فلسطين ليست لكم وحدكم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • amattouch
    عضو منتسب
    • May 2006
    • 971

    فلسطين ليست لكم وحدكم


    [foفلسطين ليست لكم وحدكم

    سليم الحص



    أيّها الفلسطينيون
    أنتُم الذين كُنّا نعتزّ بكم ونُفاخر أمام العالم أجمع، فنقول: هذا الشعب الصغير، بإمكاناته المادية الهزيلة، لا بل شبه المعدومة، صمد في مقاومة أعتى قوّة في الشرق الأوسط على امتداد أكثر من نصف قرن، فلم يستسلم، لم يرفع الراية البيضاء، بل ما زال يُقاوِم بأظافره غاصِب حقّه وأرضه الذي يمتلك قوّة عسكرية لا تُبارى، تغلّبت على الجيوش العربية النظامية مجتمعة ومتفرّقة في جميع الحروب التي سجّلها تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وتنعم هذه القوّة العسكرية المتفوّقة بدعم لا محدود من الدولة العظمى في كل مجال وعلى كل مستوى، مادياً وعسكريا سياسياً ودبلوماسياً وإعلاميا
    أنتم أيها الفلسطينيون ذاك الشعب العظيم الذي أثبت للعالم أن شعباً صغيراً وضعيفاً قادر على التصدّي لأعتى قوى الظلم في العالم، فبقي صوته مدوياً في الذود عن حقّوقه العادلة في وجه مَن يتسلّحون بأحدث ما توصّلت إليه تكنولوجيا الحرب المتطوّرة من أدوات الفتك والتدمير، لا بل ويختزنون أسلحة الدمار الشامل الماحقة على أشكالها. لقد أثبتتم أنّ قضيّتكم العادلة لن تموت ما دامت محصّنة بقوّة الحقّ وقوّة الشرعية، الشعبية والدولية، وقوّة الوحدة الوطنية متمثّلة بإرادة شعبية موحّدة
    ومنذ هبوب رياح الفتنَة في العراق في ظل الاحتلال الأميركي وبفعله، ونحن نناشد الشعب العراقي التأسّي بكم، أيها الفلسطينيون، وأنتُم نِعم القدوة في التصدّي للعدوان الغاشم، مهما تمادى، بسلاح التصميم والإرادة والاستعداد للتضحية بلا حدود
    فما بالنا نراكُم اليوم تُبدِّدون هذا الرصيد العظيم إذ تتناسون قوّة الحقّ في قضيتكم وتتخلّون عن دِرعكم الأمنع وهو قوّة الوحدة الوطنية، قوّة الإرادة الوطنية الموحّدة
    نحن في الوطن العربي، من أقصاه إلى أقصاه، نشعُر بالذنب الجسيم حيالكم. كان ينبغي أن نقدّم لكم أكثر من مُجرّد التأييد اللفظي. كان يجب أن نُعايِشكم همّكُم، الذي هو همّنا، يوميا
    بعضنا خاض مُعترك الجهاد والنضال. فكان من هؤلاء مَن استشهد على أرض فلسطين، ومنهم مَن لم يزل في غياهب الأسر في المعتقلات الصهيونية، ومنهم مَن لم يُقتّر في البذل والعطاء. ولكن كل هذا لم يكن كافيا، قياساً إلى ما قدّمتُم وتُقدِّمون من تضحيات، وقياساً إلى ما يتطلّبه صَون المصير القومي من بذل وعطاء. قصّرنا في حقّ قضية فلسطين، مع التسليم بأنّها قضيّة العرب المركزية
    كان من آيات تقصيرنا أن سمحت الجماهير لحكّامها التنكّر لقضية العرب المركزية: فخرجت مصر عن الصفّ في كامب دايفيد، وخرج الأردن عن الصفّ في وادي عربة. وانفتحت بعض الأنظمة العربية على التعاطي مع العدو المشترك مباشرة أحياناً ومواربةً أحياناً أخرى. وأعلن حكّام الطّوق، في دول المواجهة، استعدادهم للتسوِية غير العادلة في ظل خللٍ فادح في ميزان القوى: فكانت المبادرة العربية التي أعلنتها قمّة بيروت العربية عام ,2002 وكانت خريطة الطريق التي تبنّتها الرُباعية الدولية (أميركا وروسيا وأوروبا والأمم المتحدة)، وكان تسابُق على تبنّي المشروعين، ويا للغرابة، بلسان المسؤولين العرب، فكان إعلان متكرّر من رئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس أعرب فيه عن استعداده للتفاوض وبالتالي للتوقيع، وكذلك فعل الرئيس السوري الدكتور بشّار الأسد غير مرّة. وفي لبنان شبه إجماع على أنّه سيكون آخر وليس أوّل من يوقِّع على تسوية مع العدو، والمفهوم أنّ ذلك يعني استعداد لبنان للتوقيع بعد ساعات من توقيع سوريا
    وقصّرنا في حقّ قضية العرب المركزية شعبياً، إذ استرخى الشعب العربي في كل مكان واستكان، فلم نعد نشهد تظاهرات عارمة كالتي كان يغصّ بها الشارع العربي في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، ولم نَعد نسمع صيحات الدعم المدويّة من حناجر المواطنين العرب الطيِّبين. فمن باب الاعتذار من دون اقتناع منّا بعذر مشروع... ومن باب التفسير وليس التبرير... يجب أن نتفهَّم الواقع الرّديء الذي أوصل الحكام العرب شعوبهم إليه: فكان قمع للحريات العامّة ومنها حريّة الرأي وحرية التعبير، وكان أن انشغل الإنسان العربي بمشكلته عن قضيّته. نحن نردّد القول، مصداقاً لحقيقة أنّ الإنسان إن واجه مشكلة وقضيّة غلبت المشكلة في نفسه على القضيّة: لا تَسلْ أُمّا تبحث عن قوت لطفلها الجائع كيف تحرر القدس. فجوابها سيكون: هاتِ قُوتاً لطفلي
    وكان آخر الشواهد على التخلّي العربي الرسمي عن القضيّة، وربما أخطر تلك الشواهد، تقاعس الحكومات العربية، ولا سيما القادرة منها مادياً، عن نجدة السلطة الفلسطينية بالإمداد المالي للوفاء بما يتوجّب عليها من مستحقّات الأجور والرواتب لموظّفي السلطة وأجرائها، وكان ذلك رضوخاً مُعيباً فاضحاً لإرادة الدولة العظمى أميركا التي أعلنت محاصرتها السلطة المنتخبة التي انبثقت من انتخابات شهد العالم أجمع بنزاهتها وشفافيتها وسلامتها، وكان ذلك بدعوى أنّ الفريق الفائز، <حماس>، إرهابي. فما سمعنا ردّاً عربياً يردّ تهمة الإرهاب إلى نحر الدولة العظمى والدولة العبرية الغاصبة بما تمارسانه من فظائع في فلسطين والعراق وأفغانستان لا حدود لها
    هذا الحصار الأميركي الجائر، مشفوعاً بتخاذُل عربي فاجِر، كان من شأنه إطلاق موجة من التجويع تُنذر بثورة الجيّاع في وجه السلطة المُنتخبة، ولمّا كانت الشدّة تُولِّد التنافر والتناحر بين أبناء المجتمع الواحد، فإنّنا نجد أنفسنا اليوم أمام مشهد أَليم فاجع: مشهد التنازُع والصراع على السلطة بين أكبر حركتي مقاومة في فلسطين، هما حركة <حماس> وحركة <فتح>
    لا يسعنا أمام هذا المشهد المروّع إلاّ أن نستحضر عناصر القوّة التي قامت عليها قضيّة فلسطين، وهي قوّة الحقّ وقوّة الشرعية وقوّة الوحدة الوطنية. أمام مشهد التفكُّك الذي يُسيطر على الساحة الفلسطينية نُسجِّل بأَلم بالغ من جهة، أنّ قوّة الحقّ تتبدّد تحت ضغط الحاجة والجوع، فالمشكلة مرشّحة لأن تتغلّب على القضيّة. ومن جهة ثانية إنّ قوّة الشرعية مهدّدة بانفراط عقد الشعب من حول القضيّة. فأخشى ما نخشاه أن يؤول تلاشي الشرعية الشعبية إلى سحب بساط الشرعية الدولية من تحت أقدام أصحاب القضيّة. هناك من يتحيّن هذه السانحة. وهذه فرصة لن تفوِّتها الدولة العبرية الغاصبة ومعها الدولة العظمى. ومن جهة ثالثة، أنّ قوّة الوحدة الوطنية، والتي تتجلّى في وحدة الإرادة بين أصحاب القضيّة، مُهدّدة بأن تَغدو سرابا. فإلى أين المصير
    أيّها الأخوة في فلسطين: ليس من حقّكم أن تهدروا الرصيد التاريخي العظيم الذي بنيتُموه بالعرق والدم، أو أن تبدِّدوا الآمال العِراض المُعلّقَة عليكم من أمّتكم في صون المصير القومي
    ليس من حقّكم أن تتناحروا على السلطة بعد ما كُنتُم تتنافسون على شرف المقاومة والجهاد. لا كان حكم ولا كانت سلطة إذا كان الثمن فتنَة بين أبناء الشعب الواحد
    ليس من حقّكم أن تدعوا رصاصة واحدة تُوجّه من فلسطيني إلى فلسطيني آخر في حال من الأحوال. هل ضاعت البوصلة فلم نَعد نعرِف العدو من الشقيق؟
    العدو ما زال هو هو: وقد ذكّركم بنفسه في قصف شاطئ غزّة منذ أيام، فلم يتورّع عن إبادة عائلة بكاملها فقتل الأطفال والنساء والشيوخ. ثم أَتبع ذلك بمجزرة مماثلة بعد يومين غير هياب ولا وجل. إنّكم في انقساماتكم تُشجِّعونه على المضي قُدماً في غَيّه وجرائمه المتمادية
    فلسطين ليست لكُم وحدكم. أَنتُم أصحاب الحقّ والأرض بلا مُنازع. ولكن باللَّه عليكم لا تنسوا أنّ لكم شريكاً أصيلاً في قلب كل عربي، من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق، من المحيط إلى الخليج. فالعرب جميعاً شركاؤكُم في الهمّ والحقّ والمصير
    فلسطين ليست لَكم وحدكم. إنّها لكم وللأمّة العربية جمعاء على السواء. مصير فلسطين الوطني ومصير العرب القومي صِنوان، لا فصام بينهما
    عودوا إلى رشدكم بالإشاحة عن منطق الصراع على السلطة والاحتكام إلى منطق المقاومة والجها

    [/font]
    د/ محمد عمر أمطوش
  • amattouch
    عضو منتسب
    • May 2006
    • 971

    #2
    فلسطين ليست لكم وحدكم

    فتنة لم تعد نائمة ولعن الله من أيقظهافتنة لم تعد نائمة ولعن الله من أيقظها
    جميل السلحوت



    " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين "
    لا أدري ماذا سيقول الذين حاصروا مقر الأمن الوقائي في قطاع غزة للطفلة هدى علي أبو غالية التي أبادت " طهارة " السلاح الاسرائيلي أسرتها ابادة كاملة ؟ ولا أدري ماذا سيقول محرقو مقرات المجلس التشريعي في رام الله وغيرها ومقر رئيس الوزراء لدموع وصراخ هدى الذي ابكى بواكيا في طول العالم وعرضه
    هل سيقول مشعلو النيران بأنهم غسلوا دماء والديها وأشقائها بالدم الفلسطيني
    يا لشماتة الأعداء ، ويالعار الأهل والأشقاء من هذه الأطفال التي لا يندى لها الجبين
    فالفتنة لم تعد نائمة ، ولعن الله ورسوله والمؤمنون كل من ساهم في ايقاظها ، ولعنوا من دعا ويدعو الى عصبية وفئوية ، ولعن الله من يخونون بقصد وبدون قصد دماء الشهداء ،ودموع الايتام واثكالى والارامل ويخونون الأرض التي تئن من ثقل المستوطنات وانياب البلدوزرات التي تجرف احشاءها
    فمقرات الأجهزة الأمنية ، ومقرات المجلس التشريعي ، ومقر رئيس الوزراء ، ليست ملكاً لأشخاص وتنظيمات بعينها ، بل هي ملك للشعب الفلسطيني ، والذي نجا من هذه المقرات من قصف طائرات " ف16 " والسكاي هوك ومروحيات الأباتشي ومدفعية دبابات " همركفاة " ها هو يدمر بأيد فلسطينية ، وعلى أيدي من يزعمون غيرتهم على الوطن والمواطن ، فهل وصل بنا الحقد الاعمى ، الى الانتحار الذاتي بحيث يقتل الأخ اخاه ، وهل صراع المصالح الذاتية مقدم على مصلحة الوطن والمواطن الذبيحين

    فيا للعار
    وإذا كانت حركة حماس وصلت الى السلطة بانتخابات ديمقراطية وهذا حق لها ، فإنه ليس من حق الحكومة ان تشكل قوة خاصة خارج الاجهزة الأمنية الرسمية ، بل عليها ان تعتمد على الاجهزة الأمنية في حفظ النظام العام ، وإذا كانت حركة فتح قد خسرت الانتخابات التشريعية ولم تحصل على غالبية مقاعد المجلس التشريعي فهذا نتيجة حتمية لحالة الترهل والفوضى والتشرذم التي عاشتها الحركة ، وعليها أن تحترم خيار شعبها ، وان تكون معارضة ايجابية لا سلبية ، خصوصا وانها حركة تحرر وطني لا تزال الأهداف التي قامت من أجلها قئمة بل وضرورية
    وفي كل الأحوال فإن ما يجري على الساحة الفلسطينية أمر في غاية الخطورة ، ويستدعي الحكمة والرأي السديد ، والابتعاد عن المصالح الفردية والفئوية والحزبية ، فالتاريخ لا يرحم ، وهو يطرح من جديد السؤال حول هذا الفلتان الامني ، وحول شرعية سلاح "المقاومة" ، ما دام هذا السلاح قد بدأ يوجه إلى قلب الوطن وقلوب المواطنين
    وهذا يقود إلى سؤال آخر حول جدوى هذا السلاح
    فهل يدرك مشعلو النيران ومستبيحو الدم الفلسطيني من الرابح من هكذا افعال
    وهذا يقود حتما إلى ضرورة سيادة القانون ، وإلى ضرورة توحيد السلاح الفلسطيني
    - على تواضعه وقلته – ضمن قيادة واحدة ومسؤولية واحدة رسمية وشرعية ، وأن الخلافات يجب ان تحل بالحوار لا بالسلاح

    14 juin 2006


    د/ محمد عمر أمطوش

    تعليق


    • #3
      حرروا فلسطين أولا ... ثم قولوا لنا لمن تكون ...


      فلسطين ليست لكم وحدكم

      ما زلت أسأل نفسي وأتساءل: عن أي دولة وعن أي حكومة يتحدث القوم؟ وفلسطين كلها مستباحة من النهر إلى النهر! أتساءل: ما هو شكل دولة ذلك الرئيس الذي يستهتر بكل رؤساء الدول، ويستهتر بكل قوانين وحكومات العالم حين يقول: الصلاحيات التي يقول الدستور أنها ليست من صلاحياتي ... ليست من صلاحياتي ... وكل ما عدا ذلك فهو من صلاحياتي ... رئيس دولة صلاحياته ليس لها حدود ... ودولته دولة خيالية وليس لها وجود ... ويتصرف وكأنه حزب من أحزاب المعارضة!!!

      وأتساءل أيضا عن الحكومة: كيف تكون حكومة تحت الاحتلال ...؟ ولماذا لا يجوز لها أن تشكل قوات خاصة داخل أو خارج الأجهزة الرسمية ...؟ أليس المفروض –ولو بصفتها حكما محليا- أنها المسئولة عن الأمن ...؟ وأن القوات الأمنية المحلية كلها تابعة لها ... وتحت أمرها ...!!!

      أيها السادة ... لكي تتحرر فلسطين ... حررونا من مافيات المنافع المشتركة ... والمصالح المتبادلة ... المافيات العلنية السرية المرتبطة بالمستعمر ... تنفذ مخططاته ... وتمتص دماءنا ... وتستبيح أموالنا ... وتنهب ثرواتنا ...

      حررونا أولا ... ثم حرروا فلسطين ... ثم قولوا لنا لمن تكون ...

      تعليق

      • amattouch
        عضو منتسب
        • May 2006
        • 971

        #4
        حرروا فلسطين أولا ... ثم قولوا لنا لمن تكون ...

        تبديد الأوهام: بعث فلسطين

        طلال سلمان



        يمكن اعتماد <عملية الوهم المتبدد> فجر الأحد الواقع فيه 25 حزيران ,2006 نقطة بداية لمرحلة جديدة في النضال الفلسطيني في مواجهة المشروع الإسرائيلي لتفتيت الأرض وتذويب الشعب وتحقير السلطة بما يذهب بالقضية جميعاً
        إن هذه العملية الاستثنائية في كفاءة التخطيط وشجاعة التنفيذ والوعي العميق بأهمية استثمار نتائجها الباهرة، مرشحة لأن تبدد بحراً من الأوهام ليس فقط داخل العقل الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، بل في قلب السلطة المنشطرة على ذاتها فلسطينياً، وفي المجتمع العربي الذي كان اليأس من حكامه قد تمكّن منه حتى كاد ينسيه <الأرض المقدسة> بأولى القبلتين وثالث الحرمين فيها وكنيسة المهد ودرب الآلام والجلجلة فيها
        بل إن هذه العملية الباهرة مرشحة لأن تشكّل منعطفاً في <سياسة> ما يسمى <المجتمع الدولي> مع الوحشية الإسرائيلية في التعامل مع <الفلسطينيين>: تشتيتهم في <معازل> وتجويعهم بالحصار وتقطيع أرضهم بجدار الفصل العنصري وبمستعمرات المتوحشين من الصهاينة المستقدمين من أربع رياح الأرض، وجعل أطفالهم ونسائهم وبيوتهم وشواطئهم ومدارسهم ودكاكينهم ومهاجع اللجوء الثاني أو الثالث حقول رماية بالذخيرة الحية لمدفعية الدبابات الإسرائيلية والبوارج وصواريخ طائراتها... الأميركية
        لسوف تبدّد هذه العملية التي ابتكرتها عقول المجاهدين وحمتها وطنية أهلهم، بحوراً من الأوهام الإسرائيلية، والفلسطينية، والعربية، والدولية في آن معاً
        بين الأوهام الفلسطينية التي لا بد قد بدّدتها العملية بمجرّد حدوثها تلك التي كان أشاعها تخاذل <السلطة>، ممثلة برئيسها ومَن معه من قدامى المحاربين الذين أفسدتهم السلطة برشاها وتغاضيها عن السرقات والارتكابات والتجاوزات والتعديات على مَن باتوا في منزلة <رعاياهم> وهم هم الذين منحوهم شرف أن يكونوا في مواقعهم القيادية
        وبالتأكيد، فإن حالة الاشتياق الممض التي دفعت <السيد الرئيس> محمود عباس إلى الاندفاع بالعناق نحو رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت قبل أيام، في قلعة <بترا> في الأردن، وبينما دماء الأطفال على شاطئ غزة وداخل بيوتها لمّا تجف، سوف تتوارى حتى تندثر، وستتحوّل إلى وثيقة إدانة يحاسَب بموجبها هذا المستهين بدماء شعبه بينما المحتل يهدده بهدر المزيد منها
        كذلك، فإن هذه العملية الباهرة بنجاحها، تخطيطاً وتنفيذاً، هجوماً وانسحاباً منظماً مع الصيد الثمين (الجندي الإسرائيلي الأسير)، لا بد ستبدد أوهاماً عربية رسمية تعاظمت وتكاتفت في ظل الأداء المتردي للسلطة الفلسطينية والصراعات المتفاقمة على هذه السلطة، حتى باتت في منزلة الحقائق المسلّم بها: قُضِيَ الأمر، وانتهت فلسطين كقضية، وبالتحديد كمشروع نضالي. لقد انشق الشعبان حول <سلطتيه> وضاعت الأرض... رحم الله الشهداء!
        بل إن هذه العملية قد بدّدت أوهاماً دولية حول <النجاح> في تفتيت القضية الفلسطينية إلى مجموعة من التفاصيل وتفاصيل التفاصيل المنهكة. كانت <الرؤيا> الأميركية حول <الدولتين على أرض واحدة> قد تجسّدت في مشروع شاركت في إطلاقه مع الاتحاد الأوروبي وروسيا وبرعاية شكلية من الأمم المتحدة، حمل تسمية <خريطة الطريق>. لكن <الدول> سرعان ما أضاعت الطريق إلى الخريطة، ثم أضاعت الخريطة نفسها، تاركة لإسرائيل أن ترسم بقوتها وحدها مصير الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه
        ولقد بدّدت هذه العملية وهم جدار الفصل العنصري، فمن استطاع اختراق السياج الأمني الالكتروني حول قاعدة عسكرية إسرائيلية، ودخل فدمّر دبابة ميركافا وقتل وجرح وأسر واستطاع أن يخرج بقدر محدود من الخسائر (شهيدين)، فكأنه أسقط ذلك الجدار الذي أريد منه تشطير ما بقي من أرض فلسطين ليسهّل على إسرائيل التهامها جميعاً
        وبديهي أن ما هو ممكن في غزة، المكشوفة تماماً للعين المجردة والمدفعية والطائرات الموجهة وصواريخها، ممكن في أي مكان آخر، وأن السور، مهما كان مصفحاً فإنه لا يحمي أحداً
        كذلك فإن هذه العملية الشجاعة قد أسقطت أوهام فك الارتباط، على الجانبين: الإسرائيلي الذي لا يريد إلا ما يقرّره، والسلطة الفلسطينية التي تكاد لا تقرّر إلا ما يريده <شريكها> الذي يرفضها شريكاً مع أنها تبذل ماء وجهها من دون أمل
        يمكن، الآن، القول براحة ضمير إن هذه العملية مرشحة لأن تنهي تواطؤ رئاسة السلطة مع العدو الإسرائيلي على شعبها، وليس فقط على الحكومة التي رأتها منافساً خطيراً قد يخرّب عليها محاولتها للتفاهم مع إسرائيل بشروطها (اللاغية لفلسطين)
        لقد تواطأت رئاسة السلطة على الحكومة المنتخبة منذ لحظة قيامها، رغم أنفها... حاولت بداية أن تعرقل تشكيلها فلمّا فشلت باشرت عبر اتصالاتها بالعواصم، القريبة منها والبعيدة منع الاعتراف بها، عربياً ودولياً... وقبلت سلاحاً مصدره العدو لمواجهة مقاتلي حماس، وهي تدرك أنها بهذا الأسلوب إنما تدفع أهل الأرض التي لا تزال محتلة إلى حرب أهلية
        وأخيراً، فإن هذه العملية الشجاعة قد نبّهت الرأي العام العربي من خدره، وخلخلت مكامن اليأس الذي كان قد تمكّن من العرب، في المشرق والمغرب، وأعادت إلى فلسطين بعض ملامحها الأصلية التي كاد يطمسها التفريط والتنازلات وفساد السلطة والمساومات على الدم التي كادت تصرف الناس عن هذه القضية المقدسة التي كان الخطر يتهددها بالتهافت بعدما غدا بعض المسؤولين من أهلها شركاء لعدوها في التآمر عليها
        إنها عملية أكبر من منفذيها، وأبعد تأثيراً مما قدّروا
        لعلها تكون نقطة بداية للعودة في اتجاه الصح: فلسطين

        د/ محمد عمر أمطوش

        تعليق

        يعمل...
        X