ترجمة معاني القران الكريم إلى اللغة الأمازيغية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ladmed
    عضو منتسب
    • Jun 2006
    • 275

    ترجمة معاني القران الكريم إلى اللغة الأمازيغية

    ترجمة معاني القران الكريم إلى اللغة الأمازيغية

    د.اليزيد الراضي
    رئيس المجلس العلمي المحلي لتارودانت بالمغرب
    إذا كان القرآن الكريم كتاب هداية وإرشاد أنزله الله على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكلف بتبليغه للناس ليوجههم إلى الخير، ويحذرهم من الشر ويأخذ بأيديهم إلى ما فيه خيرهم وصلاحهم في دنياهم وأخراهم، فان وصول توجيهاته الحكيمة الرحيمة وإرشاداته السديدة، إلى كل الناس على اختلاف قاراتهم وأجناسهم وألوانهم وألسنتهم أمر ضروري لتقوم عليهم الحجة من جهة، وليكون بمقدروهم -من جهة ثانية- الاهتداء بهديه، والاقتباس من نوره والانتفاع برحمته ولا يتم ذلك إلا بترجمة معانيه إلى كل اللغات.
    وإذا كانت ترجمة تلك المعاني إلى كل اللغات العالمية مطلوبة وواجبة، باعتبار رسالة الإسلام رسالة عامة عالمية، وباعتبار رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم بعث الى الناس كافة وباعتبار القرآن الكريم من تم يخاطب الناس أجمعين لا فرق بين عربهم وعجمهم، وبيضهم وسودهم، فان هذا الطلب وهذا الوجوب يتأكدان عندما يتعلق الأمر بلغات غير العرب من المسلمين الذين اختارو اختيارا واعيا دين الإسلام، وآمنوا بالقرآن الكريم، واعترفوا بسمو توجيهاته، وصلاحية تعاليمه، وضرورة الاحتكام إليه في الشؤون الخاصة والعامة، فهذه الفئة من المسلمين-وهي فئة عريضة تضم أقواما وأجناسا- لا ينبغي أن تظلم محجوبة عن كتاب ريهان محرومة من الاطلاع على ما تزخر به صيدليته الفنية من أدوية نافعة ناجعة بعيدة عن منهله العذب الفياض الذي لا يزول ظمؤها الروحي إلا بالارتواء منه ولا تستقيم حياتها إلا بالتزود منه.
    ويندرج في هذه الفئة العريضة من المسلمين غير العرب الأمازيغ الذي رضوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، وثبتوا على هذا الاختيار الحضاري الواعي الموفق، قرونا متتابعة وكان من بينهم من يعلموا اللغة العربية الفصيحة، وحذفوا أساليبها، والموا الماما كافيا باستعمالاتها الحقيقية والمجازية، فاحتكوا بالقرآن الكريم احتكاكا مباشرا، ووقفوا على كثير من كنوزه وأسراره ولم يكونوا بحجة الى من يترجمه لهم الى لغتهم الاصلية. ولكن فئة عريضة من الامازيغ، لم تتمكن لظروف وأسباب من تعلم اللغة العربية، ولم تستطع من تم الاتصال المباشر بالقرآن الكريم، لانها لا تملك مفاتيح أقفاله، ولا تتوفر على جواز المرور الى عالمه الفسيح، فكان من الواجب ان تترجم لها معاني القرآن، وتقرب اليها بلغتها التي تفهمها وتتخاطب بها، لنقف وجها لوجه امام رسالة الله الموجهة اليه، وتتعرف على اوامر الله ونواهيه، وتكون على بينة تامة من الأمانة التي حملتها، وكلفت بادائها والمحافظة عليها، وهي أمانة التكليف بمستوياتها المختلفة وأبعادها المتنوعة، لانها لا تؤدي دور الخلافة في الارض المنوط بها، إلا إذا عرفت مالها وما عليها، وعرفت ما طلب منها القيام به في هذه الدنيا، وعرفت الحدود التي لا يجوز لها أن تتعداها.
    وقد تصدى الاستاذ الباحث الفاضل الحسين الجهادي الباعمراني لهذه المهمة النبيلة رغبة منه في سد هذه الثغرة والقيام بهذا الواجب الكفائي، التي لا تبرأ ذمة مجموع الامة الا بالقيام به، فأخذ على عاتقه ترجمة معاني القرآن الكريم الى اللغة الامازيغية، وهو عمل يستحق عليه التنويه والتشجيع، لانه عمل نبيل، لا تخفى آثاره الايجابية، وعوائده الثمينة، وهو الى جانب ذلك عمل شاق، النهوض به ينوأ بالعصبة اولى القوة، فهو عمل مؤسساتي لا عمل فردي، ولكنه مع ذلك تصدى له بكل ما اوتي من حزم وعزم وإصرار، وتحمل من العناء والارهاق، ما لا يعرفه الا من دخل في مثل هذه المغامرة الجريئة، وتصدى لمثل هذا المشروع الطموح العريض، وقد تطلب منه إنجاز ما أنجزه اثني عشرة سنة من الجد والمثابرة، والسهر والمرابطة والمصابرة، تنقل خلالها عبر كتب التفسير المختلفة الأحجام والاتجاهات، بحثا عن أكثر المعاني دقة وانسجاما مع اللغة العربية مع السياق، وانضم الى ذلك الجهد المضني، عناء البحث في اللغة الأمازيغية عن الكلمات والعبارات التي يتسع صدرها الاحتضان معاني القرآن.
    وإننا لنحيي فيه الطموح العريض، وهذه الإرادة الفولاذية، وهذا الصمود العجيب، ونشكره على هذه اللبنة الجديدة، التي أضافها الى صرح ثقافتنا المغربية والعربية، وسد بها فراغا غير مبرر في مكتبنا وتراثنا، ويكفيه شرفا وفخرا أنه اول من فتح باب ترجمة معاني القرآن باللغة الأمازيغية على مصراعيه مستفزا بذلك الباحثين المقتدرين للتسابق في هذا الميدان.
    وإذا كنا نومن بان مثل هذه المحاولات الجريئة، تحتاج الى التشجيع وتستحق التنويه فان ذلك لا ينبغي أن ينسينا واجب التناصح وتبادل الرأي، رغبة في الارتقاء بالمحاولة الى مستوى أحسن وأفضل، لتؤدي رسالتها، وتحقق أهدافها.
    وفي هذا الإطار نفسح لانفسنا بإبداء بعض الملاحظات، موضحين –ان احتاج الأمر إلى توضيح ان هذه الملاحظات لا تستهدف التنقيص أو التحطيم أو التطبيت وإنما تستهدف الحوار البناء، والتناصح الجاد، وتبادل وجهات النظر، خدمة لهذا المشروع نفسه، الذي ننتظر من الباحثين أن يعطوه من العناية ما يستحق، وأن يساهموا بآرائهم وملاحظاتهم في بلورته وإنضاجه ليتطور ويتحسن، ويولي وجهه شطر الدقة والعمق والوضوح ولا يخفى أن مثل هذه المشاريع، تستفيد من التعليق والتقويم، اكثر مما تستفيد من الإطراء والثناء.
    وملاحظاتي الاولية حول هذا المشروع، يمكن ان اختزلها فيما يلي:
    1-عدم تحديد اللهجة الأمازيغية المستعملة في الترجمة:
    لا يخفى ان اللغة الأمازيغية المستعملة في المغرب تحتضن لهجات مختلفة أهمها:
    -اللهجة السوسية التي تسمى" تشلحيت"
    -اللهجة الزيانية التي أطلق عليها البعض اسما فضفاضا هو " تمزيغت"
    -اللهجة الريفية
    والأستاذ الجهادي لم يوضح اللهجة الامازيغية التي سيترحم بها معاني القرآن الكريم، وهذا التحديد ضروري، لان ذلك سيمكن القارئ من معرفة مدى التزام المترجم بتلك اللهجة، ومدى التزامه بالدقة في الترجمة ومدى حرصه على تقريب معاني القرآن الى أذهان من يترجم بلهجتهم. وبدون هذا التحديد، لا يستطيع القارئ أن يتأكد من سلامة الترجمة، لانه إذا وقف على كلمة أو عبارة لا يفهمها، ولا تتداول في لهجته، سيواجه بانها في لهجة أمازيغية أخرى، ويصبح الأمر عائما غير مضبوط، وغير خاضع لمقياس دقيق.
    وإذا كان انتماء المترجم الأستاذ الجهادي الى منطقة ايت باعمران يكاد يصرح بان اللهجة التي يستعملها هي اللهجة السوسية تشلحيت، فان ذلك لا يكفي، بل لا بد من التصريح باللهجة المعتمدة، خاصة وأن كثيرا من الألفاظ التي ترد في ترجمته لا نجد لها محلا في اللهجة السوسية، ولا ندري هل لها محل في اللهجتين الأخريين أولا.
    2-حاشي الالفاظ العربية الاسلامية:
    اللغة الامازيغية كبقية اللغات، تحاور غيرها من اللغات، وتحتك بها وتتبادل معها الاخذ والعطاء، وذلك مظهر من مظاهر حيوية اللغة وتحضرها وعدم جمودها.
    وفي هذا النطاق نجد أن اللغة تطورت بعد دخول الإسلام الى المغرب، واعتنت بألفاظ وعبارات إسلامية، اقتبستها وهضمتها، وأدخلتها الى قاموسها التداولي وحوت بعضها لتنسجم مع قوالبها اللفظية والتركيبية مثل بسم الله واسم نرب، والحمد لله اونحمد رب، نشكر ارب، سورت الحمد، القران…الخ ومع مرور الايام أصبحت هذه الألفاظ والتعابير جزء من اللغة الأمازيغية يستعملها الأمازيغيون استعمالا عاديا ويفهمون معناها ويتداولونها بدون أي حرج وامتعاض.
    وقد لوحظ في ترجمة معاني القرآن باللغة الأمازيغية، أن الأستاذ الجهادي حاول بكل ما أوتى من قوة أن يحدد الأمازيغية التي يترجم بها من تلك الألفاظ العربية الأصل، ذات الشحنة الدلالية الإسلامية، واتعب نفسه في البحث عن بديل لها وذلك في نظري تكلف لا مبرر له، فما دامت تلك الألفاظ والعبارات قد اكتسبت الجنسية الأمازيغية، وأصبحت متداولة عند الأمازيغ، مفهومة عندهم، فان محاولة إلغائها، والبحث عن بديل لها، لا مبرر له، إلا أحد أمرين، وكلاهما غير محمود:
    -اولهما: الحساسية المفرطة ضد اللغة العربية، وما يتوله عنها من الرغبة في تقنية اللغة الأمازيغية من آثارها، حتى ولو كانت تلك الاثار تغني الأمازيغية، وتوسع أفقها، وتمكنها من التعبير بدقة عن مبادئ الدين الإسلامي ومثله العليا.
    -ثانيهما: التعصب للامازيغية، ومحاولة إبرازها في شكل لغة غنية، لا تحاور اللغات الأخرى، ولا تستعير منها، ولا تتأثر بها، حتى ولو تعلق الأمر بلغة القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف. وهذا التعصب اللامحمو، هو الذي من شأنه ان يحمل المرء على محاولة ايتان أن جميع الالفاظ الاسلامية العربية التي دخلت الى الامازيغية، يمكن ان يحد لها في الامازيغية الاصلية ما يرد فيها، ويقوم مقامها وبذلك تتحول الترجمة من هدفها الرئيسي الذي هو الافهام والتقريب والتيسير الى هدف آخر، هو ايتان غنى الامازيغية، واكتفائها الذاتي، وعدم حاجتها الى الاستعارة من لغات أخرى.
    3-عدم كتابة النص القرآن المترجم:
    اغفل الاستاذ الجهادي كتابة النص القرآن المترجم، واعتذر في المقدمة عن هذا الاغفال، مبررا موقفه بالرغبة في الاختصار حتى لا يصل حجم مؤلفة الى ضعف ما هو عليه الان، وهو تبرير قد يبدو مقبولا، ولكن ايراد النص القرآني ينطوي على فوائد كثيرة، لا ينبغي أن تنسينا الرغبة في الاختصار أهميتها، ذلك أن وجود النص القرآني الاصلي الى جانب الترجمة، يريح القارئ، ويمكنه من عقد المقارنة بين الترجمة والاصل يسر وسهولة، كلما شك في سلامة الترجمة، أو رغب في التأكد والتثبت ليطمئن قلبه، ويزداد ارتياحه.
    وإذا كلفناه باحضار المصحف، والبحث فيه عن الاية المترجمة، فاننا نوقعه في الحرج ونكلفه من العناء ما ستكون له آثار سليمة على قراءته، وقد يزهد ذلك في الرجوع الى المصحف، وفي عمليتي المقارئة والتثبت، وذلك عكس المرغوب فيه والقراء في عصرنا الحاضر بصفة خاصة –بحاجة ماسة الى من يطوي لهم المراحل، ويختصر المسافات ويذلل الصعوبات، ويقرب البعيد، وييسر ويشوق الان الشواغل كثيرة، والمثبطات وافرة والهمم فاترة.
    4-احتياج الترجمة الى ترجمة:
    يبدو لي من خلال قراءتي لما قرأت من هذه الترجمة، أن اللغة المستعملة في الترجمة في بعض الأحيان ليست اللغة الأمازيغية المتداولة- على الأقل في منطقة سوس- فكثير من الكلمات الموظفة لا تنتمي الى هذه اللغة، ولا يعرفها سكان هذه المنطقة الذين استهدفوا بهده الترجمة فيما يخيل إلى:
    وهذا الصنيع جعل الترجمة لا تحقق كل أهدافها التي من اجلها أنجزت، لان الذي حدث ليس هو نقل معاني القرآن من الفاظ عربية لا يعرفها بعض الامازيغ الى ألفاظ أمازيغية يعرفونها ويتداولونها، وإنما هو نقل تلك المعاني من الالفاظ العربية الى ألفاظ بعضها أمازيغي معروف، وبعضها ليس أمازيغيا، ولا يعرفه الامازيغ-السوسيون على الاقل- في لغتهم، ولا يتداولونه، ولا يفهمون معناه- إن كان له بالفعل معن.
    وهذا ما جعل هذه الترجمة في كثير من الاحيان-تحتاج الى ترجمة، لان الذين أنجزت من أجلهم لا يفهمونها، ولا يدركون من خلالها معاني القرآن الكريم.
    وقد انتبه الاستاذ الجهادي الى أن القراء الأمازيغ، الذي وضع لهم هذه الترجمة لن يفهموا كثيرا مما ورد فيها، فقال في المقدمة:"وقد يقول البعض إني لا أفهم كثيرا من الأمازيغ التي كتبت بها، وأنا أمازيغي" وأضاف مجيبا: " ليس كل من يتكلم العربية مثلا يفهم القرآن الذي نزل عربيا غير ذي عوج" الى آخر ما قال.
    وما أجاب به لا يشفع له، لان الله تعالى قال: " وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه"إبراهيم" 4)، وقال: إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" يوسف:2) وقال: " ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته" (فصلت: 44) فالقرآن احترم لغة العرب الذين خاطبهم أول ما خاطب والتزم بها، ولم يخرج عن الالفاظ والاساليب المتداولة عندهم وإذا كان بعضهم لم يفهم المراد من بعض آياته، فذلك لا يعود الى جهل معاني الالفاظ والعبارات، وانما يعود الى عدم فهم ما وراء تلك الالفاظ والعبارات من المعاني الدينية والمراصي الروحية، كما حدث مثلا لعدي بن اتم رضي الله عنه عندما لم يفهم المراد من الخيط الابيض والخيط الاسود الواردين في قوله تعالى: " وكلوا واشربوا حتى يتبن لحكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر" البقرة اية187
    5-الانتقال من الترجمة الى تعليم الامازيغية:
    يشعر قارئ هذه الترجمة أن هناك هاجسا خفيا كان ورءها، وهو تعليم الأمازيغية لمن لا يعرفها من الأمازيغ، ويتجلى ذلك في ايراد ألفاظ كثيرة لا توجد في الأمازيغية السوسية المتداولة بهدف أن يتعلمها الأمازيغ، وأن يدخلونها في لغتهم لتصبح مألوفة عندهم مأنوسة الاستعمال، مفهومة المعنى، فالأمر إذن لا يتعلق بترجمة معاني القرآن، بقدر ما يتعلق بإبراز سعة الأمازيغية وغناها، وقدرتها على التعبير عن كل شيء، ولو كان من المعاني الدينية الروحية الدقيقة، وهذا ما جعل الأستاذ الجهادي يخلق في أحيان كثيرة الألفاظ الأمازيغية، ليتدارك النقص الذي يشعر به في الأمازيغية المتداولة ويحاول بكل ما أوتى من قوة أن يوظف تقنية الاشتقاق اللغوي في عملية الخلق.
    ونحن نتساءل هنا: هل خلق ألفاظ أمازيغية جديدة، لا يعرفها الأمازيغ ولا يستعملونها، وإلصاقها باللغة الأمازيغية، يعتبر إحياء لهذه اللغة؟ او هو خلق اللغة جديدة هجينة تحتضن ألفاظ أمازيغية، وأخرى غير أمازيغية ؟
    وقد يدعي أن عملية الخلق هذه تطوير للغة الامازيغية، وإتراء لها، لكن وضع اللغة وتطويرها وإثراء هل للقيم بهذه السرعة المفرطة، ولا يتم من قبل فرد واحد ينجز ترجمة أو يضع معجما، وكلما أعوزه مرادف لفظة عربية في اللغة الأمازيغية، صنع ما أعوزه، وأقام نفسه مقام الواضع اللغوي، فما أبسط اللغة – أي لغة- إذا كانت توضع وتتطور بهذا الأسلوب، وبهذا الشكل الفردي السريع !
    إن اللغة عندما تتطور، وتتطور ببطء، وعندما تتجدد ببطء، لان الوضع اللغوي بمختلف أشكاله، جماعي لا فردي، والدافع إليه ضرورة جماعية تحس بها أمة بكاملها أو جزء مهم منها.
    6-التكلف في الترجمة:
    في أحيان كثيرة يحس قارئ هذه الترجمة، ان الأستاذ الجهادي يتكلف في الترجمة ويتجلى ذلك في ترجمة ما لا يحتاج الى ترجمة، وفي الألفاظ التي يستعملها في الترجمة وأراد لها أن تكون أمازيغية.ومن ذلك على سبيل المثال
    ترجمة للبسملة" بسم الله الرحمن الرحيم" في بداية كل سورة من سور القرآن فالبسملة لا تحتاج الى ترجمة لأنها أصبحت جزءا من لغة الأمازيغ، بالرغم من أنها في الأصل عربية فكل الأمازيغ ذكورا واناثا، شبابا وشيبا، علماء وأميين، ويقولون صباحا مساء: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ويعرفون المعنى العام لما يقولون، بل إنهم أخلهم هذه العبارة إلى أشعارهم ومنظوماتهم، ومن ذلك:
    -قول عبد الرحمان بن مسعود المتوكي في منظمته المتعلقة بالفتح الإسلامي لسوسة بتونس:
    بسم الله وبالله أنبدوخ لكلام "اقصرن اسمسن لقلب هزنتهي
    -وقول سيدي محمد بن علي أكبيل الهوزالي في نظمه لمختصر خليل المسمى ب"الجوض"
    بسم الله اسم الله العظيم نبديس لكتاب نرب لقران نتن اسنبديي
    وقول سيدي حمو الزكزوني في منظمته المتعلقة باحوال الاخرة:
    بسم الله متيل متيفن غوول اسزورختر نلباري تعالى زغلوج
    بسم الله اسم نلباري تعالى زورخت ايس نف اغرس مقر انفبا عتلسي
    بسم الله نت ايسن ادررن دلضا الا يكنون اسن لعرش لعجيب ايك ونت
    -وقول البوشكيري في منظومته في السيرة والمدريح النبويين:
    بسم الله اول اعدلن ازورك اوليوني
    وقول الناظم الامازيغي:
    بسم الله اس ازكر اكلف اخد افغ ارسن ازط تمنت ارسن اتكم امني
    وهكذا يبدو جليا أن الامازيغ يتداولون البسملة بألفاظها العربية، ويقصدون بها نفس ما قصد بها في اصل استعمالها، ومادام الأمر كذلك، فان ترجمته غير ضرورية لان تلك الترجمة تكون بالنسبة للامازيغ أنفسهم-أوضح منها، والمراد بالترجمة التقريب والإيضاح واختصار الطريق لا العكس.
    وإذا أبينا الا ان نترجم البسملة فلنترجمها بما هو معروف عند الأمازيغ لا بما هو مجهول عندهم تاما، فلنترجمها بمثل قولنا: نزر اسم الله نرب ليحنن" أو قولنا: " نزر اسم نرب ليترحمن غدنيت الاخلخرت" او ما أشبههما مستعملين ألفاظا رائجة الاستعمال مفهومة المعنى عند الأمازيغ.
    وقد أعزب الأستاذ الجهادي فأتى بترجمة مضحكة للبسملة، وكررها في اوائل كل السور القرآنية، ولا يفهم منها عند الامازيغ الفاظ ربياما الكلمات الاخرى غريبة لا يعرفها الامازيغ ولا تنطوي عليها لغتهم، وقد أردت أن أتاكد من صواب ما أقول، فسألت عنها فئة متنوعةالانتماءات القبلية والمستويات الفكرية من الامازيغ، ووجدتهم جميعا يعرفونها، بل أبدوا بشأنها الاستغراب والامتعاض.
    ومثل هذا التكلف نجده في ترجمته لـ: "الحمد لله" وترجمته لـ: "رب العالمين"وترجمته لـ: "الرحمن الرحيم" في الفاتحة.
    ونجده في ترجمته للفظ "السورة" فالسورة بمعناها القرآني لا يعرفها الأمازيغ قبل الإسلام، لانه لا "قرآن" لديهم، ومن تم لا "سور" لديهم.فلما اعتنقوا الاسلام واحتكوا بالقرآن الكريم، تعاملوا مع لفظ "السورة" كم تعاملوا مع كثير من المصطلحات الدينية حيث أخذوا لفظ "السورة" وطوعوه لقالب لغتهم الصرفي، فقالوا "السورت"، وقالوا في الجمع "السورات" وشاع ذلك عندهم، وأصبح جزءا من لغتهم، وتداولوا مثل هذه العبارات: ار اسغر طلب الحشوم سورات مس تزلان"، منوت سورات أتحسيت"، "استمليت ايستيك سورت تزلانت"، " فلان يت سورت اسن" ، وقال اكبيل في الحوض:
    سورت الجهر سردستات تكبيرات سنات تحميدات كغيتسجد يني
    وقد اغرب الاستاذ الجهادي فترجم السورة بكلمة لا تدل عليها، ولا تؤدي معناها وهي كلمة تاكطومت، وسلك في ذلك مسلكه المعهود، وهو أنه اذا أعوزه في الامازيغية مرادف كلمة عربية، يصنعه صنعا، ويعتبره من الفاظ الامازيغية، ويوظفه في ترجمته لمعاني القرآن الكريم.
    وما قيل في ترجمة للسورة يقال مثله في ترجمته للفاتحة، فاللفظ الذي ترجم به الفاتحة، لا يعرفه الامازيغ، ولا يوجد في لغتهم، ولا يفهمون منه معنى الفاتحة، لانه لا يدل عليه.
    7-عدم التزام الدقة في الترجمة:
    كل من قرأ هذه الترجمة سيلاحظ أن الاستاذ الجهادي، لم يلتزم الدقة في ترجمته، وهذه السمة السلبية، جعلت ترجمته لكثير من معاني القرآن، عاجزة عن أدلة تلك المعاني بالامانة المطلوبة من الدقة المرغوب فيها، وفيما يلي بعض الامثلة:
    -ترجم الدنيا مرارا بـ "تامزواروت"، وتامزواروت لا تعني الدنيا، انما تعني السابقة والفرق كبير جدا بين "الدنيا" "والسابقة".وأحيانا يترجم الدنيا بـ "تامناط" (ص57) وهي ترجمة غريبة.
    -ترجم " المتاع" في قوله تعالى: "قل متاع الدنيا قليل" (النساء اية:77) بـ "تافجاجت" وهي ترجمة غير صحيحة.
    -ترجم "البروج" في قوله تعالى : "ولو كنتم في بروج مشيدة (النساء اية:78) بـ"تانضافين" وهي ترجمة غير سديدة.
    -ترجم قوله تعالى: " وكفى بالله شهيدا (النساء اية:79) بقوله : "هان يكدا مس ايكا ربي ينيكي" وهي ترجمة غير دقيقة والصواب : يوداربي اخك ينيكي "او"ايقدا ربي اخيك ينيكي"
    -ترجم الرسول بـ "امازان" (ص57) وهي ترجمة غير سديدة، واساس خطئها الاسراف في الالتجاء الى الاشتقاق دون مراعاة ضوابطه، والترجمة السديدة للرسول هي "ارقاس" والامازيغ تواطؤوا على استعمال ارقاس بمعنى الرسول قديما وحديثا ومن اقوالهم المنظومة قول بعضهم:
    لا اله الا الله رب ورك بلا يان اكمحمد ارقاسنس اتبعتيني
    وقول الوودشتي في منظمته الامازيغية، التي يحفظها الصبيان في المساجد:
    نسن اسدا إصرف رب ارقس رسول الله إيينخك مينها ربي الا ميمري
    وترجم قوله تعالى: "ومن يطع الرسول" (النساء اية:80)، بقوله: وانا يسكدن سومازان" وهي ترجمة غير سديدة.
    -وترجم قوله تعالى: ويقولون طاعة، فاذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول" ترجمة غير صحيحة.
    وترجم: وتوكل على الله" (النساء اية:81) ترجمة غير دقيقة.
    -وترجم: "الحي القيوم" (البقرة اية255) بقوله: "امورد اماضكال" (ص32) وهي ترجمة غير دقيقة، وعد دقتها آتية من اساءة استعمال الاشتقاق.
    -وترجم" الايات" بـ "اماراون" (ص190) وهي ترجمة غير سديدة، بسبب التعسف في استعمال الاشتقاق.
    -ترجم "دعوة" بـ:يغري (ص20) وهي ترجمة غير سديدة، لان "تغري" هي القراءة، وليست الدعوة، واللفظ الامازيغي الذي يدل على الدعوة هو "ايغوران".
    -وترجم" يرشدون" بـ "امزن ابريد"، وهي ترجمة غير سديدة، لان ابريد في اللهجة الزيانية والريفية هو الطريق، ومرادف الطريق في اللهجة السوسية هو "أغارس" و"يرشدون" ليس معناه الدقيق " تسلكوا الطريق.
    -ترجم "تختانون انفسكم" (البقرة اية:187) بقوله: "ارتسمورضو سم اخفاون نون" (ص21)، وهي ترجمة غير سديدة.
    وترجم "فتاب عليكم" (البقرة اية:187) بقوله: يايوا يسورفاون" (ص21) وهي ترجمة غير صحيحة
    واللائحة طويلة، وتتبع الامثلة في هذا التعليق الاولي المختصر متعذرة، وما قيل يقاس عليه ما لم يقل.
    وهذه الملاحظات التي شعرت بضرورة الافصاح عنها، لا تتغيا التقليل من أهمية هذه الترجمة، ولا وضع حجرة عثرة في طريق منجزها الاستاذ الجهادي وكل ما تحاول الوصول اليه، وهو أن تحمل المترجم من جهة، وقراء هذه الترجمة من جهة ثانية على اعطاء هذا المشروع الطموح الجري وما يستحقه من عناية، وما يتناسب مع قدسية النص القرآني، وخطر الخطإ في ترجمة معاني من احتراس وحذر ويقظة وانتباه.لان ذلك هو الكفيل بتحقيق الهدف المنشود من الترجمة، وهو مد حسر للتواصل السليم المفيد، بين الامازيغ وكتاب ربهم، ومساعدتهم على اكتشاف ما في هذا الكتاب المقدس الخالد من كنوز ثمينة، وادوية نافعة ناجعة، حتى لا تكون استفادتهم منه أقل من استفادة غيرهم، وحتى لا يكون جهلهم بالعربية عائقا يمنعهم من الارتواء من منهله والتزود من خزائنه.
    ونحن واثقون من ان الاستاذ الجهادي لا يضيق ذرعا بمثل هذه الملاحظات، لما عرف عنه من الجد في البحث والحرص على التقاط الحكمة انى وجدت، وسعة الصدر، والاستعداد لمساع الرأي الاخر والانصاف والرجوع الى الحق من أبجديات البحث العلمي الجاد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "المؤمن مرآة المؤمن" رواه ابو داود عن ابي هريرة مرفوعا.وهو المعنى الذي حام حوله احد شعراء الامازيغ عند ما قال في منظومة له:
    لحرمنن الحباب ايد رب افنمون اخن تنم اكليان خوودم انو تيمت
    والله من واراء القصد وهو يهدي السبيل، والحمد لله رب العالمين
    محمد لعضمات :lol:
يعمل...
X