تأصيل الدراسات المقارنة في التراث اللغوي العبري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحمن السليمان
    عضو مؤسس، أستاذ جامعي
    • May 2006
    • 5732

    تأصيل الدراسات المقارنة في التراث اللغوي العبري

    [align=center]تأصيل الدراسات المقارنة في التراث اللغوي العبري
    [/align]
    [align=justify] عداد الطالبة: كريمة نور عيساوي
    تحت إشراف: د سعيد كفايتي

    السنة الجامعية 2007-2008

    درج مؤرخو الفكر اللساني في أوروبا على اعتبار القرن التاسع نقطة انطلاق الدراسات اللغوية المقارنة، معتمدين في ذلك على أبحاث كل من فرانز بوب وشلايشر وراسموس راسك وجاكوب كريم وغيرهم. ويتم من خلال هذا التأريخ القفز عمدا أو جهلا على ما تم التوصل إليه في الغرب الإسلامي أي المغرب والأندلس من إنجازات مهمة في مجال المقارنات. و في الوقت الذي حظي فيه البحث عن أصول المقارنات في التراث اللغوي الغربي بأهمية خاصة، على الرغم من عدم وجود مادة مهمة تستحق الالتفات إليها فإن التفكير اللغوي العبري المقارن قوبل على وجه العموم بالتجاهل واللامبالاة.

    وللتعبير عن موقف مؤرخي الفكر اللساني من المقارنات اللغوية العبرية القديمة لا نجد ما هو أحسن من الاستشهاد بما ورد في محمد المدلاوي، 1998 حيث يقول: فحتى العدد 49 ( 1990 ) من دورية Studies in the History of the language Science الخاص بأصول البحث اللغوي المقارن لم يشر من بعيد و لا من قريب إلى أعمال ابن قريش أو ابن برون (انظر De Mauro and Formigari 1990 ) أما المجلد الأول من سلسلة تاريخ اللسانيات( Giulio Lepschy 1994 ) الخاص باللغويات الشرقية فلم يشر إلا بشكل خاطف إلى رسالة يهودا بن قريش محرفا في نفس الوقت اسمه حيث سماه كاتب المقال ( R.Loewe p 119 ) يهودا بن حيوج، ويبدو من ذلك أنه لم يطلع فعلا على الرسالة. أما Saenz-Badillos 1993 في كتابه عن تاريخ اللغة العبرانية، فلم يورد شيئا عن المقارنات عند ابن قريش ولا عند ابن برون.

    كما أن ( Georges Mounin ) جورج مونان ( 1967 ) و R.H Robins روبنز (1976 ) والكثير ممن أرخوا للفكر اللساني الغربي تغاضوا تماما عن ذكر يهودا بن قريش وابن برون الأندلسي.

    وإذا كان تجاهل مؤرخي الفكر اللساني لما قدمه علماء اللغة العبرية في ميدان المقارنات صادرا عن ما يُسمى بالمركزية الأوروبية Egocentrisme Européen فإن علماء الساميات المنحدرين من أصول يهودية كان لهم الفضل في تحقيق التراث اللغوي العبري، والتعريف به. بل وتنبهوا منذ القرن التاسع عشر إلى أن رسالة يهودا بن قريش تُعتبر « من المؤلفات المبكرة في فيلولوجيا اللغات السامية » كما أكد على ذلك وليام باشر W.Bacher (1892: 143 ). وهي الفكرة نفسها التي رددها مستشرقون آخرون أمثال هرشفيلد H.Hirchfild وسكوس Skos

    وفي العقود الأخيرة من القرن العشرين أعيد تحقيق الكثير من المؤلفات اللغوية العبرية التي أصبحت موضوعا لدراسات مستفيضة. ومن بين هذه الأعمال رسالة يهودا بن قريش التي حُققت أول مرة سنة 1857 على يد برجيس. وحُققت ثانية مع ترجمة عبرية لها سنة 1950 . وكان آخر تحقيق لها سنة 1984 ، وهو الأهم على الإطلاق، من إعداد دان باقر. ناهيك عن الدراسات العديدة التي تطرقت إلى يهودا بن قريش والتي كُتبت بلغات مختلفة مثل الفرنسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية والعبرية. ولم يلتفت الباحثون العرب إليه إلا في السنوات الأخيرة بعد تخرجهم من الجامعات الأوروبية، وحصولهم على تكوين في الدراسات العبرية واليهودية. وكان إسهام الباحثين المغاربة في هذا المجال متميزا نظرا لوعيهم المتيقظ بأهمية دراسة التراث العبري الذي يُعتبر مكونا من مكونات الثقافة المغربية. سواء كان هذا التراث مكتوبا باللغة العربية أو باللغة العبرية أو حتى باللغة الأمازيغية فهو في جميع الحالات خاضع لتأثير الحضارة العربية الإسلامية. ويجدر بنا أن نذكر هنا بعض الباحثين المغاربة من قبيل أحمد شحلان ومحمد المدلاوي وعبد العزيز شهبر وادريس اعبيزة وعبد الكريم بوفرة وغيرهم. كما لا ينبغي أن تفوتني الإشارة إلى الجمعية المغربية للدراسات الشرقية والموائد المستديرة التي تنظمها، والأعمال التي تنشرها.

    من هو يهودا بن قريش؟

    لا يُعرف على وجه التحديد تاريخ ميلاده ووفاته. الغالب أنه عاش حسب الكثير من الباحثين ما بين نهاية القرن التاسع الميلادي وبداية القرن العاشر. وكان معاصرا لسعيد بن يوسف الفيومي المعروف بسعديه كاؤون. ويرتبط اسم يهودا بن قريش باسم مدينتين إحداهما هي تاهرت الموجودة في المغرب الأوسط أي الجزائر والثانية هي فاس. وقد أكد ابراهام بن عزرا صراحة انتماء يهودا بن قريش إلى تاهرت حينما قال : « רבי יהודה בן קריש ממדינת תאהרת » .

    ويبدو أنه غادر تاهرت نحو فاس التي كانت بها طائفة يهودية كبيرة. وليس صدفة أن تكون فاس بانفتاحها على الثقافات الأخرى المدينة التي أنجبت أعلام الثقافة العبرية مثل يهوذا أبو زكريا يحيى بن داود الفاسي الملقب بحيوج المؤسس الحقيقي للنحو العبري ودوناش بن لبراط الذي أدخل العروض الخليلي في الشعر العبري داود بن أبراهام الفاسي صاحب معجم جامع الألفاظ الذي يقع في إثنا عشر جزءا لم يُنشر إلا مختصرها بعناية سكوس سنة 1963 -1945 بجامعة يال. إن هؤلاء وغيرهم ممن لم نذكر أسماءهم يعتبرون بحق أساتذة المدرسة الأندلسية.

    ويهودا بن قريش الذي يُعتقد أنه كان من القرائين له مجموعة من المؤلفات. غير أنها ضاعت كلها ولم يبق منها إلا الرسالة المشهورة باسم رسالة يهودا بن قريش إلى جماعة يهود مدينة فاس أو " אגרת " .

    رسالة يهودا بن قريش

    كُتبت هذه الرسالة باللغة العربية. لكن بحروف عبرية كما جرت العادة عند أغلب اليهود الذين عاشوا في ظل الحضارة العربية الإسلامية. وقد ألفها حسب عبد العزيز شهبر بلسان تثقفه الجماعة كلها كما ينم عنه عنوان الرسالة وهي موجهة إلى جماعة يهود فاس . كما أن هيكل الرسالة وطولها وصفاء عربيتها تحملنا على القول أن الأمر لا يتعلق ببداية في التأليف. كما يكشف على أن تعرب الطائفة كان قد استتب وشمل الطائفة اليهودية المغربية (عبد العزيز شهبر، 2007: 27 ).

    وتتألف الرسالة من مقدمة وثلاثة أجزاء:

    الجزء الأول: في تشابه السرياني بالعبراني يأتي المؤلف في هذا الجزء باللفظة في سياق التعبير الموجود في النص المقدس باعتبارها مشتركة بين السرياني والعبراني. فيذكر أصلها في السرياني ثم يأتي بما يقابلها في العبرية فيورد تفسيرها في العربية.

    الجزء الثاني: وهو باب الألفاظ الموجودة في المقرا من لشون المشنا والتلمود.

    الجزء الثالث: في اشتراك العربي بالعبراني في الألفاظ بأعيانها ومبادئ الحروف وأوساطها وأواخرها، وفي الألفاظ التي ليس بينهما فيها إلا ما بين الشين والسين والشين والتاء والحاء والخاء والجيمل والجيم والزاي والذال، وما تفعل حروف الصفير وغرائب طروفها نادرة في خلال ذلك. وفي هذا الجزء نجد يهودا بن قريش يسير على نفس الوتيرة حيث يأتي بالكلمة العبرية ويذكر ما يقابلها بالعربية.

    دور يهودا بن قريش في تأسيس المقارنات اللغوية

    بخلاف اللغويين العرب الذين وقفوا، غالبا، في دراستهم لموضوع المقارنات اللغوية عند حدود معالجة الدخيل، فإن علماء اللغة العبرية تخطوا هذه المحطة نحو آفاق أرحب بسبب تمكنهم من لغات ثلاث هن العربية والعبرية والآرامية. وهكذا استطاع يهودا بن قريش أن يضع، حسب محمد المدلاوي، أول مقارنة ثلاثية بين العربية والعبرانية والآرامية التي كان يسميها بالكلدانية، وأقام أكثر من ذلك قوانين التقابلات الصوتية بين هذه اللغات تماما كما فعل Jacob Grim بعد ذلك بثمانية قرون فاعتبره مؤرخو الفكر اللساني، عن جهل بالتاريخ الكوني، أبا غير منازع اللسانيات المقارنة.

    يقول يهودا بن قريش في مقدمة الرسالة ما يلي : « أما بعد فإني رأيتكم قطعتم عادات الترجمة بالسرياني على التوراة من كنائسكم وأطعتم على الرفض جهالكم المدعين بأنهم عنه مستغنون وبجميع لغة العبرانية دونه عارفون حتى أنه ذكر لي رجال منكم أنهم ما قرأوا قط ترجوم الخمسة والأنبياء. والترجوم اكرمكم الله هو شيءلم يضعه اسلافكم ولارفض به قدماؤكم ولا اسقط تعليمه علماؤكم ولا استغنى عنه اوائلكم ولا جهل نفعه اباؤكم ولا فرط في تعليمه سابقوكم بالعراق ومصر وافريقية والاندلس ولما ذكرت لبعض نافري الترجوم منكم ما هو موجود في المقرا من غرائبه وما امتزج من السرياني بالعبراني وتشعب به تشعب الغصون بالأشجار والعروق بالأبدان، تيقظ لذلك تيقظا شديدا وانتبه له انتباها حديدا وفطن إلى ما في الترجوم من الفائدة وما يدرك به من المنافع الزائدة والتفاسير الرافدة والتبيينات الشاهدة. فندم عند ذلك على ما فاته من حفظه وأسف على عدمه لحلاوة لفظه. فرأيت أن أؤلف هذا الكتاب لأهل الفطن وذوي الألباب فيعلموا أن جميع لشون قدش الحاصل في المقرا قد انتثرت فيه ألفاظ سريانية واختلطت به لغة عربية وتشددت فيه حروف عجمية وبربرية ولاسيما العربية خاصة، فإن فيها كثيرا من غريب ألفاظها وجدناه عبرانيا محضا حتى لا يكون بين العبراني والعربي في ذلك من الاختلاف إلا ما بين ابتدال الصاد والضاد والجيمل والجيم والطيت والظاء والعين والغين والحاء والخاء والزاي والذال»

    ويؤكد يهودا بن قريش أن التشابه بين العربية والعبرانية والآرامية لم يكن نتيجة للصدفة، وإنما هناك عوامل رئيسية لخصها في عاملين اثنين هما: قرب المجاورة في البلاد والمقاربة في النسب. و لا حاجة للتذكير بأنه هذه الأفكار هي نفسها التي سيرددها علماء الساميات بدءا من القرن التاسع عشر. يقول يهودا بن قريش:

    « وإنما كانت العلة في هذا التشابه والسبب في هذا الامتزاج قرب المجاورة في البلاد والمقاربة في النسب لأن ترح أبو إبراهيم كان سريانيا ولبن سرياني: وكان يشمعال وقدار مستعرب من دور هفلجه زمان البلبلة في بابل: وابراهام ويسحاق ويعقوب عليهم السلام متمسكين بلشون قدش من آدم هاراشون فتشابهت اللغة من قبل الممازجة كما نشاهد في كل بلد مجاور لبلد مخالف للغته من امتزاج بعض الألفاظ بينهم واستعارة اللسان بعضهم من بعض» ( Dan Becker, 1984 : 117-119 ) .

    أما التقابلات الصوتية فقد وردت في "الرسالة" على الشكل الآتي:

    الثاء العربية تقابلها الشين في العبرية

    אשל أثل « וַיִּטַּע אֶשֶׁל » سفر التكوين (21:33) «وغرس إبراهيم شجرا» شجرة

    אשם إثم

    שם ثم

    الذال العربية تقابلها الزاي في العبرية

    זאב ذيب

    זרוע ذراع

    זה هذا

    الضاد والظاء في العربية تقابلهما تصادي في العبرية

    ארץ أرض

    ביצים بيض

    צבי ضبي

    الغين في العربية تقابلها العايين في العبرية

    באפר معفر مغفر

    עוצם يغض

    לעז لغز

    الخاء في العربية تقابلها الحيط في العبرية

    חדר خدر « וּבַחֲדַר » (الخروج 28:7) «في بيتك» «وفي خدر مضجعك» كما جاء في نص الرسالة.

    מחוט خيط

    חטא خطأ

    الجيمل في العبرية تقابلها الجيم في العربية

    גדע جدع

    גדו جدوا « גֹּדּוּ אִילָנָא » (دانيال 11:4) «اقطعوا الشجرة» «وجدوا الشجرة» كما جاء في نص الرسالة

    גזרו اجزروا « הַגְּזָרִים » (الخروج 17:15) بين تلك القطع و بين الجزور كما جاء في نص الرسالة.

    السين في العبرية تقابلها الشين في العربية

    שבכה شبكة

    בשר بشر « כָּל-בָּשָׂר » ( التكوين 6:12) بشر

    פשה فشا يفشو « פָּשְׂתָה הַמִּסְפַּחַת » (اللاويين 13:8) «الطفحة تفشت» فشا يفشا كما جاء في الرسالة

    الشين في العبرية تقابلها السين في العربية

    שאל سأل « שָׁאַל-הָאִישׁ » ( سفر التكوين 7:43) سأل الرجل

    שבט سبط

    שבע سبع « שֶׁבַע פְּעָמִים » ( سفر التكوين 3:33) «سبع مرات»



    اليود في العبرية تقابلها الواو في العربية

    ילד ولد « יָלַד אֶת-מְחוּיָאֵל » (التكوين 4:18) «ولد محويائيل»

    יעדה وعده

    ירך ورك



    المراجع (باللغة العربية)
    شهبر، عبد العزيز (2007): في التراث اليهودي الأندلسي والمغربي دراسات في تراث مهمل، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، تطوان.

    كمال الدين، حازم علي (1994): معجم مفردات المشترك السامي في اللغة العربية، مكتبة الآداب، القاهرة

    كفايتي، سعيد (1996): "التأليف المعجمي عند اليهود ومصادره العربية"، المناهل، ع 50، وزارة الشؤون الثقافية، الرباط
    كفايتي، سعيد (1997): "الحركة اللغوية العبرية: بداياتها وتطورها"، المناهل، ع 55، وزارة الشؤون الثقافية، الربا ط



    المراجع (بلغات أخرى)
    ُ
    Elmedlaoui , Mohamed, Saïd Gafaïti et Fouad Saa (1998a) : Des concepts de système de typologie et de changement historique (éléments de synthèse) , dans ُ Elmedlaoui, Gafaïti et Saa (éds 1998) : Actes du 1 er Congrès Chamito-sémitique de Fès (12-13 mars 1997), Faculté des lettres et des Sciences Humaines, Saïs, Fès

    ُ Elmedlaoui , Mohamed, Saïd Gafaïti et Fouad Saa (1998a) : : Préambule Actes du 1 er Congrès Chamito-sémitique de Fès (12-13 mars 1997), Faculté des lettres et des Sciences Humaines, Saïs, Fès

    Gafaït i, Saïd (1993): «Traités de Linguistiques juives et ses sources arabes au moyen âge» (l’Occident Musulman), sous la direction d’Ephraïm Riveline, Doctorat (N.R), Paris VIII

    Mounin , Georges (1985) : Histoire de la linguistique, éd PUF ,Paris

    Bargès, Jean Joseph Léandre et Dov Ben Alexander Goldberg: "Rabbi yahuda ben koreisch, Epistola de studii Targum utilitate, B.Duprat et A.Maisonneuve, 1857, Paris.
    [/align]
  • عبدالرحمن السليمان
    عضو مؤسس، أستاذ جامعي
    • May 2006
    • 5732

    #2
    [align=justify]مصدر المقالة أعلاه:



    وينظر في تعريفنا برسالة يهودا بن قريش على الصفحة التالية:



    وكذلك الرابط التالي:

    سأعرف في هذا المنتدى بأهم كتب "الأدب اليهودي العربي" التي حفظت ونشرت. وأبدأ بعرض "كتاب السبعين لفظة المفردة" لسعاديا بن يوسف الفيومي (القرن الثالث للهجرة). "كتاب السبعين لفظة المفردة" 1. مقدمة: عندما أدخل أبو الأسود الدؤلي نظامَي الإعجام والإشكال وضبط بذلك رسم المصحف الشريف ونطقه، أسس

    [/align]

    تعليق

    • الامين
      عضو منتسب
      • Feb 2014
      • 254

      #3
      شكرا جزيلا للموضوع المفيد.

      تعليق

      يعمل...
      X