ومنذ الطائف تغيرت في لبنان متغيرات كثيرة، غابت قوى وظهرت قوى، ولم تعد سورية وحيدة في صنع قرار لبنان، لكن إذا كانت الحرب ممكنة من دونها فالسلام لا مكان له.

    ما يحدث عمليا، منذ فترة، أن الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس بشار الأسد، يؤسسان لطائف يستكمل نفسه ولا ينقضها. وقد كان رفيق الحريري في حياته دورا مهما في الطائف الأول، وها هو في موته دور واضح. في الطائف الأول كان وكيل المصالحات بين اللبنانيين، وفي الطائف الثاني هو موضوعها. والسياسات القومية، في طبيعتها، طريق مفتوح، لا توقف فيه. فهي ليست سياسات فرعية، وعلاقة المستقبل بالماضي فيها لا تتعدى الحفاظ على آداب الحياة والموت. أما المستقبل فليس آدابا، إنه حكم الحياة.

    أعطت قمة بعبدا الرئيس ميشال سليمان شرعيته العربية. يبدو من صورة الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس بشار الأسد أن عهد الرجل قد بدأ اليوم. لم يعد من المقبول أن يعامله بعدُ سياسيو الموارنة وكأنه استعار عهده من سماحهم.

    سمير عطا الله- الشرق الاوسط

    تعليق

    • محمد زعل السلوم
      عضو منتسب
      • Oct 2009
      • 746

      #3
      شجرة لعائلة الشهداءوهيهات يا بو الزلف

      شجرة لعائلة الشهداء آخر تحديث:الخميس ,05/08/2010




      يوسف أبو لوز


      شجرة واحدة . .



      شجرة وجيش و”يونيفيل” . .



      شجرة في الجنوب اللبناني صارت غابة وذاكرة وحكاية .



      لا نعرف اسمها، ولكننا نعرف أنها خضراء مثل قلب لبنان، وأنها ابنة الأرض، كما لبنان، ابن التاريخ .



      . . وماذا بغير لغة الشعر يمكن رفع القبّعات لبلد يجترح البطولة والاستشهاد والإرادة الحرّة من ذاته وفي ذاته؟



      بلد صغير جميل مثل الأيقونة الخضراء المعلّقة في خريطة هذا العالم، ولا يقبل واحد من أبنائه أن يُدنّس التراب بجزمة العدو، وهكذا ذهب جندي الأرز إلى البطولة والشهادة معاً . . في لحظة واحدة، خطفت أنظار العالم، وأكثر من ذلك، كانت الرصاصات اللبنانية لا تدافع عن مجرد شجرة بدت كأنها شقيقة الجندي فحسب، بل كانت تصفع غرور “الإسرائيلي” وتخدش عظم كبريائه، فما عادت أسطورة الجيش الذي لا يقهر سارية المفعول، وما عاد هناك من يصدّقها إلا أولئك الذين يرون الأشياء بالمقلوب .



      أمس الأول كانت الرئة العربية تتنفس هواء الكرامة من جنوب لبنان .



      منذ سنوات طويلة مثل درب سيزيف المعذّبة، لم يفرح القلب العربي ولم يبتسم بمثل هذا الخفر الوردي الذي يطوف في الوجوه وفي اللغة وفي الكلام .



      هذه المرة لم يغامر الجندي اللبناني ولم يتهوّر، وهو ليس بمجنون أو فاقد الذاكرة، وإنما هو رجل له تربيته وثقافته ومبادئه التي تربى عليها في مؤسسة لها كرامتها ولها شرفها وأخلاقياتها التي لا تهادن ولا تطأطئ الرأس .



      كانت الرسالة اللبنانية أكثر من واضحة . . رسالة مباشرة وبالعربي الفصيح . . لم يعد ل”الإسرائيلي” أي مكان على تراب وطن يرفض المهانة .



      الرسالة تقول أيضاً، إن ثقافة القوّة، هي أيضاً، يمكن أن تكون ثقافة الضعيف، وإن إرادة الإنسان مهما غلبته المحن والتجارب لا يمكن أن تموت، فهناك قوة داخلية تبدو وكأنها خزين احتياط يتحول إلى سلوك وإلى مبادرة تؤكد دائماً حرية الإنسان وتعلّقه الأبدي بكبريائه، وإصراره على الحياة . . ولقد تمثل كل ذلك في جنوب لبنان . . البلد العروبي الرافض حتى الآن للبعبع “الإسرائيلي” والساخر منه والمنتصر عليه .



      شجرة، وجنوب، وحرية .



      شجرة الحياة، وشجرة لعائلة الشهداء .



      yosflooz@gmail.com

      تعليق

      • محمد زعل السلوم
        عضو منتسب
        • Oct 2009
        • 746

        #4
        الجيش اللبناني ماضيا وحاضرا ومستقبلا

        الجيش اللبناني ماضيا وحاضرا ومستقبلا
        في الكلية العسكرية بحمص (سورية)، كان الجدل بين الضباط اللبنانيين يصل إلى حدود التضارب بالكراسي. كان الضابط فؤاد شهاب يُخَطِّئ يوسف العظمة. رأى شهاب المنحدر من أسرة مارونية كانت مسلمة، أن إقدام الشهيد العظمة على مواجهة الجيش الفرنسي الزاحف من لبنان إلى سورية، كان بمثابة انتحار عديم الجدوى، لعدم تكافؤ الجيشين.
        كان الفرنسيون يستخدمون الضباط اللبنانيين والسوريين من خريجي كلية حمص، في «جيش الشرق» الرديف للقوات الفرنسية المحتلة. ومن هذا الجيش، تم تشكيل الجيشين السوري واللبناني (1945) بعد الاستقلال.
        قوَّض الضباط السوريون الديمقراطية السورية الوليدة في انقلابات كلاسيكية مدمرة. أما زملاؤهم اللبنانيون فقد آثروا الالتزام بالديمقراطية اللبنانية الطائفية. ولم يكن سوى فؤاد شهاب أول قائد للجيش اللبناني (13 سنة). واقعيته المحافظة أرست هذه المؤسسة العسكرية، كقلعة مساندة لهيمنة المارونية السياسية على لبنان.
        كان فؤاد شهاب، في حذره وتحفظه، أذكى من الرئيس كميل شمعون. راقب العسكري انتقال المشرق العربي من العصر الإنجليزي إلى العصر الأميركي. سقط شمعون (الإنجليزي) بثورة سنية / درزية حالت دون تجديد أو تمديد ولايته. ولم يكن أمام الأميركيين (الذين نزلوا في لبنان 1958) سوى مساندة شهاب للوصول إلى رئاسة الجمهورية.
        كان شهاب ديغول لبنان الذي جنب لبنان مآسي اجتماعية وسياسية كبيرة. ساير شهاب عبد الناصر في سياسته العربية، في مقابل عدم إزعاج الناصريين لنظام شهاب في لبنان. نزاهة شهاب المطلقة لم تحل دون استخدامه المخابرات العسكرية (المكتب الثاني) في ضبط الأمن والساسة. لكن الزعماء الموارنة نجحوا في عدم التجديد له. على المستوى الاجتماعي نسي هؤلاء أن شهاب أرسى مبدأ العدالة الاجتماعية، عندما أسس نظام التأمينات الاجتماعية لمئات ألوف العمال والعاملين، فيما كان خصمه ريمون إده يباهي بأنه صاحب قانون «الشقق المفروشة» الذي استفاد منه كبار الممولين وأصحاب العقارات.
        تمكن فؤاد شهاب من تأجيل الحرب المدنية نحو عشر سنين. لكن ضباط مخابراته ارتكبوا خطأ كبيرا بالسماح لقائد الجيش إميل بستاني بعقد اتفاق مع الفلسطينيين (1969) سمح لهم بحمل السلاح داخل المخيمات وخارجها. ثم ما لبثوا أن تورطوا في الحرب الأهلية (1975).
        تميزت المرحلة الأولى من الحرب بتدخل عسكري سوري (1976). ثم باجتياح عسكري إسرائيلي (1982). وإنزال أميركي / فرنسي في أعقابه. أجبر الإسرائيليون قيادة عرفات على مغادرة لبنان. لكن الحرب الأهلية فرطت عقد الجيش اللبناني. تفرق ألوية طائفية. كان الفضل للميليشيا الدرزية في إنقاذ سنة بيروت من هيمنة لواء مسيحي ثم لواء شيعي.
        سارعت القوات السورية إلى العودة إلى بيروت لحرمان وليد جنبلاط من نصره الكبير، فيما أوكلت إلى شيعة «أمل» نبيه بري تأديب المخيمات الفلسطينية التي عاد رجال عرفات إلى التمترس فيها.
        كان مقتل الرئيس بشير الجميل الذي جاء به العصر الإسرائيلي فرصة مناسبة للصعود السياسي والعسكري لنجم ضابط ماروني عنيد وشجاع. نجح العماد ميشال عون الذي أصبح قائدا للجيش (1984) في صد هجوم درزي / فلسطيني مدعوم سوريا، على جبهة «سوق الغرب».
        وحال عون دون الوصول إلى قصر بعبدا مقر الرئاسة المارونية، وتهديد بيروت الشرقية (المسيحية). وكان للسلاح الأميركي، ثم العراقي، دور كبير في تعزيز قوامه.
        فرض عون هيمنته على الرئيس أمين الجميل. لكن ما لبث أن اصطدم جيشه بالميليشيا المسيحية التي يقودها سمير جعجع، هزم المسيحيون أنفسهم بأنفسهم. خسروا الحرب. سقط زعماؤهم الثلاثة (الجميل. عون. جعجع).
        في التسعينات، أحكمت سورية قبضتها على لبنان. لكي تفرض الاستقرار والأمن، أنهت «حرب الرهائن» بين المخابرات الإيرانية والغربية. أوكلت إلى العماد إميل لحود إعادة بناء الجيش اللبناني كدرع للشرعية اللبنانية التي استعادت عافيتها بفضل اتفاق الطائف في السعودية (1989). واكب النفوذ السياسي السعودي الصاعد دور الشرطي السوري. غير أن المصادفة تشاء أن ينشأ خلاف حول ميزانية الجيش وحكومات الحريري المتتابعة المدعومة سعوديا. كان التمديد للحود (الذي أصبح رئيسا) ثلاث سنوات أخرى بمثابة كارثة على نفوذ الحريري الأب. اختلف مع سورية. أقصي عن الحكم. ثم ما لبث أن اغتيل في عام 2005. كان لحود رئيسا صادقا في مجاهرته بعروبة لبنان. لكن اعتماده المطلق على نظام الأسد الأب اضطره إلى التحالف مع حليفيه في لبنان (حزب الله. حركة أمل) ضد خصومهما من دروز وسنة وموارنة. في ظروف الاستقطاب هذه، كان لا بد من الإتيان برئيس أكثر حيادا وتعقلا. وهكذا، تم انتخاب قائد آخر للجيش رئيسا (العماد ميشال سليمان).
        في حروبه مع إسرائيل، تسبب حزب الله بمقتل 1200 شيعي كانوا ضحايا الهمجية الجوية الإسرائيلية. كما تسبب بإنزال قوات دولية في الجنوب للفصل بين ميليشيا الحزب والقوات الإسرائيلية. فانكفأ الحزب إلى الداخل اللبناني، مستغلا وهج نصره بطرد القوات الإسرائيلية (2000) ثم بصموده في حرب 2006، في إلقاء ظلٍ سلاحي مهدد وثقيل، على اللعبة الطائفية التقليدية.
        أدَّبَت القوات السورية مرارا ميليشيا حزب الله. لكن بعد انسحابها عسكريا من لبنان (2005)، لم يتمكن الجيش اللبناني من منع تجاوزات حزب الله الخطيرة: الاعتصام في وسط بيروت. محاصرة سراي الحكومة (مقر رئيس الحكومة السني). شل الحركة الاقتصادية والسياحية. اجتياح بيروت السنية عسكريا (2002) الذي ما يزال مهيمنا أمنيا عليها. بل لم تستطع المخابرات العسكرية والمدنية حل لغز الاغتيالات المروعة التي أعقبت اغتيال الحريري، على الرغم من نجاحها الكبير في تفكيك شبكات التجسس والعمالة لإسرائيل.
        معظم الحروب الحديثة نشأت نتيجة للخلاف على رسم الحدود. كان الاشتباك الأخير بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي نتيجة لتحفظ لبنان على «الخط الأزرق» الذي رسمته الأمم المتحدة في عام 2000. كان الخط لصالح إسرائيل. كان يختلف عن حدود لبنان الأصلية مع فلسطين. الإسرائيليون يدمرون البيئة. يقتلون الأشجار. يجرفون الخضرة في لبنان والضفة.
        الحق على الطليان الذين دفعوا الجزية لطالبان في أفغانستان. القوات الإيطالية، حرصا على سلامتها، ترفض منع ارتكابات إسرائيل على الأرض المتنازع عليها في لبنان.
        أما العرب فقد اخترقوا صمت جيوشهم بدوي التصفيق للجيش اللبناني. هل بات هذا الجيش الصغير جيش المواجهة الوحيد مع إسرائيل؟! في حالة إجبار إيران حزب الله على الاشتباك مع إسرائيل، ردا على هجوم إسرائيلي على إيران، فالجيش اللبناني يبدو مضطرا لمساندة الحزب.
        في الماضي، قام الجيش بدور «شرطي البلدية» الذي يفصل بين الطوائف المتناحرة. في الحاضر، يبدو المستقبل لغزا عسكريا محيرا: إن حارب الجيش إسرائيل مع حزب الله، وَبَّخته أميركا وفرنسا اللتان تقولان إنهما تسلحانه ضد حزب الله. وإسرائيل توبِّخهما على تسليحه. إن وقف الجيش على الحياد في الحرب، سحب حزب الله عسكر الشيعة من صفوفه.

        غسان الامام
        الشرق الأوسط

        تعليق

        • محمد زعل السلوم
          عضو منتسب
          • Oct 2009
          • 746

          #5
          هل لبنان وسوريا ذاهبان إلى الحرب أم إلى السلام ؟

          إقرار خطة لتسليح الجيش بعد الجواب عن سؤال:
          هل لبنان وسوريا ذاهبان إلى الحرب أم إلى السلام ؟
          إلى متى يظل الجنوب اللبناني بوابة مفتوحة إما على هدنة وإما على حرب رغم وجود قوات دولية لم تستطع اغلاق هذه البوابة؟ فلا القرار 425 حمى الجنوب من اعتداءات اسرائيل، ولا القراران 1559 و1701 أراحا لبنان لان لا مجلس الامن ولا الاطراف المعنيين، منفردين ومجتمعين، التزموا تنفيذ هذه القرارات وإن كانوا قد اكتفوا باعلان احترامهم لها...
          والسؤال المطروح هو: هل يتخذ مجلس الامن عند البحث في التمديد لقوة "اليونيفيل" اجراءات تلزم كل الاطراف المعنيين تنفيذ بنود الـ1701 كاملة لان اي طرف لا يستطيع بمفرده ذلك، فيلتزم لبنان اقامة منطقة في الجنوب منزوعة السلاح مقدمة لوقف النار وليصبح تحرك هذه القوة الى جانب الجيش اللبناني حرا ومن دون عوائق، وتلتزم اسرائيل الامتناع عن خرق هذا القرار بحرا وجوا تحت اي ذريعة من الذرائع، وتلتزم سوريا بالتفاهم مع ايران او من دون تفاهم معها التوقف عن ارسال اسلحة الى "حزب الله" والى غيره من الاحزاب والتنظيمات، وان يكون وجود قوة "اليونيفيل" والجيش اللبناني في الجنوب مانعا لحصول اي اعتداء اسرائيلي والا فأي معنى لوجودها، وعلى الامين العام للامم المتحدة بموجب القرار 1701 اجراء الاتصالات مع كل الاطراف من اجل التوصل الى تنفيذ بنوده تنفيذا دقيقا كاملا، فلو انه فعل ذلك لما كانت وقعت اشتباكات عديسة، بل كان تدخله كافياً لحسم الخلاف بين لبنان واسرائيل حول الشجرة، وهل تقع في ارض اسرائيلية ام في ارض لبنانية ام في اراض متنازع عليها وتولت هي قطعها او عدم قطعها اذا لم يكن ثمة مبرر لذلك؟
          والقرار 1701 إما ان يكون قابلاً للتنفيذ بالطرق السلمية او يكون غير قابلاً للتنفيذ الا بقوة السلاح وبالضغط الشعبي والسياسي كما حصل للقرارين 425 و1559، فإذا كان في الامكان تنفيذ القرار 1701 بالطرق الديبلوماسية والحوار مع كل الاطراف، فلا ينبغي ان يكون لبنان عندئذ في حاجة الى تسليح الجيش بموجب خطة ثلاثية او خمسية تفوق كلفتها قدرة الخزينة اللبنانية، بل تنفق اموال التسلح على مشاريع انمائية ترفع مستوى المعيشة للبنانيين على ان يُجعل تسليح الجيش وقوى الامن الداخلي قوة ردع في الداخل وقوة مواجهة في الخارج. اما اذا لم يكن في الامكان تنفيذ هذا القرار الا بقوة السلاح، فان لبنان مهما يبلغ مستوى تسليح جيشه، فهو لن يبلغ مستوى تسليح اسرائيل، وان سلاح المقاومة يستطيع ان يمنع اسرائيل من اجتياح لبنان لكنه لا يستطيع ان ينتصر عليها فيكون هذا السلاح سلاح تدمير متبادل وليس سلاح تحرير.
          وعندما يواجه لبنان هذا الوضع مع اسرائيل فان المسألة لا تعود تخصه وحده، بل تخص المجتمع العربي والمجتمع الدولي اللذين عليهما ان يقررا ما ينبغي عمله لمنع نشوب حرب سواء بدأت من لبنان او من غير لبنان، فانها قد تكون حربا شاملة تقع مسؤولية تدارك وقوعها على مجلس الامن وعلى الدول الكبرى لانها قد لا تبقى في منأى عنها.
          لذلك، ينبغي على الحكومة قبل ان تبحث في خطة لتسليح الجيش وانفاق المال الكثير على تنفيذ هذه الخطة، ان تقوم بتحرك ديبلوماسي واسع لمعرفة ما اذا كان لدى مجلس الامن ولدى الاطراف المعنيين استعداد اكيد ونية صادقة لتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته كي تقوم عندئذ الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل اراضيها فلا تكون سلطة غير سلطتها ولا سلاح غير سلاحها ولا قانون غير قانونها، وتصبح عندئذ هي الاقوى على الارض. واذا كانت في حاجة الى مزيد من السلاح فليس لمواجهة اسرائيل التي تبقى متفوقة عليه مهما بلغ حجم سلاحه ونوعه، بل لحفظ الامن في الداخل ومنع التعدي عليه من الخارج ودفاعاً عن النفس، ويكون قادراً على ذلك عندما لا يعود في لبنان سلاح خارج الدولة كما هو الآن.
          اما اذا تبين للحكومة ان القرار 1701 سيبقى تنفيذه مقتصرا على وقف الاعمال العسكرية ويتعذر الانتقال الى مرحلة وقف شامل لاطلاق النار، فان الموضوع عندئذ لا يعود يعني لبنان وحده، بل يعني لبنان وسوريا خصوصا والدول العربية عموما، وما قررته القمة الثلاثية اللبنانية – السورية – السعودية، لان اي اشتباك يحصل على الحدود بين لبنان واسرائيل قد لا يبقى محدوداً لان المقاومة سوف تشارك فيه دعما للجيش، وعندها لن تقف سوريا ولا ايران موقف المتفرج كما جاء في تصريحات صدرت عن غير مسؤول في هاتين الدولتين.
          هذا الوضع يجعل قرار الحرب والسلم ليس في يد لبنان وحده بل في يد لبنان وسوريا خصوصا والدول العربية عموما، ويحتاج الامر الى قمة عربية او الى قمة لبنانية – سورية يتقرر فيها ما يلزم.
          فالمهم اذاً ان تعرف الحكومة اولا هل هي ذاهبة الى الحرب مع اسرائيل فتستعد لها بعد التشاور والتباحث مع سوريا ومع الدول العربية لان هذه الحرب لن تكون كحرب تموز 2006، بل قد تكون حربا حاسمة يتقرر فيها مصير السلام او مصير اسرائيل، ام هي ذاهبة الى السلام الشامل او الى تطبيق اتفاق الهدنة المعقود عام 1949، وهذا معناه تنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته فلا تعود عندئذ حاجة الى تسليح الجيش اللبناني تسليحا مكلفا بل تسليحا يجعله قادرا على الدفاع عن حدود الوطن ومنع اي اجتياح للارض، وكذلك قادرا على حفظ الامن والنظام عندما يجعله هذا التسلح هو الاقوى في الداخل والقادر على صد اي اعتداء يأتيه من الخارج.
          اما اذا نجحت اسرائيل في اشعال فتنة داخلية في لبنان وتكون هذه الفتنة بديلا من مواجهة عسكرية على الحدود مع لبنان لسبب من الاسباب، سواء عند صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه او لانقسام داخلي حاد حول مصير المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، فان اسرائيل قد تجد الفرصة مؤاتية لتضرب ضربتها وتحقق اهدافها فيما اللبنانيون يتقاتلون، ووحدتهم الداخلية التي هي السلاح الامضى لمواجهة اسرائيل قد انهارت، فعلى الحكومة اذاً قبل ان تقر خطة لتسليج الجيش بما يفوق قدرة الخزينة وحتى قدرة المتبرعين، ان تعرف هل نحن ذاهبون الى الحرب ام الى السلام كي يُبنى على كل شيء مقتضاه.
          اميل خوري
          emile.khoury@annahar.com.lb

          تعليق

          يعمل...
          X